أنا جيش من العشق . .
يا هذا الليل . . أيها القريب البعيد ، هل تعرفني من أنا ، يا ذا النجوم الساهرة ، أيها الصديق ، أنت للعاشقين ملاذ ودواء عند اللقاء ، وسقم وهمّ عند الفراق والوداع . . يا هذا الليل ، يا عالماً مليئاً بالصمت والخبايا . . مليئاً بالخوف . . بالحزن ، بالآهات . . يا هذا الليل ، أتبحث عن صورتي ، وظلامك يخيّم على الوجود ، أنا الضياء ، فهل تعرفني من أنا ، أنا الحقيقة التي تقف عند بابك ، تحت النجوم ، تحت القمر . . أنا الحقيقة التي تناديك خلف أسوار قصرك المنشود من البؤس والحرمان . . أنا طيف من النسيم صنعته أنامل الفجر ونسجته الشمس من خيوطها الذهبية ، ومنحه الربيع خضرة الشباب فدبّت في أوصاله الحياة . . أنا جيش من العشق ، جنوده مرهفة الحس وقائده قلب حكيم ودليله عيون ساحرة ، أنا جيش من العشق ، لم ترهقه المعارك ، ولم يتعبه طول السفر ، عتاده مليون سنة من العشق والغرام ، لم تهزمه الأيام ولم يتقهقر أما عواصف الفراق والوداع . . أناجيك أيها الليل . . أناديك ، أبحث عنك فيك ، وتهرب مني ، تخاف من ضيائي . . وتختبئ وراء كلماتي ، وتقمع نجومك وأقمارك فتحرمها من الضياء ، لتبقي لنا ظلمتك ، وتخيّم علينا بساعات حزنك الطويلة . . أناجيك اليوم ، أبحث عن صباك ، عن جمالك ، عن سحرك ، عن جنونك ، عن عيونك ، أبحث عنك أيها الصديق فارفع عنك سوادك وتحرر من صمتك ، من جبنك ، من بخلك . . واترك لنجومك أن تغزل من ضيائها فجرك القادم ، أيها الليل تصالح مع الضياء وعُد إليّ لنكتب معاً اتفاقية للعشق، فلا نُبقي من سوادك سوى كحل العيون . . تعال إليّ أنت والنجوم لتعود للأشياء أسماؤها . . ولتنبت على أسوارك كلمات العشق وأبجديات الغرام . . وأنا سأمنحك من ضيائي ، من جنوني ، من حناني رشفة ساحرة تغير طعم الأيام . . وسأبني من نجومك وأقمارك قصراً للعاشقين نتوّج فيه أنا وأنت ملوكاً على مر الزمان ، ونحيا معاً ، نتوحد معاً . . ونعيش العمر كله تحت الشمس ، وفوق السحاب ، صوب النجوم ، وعند القمر . . يا هذا الليل العاشق هل تسمع ندائي . . وهل وصلتك كلماتي ، وهل تعرف الآن من أنا . . !!
|