العودة   منتديات العيساوية > 【ツ】 قسم المؤسسات العيساوية 【ツ】 > جمعية العيساوية الخيرية

قديم 25-11-2008, 03:47 PM   #1
جمعية العيسوية الخيرية
عضو رفيع المستوى
 
المعلومات الشخصية

التقييم
معدل تقييم المستوى: 17

جمعية العيسوية الخيرية عضو في طريقه للتقدم



[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد :
الأُضْحِيّة : بضم الهمزة و سكون الضاد و تشديد الياء ، و الجمع أضاحي ، و هي ما يذبحه الحاج يوم عيد الأضحى في الحج ، و تُطلقُ كذلك على ما يذبحه الناس غير الحجاج في يوم عيد الأضحى في غير منى .
و قال العلامة الطريحي : ضحى تضحية إذا ذبح الأضحية وقت الضحى يوم الأضحى ، و هذا أصله ثم كثر حتى قيل و ضحى في أي وقت كان من أيام التشريق ، و يتعدىبالحرف فيقال : أضحيت بشاة .
و في الأضحية لغات محكية عن الأصمعي أضحية و إضحية بضم الهمزة و كسرها و ضحية على فعيلة و الجمع ضحايا كعطية و عطايا و أضحاة كأرطاة و الجمع أضحى كأرطى
التحليل الموضوعي
[SIZE=كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ قَالَ ( الْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ مُوسِرٍ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ وَلَدِهِ الصِّغَارِ ) أَمَّا الْوُجُوبُ فَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَعَنْهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ ، ذَكَرَهُ فِي الْجَوَامِعِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ . وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَاجِبَةٌ ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، وَهَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ الِاخْتِلَافَ . وَجْهُ السُّنَّةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْكُمْ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا } وَالتَّعْلِيقُ بِالْإِرَادَةِ يُنَافِي الْوُجُوبَ ، وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْمُقِيمِ لَوَجَبَتْ عَلَى الْمُسَافِرِ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ كَالزَّكَاةِ وَصَارَ كَالْعَتِيرَةِ .

وَوَجْهُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا } وَمِثْلُ هَذَا الْوَعِيدِ لَا يَلْحَقُ بِتَرْكِ غَيْرِ الْوَاجِبِ ، وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ يُضَافُ إلَيْهَا وَقْتُهَا . يُقَالُ يَوْمَ الْأَضْحَى ، وَذَلِكَ يُؤْذِنُ بِالْوُجُوبِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاخْتِصَاصِ وَهُوَ بِالْوُجُودِ ، وَالْوُجُوبُ هُوَ الْمُفْضِي إلَى الْوُجُودِ ظَاهِرًا بِالنَّظَرِ إلَى الْجِنْسِ ، غَيْرَ أَنَّ الْأَدَاءَ يَخْتَصُّ بِأَسْبَابٍ يَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ اسْتِحْضَارُهَا وَيَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْجُمُعَةِ ، وَالْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ فِيمَا رُوِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا هُوَ ضِدُّ السَّهْوِ لَا التَّخْيِيرُ . وَالْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ ، وَهِيَ شَاةٌ تُقَامُ فِي رَجَبٍ عَلَى مَا قِيلَ ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهَا وَظِيفَةٌ مَالِيَّةٌ لَا تَتَأَدَّى إلَّا بِالْمِلْكِ ، وَالْمَالِكُ هُوَ الْحُرُّ ; وَبِالْإِسْلَامِ لِكَوْنِهَا قُرْبَةً ، وَبِالْإِقَامَةِ لِمَا بَيَّنَّا ، وَالْيَسَارِ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ اشْتِرَاطِ السَّعَةِ ; وَمِقْدَارُهُ مَا يَجِبُ بِهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَقَدْ مَرَّ فِي الصَّوْمِ ، وَبِالْوَقْتِ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ ، وَسَنُبَيِّنُ مِقْدَارَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَتَجِبُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ ، وَعَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَفْسِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ . وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ .

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَنْ وَلَدِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ، بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّ السَّبَبَ هُنَاكَ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي الصَّغِيرِ وَهَذِهِ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ . وَالْأَصْلُ فِي الْقُرَبِ أَنْ لَا تَجِبَ عَلَى الْغَيْرِ بِسَبَبِ الْغَيْرِ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ عَنْ عَبْدِهِ وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَنْهُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يُضَحِّي عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ . وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَلِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ : يُضَحِّي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ ، فَالْخِلَافُ فِي هَذَا كَالْخِلَافِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ . وَقِيلَ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ ، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، لِأَنَّ هَذِهِ الْقُرْبَةَ تَتَأَدَّى بِالْإِرَاقَةِ وَالصَّدَقَةُ بَعْدَهَا تَطَوُّعٌ ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْكُلَ كُلَّهُ . وَالْأَصَحُّ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ مَالِهِ وَيَأْكُلَ مِنْهُ مَا أَمْكَنَهُ وَيَبْتَاعَ بِمَا بَقِيَ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْن

الحاشية:-1
( كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ )

أَوْرَدَ الْأُضْحِيَّةَ عَقِيبَ الذَّبَائِحِ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ذَبِيحَةٌ خَاصَّةٌ وَالْخَاصُّ بَعْدَ الْعَامِّ ، كَذَا قَالُوا . أَقُولُ : فِيهِ مُنَاقَشَةٌ هِيَ أَنَّهُمْ إنْ أَرَادُوا أَنَّ الْخَاصَّ يَكُونُ بَعْدَ الْعَامِّ فِي الْوُجُودِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ ، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِلْعَامِّ إلَّا فِي ضِمْنِ الْخَاصِّ ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّ الْخَاصَّ يَكُونُ بَعْدَ الْعَامِّ فِي التَّعَقُّلِ فَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْعَامُّ ذَاتِيًّا لِلْخَاصِّ وَكَانَ الْخَاصُّ مَعْقُولًا بِالْكُنْهِ كَمَا عُرِفَ ، وَكَوْنُ الْأَمْرِ كَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَمْنُوعٌ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : تَمْيِيزُ الذَّاتِيِّ مِنْ الْعَرَضِيِّ إنَّمَا يَتَعَسَّرُ فِي حَقَائِقِ النَّفْسِ الْأَمْرِيَّةِ .

وَأَمَّا فِي الْأُمُورِ الْوَضْعِيَّةِ وَالِاعْتِبَارِيَّة كَمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَكُلُّ مَا اُعْتُبِرَ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِ شَيْءٍ يَصِيرُ ذَاتِيًّا لِذَلِكَ الشَّيْءِ ، وَيَكُونُ تَصَوُّرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِالْأُمُورِ الدَّاخِلَةِ فِي مَفْهُومِهِ تَصَوُّرًا لَهُ بِالْكُنْهِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْنَى الذَّبْحِ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْأُضْحِيَّةِ لُغَةً وَشَرِيعَةً فَيَتَوَقَّفُ تَعَقُّلُهَا عَلَى تَعَقُّلِ مَعْنَى الذَّبْحِ فَيَتِمُّ التَّقْرِيبُ عَلَى اخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي تَأَمَّلْ تَقِفْ .

ثُمَّ إنَّ بَيَانَ مَعْنَى الْأُضْحِيَّةِ لُغَةً وَشَرِيعَةً قَدْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ عِبَارَاتُ الشُّرَّاحِ ، فَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ : أَمَّا لُغَةً فَالْأُضْحِيَّةُ اسْمُ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا تُذْبَحُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى انْتَهَى . أَقُولُ : فِيهِ نَوْعُ مُخَالَفَةٍ لِمَا ذُكِرَ فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِ اللُّغَةِ مِنْ الْقَامُوسِ وَالصِّحَاحِ وَغَيْرِهِمَا ، فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ شَاةٌ تُذْبَحُ يَوْمَ الْأَضْحَى وَلَمْ يُذْكَرْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا عُمُومُ الْأُضْحِيَّةِ لِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ الشَّاةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ وَنَحْوِهَا فِي عِبَارَةِ صَاحِبِ النِّهَايَةِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ : الْأُضْحِيَّةُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ مَا يُذْبَحُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى انْتَهَى .

أَقُولُ : فِيهِ سَمَاحَةٌ ظَاهِرَةٌ ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُذْبَحُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى مِنْ مِثْلِ الدَّجَاجَةِ وَالْحَمَامَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْأُضْحِيَّةِ لَا بِحَسَبِ الشَّرْعِ وَلَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ وَقَالَ صَاحِبَا الْكَافِي وَالْكِفَايَةِ : هِيَ مَا يُضَحَّى بِهَا : أَيْ يُذْبَحُ انْتَهَى . أَقُولُ : فِيهِ خَلَلٌ بَيِّنٌ ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُذْبَحُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى وَغَيْرِهِ ، وَإِنَّمَا هَذَا مَعْنَى الذَّبِيحَةِ مُطْلَقًا ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَخَصُّ مِنْهَا . ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ : وَأَمَّا شَرْعًا فَالْأُضْحِيَّةُ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالضَّأْنُ وَالْمَعَزُ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ ، وَهُوَ الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ ، وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ يُذْبَحُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ فِي يَوْمٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهَا وَسَبَبِهَا انْتَهَى .

وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ : وَفِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ ذَبْحِ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى انْتَهَى . أَقُولُ : يَرُدُّ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَمَّا يُذْبَحُ مِنْ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لَا عَنْ ذَبْحِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، فَإِنَّ هَذَا مَعْنَى التَّضْحِيَةِ لَا مَعْنَى الْأُضْحِيَّةِ ، وَقَدْ لَوَّحَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْإِصْلَاحِ وَالْإِيضَاحِ حَيْثُ قَالَ : هِيَ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يُذْبَحُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ .

وَقَالَ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ : وَمَنْ قَالَ عِبَارَةٌ عَنْ ذَبْحِ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَالتَّضْحِيَةِ وَانْتَهَى . أَقُولُ : يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِحَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِنَاءً عَلَى ظُهُورِ الْمُرَادِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِذَبْحِ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمَذْبُوحُ نَفْسُهُ ، وَهَذَا كَمَا قِيلَ فِي تَعْرِيفِ الْعِلْمِ بِحُصُولِ صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الْعَقْلِ [ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ هُوَ الصُّورَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْعَقْلِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ كَمَا حَقَّقَهُ الشَّرِيفُ الْجُرْجَانِيُّ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ تَصَانِيفِهِ . وَطَعَنَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِي التَّعْرِيفِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِوَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ : اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ لِئَلَّا يَنْتَقِضَ التَّعْرِيفُ انْتَهَى . أَقُولُ : يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ الْآخَرِ ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَخْصُوصِ مَا يَعُمُّ الْمَخْصُوصَ النَّوْعِيَّ وَهُوَ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالضَّأْنُ وَالْمَعَزُ ، وَالْمَخْصُوصُ السِّنِّيُّ أَيْضًا وَهُوَ الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا مِنْ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَحْدَهُ ، فَلَا يَنْتَقِضُ التَّعْرِيفُ بِشَيْءٍ . نَعَمْ لَوْ فَصَلَهُ كَمَا وَقَعَ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ ، لَكِنَّهُ سَلَكَ مَسْلَكَ الْإِجْمَالِ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِ تَفْصِيلِ ذَلِكَ فِي تَضَاعِيفِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ .

ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ

: وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَنَوْعَانِ : شَرَائِطُ الْوُجُوبِ ، وَشَرَائِطُ الْأَدَاءِ . أَمَّا شَرَائِطُ الْوُجُوبِ فَالْيَسَارُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْإِسْلَامُ وَالْوَقْتُ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ ، حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدًا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ لَا تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ لِأَجْلِهِ . ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا شَرَائِطُ الْأَدَاءِ فَالْوَقْتُ ، وَلَوْ ذَهَبَ الْوَقْتُ تَسْقُطُ الْأُضْحِيَّةُ ، إلَّا أَنَّ فِي حَقِّ الْمُقِيمِينَ بِالْأَمْصَارِ يُشْتَرَطُ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ ، ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا سَبَبُهَا فَهُوَ الْمُبْهَمُ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ وَوَصْفَ الْقُدْرَةِ فِيهَا بِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ أَوْ مُيَسَّرَةٌ لَمْ يُذْكَرْ لَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَلَا فِي فُرُوعِهِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ : إنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ الْوَقْتُ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ وَالْغِنَى شَرْطُ الْوُجُوبِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ ، إذْ الْأَصْلُ فِي إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بِهِ سَبَبًا ، وَكَذَا إذَا لَازَمَهُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ كَمَا عُرِفَ ثُمَّ هَاهُنَا تَكَرُّرُ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ بِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ ظَاهِرٌ ، وَكَذَلِكَ الْإِضَافَةُ فَإِنَّهُ يُقَالُ يَوْمُ الْأَضْحَى كَمَا يُقَالُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْعِيدِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ هُوَ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ كَمَا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ ، وَلَكِنْ قَدْ يُضَافُ السَّبَبُ إلَى حُكْمِهِ كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَمْ تُوجَدْ فِي حَقِّ الْمَالِ ; أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ أُضْحِيَّةُ الْمَالِ وَلَا مَالُ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا يَكُونُ الْمَالُ سَبَبَهَا انْتَهَى .

أَقُولُ : فِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّ الْوَقْتَ لَمَّا كَانَ شَرْطَ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ لَمْ يَبْقَ مَجَالٌ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِوُجُوبِهَا ، لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا وَسَبَبًا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ آخَرَ ، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ الشَّرْطَ وَالسَّبَبَ قِسْمَانِ قَدْ اُعْتُبِرَ فِي أَحَدِهِمَا مَا يُنَافِي الْآخَرَ ، فَإِنَّهُ قَدْ اُعْتُبِرَ فِي السَّبَبِ أَنْ يَكُونَ مُوصِلًا إلَى الْمُسَبِّبِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَفِي الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوصِلًا إلَى الْمَشْرُوطِ أَصْلًا بَلْ كَانَ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ مُتَوَقِّفًا عَلَيْهِ ، وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ وَاحِدٌ مُوصِلًا إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ آخَرَ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُوصِلًا إلَيْهِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لِاقْتِضَائِهِ اجْتِمَاعَ النَّقِيضَيْنِ ، وَعَنْ هَذَا قَالُوا فِي الصَّلَاةِ إنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ لِوُجُوبِهَا وَشَرْطٌ لِأَدَائِهَا فَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا وَشَرْطًا بِالنِّسْبَةِ إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ

( قَوْلُهُ الْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ مُوسِرٍ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَخْذًا مِنْ النِّهَايَةِ : وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوسِرَ حَتَّى مَضَتْ أَيَّاإذَا [اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فِي أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يُضَحِّ مُضيت ايام النَّحْرِ ثُمَّ افْتَقَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ ، فَلَوْ كَانَتْ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لَكَانَ دَوَامُهَا شَرْطًا كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ حَيْثُ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ وَالْخَارِجِ وَاصْطِلَامِ الزَّرْعِ آفَةً لَا يُقَالُ أَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمَرْءُ مِنْ إقَامَتِهَا تَمَلُّكُ قِيمَةِ مَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَلَمْ تَجِبْ إلَّا بِمِلْكِ النِّصَابِ .

فَدَلَّ أَنَّ وُجُوبَهَا بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ النِّصَابِ لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا بِالْمُمَكِّنَةِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ ، وَهَذَا لِأَنَّهَا وَظِيفَةٌ مَالِيَّةٌ نَظَرًا إلَى شَرْطِهَا وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْغِنَى كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ . لَا يُقَالُ : لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ التَّمْلِيكُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُرَبَ الْمَالِيَّةَ قَدْ تَحْصُلُ بِالْإِتْلَافِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْمُضَحِّي إنْ تَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ فَقَدْ حَصَلَ النَّوْعَانِ : أَعْنِي التَّمْلِيكَ وَالْإِتْلَافَ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ حَصَلَ الْأَخِيرُ ، إلَى هُنَا لَفْظُ الْعِنَايَةِ . وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَى قَوْلِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوسِرَ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فِي أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ فِيهِ : إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ فَقِيرًا حِينَ اشْتَرَاهَا لَهَا وَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ الْأَيَّامُ فَكَذَا الْحُكْمُ . فَفِي دَلَالَةِ مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَطْلُوبِهِ بَحْثٌ ، إذْ لَيْسَ فِي الْفَقِيرِ قُدْرَةٌ لَا مُمَكِّنَةٌ وَلَا مُيَسِّرَةٌ ، فَذَلِكَ لِلِاشْتِرَاءِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ لَا لِلْقُدْرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى . أَقُولُ : لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ ، إذْ لَا نِزَاعَ لِأَحَدٍ فِي أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الْمُوسِرِ هِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى النِّصَابِ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هُنَا فِي أَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي تَجِبُ بِهَا الْأُضْحِيَّةُ عَلَى الْمُوسِرِ هَلْ هِيَ الْقُدْرَةُ الْمُمَكِّنَةُ أَمْ الْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ ، فَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ النِّهَايَةِ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْقُدْرَةُ الْمُمَكِّنَةُ بِمَسْأَلَةٍ ذُكِرَتْ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ، وَهِيَ أَنَّ الْمُوسِرَ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ثُمَّ افْتَقَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ ، وَلَا شَكَّ فِي اسْتِقَامَةِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ ، إذْ لَوْ كَانَ وُجُوبُهَا بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لَكَانَ دَوَامُهَا شَرْطًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ ، وَلَا يَضُرُّهُ اشْتِرَاكُ الْمُعْسِرِ مَعَ الْمُوسِرِ فِي حُكْمِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا ، لِأَنَّ عِلَّةَ الْوُجُوبِ فِي الْمُعْسِرِ هِيَ الِاشْتِرَاءُ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَا الْقُدْرَةُ ، وَعِلَّتُهُ فِي الْمُوسِرِ هِيَ الْقُدْرَةُ لَا الِاشْتِرَاءُ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا ، فَبَعْدَ أَنْ تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّتَهُ فِي الْمُوسِرِ هِيَ الْقُدْرَةُ لَا غَيْرُ .

تَكُونُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلًا وَاضِحًا عَلَى تَعْيِينِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ هِيَ الْمُمَكِّنَةُ لَا الْمُيَسِّرَةُ ، عَلَى أَنَّ اشْتِرَاكَ الْمُعْسِرِ مَعَ الْمُوسِرِ فِي حُكْمِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مَمْنُوعٌ إذَا الْوَاجِبُ فِي صُورَةٍ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا هُوَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا حَيَّةً لَا غَيْرُ ، بِخِلَافِ إنْ كَانَ مُوسِرًا كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْكِتَابِ مُفَصَّلًا . وَقَالَ ذَلِكَ الْبَعْضُ : ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهَا لَيْسَ بِالْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ ، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ شَاةً فِي يَوْمِ النَّحْرِ ا هـ . أَقُولُ : وَلَيْسَ هَذَا أَيْضًا بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ فَوَاتُ أَدَاءِ الضَّحِيَّةِ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ لَا سُقُوطُهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ أَيْضًا ، فَإِنَّ الْأَدَاءَ وَهُوَ تَسْلِيمُ عَيْنِ الثَّابِتِ بِالْأَمْرِ يَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فِي الْوَاجِبَاتِ الْمُؤَقَّتَةِ مُطْلَقًا ، لِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ لِأَدَائِهَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ .

وَأَمَّا الْقَضَاءُ وَهُوَ تَسْلِيمُ مِثْلِ الْوَاجِبِ بِالْأَمْرِ فَلَا يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ ، وَإِنَّمَا الْفَائِتُ بِمُضِيِّهِ شَرْطُ الْوَقْتِ لَا غَيْرُ ، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْقَضَاءَ قَدْ يَكُونُ بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ كَالصَّلَاةِ لِلصَّلَاةِ ، وَقَدْ يَكُونُ بِمِثْلٍ غَيْرِ مَعْقُولٍ كَالْفِدْيَةِ لِلصَّوْمِ وَثَوَابِ النَّفَقَةِ لِلْحَجِّ ، وَعَدُّوا الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَقَالُوا : إنَّ أَدَاءَهَا فِي وَقْتِهَا بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَقَضَاءَهَا بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهَا بِالتَّصَدُّقِ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا ، فَقَوْلُ ذَلِكَ الْبَعْضِ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهَا لَيْسَ بِالْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ شَاةً فِي يَوْمِ النَّحْرِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِسُقُوطِهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِصِحَّةِ أَدَاءِ الْمُؤَقَّتَاتِ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهَا حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ شَاةً فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّ التَّضْحِيَةَ إرَاقَةُ الدَّمِ ، وَهِيَ إنَّمَا تُقْبَلُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لَا بَعْدَهُ ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَلْزَمُ بَعْدَهُ قَضَاؤُهَا وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّصَدُّقِ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا لَا بِغَيْرِهِ .

ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الْبَعْضُ : وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ إنَّهَا تُشْبِهُ الزَّكَاةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ كَالزَّكَاةِ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ ، بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ مَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ انْتَهَى .

وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا هُوَ الْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ . أَقُولُ : وَهَذَا أَيْضًا سَاقِطٌ جِدًّا ، لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ لَا بِهَلَاكِهِ بَعْدَ مُضِيِّهَا ، حَتَّى لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ مُضِيِّهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ . وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ فِي الْمُؤَقَّتَاتِ الَّتِي يَفْضُلُ الْوَقْتُ عَنْ أَدَائِهَا كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا يَثْبُتُ آخِرَ الْوَقْتِ ، إذْ هُنَا يَتَوَجَّهُ الْخِطَابُ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْآنَ يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ لَا قَبْلَهُ ، حَتَّى إذَا مَاتَ فِي الْوَقْتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَالْأُضْحِيَّةُ مِنْ هَاتِيكَ الْمُؤَقَّتَاتِ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتِهَا ، وَلَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهَا لِتَقَرُّرِ سَبَبِ وُجُوبِ أَدَائِهَا إذْ ذَاكَ ، بَلْ يَلْزَمُ قَضَاؤُهَا بِالتَّصَدُّقِ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُطْلَقَةِ دُونَ الْمُؤَقَّتَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ مُطْلَقًا : أَيْ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ لِاعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ فِيهَا ، وَمِنْ شَرْطِ تِلْكَ الْقُدْرَةِ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ إلَى الْعُسْرِ كَمَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ، فَلَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَيْضًا هُوَ الْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ لَزِمَ أَنْ تَسْقُطَ الْأُضْحِيَّةُ أَدَاءً وَقَضَاءً بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ أَيْضًا لِكَوْنِ دَوَامِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ شَرْطًا لَا مَحَالَةَ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ الْمَزْبُورِ بَيَانُ مُشَابَهَةِ الْأُضْحِيَّةِ بِالزَّكَاةِ فِي مُجَرَّدِ سُقُوطِهَا بِهَلَاكِ الْمَالِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لَا فِي السُّقُوطِ بِهَلَاكِهِ فِي كُلِّ حَالٍ . وَمِنْ الْبَيِّنِ فِيهِ قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ كَالزَّكَاةِ بِهَلَاكِ النِّصَابِ حَيْثُ قَيَّدَ هَلَاكَ الْمَالِ بِكَوْنِهِ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ فِي سُقُوطِ الْأُضْحِيَّةِ ، وَأَطْلَقَ هَلَاكَ النِّصَابِ فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ ، وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مَعَ وُضُوحِهِ كَيْفَ خَفِيَ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ حَتَّى جَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ

( قَوْلُهُ وَوَجْهُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا } وَمِثْلُ هَذَا الْوَعِيدِ لَا يَلْحَقُ بِتَرْكِ غَيْرِ الْوَارِدِ ) اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ تَرَكَ سُنَّتِي لَمْ تَنَلْهُ شَفَاعَتِي } وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْكِ اعْتِقَادًا أَوْ التَّرْكِ أَصْلًا ، فَإِنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ أَصْلًا حَرَامٌ قَدْ تَجِبُ الْمُقَاتَلَةُ بِهِ ، لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْأَذَانِ وَلَا مُقَاتَلَةَ فِي غَيْرِ الْحَرَامِ ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا .

أَقُولُ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : ذَاكَ التَّأْوِيلُ مُحْتَمَلٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْحَدِيثِ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " وَلَمْ يُضَحِّ " هُوَ تَرْكُ التَّضْحِيَةِ اعْتِقَادًا أَوْ تَرْكُهَا أَصْلًا فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا لَا يَخْفَى ، ثُمَّ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ : وَعُورِضَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كُتِبَتْ عَلَيَّ الْأُضْحِيَّةُ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ } وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { ضَحُّوا فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ } وَبِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَاهَا النَّاسُ وَاجِبَةً . وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ الْفَرْضُ ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِأَنَّهَا غَيْرُ فَرْضٍ وَإِنَّمَا هِيَ وَاجِبَةٌ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ مُشْتَرِكُ الْإِلْزَامِ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ " ضَحُّوا " أَمْرٌ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ ، وَقَوْلُهُ " فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ " أَيْ طَرِيقَتُهُ ، فَالسُّنَّةُ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ فِي الدِّينِ . وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّهُمَا كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ فِي حَالَةٍ الْإِعْسَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَاهَا النَّاسُ وَاجِبَةً عَلَى الْمُعْسِرِينَ انْتَهَى . أَقُولُ : فِي تَقْرِيرِهِ الْجَوَابَ عَنْ الثَّانِي خَلَلٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مُشْتَرِكُ الْإِلْزَامِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ ضَحُّوا أَمْرًا وَكَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَجَازَ أَنْ تُحْمَلَ السُّنَّةُ فِي قَوْلِهِ " فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ " عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَسْلُوكَةِ فِي الدِّينِ وَهِيَ تَعُمُّ الْوَاجِبَ أَيْضًا تَعَيَّنَ جَانِبُنَا وَلَمْ نَشْتَرِكْ فِي الْإِلْزَامِ قَطُّ ، فَالصَّوَابُ فِي تَقْرِيرِ الْجَوَابِ عَنْ الثَّانِي مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي حَيْثُ قَالَ : وَقَوْلُهُ ضَحُّوا دَلِيلُنَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ فَيُفِيدُ الْوُجُوبَ ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ لَا يَنْفِي الْوُجُوبَ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الطَّرِيقَةُ فِي الدِّينِ وَاجِبَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ انْتَهَى .

وَأَوْرَدَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَى الْجَوَابِ عَنْ الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ : فِيهِ بَحْثٌ ، فَإِنَّهُ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ } الْحَدِيثَ انْتَهَى . أَقُولُ : الْمَقْصُودُ مِنْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ دَفْعُ مُعَارَضَةِ الْخَصْمِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كُتِبَتْ عَلَيَّ الْأُضْحِيَّةُ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ } وَلَا شَكَّ فِي انْدِفَاعِ تِلْكَ الْمُعَارَضَةِ بِالْجَوَابِ الْمَذْكُورِ ، وَمَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَا يَقْدَحُ فِي تَمَامِ ذَلِكَ الْجَوَابِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مُعَارَضَةً أُخْرَى لِأَصْلِ الْمُدَّعَى ، وَلَعَلَّ جُمْهُورَ الشُّرَّاحِ إنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْجَوَابِ عَنْهُ أَصَالَةً لِكَوْنِهِ ضَعِيفًا غَيْرَ صَالِحٍ لِلْمُعَارَضَةِ لِمَا رَوَيْنَا ، لِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ . وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ : وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى وَهُوَ ضَعِيفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى

( قَوْلُهُ وَبِالْوَقْتِ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ ) أَقُولُ : هُنَا شَائِبَةُ مُصَادَرَةٍ ، لِأَنَّ قَوْلَهُ وَبِالْوَقْتِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْحُرِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِالْحُرِّيَّةِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى : وَإِنَّمَا اخْتَصَّ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ بِالْوَقْتِ الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى لِأَنَّهَا : أَيْ الْأُضْحِيَّةَ مُخْتَصَّةٌ بِهِ : أَيْ بِذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَئُولُ إلَى تَعْلِيلِ الِاخْتِصَاصِ بِالِاخْتِصَاصِ كَمَا تَرَى . لَا يُقَالُ : الْمَذْكُورُ فِي الْعِلَّةِ اخْتِصَاصُ الْأُضْحِيَّةِ نَفْسِهَا بِذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُدَّعَى اخْتِصَاصُ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ فَاللَّازِمُ هُنَا تَعْلِيلُ اخْتِصَاصِ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ بِاخْتِصَاصِ نَفْسِ الْأُضْحِيَّةِ بِهِ وَلَا مُصَادَرَةَ فِيهِ . لِأَنَّا نَقُولُ : لَا مَعْنَى لِاخْتِصَاصِ الْأُضْحِيَّةِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ سِوَى اخْتِصَاصِ وُجُوبِهَا بِهِ إذْ لَا شَكَّ فِي إمْكَانِ عَمَلِ التَّضْحِيَةِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ أَنَّ وُجُوبَهَا مُخْتَصٌّ بِهِ فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ ، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي تَنَبَّهَ لِهَذَا حَيْثُ غَيَّرَ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا قَبْلُ فَقَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِالْحُرِّيَّةِ إلَخْ ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ مُفْتَقِرَةٌ إلَى الْمِلْكِ وَالْحُرُّ هُوَ الْمَالِكُ ثُمَّ قَالَ : وَالْوَقْتِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ فَاللَّازِمُ حِينَئِذٍ تَعْلِيلُ التَّقْيِيدِ بِالْوَقْتِ بِاخْتِصَاصِ الْأُضْحِيَّةِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا مُصَادَرَةَ فِيهِ . فَإِنْ قُلْت : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْوُجُوبَ بِالْحُرِّيَّةِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِالْحُرِّيَّةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ كَلِمَةُ

( اخْتَصَّ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ

( وَالْوُجُوبَ ) مَفْعُولَهُ وَيَكُونُ مُرَادُهُ هُنَا بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ فِي الشَّرْعِ ، فَاللَّازِمُ تَعْلِيلُ تَخْصِيصِ الْقُدُورِيِّ وُجُوبَ الْأُضْحِيَّةِ بِالْوَقْتِ بِاخْتِصَاصِ الْأُضْحِيَّةِ فِي الشَّرْعِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا مُصَادَرَةَ فِيهِ . قُلْت : فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَعْنَى الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِمَنْزِلَةِ اللَّغْوِ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ الِاخْتِصَاصِ الشَّرْعِيِّ ، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصِ كَمَا فَعَلَهُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْحُرِّيَّةِ وَبِالْإِسْلَامِ وَبِالْإِقَامَةِ وَبِالْيَسَارِ . وَعَلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَيَّنُ وَالْمُعَلَّلُ هُنَا مُجَرَّدَ تَخْصِيصِ الْقُدُورِيِّ وُجُوبَهَا بِالْوَقْتِ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ وَيُعْلِمَ اخْتِصَاصَهُ الشَّرْعِيَّ بِذَلِكَ الْوَقْتِ بِشَيْءٍ أَصْلًا ، وَلَا يَخْفَى مَا فية

قَالَ ( وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ : يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كُلُّهَا أَيَّامُ ذَبْحٍ } وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا وَقَدْ قَالُوهُ سَمَاعًا لِأَنَّ الرَّأْيَ لَا يَهْتَدِي إلَى الْمَقَادِيرِ ، وَفِي الْأَخْبَارِ تَعَارُضٌ فَأَخَذْنَا بِالْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ الْأَقَلُّ ، وَأَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا كَمَا قَالُوا وَلِأَنَّ فِيهِ مُسَارَعَةً إلَى أَدَاءِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ إلَّا لِمُعَارِضٍ . وَيَجُوزُ الذَّبْحُ فِي لَيَالِيِهَا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ ، وَأَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ ، وَالْكُلُّ يَمْضِي بِأَرْبَعَةٍ أَوَّلُهَا نَحْرٌ لَا غَيْرُ وَآخِرُهَا تَشْرِيقٌ لَا غَيْرُ ، وَالْمُتَوَسِّطَانِ نَحْرٌ وَتَشْرِيقٌ ، وَالتَّضْحِيَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا تَقَعُ وَاجِبَةً أَوْ سُنَّةً ، وَالتَّصَدُّقُ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ فَتَفْضُلُ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ وَقْتِهَا ، وَالصَّدَقَةُ يُؤْتَى بِهَا فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا فَنَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْآفَاقِيِّ

الحاشية:-1
( قَوْلُهُ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ : يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ ) أَقُولُ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : إنَّ قَوْلَهُ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَيَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا كَانَ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ ، وَقَدْ قَالَ فِيمَا بَعْدُ أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ . وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يَوْمُ النَّحْرِ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ الْمَحْضِ ، وَالْيَوْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَهُ لَيْسَا بِنَحْرٍ مَحْضٍ وَإِنَّمَا هُمَا نَحْرٌ وَتَشْرِيقٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ . وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْإِفْرَادِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَلَمِ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ ، وَأَمَّا أَيَّامُ النَّحْرِ بِالْجَمْعِ فَيَتَنَاوَلُ يَوْمَ الْعِيدِ وَالْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ بَعْدَهُ عَلَى السَّوِيَّةِ ، فَلَا تَدَافُعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فِي الْمَقَامَيْنِ تَبَصَّرْ تَرْشُدْ

قَالَ : ( وَلَا يُضَحِّي بِالْعَمْيَاءِ وَالْعَوْرَاءِ وَالْعَرْجَاءِ الَّتِي لَا تَمْشِي إلَى الْمَنْسِكِ وَلَا الْعَجْفَاءِ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : { لَا تُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا أَرْبَعَةٌ : الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرْجُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي } قَالَ ( وَلَا تُجْزِئُ مَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ ) . أَمَّا الْأُذُنُ فَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { اسْتَشْرِفُوا الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ } أَيْ اُطْلُبُوا سَلَامَتَهُمَا . وَأَمَّا الذَّنَبُ فَلِأَنَّهُ عُضْوٌ كَامِلٌ مَقْصُودٌ فَصَارَ كَالْأُذُنِ . قَالَ ( وَلَا الَّتِي ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا وَذَنَبِهَا ، وَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرُ الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ جَازَ ) لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ بَقَاءً وَذَهَابًا وَلِأَنَّ الْعَيْبَ الْيَسِيرَ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَجُعِلَ عَفْوًا ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ الْأَكْثَرِ . فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْهُ : وَإِنْ قُطِعَ مِنْ الذَّنَبِ أَوْ الْأُذُنِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ الْأَلْيَةِ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ أَجْزَأَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ الثُّلُثَ تَنْفُذُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْوَرَثَةِ فَاعْتُبِرَ قَلِيلًا ، وَفِيمَا زَادَ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِرِضَاهُمْ فَاعْتُبِرَ كَثِيرًا ، وَيُرْوَى عَنْهُ الرُّبُعُ لِأَنَّهُ يَحْكِي حِكَايَةَ الْكَمَالِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ ، وَيُرْوَى الثُّلُثُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ الْوَصِيَّةِ { الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ } وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : إذَا بَقِيَ الْأَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَجْزَأَهُ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ .

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : أَخْبَرْت بِقَوْلِي أَبَا حَنِيفَةَ ، فَقَالَ قَوْلِي هُوَ قَوْلُك . قِيلَ هُوَ رُجُوعٌ مِنْهُ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ قَوْلِي قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِك . وَفِي كَوْنِ النِّصْفِ مَانِعًا رِوَايَتَانِ عَنْهُمَا كَمَا فِي انْكِشَافِ الْعُضْوِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، ثُمَّ مَعْرِفَةُ الْمِقْدَارِ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُتَيَسَّرٌ ، وَفِي الْعَيْنِ قَالُوا : تُشَدُّ الْعَيْنُ الْمَعِيبَةُ بَعْدَ أَنْ لَا تَعْتَلِفَ الشَّاةُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا ، فَإِذَا رَأَتْهُ مِنْ مَوْضِعٍ أُعْلِمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ تُشَدُّ عَيْنُهَا الصَّحِيحَةُ وَقُرِّبَ إلَيْهَا الْعَلَفُ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إذَا رَأَتْهُ مِنْ مَكَان أُعْلِمَ عَلَيْهِ . ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا ، فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَالذَّاهِبُ الثُّلُثُ ، وَإِنْ كَانَ نِصْفًا فَالنِّصْفُ

الحاشية رقم: 1
( قَوْلُهُ وَلَا يُضَحِّي بِالْعَمْيَاءِ وَالْعَوْرَاءِ وَإِلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ : لَمَّا ذَكَرَ مَا يَجُوزُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَا يَجُوزُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ انْتَهَى . أَقُولُ : هَذَا لَيْسَ بِسَدِيدٍ ، إذْ لَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا قَبْلُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْجَمَّاءِ وَالْخَصِيِّ وَالثَّوْلَاءِ إلَى آخِرِهِ . وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَا قَبْلُ إنَّمَا هُوَ صِفَةُ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْوُجُوبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ وَشَرَائِطُهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِمَا ، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ وَعَدَدِ مَنْ يُذْبَحُ عَنْهُ كُلٌّ مِنْ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالْبَدَنَةِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَعَدَدِ أَيَّامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَاتِيكَ الْأُمُورِ مِنْ الْفُرُوعِ وَالْأَحْكَامِ كَمَا حَقَّقَهُ مِنْ قَبْلُ ، وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ تَدَارَكَهُ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ : هَذَا بَيَانُ مَا لَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ مَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ

( قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ الْأَكْثَرِ إلَخْ ) أَقُولُ تَطْبِيقُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَارَةِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مُشْكِلٌ ، لِأَنَّ عِبَارَتَهَا أَكْثَرُ أُذُنِهَا وَذَنَبِهَا بِصِيغَةِ التَّفْضِيلِ إلَى الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ ، وَهِيَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْبَاقِي مِنْهَا أَقَلَّ ، وَهَذَا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ . أَمَّا فِي رِوَايَةِ الرُّبُعِ وَرِوَايَةِ الثُّلُثِ فَظَاهِرٌ ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الرُّبُعَ لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَلَا الثُّلُثَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ .

وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ فَلِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ إذْ لَمْ يُجَاوِزْ النِّصْفَ لَمْ يَصِرْ أَكْثَرَ الْكُلِّ ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ عَنْهُ لَمْ يَشْتَرِطْ تَجَاوُزَ النِّصْفِ وَلَا الْوُصُولَ إلَى النِّصْفِ ، بَلْ اعْتَبَرَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَلْزَمْ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا ذَهَابُ أَكْثَرِ الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ ، فَكَيْفَ يَرْبُطُ قَوْلَهُ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ الْأَكْثَرِ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ ، فَإِنْ قُلْت : لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ فِي عِبَارَةِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مَعْنَى التَّفْضِيلِ ، بَلْ هُوَ بِمَعْنَى الْكَثِيرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَيَانِ وَجْهِ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ ، وَفِيمَا زَادَ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِرِضَاهُمْ فَاعْتُبِرَ كَثِيرًا .

وَقَوْلُهُ فِي بَيَانِ وَجْهِ رِوَايَةِ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ الْوَصِيَّةِ { الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ } ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ أَيْضًا الْكَثِيرَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْجُزْءِ الْبَاقِي وَإِلَّا يَعُودُ الْمَحْذُورُ ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْكَثِيرُ فِي نَفْسِهِ ، وَالْإِضَافَةُ إلَى الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ لِمُجَرَّدِ بَيَانِ مَحَلِّ الْكَثْرَةِ ، فَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ تَطْبِيقُ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى عِبَارَةِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ ، قُلْت : شَرْطُ اسْتِعْمَالِ صِيغَةِ التَّفْضِيلِ مُجَرَّدَةً عَنْ مَعْنَى التَّفْضِيلِ أَنْ تَكُونَ عَارِيَّةً عَنْ اللَّامِ وَالْإِضَافَةِ وَمِنْ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ .

وَفِي عِبَارَةِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَقَعَتْ مُضَافَةً فَلَا يَصِحُّ تَجْرِيدُهَا عَنْ مَعْنَى التَّفْضِيلِ عَلَى قَاعِدَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَلَئِنْ أَغْمَضْنَا عَنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ بَقَاءً وَذَهَابًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُحْمَلَ الْأَكْثَرُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُطْلَقِ ، إذْ لَوْ كَانَ لِلْكَثِيرِ مُطْلَقًا حُكْمُ الْكُلِّ بَقَاءً وَذَهَابًا لَزِمَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْأُذُنُ وَالذَّنَبُ بَاقِيًا وَذَاهِبًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ ، فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِي وَالذَّاهِبِ مِنْهُمَا كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ ، كَمَا إذَا ذَهَبَ رُبُعُهُمَا أَوْ ثُلُثُهُمَا أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَيَلْزَمُ جَمْعُ الْحُكْمَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ تَأَمَّلْ تَقِفْ

قَالَ ( وَيَجُوزُ أَنْ ) ( يُضَحِّيَ بِالْجَمَّاءِ ) وَهِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَقْصُودٌ ، وَكَذَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ لِمَا قُلْنَا ( وَالْخَصِيِّ ) لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ وَقَدْ صَحَّ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ } ( وَالثَّوْلَاءِ ) وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ ، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ تَعْتَلِفُ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَعْتَلِفُ فَلَا تُجْزِئُهُ .

وَالْجَرْبَاءُ إنْ كَانَتْ سَمِينَةً جَازَ لِأَنَّ الْجَرَبَ فِي الْجِلْدِ وَلَا نُقْصَانَ فِي اللَّحْمِ ، وَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْجَرَبَ فِي اللَّحْمِ فَانْتَقَصَ . وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا ; فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْأَسْنَانِ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ ، وَعَنْهُ إنْ بَقِيَ مَا يُمْكِنُهُ الِاعْتِلَافُ بِهِ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ . وَالسَّكَّاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً لَا تَجُوزُ ، لِأَنَّ مَقْطُوعَ أَكْثَرِ الْأُذُنِ إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ فَعَدِيمُ الْأُذُنِ أَوْلَى

وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ


الحاشية رقم: 1
( قَوْلُهُ وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ . وَقَوْلُهُ وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَشَاحَّا : يَعْنِي إنْ تَشَاحَّا عَنْ التَّحْلِيلِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتْلِفًا لَحْمَ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ ، وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُضَمِّنَ صَاحِبَهُ قِيمَةَ لَحْمِهِ انْتَهَى ، أَقُولُ لَيْسَ هَذَا التَّوْجِيهُ بِوَجِيهٍ . فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَشَاحَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُضَمِّنَ صَاحِبَهُ قِيمَةَ لَحْمِهِ مَسْأَلَةٌ تَامَّةٌ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ مُغَايِرٍ لَهَا ، وَفِي التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ قَدْ أَخَذَ مُقَدَّمَ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ تَشَاحَّا وَضُمَّ إلَيْهِ تَالٍ مُغَايِرٌ لِتَالِي الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْكِتَابِ أَصْلًا ، فَصَارَ إنْ تَشَاحَّا عَنْ التَّحْلِيلِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتْلِفًا لَحْمَ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ ، وَجَعَلَ ذَلِكَ صُغْرَى الدَّلِيلِ وَجَعَلَ كُبْرَاهُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الْمُقَدِّمَاتِ الْكَثِيرَةِ ، وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ اللَّحْمُ لَهُ . فَمَا قَبْلَهُ بِمَنْزِلَةِ الصُّغْرَى وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكُبْرَى ، وَمَجْمُوعُهُمَا دَلِيلٌ تَامٌّ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ تَشَاحَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُضَمِّنَ صَاحِبَهُ قِيمَةَ لَحْمِهِ فَمَعْنَى الدَّلِيلِ أَنَّ تَضْحِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمَّا وَقَعَتْ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ اللَّحْمُ الَّذِي أَتْلَفَهُ بِالْأَكْلِ لِصَاحِبِهِ لَا لِنَفْسِهِ . وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَضْمِينِ صَاحِبِهِ إيَّاهُقِيمَةَ لَحْمِهِ ، وَلَيْتَ شِعْرِي أَنَّ صَاحِبَ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ مَاذَا يَصْنَعُ فِي حَقِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ اللَّحْمُ لَهُ فَهَلْ يَجْعَلُهُ وَحْدَهُ دَلِيلًا آخَرَ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَمْ يَجْعَلُهُ مُتَّصِلًا بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، فَانْظُرْ وَتَبَصَّرْ هَلْ يَتَيَسَّرُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ؟

( وَلَوْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ إنْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ شَاةٍ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِ ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْغَنِيِّ .

وَتَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ عِنْدَنَا ، فَإِذَا فَاتَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ إخْرَاجًا لَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ ، كَالْجُمُعَةِ تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِهَا ظُهْرًا ، وَالصَّوْمِ بَعْدَ الْعَجْزِ فِدْيَةً

الحاشية رقم: 1
( قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ، إنْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ : قَيْدُ الْإِيجَابِ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ مُفِيدٍ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا بِدُونِ الْإِيجَابِ عَلَى نَفْسِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ انْتَهَى . أَقُولُ : لَيْسَ ذَاكَ بِسَدِيدٍ ، لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا هُوَ التَّصَدُّقُ بِهَا حَيَّةً ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ وَاجِبًا بِدُونِ الْإِيجَابِ عَلَى نَفْسِهِ ، فَإِنَّ الْحُكْمَ هُنَاكَ هُوَ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهَا لَا التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا حَيَّةً كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ

( وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ شَاةٍ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ )

( قَوْلُهُ فَإِذَا فَاتَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ إخْرَاجًا لَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ ، كَالْجُمُعَةِ تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِهَا ظُهْرًا ، وَالصَّوْمِ بَعْدَ الْعَجْزِ فِدْيَةً ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ : فَإِذَا فَاتَ وَقْتُ التَّقَرُّبِ بِالْإِرَاقَةِ وَالْحَقُّ مُسْتَحَقٌّ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ إخْرَاجًا لَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ كَالْجُمُعَةِ تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِهَا ظُهْرًا ، وَالصَّوْمِ بَعْدَ الْعَجْزِ فِدْيَةً ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ قَضَاءَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ بِجِنْسٍ خِلَافِ جِنْسِ الْأَدَاءِ انْتَهَى . وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ لَا يُلَائِمُ الِاعْتِبَارَ بِالْجُمُعَةِ وَالصَّوْمِ ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ التَّصَدُّقُ بِالْقِيمَةِ لِلْغَنِيِّ الْغَيْرِ الْمُوجِبِ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى . أَقُولُ : ذَاكَ سَاقِطٌ إذْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ الِاعْتِبَارَ بِالْجُمُعَةِ وَالصَّوْمِ ، لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِهِمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَضَاءَ بِغَيْرِ الْمِثْلِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ قَضَاءَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ بِجِنْسٍ خِلَافِ جِنْسِ الْأَدَاءِ ، وَلَا يَذْهَبُ عَلَى ذِي فِطْنَةٍ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُتَحَقِّقٌ فِي التَّصَدُّقِ بِالْعَيْنِ أَيْضًا ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ إرَاقَةُ الدَّمِ ، وَالتَّصَدُّقُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْإِرَاقَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْعَيْنِ ، ثُمَّ إنَّ كَوْنَ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ بِالتَّصَدُّقِ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا فَاتَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ هُوَ التَّصَدُّقُ بِالْقِيمَةِ لِلْغَنِيِّ الْغَيْرِ الْمُوجِبِ وَحْدَهُ كَمَا زَعَمَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِمَّا لَا يُنَاسِبُ شَأْنَ الْمُصَنِّفِ جِدًّا ، إذْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتْرُكَ بَيَانَ وَجْهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَاهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَقْصِيرًا مِنْهُ فِي إفَادَةِ حَقِّ الْمَقَامِ بِلَا ضَرُورَةٍ ، وَحَاشَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ . فَالْحَقُّ أَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّصَدُّقِ الْمَذْكُورِ مَا يَعُمُّ التَّصَدُّقَ بِالْعَيْنِ وَبِالْقِيمَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ

قَالَ ( وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا ) لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا ( أَوْ يَعْمَلُ مِنْهُ آلَةً تُسْتَعْمَلُ فِي الْبَيْتِ ) كَالنِّطْعِ وَالْجِرَابِ وَالْغِرْبَالِ وَنَحْوِهَا ، لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ ( وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْتِ مَعَ بَقَائِهِ ) اسْتِحْسَانًا ، وَذَلِكَ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ ، ( وَلَا يَشْتَرِي بِهِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ كَالْخَلِّ وَالْأَبَازِيرِ ) اعْتِبَارًا بِالْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ .

وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَى قَصْدِ التَّمَوُّلِ ، وَاللَّحْمُ بِمَنْزِلَةِ الْجِلْدِ فِي الصَّحِيحِ ، فَلَوْ بَاعَ الْجِلْدَ أَوْ اللَّحْمَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ ، لِأَنَّ الْقُرْبَةَ انْتَقَلَتْ إلَى بَدَلِهِ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ } يُفِيدُ كَرَاهَةَ الْبَيْعِ ، الْبَيْعُ جَائِزٌ لِقِيَامِ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيم
الحاشية رقم: 1
( قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْتِ مَعَ بَقَائِهِ اسْتِحْسَانًا ، وَذَلِكَ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ ) أَقُولُ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : إنَّهُ تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ } فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ بِإِطْلَاقِهِ بَيْعَ الْجِلْدِ بِمَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ مَعَ بَقَائِهِ أَيْضًا ، وَالتَّعْلِيلُ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الدَّفْعِ

( قَوْلُهُ وَلَا يَشْتَرِي بِهِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ كَالْخَلِّ وَالْأَبَازِيرِ اعْتِبَارًا بِالْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَى قَصْدِ التَّمَوُّلِ ) أَقُولُ : فِيهِ بَحْثٌ . أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ غَيْرُ وَاضِحٍ ، فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ مِمَّا لَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا أَصْلًا ، أَيْ لَا مَعَ بَقَائِهَا وَلَا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ وَسِيلَةٌ مَحْضَةٌ فَالْمَقْصُودُ مِنْهَا التَّمَوُّلُ لَا غَيْرُ ، بِخِلَافِ مِثْلِ الْخَلِّ وَالْأَبَازِيرِ فَإِنَّهُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الِانْتِفَاعَ دُونَ التَّمَوُّلِ ، وَالِانْتِفَاعُ بِنَفْسِ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ فَكَذَا بِبَدَلِهِ .

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ بِالدَّرَاهِمِ إنَّمَا ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ ، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ بِمَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ مَعَ بَقَائِهِ بِأَنَّهُ جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْجِلْدِ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْبَدَلِ ، لِأَنَّ الْبَدَلَ لَهُ حُكْمُ الْمُبْدَلِ .

قَالَ : فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ الْجِلْدِ بِالدَّرَاهِمِ أَيْضًا ، إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { وَلَا تُعْطِ أَجْرَ الْجَزَّارِ مِنْهَا } فَإِذَا أَعْطَى أَجْرَ الْجَزَّارِ مِنْهَا يَصِيرُ بَائِعَ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ بِالدَّرَاهِمِ وَقَدْ ثَبَتَ الْمَنْعُ عَنْهُ ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ انْتَهَى .

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَتِمُّ قِيَاسُ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْجِلْدِ بِمِثْلِ الْخَلِّ وَالْأَبَازِيرِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارًا بِالْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ مَعْدُولًا عَنْ الْقِيَاسِ ، فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَاسَ عَلَى الْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَيُقَالُ فِي تَعْلِيلِهَا لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ عَيْنِ الْجِلْدِ قَائِمًا مَقَامَهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالِانْتِفَاعِ وبِعَيْنِ الْجِلْدِ فَلَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ كَحُكْمِ عَيْنِ الْجِلْدِ بِخِلَافِ مَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ مَعَ بَقَائِهِ كَمَا مَرَّ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ : وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِمَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ كَالْجِرَابِ وَالْمُنْخُلِ ، لِأَنَّ الْبَدَلَ الَّذِي يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ ، فَكَانَ الْمُبْدَلُ قَائِمًا مَعْنًى وَكَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالِانْتِفَاعِ بِعَيْنِ الْجِلْدِ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْجِلْدِ فَلَا يَكُونُ الْجِلْدُ قَائِمًا مَعْنًى انْتَهَى

قَالَ ( وَلَا يُعْطِي أُجْرَةَ الْجَزَّارِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { تَصَدَّقْ بِجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا وَلَا تُعْطِ أَجْرَ الْجَزَّارِ مِنْهَا شَيْئًا } وَالنَّهْيُ عَنْهُ نَهْيٌ عَنْ الْبَيْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ

قَالَ ( وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا الْكِتَابِيُّ ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ هُوَ قُرْبَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، فَلَوْ أَمَرَهُ فَذَبَحَ جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ ، وَالْقُرْبَةُ أُقِيمَتْ بِإِنَابَتِهِ وَنِيَّتِهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَ الْمَجُوسِيَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ فَكَانَ إفْسَادًا

و بحمد الله قد تم شرح ما معنى الاضحية م ما احكامها
وانه من بركة العلم ان يرد الى اهله
منقول \\\\من كتاب الاضحيه \\\\\
مدير العلاقات العامة
يسري حمدان[/align]
جمعية العيسوية الخيرية غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-11-2008, 06:18 PM   #2
ام زيد

الصورة الرمزية ام زيد
 
المعلومات الشخصية

التقييم
معدل تقييم المستوى: 10

ام زيد عضو سيصبح مشهورا عن قريب



السلام عليكم ورحمة الله ..جزاك الله خير الجزاء ..

موضوعك جدا مهم خاصة واننا على ابواب عيد الاضحى ..ولكن موضوعك جدا طويل ولن يقرأه الاعضاء لطوله

لو اختصرت واوجزت لاستفاد اكبر عدد من الاعضاء

مثلا حكم الاضحية ..شروطها ..على من تجب .. حتى يستفيد الكل منها ويطولك الاجر والثواب ان شاء الله .

حياك الله وشاكرة نشاطك واهتمامك
التوقيع:
[gdwl]"احتطب (اقطع الشجر) بنفسك، وسيدفئك الحطب مرتين (مرة حين تقطعه، ومرة حين تشعله)"[/gdwl]





ام زيد غير متصل   رد مع اقتباس
  إضافة رد


«     الموضوع السابق | الموضوع التالي »


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات العيساوية...المشاركات والمواضيع في منتديات العيساوية لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارته بل تمثل وجهة نظر كاتبها
All participants & topics in forum esawiah.com
does not necessarily express the opinion of its administration, but it's just represent the viewpoint of its author


الساعة الآن 02:11 AM بتوقيت العيساوية