24-08-2008, 01:57 PM | #1 | |
عيساوي جدع
|
رمضان في القرآن الكريم الحمد لله رب العالمين فضّل شهر رمضان على غيره من الشهور واختصه بإنزال القرآن فيه، فرض صيامه وجعله من آكد أركان الإسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد: فيقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183) أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (184) شهـر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون[البقرة:183-185]. صوم شهر رمضان المبارك هو الركن الرابع من أركان الإسلام وقد كتبه الله على هذه الأمة وقوله: (كتب) بمعنى فرض، فالصيام مفروض على هذه الأمة كما هو مفروض على من قبلها من الأمم وإن اختلفت كيفيته ووقته. وقد فرض الصيام على هذه الأمة في السنة الثانية من الهجرة،وصام رسولنا (صلى الله عليه وسلم) تسعة رمضانات. والصوم هو الإمساك عن المفطرات بنية خالصة لله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. أو هو الكف عما أمر الله بالكف عنه في وقت مخصوص، وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولا شك أن للصوم حكمًا عظيمة فمن هذه الحكم والفوائد:
هذه أهم الفوائد والحِكم الظاهرة من الصيام. تفسير الآية : يقول تعالى مخاطبًا عباده المؤمنين ومناديًا لهم بهذا النداء الحبيب إليهم الإيمان : يا أيها الذين آمنواثم يقرر لهم هذا الفرض وهو الصيام والمؤمن سامع مطيع كيف وهو منادى من خالقه وهاديه للإيمان فلا يسعه إلا السمع والطاعة. ثم يبيّن أن هذا الصيام عبادة مكتوبة على الأمم السابقة والشيء إذا عمّ سهل فعله على النفوس وكانت طمأنينتها به أكثر فالصيام فريضة على جميع الأمم قبلنا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم. ثم يبيّن العلّة وهي : التقوى لعلكم تتقون إبرازًا للغاية العظمى من الصوم، فالتقوى هي ثمرة هذه العبادة العظيمة التي يؤديها العبد طاعة لله وإيثارًا لرضاه، والتقوى هي الحارس للقلب والجسد بأكمله من إفساد هذه الطاعة فكلما همّ بما يفسده منعته تقواه من ذلك. والتقوى لها منزلتها عند المؤمنين ويعرفون وزنها عند الله فهي مطمع لكل مؤمن والصوم يوصل إليها لعلكم تتقون. ثم أيضًا كونه أيامًا معدودات. فليس الدهر كله بل هي أيام معدودة وهي شهر رمضان كما بيّنها في الآية الثانية شهر رمضان ومع قلة هذه الأيام المعدودة فقد أعفي من وجوب أدائِه المرضى حتى يصحّوا والمسافرون حتى يقيموا وهذا كله تحقيقًا لليسر، يقول تعالى: فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر. والمريض إذا كان مرضه مزمنًا لا يرجى زواله فلا يلزمه الصوم ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكينًا لكل مسكين ربع صاع من البر الجيد ويحسن أن يكون معه إدام كلحم ونحوه. وكذلك الكبير العاجز عن الصوم فيطعم عن كل يوم مسكينًا، أما المريض الذي يرجى زوال مرضه فإن كان لا يشق عليه الصوم ولا يضره فيجب عليه الصوم، وإن كان يشق عليه الصوم فيكره صومه وإن كان يضره الصوم فيحرم عليه الصوم، ويبقى في ذمته حتى يعافى ويقضي ما فاته أثناء مرضه. ثم يقول تعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ... أي وعلى الذين يستطيعون الصوم إن أفطروا إعطاء فدية والصوم خير من الفدية. وكان هذا في أول الإسلام عندما فرض عليهم الصيام ولم يتعودوه بهذه الكيفية فـرخّص لهم في الإفطار والفدية لمن شاء ومن شاء صامه روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآيةوعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكينكان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية بعدها فنسختها فهي رخصة في أول الأمر فرفعت هذه الرخصة عن الصحيح المقيم، وبقيت للشيخ الكبير الذي يجهده الصوم ولا ترجى له حالة يكون فيها قادرًا على الصيام كما فعل أنس بن مالك (رضي الله عنه) في آخر عمره عندما كبر حتى كان لا يقدر على الصيام فكان يفتدي عامًا أو عامين. ثم يقول تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن .. وهذا تحبيب وترغيب في أداء هذه الفريضة وهو بيان للأيام المعدودات بأنها شهر رمضان. وقوله أنزل فيه القرآنفقد نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان. وهذا القرآن كلام الله الجليل الذي أخرج به الناس من الظلمات إلى النور وهداهم إلى أحسن الطرق وأقومها. إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم فهو رشاد للناس إلى سبيل الحق وقصد المنهج، وهو مع ذلك آيات بينات واضحات من الهدى والبيان الدال على حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه والفصل بين الحق والباطل. فمن شهد منكم الشهر فليصمهفمن كان حاضرًا مقيمًا في البلد حين دخول الشهر وهو صحيح في بدنه فعليه الصوم، أما من كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وهذه رخصة لمن هذه حاله وأعيد ذكر هذه الرخصة مرة ثانية لئلا يفهم من قوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمهوقوله قبلها : وأن تصوموا خير لكمأن الصوم حتم لا تتناوله الرخصة بوجه. وهذا كله من إرادة الله اليسر بهذه الأمة: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. وهذا من فضل الله علينا، ورحمه بهذه الأمة في التكليف وهذه هي القاعدة في تكاليف هذا الدين أنها ميسرة لا عسر فيها فالمسلم الذي يؤدي هذه التكاليف يحس برحمة الله وإرادته اليسر والخير بعباده المؤمنين يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. ثم يقول تعالى: ولتكملوا العدةأي إنما أمر بالقضاء لتكملوا عدة الشهر فلا يضيع الأجر على من كان مريضًا أو مسافرًا. ثم أمر الله جل وعلا بتكبيره وشكره وحمده على هدايته وقد أمر جل وعلا بذكره عند انقضاء كل عبادة ففي الحج قال: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا. وبعد صلاة الجمعة قال: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون، ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية: ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم. وقوله: لعلّكم تشكرونأي إذا قمتم بما أمركم الله من طاعته بأداء فرائضه وترك محارمه وحفظ حدوده فلعلكم أن تكونوا من الشاكرين. فتشكرون الله على هذه النعمة،نعمة أداء هذه الفريضة ونعمة التقوى ونعمة إتمام الصوم وتكبير الله في آخره، ونعمة اليسر في أداء هذه العبادة فهي نعم تترى على المسلم تستلزم الشكر لمسديها. ومن فوائد هذه الآيات :-
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. جيفارا أبنك يا جبهة ج*د |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|