30-05-2008, 04:49 PM | #1 | |
|
حسَّ الطبيبُ خافقـي وقـالَ لي : هلْ ها هُنـا الألَـمْ ؟ قُلتُ له: نعَـمْ فَشـقَّ بالمِشـرَطِ جيبَ معطَفـي وأخـرَجَ القَلَــمْ! إفْتَحُوَا الْنَوَافِذَ جَيَّدَاً .. التَهوئَه مُفِيدَة لِـ قُلُوبَكُم .. وَ الشَمْسُ تَسْتَرِقُ الْنَظَرَ خِلْسَةً .. تَوِدُ لَوْ بِمَقْدُورِهَا الدِخُولُ بُغْتَةً .. كَـ المَوتْ ! هَوَاءُ اللَيَّلُ ثَقِيلٌ .. تَثْقَلَهُ زَفَرَاتِكُم الْمَهْمُومَة أَفْسِحُوا لِـ نَسَائِمِ الْصَبَاحِ الرَطِبَة .. لَا وَجَعَ يَأتِي مَعَ صَبَاحَاتُكُم لَا حُزْن .. مَسَاءً ؛ .. حِينَ كَانَتْ الْشَمْسُ تَرْقُدُ مِليء جِفْنَيَّهَا .. كُنْتُم تَنْشِطُونْ .. تَسْتَيَّقظُونْ .. كُنْتُم تَشُقونَ دُرُوبِ الْشَقَاءِ وَحْدَكُم .. فِي الْليَّل فَقَط كَانَتْ كُلُ الزَفَرَاتِ تَصَاعد تِجَاهَ الْأُفُق .. كَانَتْ الْنُجُومُ تَسَاقطَ عَلَيَّكُم وَ كُنْتُمْ تَرْتَجِفُونَ .. بَردَاً وَ شَوقَاً وَحَنِين .. لِمَ الْلَيَّلَ فَقَطْ يُشْعِرُكُمْ بِـ الْوِحْدَة! يَا أَيُّهَا الْرَاقِدُ بَيَّنَ ثَنَايَّا الْنَهَارْ .. يَا أَنْت ! هَلْ سَأَلتَ الْنَهَارَ يَومَاً عَنْ قَلْبِك ؟ هَلْ أَخْبَرتَهُ أَنَهُ تَاهَ مِنْك ذَاتَ لَيَّل ؟ هَل سألْتَهُ إِنْ كَانَ رَآهُ يُحَلِقُ فِي السَمَاءِ العَالِيَّةَ ذَاتَ غَسَق ... هَل قُلْتَ لَهُ أَنَ قَلْبِكَ لَا يُحِبَ أَن يَمْشِي فَوقَ الْأَرْض .. وَ أَنَهُ يُحِبَ أَنْ يَشُقَ زُرْقَةِ الْسَمَاءِ وَيَضْرِبَ بِـ جَنَاحَيَّهِ الْهَوَاء !! لَا تَطْرُقَ الْقَلبَ إِلَا مَرَاتٍ ثَلَاثْ:.. الْأُولَى دَعْهُ يَرتَدِي دِرعَاً مِنْ حَدِيد .. كَيّ تَرتَدَ السِهَامَ عَنْه وَ الْثَانِيَّة كَيّ يَرصف بِضْعَةَ حِجَارَة .. تُثْقِلهُ فَلَا يَرعف .. وَ الْثَالِثَة .. لِـ تَتَأَكَدَ أَنَه لَا زَالَ هُنَاك ! هَلْ رَأَيَّتُم قَلبَاً يَحمِلُ هَمَاً وَ شَوقَاً .. مَرَ مِنْ هُنَا ! رَأَيَّتَهُ ذَاتَ يَوم ... كَان أَبْيَّضَاً رُغْمَ أَنَهُ كَانَ يَتَشِحُ السَوَاد .. كَانَ يَرعَف وَيَضْرِبَ بِجَنَاحَيَّه ( الْهَوَاء ) ! أَوْقَفْتَهُ فِي مُنْتَصَفِ الْطَرِيق تَمَامَاً .. كَانَ خَائِفَاً .. كَانَ يَرتَعِدُ فَرقَاً .. يَكْسُوهُ الْحُزْنُ والأَسَى .. بَلورِيَّاً .. تَتَخَايَّلُ الْأَشْيَّاءُ مِنْ خَلفِه .. أَرَدتُ لَمْسَه .. لَمْ أَقْدِر .. كُنْتُ إِذَا فَعَلتْ .. تَشَوَهَت كُلُ الصِوَر .. كَيَّفَ لَمْ أَفْطِنْ .. عَبَثَاً تَرَاجَعتْ !! أَخْبَرَنِي أَنَهُ يَشْعُرُ بِـ الْضَجَر .. أَنَهُ أَرِق .. أَنَهُ يَفْتَقد ـه ! ..بَدَى لِي مُنْهَكَاً .. بَدَى لِي مُتْعَبَاً .. بَدَى لِي مَيَّتَاً تَمَامَاً ! الْحُمْقُ الذِي أَعْيَّانِي .. وَ لَا زَال .. الْتَعَثُر وَ التَبَعْثُر وَ كُلَ التَذَبْذُب بَيَّنَ أَنَهُ ( حَقٌ ( وَ) بَاطِل ) أرْتَادُ الْمُدُنَ لَيَّلَاً كَمَا يَفْعَلُ أَيّ كَان .. أَنْفُضُ الطُرُق .. أَسْتَرِقُ الْنَظَرَ عَلَنِي أَلْمَحُ قَلبَاً هَارِبَاً مُوَلِيَّاً .. لَمْ أَدْرِكَه .. أَصِيحُ بِأعَلَى أَلَمِي .. مَنْ وَجَدَ قَلْبِي فَـ ليَّرُدَهُ إِلَيّ ! لَمْ يَعْرِفَهُ أَحَد مِنْ قَبْل .. وَلَنْ .. مِنْ بَعْد .. أَنْكَرَهُ الْجَمِيع .. أَنْكَرَوَا مَلَامِحَه حِيَّنَ وَصَفْتَهُ لَهُم .. كُنْتُ أُؤكِد عَلَى بَرَاءَتِه .. عَلَى أَنَهُ أَبْيَّضُ الَلَوّنَ .. هَكَذَا عَرَفتُه !! عَلَى أَنَهُ يَخْفِقُ بِإنْتِظَامْ .. عَلَى أَنَهُ مُعَافَى .. لَا يَشْكُو مِنْ أَيّ عِلَلٍ أَو أَمْرَاض .. عَلَى أَنَهُ غَضِيضُ الخَفْق .. عَفَّ الثَوبَ .. طَاهِرُ الْيَّد .. يَتَنَفَسُ بِبُطْء وَ ثِقَة ... لَا يُلَوِثُ الهَوَاءِ زَفِيرَه ! عَلَى أَنَهُ لَا يَبْتَلِعُ الْغَيَّظ وَلَا يَحْتَسِي الحِقْدَ .. وَلَا يَصُومُ عَن البُكَاء ..! قَالُوا أَنَهُم رَأوهُ شَارِدَاً مُسرِعَاً فِي كُلِ إتِجَاه ، يَضْرِبُ بِجَنَاحَيَّهِ الأَرضَ يَعْفُرَ التُرَاب .. كَانَ مُتَسِخَاً ، تَرتَسِمُ فَوقَ جَبْهَتَهُ مَلَامِحُ الْبَلَاهَة .. كَانَ مَحْشُوَاً بِبَعضِ الْفَرَاغِ وَالعَبَط! مُتَشَقِقَاً .. مُمَزَقَاً .. يَذْرُفُ دَمَاً تَارَة .. وَ قَيَّحَاً تَارَةً أُخْرَى .. لَمْ يَكشِفُوا عَنهُ الْغِطَاء .. كَيَّ يَتَيَّقَنُوا مِنْ حَقِيقَتَه ! أَكَانَ حَقَاً لِي .. أَكَانَ قَلْبِي ! أَنْكَرُوه عَلَيّ وَأَنْكَرتَهُ عَلَيَّهُم! كَانَ يَلِفَهُ الرَانْ .. صَلدَاً صَلبَاً .. قَاسِيَّاً ! أَوَلَم يَبْصُرهُ أَحَدَكُم يَجْهَشُ فِي مِحرَابِه .. يَستَجدِي فِي عُتْمَةِ اللَيَّل .. يَرفَعُ جَنَاحَيَّه سَائِلَاً العَفْوَ أَو الْمَغْفِرَة ..! المَحَارِيب كَتُومَة .. وَ المَآذِن لَا تَشِي بَل تُكَبِر .. وَالنَاسَ يَخشَعُونَ كَثِيرَاً فِي أَوقَاتِ الصَلَاوَات .. فَلَا يَنْظُرونَ أَحَد !.. مَنْ قَالَ أَنَكَ تَملُكُ قَلبَك ! مَنْ قَالَ أَنَ أَحَدَاً مِنكُم يَمتَلِكُ قَلبَه ! هَل أَخْبَرَتكُم قُلُوبُكُم أَنَهَا لَكُم كَيَّ تَعرضُوهَا كـ بِضَاعَة مُزْجَاة فِي أَسْوَاقِ الْعَبيد! "يَا أَيُّهَا العَابِرونْ خُذُوا قَلبِي وَحَرّقُوه وَصَلِبّوه فِي جُذُوعِ النَخْل ..!" عَبَثَاً لَا أَحَدَ يَعبَأُ بِـ قَلبِكَ وَلَا بِك .. فَكُفَ عَنْ الصُرَاخْ .. كَيَّفَ لَم تَعتَد الصَمْت رُغْمَ أَنَ أَحَدَاً لَمْ يُعَلِمْكَ الكَلَام .. لِمَا لَا تَصْمُت حِينَ يَصْمتُونَ وَيَتَأَمَلُونَ شَفَتَيَّكَ بِلَهَفِ شَدِيد يَتَلَقَفُونَ كَلِمَاتِك وَ كُلَ نَبَراتِ صَوتِك يُرِيدُونَ مِنْكَ أَنْ تَتَكَلَم أَكْثَر تَتَحَدَثَ أَكْثَر .. وَأَنْتَ كَـ الْأَحمَقِ أَعْيَّتهُ البَلَاهَة وَأثقَلَهُ الْغَبَاء تَصيغُ لَهُم .. وَ تَبلي بَلَاءً حَسَنَاً كَمَا لَا تَفعَل مِن قَبلٍ وَلَا مِن بَعْد ! .. لَمْ يَبقَ مِنكَ أَيَّ شَيَّء .. وَحينَ يَأتِي الْمَسَاء .. وَحِينَ تَجْلِسُ وَقَلبَكَ فِي رُكْنٍ غَيَّرَ بَعيد لَا تَجِد شَيَّئاً لِـ تَقُولَه .. لَا تَجِدُ سُوى الصَمْتَ بَينَكَ وَبَيَّنَه . لم يبق منك أي شيء .. هَل أَجْمَعتُم أَمرَكُم وَ أَجْمَعتُم قُلوبَكُم .. تَعَالوَا لِـ نَتَبَادَلَهَا ! - أُرِيدُ قَلبَاً مِنْ حَدِيد !.. - أَمَا أَنَا فِـ أُريدَهُ حَقُودَاً ! - أَنَا أَحتَاجَهُ جِدَاً ، قَلبَاً رَحِيمَاً عَفْوَاً غَفُورَاً - لَا أَحْتَاجُ لِـ قَلب ... لَدَيّ إثنَيَّن ! - أَحْتَاجُ لِـ وَاحِد .. نَعَم .. غَيَّرَ أَنِي لَا أَجِدُ لَهُ مُتَسَعَاً ! - يَكفِينِي نِصْفَ قَلب .. وَ سَـ أَدَخِرُ النِصْفَ الْآخَر ! - إممممم ... عَنْ مَاذَا تَتَحَدَثُون !؟؟؟ وَيَأَتِي الْنَهَارَ .. تَتَحَسَسونَ صُدُورَكُم .. وَ قُلُوبَكُم الْجَديدة تَشْعُروُنَ بِـ الْغَرَابَةِ وَأَنَكُم مَغْزُوونَ بِـ جِسْمٍ غَريب قَلبٌ (مَا ) لَا تَعْرفُونَه ! تُعِيدُونَ نُظُمَ النَهَار وَ تَرْتِيبَ كُلَ الْأَشْيَّاء .. تَسِرونَ الدُرُوبَ ذَاتِهَا .. وَ تُقِيمُونَ الصَلَوَاتَ ذَاتَهَا وَ تَدْعُونَ بِـ الرَحْمَةِ وَ رَفْعِ البَلَاء .. وَتَبْرَأونَ مِنْ خَطَايَاكُم .. وَ تَنْزَعُونَ ثِيَّابَ الْخَطِيئَة .. وَتُلَملمُونَ عَرقَكم .. وَ كَدَكُم فِي جِيَّوبُكُم .. بَعيداً عَن صُدورَكُم ..! وفِي المَسَاء .. تَشْعُرونَ بِـ ثَقلِهَا .. فَتَنزَعُوهَا تِلْكَ القُلُوب .. تُعَلقُونَهَا خَلْفَ الْأَبْوَاب .. التِي تُشْرعُونَهَا جَيَّدَاً فِي اللَيَّل .. لَا شَيءَ تَخَافُونَ عَليَّه .. لَاَ شَيءَ تَملكُونَهُ حَقَاً ..! مُتْعَبُون .! أَعْيَّاكُم أَنَكُم لَسْتُم أَنْتُم ! وَأَنَهَا لَيَّسَت قُلُوبَكُم ! لَا زِلْتُ أَبْحَثُ عَنْه .. وَ أَصِيحُ بِـ أَعلَى وَجَعِي .. مَنْ رَآى قَلبَاً جَديدَاً فَليَّأتِي بِهِ إليّ .. مَنْ يَعرِفُ قَلبَاً لَمْ يُسْتَعْمَل .. فَليَّأتَنِي بِه .. مَنْ يَجُدُ قَلْبَاً .. أَيَّ قَلب .. فَليَّأتِنِي بِه! فَلقَد بِتُ لَيَّلتِي أَمسْ .... فَارِغَة ! هَـزَّ الطّبيبُ رأسَـهُ .. ومالَ وابتَسـمْ وَقالَ لـي : ليسَ سـوى قَلَـمْ فقُلتُ : لا يا سَيّـدي هـذا يَـدٌ .. وَفَـمْ رَصـاصــةٌ .. وَدَمْ وَتُهمـةٌ سـافِرةٌ .. تَمشي بِلا قَـدَمْ ! |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|