03-05-2008, 03:22 AM
|
#1 |
|
عضو رفيع المستوى
 |
اللقاء الرابع..... تجربتي الإعتقالية حول العلم والتعليم والثقافة....... رغم قساوة السجن وظلم السجّان معذرة وجدت من الضرورة بمكان أن أقدم هذا الموضوع عن غيره لما له من خاصية يستطيع من خلالها القاريء أن يتفهم كيف أن الضحية تتحدى الجلاّد فكل الأسرى والمعتقيلن صنعوا من واقعهم (خلية نحل بل مملكة عاملة مدويّة) من خلف القضبان وبين الجدران المغلقة رغماً عن قساوة السجن وظلم السجان ... حيث بنوا بهمة وعزم وإرادة قوية " الجامعة اليوسفية" نعم : أقول وبكل فخر وإعتزاز رغم ما عانيناه وعاناه من هم قبلنا من الأسرى والمعتقلين وما زال يعانيه ممن يقبعون خلف القضبان... فرغم إختلاف المعاناة وفارق الزمن فالسجن هو السجن بل هو فتنة وألآم وفرقة للأهل وللأحبة . فبحكم الظروف القاهرة التي يعيشها المعتقلون إلا أنهم تمكنوا من التغلب عليها والتكيف معها ، فجلّهم يعملون ويتابعون كخلية النحل المدويّة فجعلوا من السجون والمعتقلات منابع للعلم والمعرفة ، وحولوها إلى مدرسة وكلية ومعهدً ونادياً للرياضة ومسجداً بل جامعةً تخرج أجيالاً .بعد الأجيال فتخرجت منها القادة ومنهم من تابع تعليمه وحصل على شهادات عليا داخل السجن وبعده . وجهودهم آتت أكلها ولا ندم ولا ضياع عمر كما يقال وعلى سبيل المثال لا الحصر. الأسير ناصر عبد الجواد من قرية (دير بلوط) ومن خلال فترة إعتقالة في سجن مجدّو ليكون أول أسير فلسطيني يحصل على درجة عليا من العلم والمعرفة أثناء فترة محكوميته. والتي دامت 12 سنة.حيث بلغ من العمر 38 عاماً بعد أن ناقش رسالة الدكتوراه التي تحمل عنوان " نظرية التسامح الإسلامي مع غير المسلمين في المجتمع الإسلامي " من سجنه في مجدو عبر الهاتف الخلوي لمدة ساعتين بالتنسيق مع جامعة النجاح الوطنية. فكل أسير كان قادراً على التميز حتى وهو من خلف القضبان. وأعطى ذلك حافزاً قوياً لمئات الأسرى من أجل الحصول على الدرجات العلمية المختلفة بدءًا من شهادة الثانوية العامة، بعد أن استطاعت السلطة الوطنية آنذاك أن ترسل لجان امتحانات داخل السجون بالتنسيق مع إدارة السجون وتم ذلك بعد جهد جهيد فهذه الشهادة نؤهل المعتقل لأن يتابع تحصيله العلمي داخل وخارج السجن ليحصل على الشهادة الجامعية ثم الماجستير والدكتوراه. وبحمد من الله وفضله كنت ممن حصل على الشهادة الثانوية المهنية العامة للسنة الدراسية 1968/69 في سجن الرملة المركزي . صناعي لمهنة التنجيد الفني وتفصيل وقص البرادي كما وحصلت على الشهادة الثانوية العلمية العامة في أواسط السبعينات في سجن الرملة المركزي كذلك ورغم اختلاف كل تنظيم داخل السجن في الآلية و المواد التي تشملها عملية التعليم التي يقدمها للأفراد إلاّ أنّ هناك إطار عام ومشترك يوحد الجميع يعتمد على ضرورة استغلال فترة السجن في زيادة و صقل المعرفة بكافة مستوياتها . فالتعليم بين الجدران ومن خلف القضبان يحظى على التركيز حيث توجد الكفاءات لخريجي الجامعات من المتخصصين في مجالات العلوم المختلفة ممن يحملون شهادات الدكتوراه والماجستير تؤهلهم للإشراف على تدريس المواد ذات العلاقة بتخصصاتهم فالطبيب يقدم مواد لها علاقة بالصحة والمهندس في مجاله و هكذا. كما إشرنا لكم في اللقاء الأول وكما توجد برامج إلزامية ولجان ثقافية وسياسية مهمتها الإشراف على التوجيه الميداني مع المتابعة مع الإشراف الكامل للجنة الأمنية العامة للمعتقل فبهدف عدم التسيب ومن أجل الضبط والربط يتم التواصل بين الأطر والفصائل في المعتقل الواحد وبين جميع المعتقلات وبالتنسيق معاً لتعود الفائدة على جميع المعتقلين والأسرى , ورغم التباين والإختلافات بين الفصائل والجماعات حول وجهات النظر الخاصة بالنسبة لتنوع التوجهات العقائدية , إلاّ أنه توجد وحدة حال ومصلحة عامة لا تدع أي فرد أو مجموعة من الأفراد لأن يمثلوا أنفسهم مع إدارة السجن بل من خلال فصيل أو حركة لإعتبارات إدارية وأمنية فيتم تفعيل متطلبات التوجيه الحركي لكل فصيل وكل حركة, من خلال قنوات وأطر وجلسات تنتظيمة خاصة فيتم التركيز على حفظ القرآن الكريم بأحكامه ومعانية وما يتعلق به من العلوم جنباً إلى جنب لدراسة علوم الحديث الشريف , وتتم عملية التحفيظ وفق آليات تشمل دورات في أحكام التلاوة تؤهل المعتقل ليحفظ المصحف الشريف كاملاً وتمكنه عندما يخرج من السجن أن يستمر في تكميل تعليمه في الجامعات العربية والعبرية والأجنبية سواءً بسواء كما ويتم في المعتقلات والسجون التركيز على محو الأمية وتعليم اللغات وترجمتها فعملية التثقيف تأخذ مكانه هامة فمنها ما هو إختياري ومنها ما هو إلزامي ويخضع للتوجيه الفكري لكل فصيل. ومن خلال برنامج خاص حسب المتبناة ولا خلاف بين الفصائل والحركة الإسلامية بأنه يتم التركيز على الثقافات السياسية فيما يتعلق بالأمن ومعرفة أساليب التحقيقات وتلخيص التجربة الإعتقالية . بهدف الصمود ومواجهة إدارة السجون وبذلك يتم تأهيل قياديين كفوئين ليتسلموا إدارة الأقسام عند الضرورة فهناك مكتبة عامة للسجن ومكتبة خاصة لكل فصيل وحركة تأخذ بمجملها الطابع الوطني والفكري على مختلف التوجهات العقائدية وقد يحتفظ الأفراد بكتب ثقافية وتعليمية خاصة بهم على أن تكون مجمل هذه الكتب تحت متناول الجميع ليتم تداولها فيما بينهم وغالباً ما تتم تلخيصات بشكل نشرات أو مجلات خاصة لكل فصيل أو جماعة يتم إعدادها دورياً وقد تكون محظورة . لذا يتم تمريرها في حذر تام بين الغرف ليطلع عليها الأفراد ولا يفوتنا بأن المعتقلين في أوائل السبعينات واجهوا صعوبات للحصول على القلم والورقة من أجل الكتابة فحينها تم إستخدام ورق السجائر والكرتون وأي ورق يمكن أن يفي بالغرض حيث كانت تقدم عبوة واحدة فقط لقلم حبر الناشف لكل قسم فيتم تمريرها من غرفة لأخرى من أجل أن يكتب الأسير رسالة داخلية قصيرة لذويه فتكون الرسالة مروسة من قبل إدارة السجون أو رسالة خارجية مروسة من قبل الصليب الأحمر لترسل خارج البلاد وبعد الإنتهاء من عبوة القلم تسلم لحارس القسم المعروف بـــ... سوهير " סוהיר " ولا يسمح للأسرى سوى كتابة عدد محدد من الأسطر فتراقب وترسل لذويهم ثم يتم الرد على نفس الرسالة لإدارة السجن لتراقب ومن ثم تسلم لصاحبها . وبقي الوضع هكذا جتى منتصف السبعينات ومن خلال الإضرابات والمطالبات تحسن الوضع فتوفرت الحاجات الضرورية, فوضع السجون الحالي هو ثمرة التضححيات التي عانيناها نحن وعاناها من تم إعتقالهم قبلنا من خلال الظروف القاسية في أوائل السبعينات فحقاً ما عاناه من كان قبلنا منذ 1967 وحتى 1970 كان أمر مما عانيناه نحن وما يعانيه أخوة ورفاق درب وزملاء ممن ما زالوا فابعين في المعتقلات والسجون وعلى أية حال جدير بنا أن نقول:.كان المنفذ لكل هذه الإجراءات فاقداً لكل صفات البشر والإنسانية. وهذا غيض من فيض ولا بد لنا من توثيق صور الرسائل بأنواعها في لقاءات قادمة إن شاء الله وكما سنضع نماذج من خطب الجمعة ونماذج من التعميمات وما سنراه مناسباً وإلى أن نلتقي معكم واللقاء رقم........ "5 " |
|
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
العرض العادي
