عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-2010, 12:21 PM   #1
فيديل
عيساوي مجتهد

الصورة الرمزية فيديل
 
المعلومات الشخصية

التقييم
معدل تقييم المستوى: 18

فيديل عضو في طريقه للتقدم



إلى جورج حبش
بقلم: عصام اليماني
ـ 1ـ
في كانون الثاني من عام 2008، وقبيل غيابك عنا بأيام قليلة، كان أبناء شعبنا في غزة يخترقون الحواجز الحدودية المصطنعة بين غزة ومصر تحدياً للحصار الجائر الذي فرضته دولة الكيان بمعاونة «الأشقاء». يومها عبرت عن سعادتك بابتسامتك الأخيرة. ورحلت مطمئناً.
ـ 2ـ
قبيل الذكرى الاولى لرحيلك، شنت دولة الكيان الصهيوني، هجومها الانتقامي لابتسامتك المنتصرة، أرادت حرماننا حتى من البسمة، و أرادت ان توحي لنا أننا لا نستحق الا دموعنا. صمت «الأشقاء» مستنكرين العدوان. دام صمتهم شهراً كاملاً وتلوث سمعنا للوم «الصواريخ العبثية» كسبب مباشر للاعتداء الهمجي.
ـ 3ـ
وقبيل الذكرى الثانية لغيابك عنا، أعلنت وباشرت دولة «الأشقاء في مصر» بناء جدار «الفصل الأخوي». عشرون مترا تحت الارض. لا يريدون «لجدارهم» ان يقارن بجدار «الفصل العنصري» وإن كان له نفس الوظيفة. هكذا الأشقاء، يعبرون عن اختلاف أسلوبهم والكيان الصهيوني، فإذا كان جدار الفصل العنصري مرتفعاً، لا بد ان يكون جدار «الفصل الأخوي» عميقاً.
ـ 4ـ
لكن لا بأس، فالجدار حسب رأي «الاشقاء» هو المدخل الوحيد لمصالحة السلطة/فتح وحركة حماس، وأيضا حسب تبريرهم فإن «حاجز الفصل الاخوي» هو طريق الخلاص لشعبنا في غزة. فتشديد الحصار و المضايقات، ومنع قوافل التضامن من دخول غزة، ورفض ادخال المعونات الى غزة الا عبر المعبر «الاسرائيلي»، شر لا بد منه لوحدتنا. فما علينا الا تنظيم المظاهرات والمسيرات تأييدا لجدار «الفصل الاخوي» والمطالبة بأن يكون اكثر عمقا. وعلينا تأييد «كسر ارجل» من يحاول تجاوز الحدود قبل انهاء المصالحة. وترديد هتاف يشيد بسيادة «الدولة الشقيقة». وحكمة رئيسها المبارك. مهزلة.
ـ 5ـ
اما عن مصالحة حماس والسلطة (لا أحبذ تعبير المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية)، فلم يعد الخلاف في هذه المرحلة حول البرنامج الوطني او غير ذلك، بقدر ما اصبح حول تقاسم السلطة والنفوذ. إضافة الى تقاسم نفوذ القوى الاقليمية في الساحة الفلسطينية. فالسلطة لا تحبذ المقاومة وحماس تعرض على العدو هدنة طويلة الامد. والاطراف الفلسطينية الاخرى لا حول لها و لا قوة. اطراف لم تعد لها تأثير في هذه المرحلة. عسى ان نعمل على بناء جبهة (لا اقصد الجبهة الشعبية) اكثر تماسكا و أبلغ تأثيرا في مجريات الوضع الفلسطيني. آمل ذلك. بالمناسية، كثيرون منا يتوقعون الحرية لأحمد سعادات وعدد كبير من اخوانه ورفاقه الاسرى. ممكن ان يكون إبعاده شرطاً من شروط إطلاق سراحه؟ هل من رأي؟
ـ 6ـ
نتن ياهو عاد ليرأس حكومة الكيان الصهيوني. بعودته، ارتبكت القيادة الفلسطينية وتحققت من فشل خيار المفاوضات، بالرغم من ذلك ما زالت ترفض البحث في أي من الخيارات النضالية الأكثر جدوى لاستعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية. يعلن الرئيس الفلسطيني المرتبك «ان خيار الانتفاضة لن يكون خياراً مقبولاً طالما هو على رأس السلطة الفلسطينية». ما زال رأس السلطة يؤمن بما كتبه السيد صائب عريقات أن «الحياة مفاوضات». يضع الرئيس شروطه لعودة المفاوضات، الا انه يرفض صياغة يرنامج وطني بديل في حال عدم القبول بشروطه. وهذا مؤشر لإمكانية العودة الى التفاوض. بالرغم من تجميد المفاوضات، ما زال التنسيق الامني مع «اسرائيل» جار على قدم و ساق. و هذا ما ارادته «اسرائيل» من كل فكرة الاتفاق مع منظمة التحرير. على فكرة اعلن رأس السلطة عن رغبته وقراره بعدم ترشحه لدورة رئاسية ثانية. آمل ذلك.
ـ 7ـ
وبمناسبة الحديث عن رأس السلطة الفلسطينية، فهو ما زال مصراً على إقناعنا أن لا علاقة له «بفضيحة تقرير غولدستون». فتراه متنقلا من دولة الى اخرى حاملا جهاز الكمبيوتر المحمول، ليعرض علينا خطاب المندوب الباكستاني الذي يعلم فيه مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان بتراجع المجموعة الاسلامية والعربية والافريقية ودول عدم الانحياز، مطالبا بـتأجيل مناقشة التقرير الذي يتهم «اسرائيل» بارتكابها جرائم حرب اثناء الاعتداء على قطاع غزة. يحاول الرئيس تجاهل ما قاله يوما الراحل ياسر عرفات «ان اي قرار يتعلق بالقضية الفسطينية هو ما اقره انا، وقراري هو قرار فتح وقرار فتح هو قرار منظمة التحرير الفلسطينية، وقرار م. ت. ف. هو قرار جامعة الدول العربية وقرار جامعة الدول العربية هو قرار دول عدم الانحياز وقرار دول عدم الانحياز هو قرار الجمعية العامة للامم المتحدة؟. الم يكن هذا العرف منذ الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعياً للشعب الفلسطيني؟ ما زال رأس السلطة يستخف بذكاء الشعب الفلسطيني.
ـ 8ـ
وأيضا قبيل شهر من الذكرى السنوية الثانية لغيابك عنا، رحل صديقك الدكتور انيس الصايغ بعد ان انجز كتابة مقدمة النسخة العربية لكتاب «جورج حبش.... الثوريون لا يموتون». كانت المقدمة آخر ما نشره الدكتور انيس، وكأنه يقول «ختامها مسك». رحل الدكتور انيس قبل ان ينجز كتاباً عن الراحل الصديق شفيق الحوت. الذي غاب هو الآخر نهاية صيف العام الماضي. وكذلك رحل عنا الدكتور سمير غوشة و الرفيقة مهى نصار وبالأمس القريب، وفي 12 كانون الثاني غيب الموت السيد حسيب صباغ، الفلسطيني الوطني الذي رغم اختلافكما في التوجه، الا انكما حافظتما على علاقة انسانية عبرت عن اخلاقية كل منكما، و قناعتكما ان لكل فلسطيني دوراً وطنياً يمارسه حسب قناعاته وموقعه وبيئته الاقتصادية والاجتماعية. الم تكن انت القائل ان للبرجوازية الفلسطينية دوراً وطنياً تقوم به لإنجاز إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. لقد حلم السيد حسيب صباغ في المساهمة في إعادة إعمار ما دمره الصهاينة في فلسطين.
عسى ان يتحقق حلمه بواسطة الأجيال التي ساهم في تعليمها.
ـ9 ـ
رغم ضبابية الوضع الفلسطيني وحركته السياسية، ففي وسط هذه الصفحة السوداء، نقاط بيضاء، لا بد من بروزها و طغيانها على سواد الصفحة. فحركة التضامن مع الشعب الفلسطيني باتت اكثر تنظيما وأكثر فعالية، تتمثل هذه الحركة بالنشاط الدولي لمقاطعة الكيان الصهيوني على كافة المستويات، وبحركة مكافحة العنصرية «الاسرائيلية». وأستطيع القول ان النشاط المتعلق بالقضية الفلسطينية لم يعد حكرا على القوى والشعب الفلسطيني، بل اصبح اكثر شمولية على المستوى الدولي. لقد باتت فلسطين عنواناً لكافة قضايا النضال العالمي المتعلقة بحقوق الانسان وحق اللاجئين بالعودة والاستقرار في اوطانهم، ومكافحة العنصرية والاضطهاد بكافة انواعه وأشكاله. وللأسف يحتاج هذا الموقف التضامني الى موقف داعم من قبل «الشرعية الفلسطينية». والاهم من كل ذلك ان حركة شعبنا في الاراضي المحتلة عام 1948، باتت اكثر وضوحا وأكثر ازعاجا «للدولة اليهودية». لقد عاد الحديث عن الدولة الواحدة كحل امثل الى طاولة النقاش، وحركة الدولة الواحدة تتسع.
لقد كنت يا حكيم اكثر من ردد تعبير «ان «الكيان الصهيوني كتلة سرطانية» لا بد من زوالها». ما زلت اوافقك القول، وأضيف انها كتلة سرطانية تمكنت في ظروف ضعف المناعة العربية ان تستقر في الجسم العربي، ولا بد لهذا الجسم من استعادة مناعته لمقاومة انتشارها، على طريق ازالتها واستعادة العافية الوطنية العربية على طريق تأسيس وطن عربي تقدمي ديموقراطي.
ـ10ـ
ما زالت رؤيتك هي الأصح، و يوما بعد يوم تزداد وضوحا. ولن يصح الا الصحيح. فنم قرير العين يا حكيم
التوقيع:
فيديل غير متصل   رد مع اقتباس