عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-2010, 06:45 PM   #4
بنت الاسلام
رئيسة القسم الاسلامي

الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
المعلومات الشخصية

التقييم
معدل تقييم المستوى: 28

بنت الاسلام عضو سيصبح مشهورا عن قريب



خدعة إنفلونزا الخنازير (3)
بقلم - هشام سليمان

نستكمل الحديث عن إنفلونزا الخنازير.. أيها السادة أوجه إليكم سؤلا غاية في الأهمية، ألا وهو: أيهما أخطر إنفلونزا الخنازير أم الطيور؟
والإجابة من واقع سجلات منظمة الصحة العالمية، وحسب المنشور على موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت سوف تقرعكم بهذه الأرقام حتى يوم 24 مايو 2009:
عدد الإصابات المؤكدة بإنفلونزا الخنازير: 12022 حالة
عدد الوفيات منها: 86 حالة
عدد الإصابات المؤكدة بإنفلونزا الطيور: 429 حالة
عدد الوفيات منها: 262 حالة
إذن بقواعد حسابية بسيطة سوف نندهش عندما نجد أن نسبة الوفيات في إنفلونزا الخنازير نحو 0.7% أي أقل من واحد بالمائة، بينما النسبة تزيد في إنفلونزا الطيور عن 61% بين المصابين بها، ألا تدل تلك الأرقام على ضعف فاضح في فيروس إيه – إتش 1إن1؟ ومع ذلك يخوفوننا منه حتى تكاد السماء تمطر تخويفا!

طالع أيضاً:

يا سادة، برغم تحفظاتنا – وبالأحرى إنكارنا – لخطر الاثنين، لكنه بحسب مؤشرات نسبة الوفيات بين المصابين بكليهما، ألم يكن من المفترض أن يكون الاهتمام بالأولى يفوق الثانية بكثير؟ ومع ذلك – وياللغرابة وعلى النقيض تماما - فإننا نلمس أن الضجيج المثار والصخب فائق الشدة حول إنفلونزا الخنازير يتجاوز بمراحل البروبجندا الخاصة بإنفلونزا الطيور.
لماذا؟!! الله أعلم، وبالمثل الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة المصري عندما سئل "هل ترى أنه تم تضخيم موضوع إنفلونزا الخنازير عالميا؟".
أجاب بنعم، مقررًا "ولا أعرف السبب"، ومتسائلا: "أنا مش عارف الهيصة دي كلها على إيه.. ولا توجد لدي أسباب واضحة"!!
والحال كذلك، أعتقد أن القليل من الكلام وفق "نظرية المؤامرة" لا يضر، من يدري وربما يفيد! فلعل الكثيرين لم يسمعوا قط عما أطلق عليه "جائحة إنفلونزا الخنازير العظمى" أو الوباء الذي لم يكن، كان ذلك عام 1976م عندما نشر الرعب مع سبق الإصرار والترصد، وهذا يتطلب مني أن أتخلل سرد قصة هذا الوباء بومضات من وباء أيامنا.
كان في المرة الأولى على مستوى دولة - لكنه الآن على صعيد كوكبي، لذلك تتسع دوائر المؤامرة، وتتشابك خيوطها أكثر، وتتعقد عناصرها على نحو متداخل إلى حد الإرباك.
نعم فالذي نعايشه الآن ليس الإطلالة الأولى لإنفلونزا الخنازير، ولا هو الاستخدام الرائد للحشد الإعلامي والاستنفار الصحي، والتجييش المؤسسي لاستثمار خوف الناس وهلعهم لأغراض سياسية واقتصادية، سواء كانت خاصة أم عامة.
ففي شهر يناير مطلع العام نفسه توفي جندي شاب في معسكر فورت ديكس التابع للجيش الأمريكي بولاية نيوجرسي، وشُخِّص لاحقا بأنه مات متأثرا بإنفلونزا الخنازير، ومع نهاية الشهر كانت التحاليل الطبية لـ 155 جنديا إيجابية فيما يتعلق بالمرض نفسه، ودخل أربعة منهم المشفى وخرجوا جميعا بعدما تعافوا سريعا، ولم يكن هناك ما يشير إلى أن المرض قاتل مميت، لكن المركز الأمريكي لمراقبة الأمراض والوقاية منها المعروف اختصارًا بـ CDC، تخوف من أن يكون الأسوأ لما يأت بعد.
وفي شهر فبراير أذاع وزير الصحة وقتها بيانا على الملأ جاء فيه "هناك دليل على أن جائحة كبيرة سوف تقع الخريف المقبل، الاحتمالات تشير إلى أن الفيروس سوف يقضي على مليون أمريكي عام 1976م".
الآن نعيش عصر العولمة، والحديث لم يعد محصورا بحدود الأوطان، وإنما هو كوكبي الطابع، والأعداد لم تعد مليونية، وإنما بليونية بالمليارات فمسئولو منظمة الصحة العالمية يتوقعون فناء ثلث سكان العالم.
وتم الضغط على زر الهلع
كان الرئيس جيرالد فورد يتأهب وقتها لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر التالي، وكانت الأمة الأمريكية لا تزال ترزح تحت وطأة فضيحة ووترجيت وسقوط سايجون، الوضع الذي يمكِّنه من استعراض قدراته القيادية، وبعد أن اجتمع فورد في البيت الأبيض بمطوري لقاح شلل الأطفال وطلب معونتهما، توجه للكونجرس طالبا اعتماد الأموال اللازمة للبرنامج الذي وضع لمكافحة الجائحة وإقرارها، ثم ذهب للتلفاز، وأنبأ الأمريكيين أنه إذا لم تستعد الأمة لأسوأ وباء منذ عام 1918 فسوف يكون الذنب ذنب الكونجرس.
طبعا اعتمدت الأموال اللازمة لتمويل برنامج مكافحة الوباء، وكان من بين بنود التشريع الصادر بتمريره عدة ملايين إضافية من الدولارات لإنشاء مشاريع تخص الخنازير، وتعويضات لشركات الأدوية (التي ستنتج اللقاح المضاد) حتى تتجاوز مشاكلها الخاصة كالدعاوى القضائية المرفوعة ضدها مثلا (حتى تتفرغ تماما للمهمة الوطنية)، أرأيتم كلها منافع وفوائد إنفلونزا الخنازير! مرحبا بالوباء الذي ينعش الاقتصادات المأزومة ويزيد من غلة شركات الأدوية (ثاني أربح تجارة في العالم)، ويزيح عن كاهلها هموم المحاكم فلا صوت يعلو فوق صوت معركة إنفلونزا الخنازير.
تدشين برنامج دعائي المكثف
وجاء صوت المذيع كالإعلانات تماما منذرًا ومحذرًا "جائحة إنفلونزا الخنازير آتية.. إنها قد تمرضك جدا"، (وزيادة في التأثير) عرض على الشاشة مشاهد لمرضى فشلوا في الحصول على جرعات التطعيم وهم طريحو فراش المستشفيات، أما الآن فالأبواق الإعلامية والمسئولون يتبارون في إشاعة الرعب متسابقين، ويزايدون في الأرقام على بعضهم.
وجاء أكتوبر وبدأ معه برنامج التطعيم القومي، ولكن عندما نشرت بعض التقارير أنباءً عن وفاة ثلاثة من الشخصيات العامة بعدما تلقوا التطعيمات، رفض الناس تعاطي التطعيمات، ولم يتعاط سوى ثلث السكان التطعيم، وبقي الثلثان دون تطعيم – برغم عدم ثبوت تأثر الوفيات باللقاح، ومع ذلك لم تأت الجائحة أبدا ولم تكن، تماما كما لم يتفش وباء إنفلونزا الطيور ولا الجمرة الخبيثة ولا سارس.
لعل في هذا وغيره العظة والدرس، علنا نستفيد، وبالتأكيد لن يكون الكلام وفق "نظرية المؤامرة" خاليا من الفائدة، لكن بعد مرور زهاء 4 عقود مع تعقد وتشابك العلاقات والمصالح والعولمة والشركات العابرة للقارات والإستراتيجيات العظيمة المتداخلة والمتصارعة، فوضعنا الآن أكثر تعقيدًا وتشابكًا، ولكن خلاصة الدرس واضحة ولا تحتاج لمزيد..
صحيح أن الفيروس وصل إلى 43 دولة وبلغ عدد المصابين به لـ 12022، ولكن في أمريكا وحدها هناك 6552 حالة، وامتدادها في المكسيك بنحو 3892 حالة، بينما هناك حالة في الأرجنتين وأخرى في أستراليا وثالثة في الدنمارك ومثلها في اليونان، وكذلك في الفلبين وهكذا، إذن فالأمر يبدو بقراءة الأرقام شبه أمريكي خالص!
فالواقع أننا الآن على أعتاب حقبة جديدة تسلمت فيها إدارة ورئيس جديد مقاليد الأمور بالولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تالية لحقبة سوداء احتل فيها غلاة المتشددين الأمريكيين البيت الأبيض وملئوا فيها الدنيا ظلما وظلاما وطغيانا وعاثوا في الأرض فسادًا.
صحيح أيضا أنه ليس هناك شيء واضح حتى الآن، ولكن ترتيب البيت الأمريكي من الداخل ومخاطبة الخارج والتعامل معه، فضلا عن اقتصاد عالمي مأزوم، وغير ذلك من الأمور الشائكة الكثير، ربما تتطلب شيئا كإنفلونزا الخنازير.. تسألني هل هذا ممكن؟ أجيب ولم لا؟!!
بنت الاسلام غير متصل   رد مع اقتباس