المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كواكب اسلامية تاريخية ,,,وسير ذاتـيـة...متجدد يومياً


بنت الاسلام
03-02-2009, 04:14 PM
شخصيتنا لهذا اليوم ..

هو رجل عظيم بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى ..
بذل كل مايملك من قوة وطاقة وراحة وسكينة واستقرار لخدمة رسالته
مهما كتبت او قلت لن اوفيه حقه ولن اجد مايناسبه من كلمات لذلك سأدخل في الشخصبة مباشرة

http://www.w7m.org/2007/Jun/1181289671.gif (http://www.w7m.org/)
هو ..

اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..

http://www.w7m.org/2007/Jun/1181303643.gif (http://www.w7m.org/)نسب النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه وأمه
هو سيدنا ونبينا محمد سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَيِّ بن حكيم بن مُرّة بن كعب بن لُؤيِّ بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النَّضْر بن كِنانة بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكَة بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعَدِّ بن عَدْنان.
هذا هو النسب المتفق على صحته، كما اتفقوا على أن النسب المحمدي الشريف يتصل بسيدنا إسماعيل بن سيدنا إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ولكن سلسلة النسب بين عدنان وسيدنا إسماعيل عليه السلام لم يثبت علمها من طريق صحيح.
فالجد الأول للنبي صلى الله عليه وسلم هو عبد المطلب بن هاشم وكان شيخاً معظماً في قريش يحترمونه ويرجعون إليه في مهمات أمورهم.
وأمه صلى الله عليه وسلم هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم ابن مرة الذي هو الجد الخامس للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه.
مما سبق تعلم أن أباه وأمه صلى الله عليه وسلم من أصل واحد، وأنهما يجتمعان في حكيم بن مرة (وكان يسمى كلابا)، وأن عبد مناف بن زهرة الذي هو الجد الثاني للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمه غير عبد مناف الجد الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه.
ومن جدودهما فهر الذي هو (قريش)، وهو عاشر أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وإليه تنسب أمة قريش كلها، وقد تفرعت منه اثنتا عشرة قبيلة سميت باسمه، منهم بنو عبد مناف الذي هو الجد الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم من صميم قريش المشهود لهم بالشرف ورفعة الشأن بين العرب.
وأجداده من جهة أبيه وأمه كلهم سادة كرام، وكل اجتماع بين أجداده وزوجاتهم كان شرعياً بحسب الأصول العربية، فلم يكن في نسبه الشريف شيء من سفاح الجاهلية فهو نسب شريف طاهر من آباء طاهرين وأمهات طاهرات والحمد لله رب العالمين.
مولده صلى الله عليه وسلم
تزوج عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم؛ وعمره ثماني عشرة سنة ، وهي يومئذ من أفضل نساء قريش نسباً وأكرمهم خلقاً. ولما دخل بها حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسافر والده عبد الله عقب ذلك بتجارة له إلى الشام فأدركته الوفاة بالمدينة (يثرب) وهو راجع من الشام ، ودفن بها عند أخواله بني عدى بن النجار، وكان ذلك بعد شهرين من حمل أمه آمنة به صلى الله عليه وسلم.
وقد توفي والد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يترك من المال إلا خمساً من الإبل وأمَته (أم أيمن).
ولما تمت مدة الحمل ولدته صلى الله عليه وسلم بمكة المشرفة في اليوم الثانى عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، الذي يوافق سنة 571 من ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وهو العام الذي أغار فيه ملك الحبشة على مكة بجيش تتقدمه الفيلة قاصداً هدم الكعبة (البيت الحرام) فأهلكهم الله تعالى.
كانت ولادته صلى الله عليه وسلم في دار عمه أبي طالب في شِعْب بني هاشم، أي مساكنهم المجتمعة في بقعة واحدة، وسماه جده عبد المطلب (محمداً) ولم يكن هذا الاسم شائعاً إذ ذاك عند العرب ولكن الله تعالى ألهمه إياه فوافق ذلك ما جاء في التوراة من البشارة بالنبي الذي يأتي من بعد عيسى عليه الصلاة والسلام مسمى بهذا الاسم الشريف، لأنه قد جاء في التوراة ما هو صريح في البشارة بنبي تنطبق أوصافه تمام الانطباق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: مسمى، أو موصوفا بعبارة ترجمتها هذا الاسم، كما جاءت البشارة به صلى الله عليه وسلم على لسان عيسى عليه الصلاة والسلام باسمه أحمد، وقد سمى بأحمد كما سمى بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وكانت قابلته صلى الله عليه وسلم الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف وحاضنته أم أيمن بركة الحبشية أَمَة أبيه عبد الله، وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم وُلد مختوناً، وورد أيضا أن جده عبد المطلب ختنه يوم السابع من ولادته الذي سماه فيه..
رضاعه صلى الله عليه وسلم
أرضعته صلى الله عليه وسلم أمه عقب الولادة، ثم أرضعته ثويبة أَمَة عمه أبي لهب أياماً، ثم جاء إلى مكة نسوة من البادية يطلبن أطفالاً يرضعنهم ابتغاء المعروف من آباء الرضعاء على حسب عادة أشراف العرب، فإنهم كانوا يدفعون بأولادهم إلى نساء البادية يرضعنهم هناك حتى يتربوا على النجابة والشهامة وقوة العزيمة، فاختيرت لإرضاعه صلى الله عليه وسلم من بين هؤلاء النسوة (حليمة) بنت أبي ذؤيب السعدية؛ من بني سعد بن بكر من قبيلة هوازن التي كانت منازلهم بالبادية بالقرب من مكة المكرمة، فأخذته معها بعد أن استشارت زوجها (أبو كبشة) الذي رجا أن يجعل الله لهم فيه بركة، فحقق الله تعالى رجاءه وبدل عسرهم يسراً، فَدَرَّ ثديها بعد أن كان لبنها لا يكفي ولدها ، ودَرَّت ناقتهم حتى أشبعتهم جميعاً بعد أن كانت لا تغنيهم ، وبعد أن وصلوا إلى أرضهم كانت غنمهم تأتيهم شباعاً غزيرة اللبن مع أن أرضهم كانت مجدبة في تلك السنة، واستمروا في خيروبركة مدة وجوده صلى الله عليه وسلم بينهم.
ولما كمل له سنتان فصلته حليمة من الرضاع، ثم أتت به إلى جده وأمه وكلمتهما في رجوعها به وإبقائه عندها فأذنا لها بذلك.
حادثة شق صدره صلى الله عليه وسلم
بعد عودة حليمة السعدية به صلى الله عليه وسلم من مكة إلى ديار بني سعد بأشهر، بعث الله تعالى مَلَكين لشق صدره الشريف وتطهيره، فوجداه صلى الله عليه وسلم مع أخيه من الرضاع خلف البيوت، فأضجعاه وشقا صدره الشريف وطهراه من حظ الشيطان، وكان ذلك الشق بدون مدية ولا آلة بل كان بحالة من خوارق العادة ، ثم أطبقاه، فذهب ذلك الأخ إلى أمه حليمة وأبلغها الخبر، فخرجت إليه هي وزوجها فوجداه صلى الله عليه وسلم منتقع اللون من آثار الروع ، فالتزمته حليمة والتزمه زوجها حتى ذهب عنه الروع ، فقص عليهما القصة كما أخبرهما أخوه. وقد أحدثت هذه الحادثة عند حليمة وزوجها خوفاً عليه، ومما زادها خوفاً أن جماعة من نصارى الحبش كانوا رأوه معها فطلبوه منها ليذهبوا به إلى ملكهم، فخشيت عليه من بقائه عندها، فعادت به صلى الله عليه وسلم إلى أمه وأخبرتها الخبر، وتركته عندها مع ما كانت عليه من الحرص على بقائه معها.
وفاة أمه صلى الله عليه وسلم وكفالة جده وعمه له
بعد أن عادت حليمة السعدية به صلى الله عليه وسلم إلى أمه - وكان إذ ذاك في السنة الرابعة من عمره الشريف - بقى مع أمه وجده عبد المطلب بن هاشم بمكة في حفظ الله تعالى، ينبته الله نباتاً حسناً ، ثم سافرت به أمه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة لزيارة أخواله هناك من بني عدى بن النجار ، فتوفيت وهي راجعة به من المدينة إلى مكة بجهة (الأبواء) بالقرب من المدينة ودفنت هناك، فقامت به إلى مكة حاضنته أم أيمن وقد بلغ من العمر يومئذ ست سنين، ولما وصلت إلى مكة كفله جده عبد المطلب بن هاشم، وحن إليه حناناً زائداً وعطف عليه عطفاً بليغاً، حتى توفي عبد المطلب وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين.
وكان جده عبد المطلب يوصي به عمه أبا طالب -الذي هو الأخ الشقيق لأبيه- فلما مات عبد المطلب كان صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب يشب على محاسن الأخلاق، متباعداً عن صغائر الأمور التي يشتغل بها الصبيان عادة ، وقد بارك الله تعالى لأبي طالب في الرزق مدة وجوده صلى الله عليه وسلم في كفالته وفي وسط عياله.
سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب إلى الشام
لما أراد أبو طالب أن يسافر إلى الشام في تجارة له رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرافقه، فأخذه معه وسنه إذ ذاك اثنتا عشرة سنة ، ولما وصلوا بصرى وهي أول بلاد الشام من جهة بلاد العرب قابلهم بها راهب من رهبان النصارى اسمه (بحيرا) – كان يقيم في صومعة له هناك – فسألهم عن ظهور نبي من العرب في هذا الزمن، ثم لما أمعن النظر في النبي صلى الله عليه وسلم وحادثه عرف أنه النبي العربي الذي بشر به موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ، وقال لعمه أنه سيكون لهذا الغلام شأن عظيم، فارجع به واحذر عليه من اليهود ، فلم يمكث أبو طالب في رحلته هذه طويلاً بل عاد به إلى مكة حين فرغ من تجارته، وبقى صلى الله عليه وسلم في مكة مثال الكمال، محفوظاً من معايب أخلاق الجاهلية، شهماً شجاعاً حتى إنه حضر مع أعمامه حرب (الفجار) و (حلف الفضول)، وسنه إذ ذاك عشرون سنة.
أما (الفجار) فهي حرب كانت بين قبيلة كنانة ومعها حليفتها قريش وبين قبيلة قيس، وقد ابتدأت هذه الحرب فيما بين مكة والطائف ووصلت إلى الكعبة، فاستحلت حرمات هذا البيت الذي كان مقدساً عند العرب ولذلك سميت حرب (الفجار).
وأما (حلف الفضول) كان عقب هذه الحرب، وهو تعاقد بطون قريش على أن ينصروا كل من يجدونه مظلوماً بمكة سواء كان من أهلها أو من غير أهلها.
رحلته إلى الشام مرة ثانية في تجارة لخديجة بنت خويلد
كان طريق الكسب في قريش هي التجارة، وكانت خديجة بنت خويلد من بني أسد بن عبد العزى بن قصي سيدة ذات مال، تتاجر في مالها بطريق المضاربة مع من تثق بهم من الرجال ، فلما سمعت بأمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه حتى اشتهر بين قومه باسم (الأمين) بعثت إليه، وعرضت عليه أن يسافر بمال لها إلى الشام وتعطيه من الربح أكثر مما كانت تعطى غيره، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وسافر مع غلامها ( أى مملوكها) ميسرة فباع واشترى وعاد بربح عظيم.
وقد شاهد ميسرة في هذه الرحلة كثيراً من بركات النبي صلى الله عليه وسلم وإكرام الله تعالى له، فإنه صلى الله عليه وسلم لما قدم الشام نزل في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب هناك، فقال هذا الراهب لميسرة أنه ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، وكان ميسرة يشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مظللاً من حر الشمس وهو يسير على بعير بدون أن تكون معه مظلة.
زواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة خديجة بنت خويلد
لما قدم ميسرة إلى سيدته خديجة الحازمة اللبيبة، وأخبرها بما شاهده من بركات النبي صلى الله عليه وسلم وإكرام الله تعالى له، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدق حديثك، وقد خاطبته بابن العم على عادة العرب من تخاطب الأقرباء من جهة الأبوة بابن العم، حيث يجتمع أصولهما في (قصي) فإنها من بني أسد بن عبد العزى بن قصي، وكانت خديجة قد ذكرت ما سمعت من غلامها ميسرة لابن عمها ورقة بن نوفل -من المتتبعين للكتب والأخبار- فكان يقول لها: يا خديجة إن محمداً لنبي هذه الأمة، وقد عرفت أنه كان لهذه الأمة نبي يُنتظر، هذا زمانه.
وكانت خديجة مرغوبا فيها لشرف نسبها ورفعة قدرها بين قومها، فعرض النبي صلى الله عليه وسلم الأمر على أعمامه فوافقوه على زواجه صلى الله عليه وسلم، بها وتوجهوا معه إليها، وأتموا عقد الزواج بينهما ، وتولاه عنها عمها (عمرو بن أسد)، كما تولاه عن النبي صلى الله عليه وسلم عمه (أبو طالب) ، وكان صداقها عشرين بِكْرة ، وكان سن السيدة خديجة أربعين سنة وسنه صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة ، ولم يتزوج عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفيت رضى الله عنها، وكانت متزوجة قبله صلى الله عليه وسلم برجل اسمه (هند)، ولدت منه ولداً اسمه (هالة)، فكان ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد مكث صلى الله عليه وسلم بعد زواجه بالسيدة خديجة يشتغل بالتجارة والتنسك، حتى بعثه الله رحمة للعالمين.
شهوده صلى الله عليه وسلم بناء الكعبة
الكعبة هي أول بيت وضع في الأرض للعبادة، وقد بناها سيدنا إبراهيم الخليل مع ولده سيدنا إسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، ثم جُدد بناؤها من بعده ثلاث مرات، وكان بناؤها من الصخر وارتفاعها فوق القامة.
ويقال أن أول من بناها سيدنا آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام، وقد وصلوا في نقض أنقاضها إلى أساس سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ويقال أنهم وجدوا هناك صحافا منقوشا فيها كثير من الحكم تذكرة للمتأخرين، وقد تحرى أشراف قريش أن تكون نفقة بنائها من طيب أموالهم؛ فكانوا لا يدخلون في نفقتها مهر بغى ولا مال ربا، ولما ضاقت بهم النفقة الطيبة عن إتمامها على قواعد سيدنا إبراهيم عليه السلام أخرجوا منها الحجر، وبنوا عليه جدارا قصيراً علامة على أنه منها.
وعندما بلغ سن النبي صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة، اتفق أن نزل سيل عظيم بمكة أثر في جدران الكعبة فأوهنها -على ما كانت عليه من الضعف بسبب حريق أصابها من قبل، فاجتمعت قبائل قريش وشرعوا في هدمها وبنائها بناء مرتفعاً، وكان الأشراف منهم يتسابقون في نقل الحجارة وحملها على أعناقهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يحمل الحجارة وينقلها الى مكان البناء، مع عمه العباس رضى الله عنه.
بنيت الكعبة حينئذ بارتفاع ثماني عشر ذراعا، بحيث يزيد عن أصله تسعة أذرع، وقد رفع الباب بحيث لايصعد إليه إلا بدَرَج. و لما تم بناء الكعبةوأرادت قريش وضع الحجر الأسود في موضعه، اختلف أشرافهم فيمن يضعه، وظلوا مختلفين أربعة أيام، فأشار عليهم أبو أمية الوليد بن المغيرة - وهو أكبرهم سنا - بأن يحكِّموا بينهم من يرضون بحكمه، فاتفقوا على أن يكون الحكم لأول قادم من باب الصفا. فكان أول داخل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتاحوا جميعا لما يعهدونه من أمانته وحكمته وصدقه وإخلاصه للحق، وقالوا: هذا الأمين رضيناه، هذا محمد، فلما وصل إليهم وأخبروه الخبر بسط رداءه، وتناول الحجر فوضعه فيه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بطرف من الرداء ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا حتى وصلوا به إلى موضعه؛ فوضعه فيه بيده صلى الله عليه وسلم، وبذلك انتهت هذه المشكلة التي كادت تؤدى إلى الحرب والقتال فيما بينهم.
سيرته صلى الله عليه وسلم في قومه قبل النبوة
قد علمت أن الله تعالى قد أكرم آل حليمة السعدية التي أرضعته صلى الله عليه وسلم، فبدل عسرهم يسراً وأشبع غنيماتهم وأدر ضروعها في سنة الجدب والشدة، كما بارك سبحانه وتعالى في رزق عمه أبي طالب حينما كان في كفالته، مع ضيق ذات يده، وأنه سبحانه وتعالى كان يسخر له الغمامة تظله وحده من حر الشمس في سفره إلى الشام، فتسير معه أنى سار دون غيره من أفراد القافلة.
وكان سبحانه وتعالى يلهمه الحق ويرشده الى المكارم والفضائل في أموره كلها، حتى إنه كان إذا خرج لقضاء الحاجة في صغره بَعُدَ عن الناس حتى لا يُرى.
وكان سبحانه وتعالى يكرمه بتسليم الأحجار والأشجار عليه، ويُسمعه ذلك فيلتفت عن يمينه وشماله فلا يرى أحداً.
وقد كان علماء اليهود والنصارى - رهبانهم وكهنتهم- يعرفون زمن مجيئه صلى الله عليه وسلم مما جاء من أوصافه في التوراة وما أخبر به المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فكانوا يسألون عن مولده وظهوره وقد عرفه كثيرون منهم لما رأوا ذاته الشريفة أو سمعوا بأوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ممتازاً بكمال الأخلاق، متباعداً في صغره عن السفاسف التي يشتغل بها أمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلاً، وأصحهم رأياً، وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثاً، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.
وقد حفظه الله تعالى منذ نشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلف بها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيداً أو احتفالاً، وكان لا يأكل ما ذبح على النُّصُب، و النصب هي حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيراً لفقره، ولايهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزنى ولا يسرق ولا يقتل، بل كان ملتزما لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء.
وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعد النبوة.
وكان يلبس العمامة والقميص والسراويل، ويتزر ويرتدى بأكيسة من القطن، وربما لبس الصوف والكتان، ولبس الخف والنعال وربما مشى بدونها. وركب الخيل والبغال والإبل والحمير. وكان ينام على الفراش تارة وعلى الحصير تارة وعلى السرير تارة وعلى الأرض تارة، ويجلس على الأرض، ويخصف نعله، (أي يخرزها ويصلحها) ويرقع ثوبه، وقد اتخذ من الغنم والرقيق من الإماء والعبيد بقدر الحاجة. وكان من هديه في الطعام ألا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً.
معيشته صلى الله عليه وسلم قبل النبوة
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم كان جده هاشم كبير قريش وسيدها، وكانت قريش أشرف قبائل العرب، وكانت إقامتهم بمكة وضواحيها، وكانت معيشتهم من التجارة في الثياب والبز (متاع البيت من جنس الثياب) وما يحتاجه العرب، وكان لهم رحلتان تجاريتان إلى الشام إحداهما في الصيف والأخرى في الشتاء، وكان أكثر ما يقتنون من النَّعم الإبل والغنم للانتفاع بظهورها وألبانها وأصوافها وأوبارها. فلما بلغ سناًّ يمكنه فيه أن يعمل عملا كان ينفق على نفسه من عمل يده، وقد كانت فاتحة عمله رعاية الغنم، كما هي سنة الله تعالى في أنبيائه وأصفيائه؛ لتدريبهم على رعاية الخلق بالرفق الذي تستدعيه هذه الرعاية، فكان ينفق من أجرة رعايته، ثم كان يتجر فيما كانت تتجر فيه قريش وينفق من كسب تجارته. وفي كل ذلك كان يعمل على قدر الحاجة، لا مستكثراً من الدنيا ولا تاركا لها تركا كلياًّ، ليهيئه الله تعالى لما أراده سبحانه منه من التفرغ للدعوة إلى دينه القويم.
تعبده صلى الله عليه وسلم قبل البعثة
كان من العرب قبل الإسلام من ينتمي إلى دين اليهودية، ومنهم من يدين بالنصرانية- على ما فيهما من تغيير وتحريف، والباقون عبدة أصنام وأوثان، وكان على ذلك عامة قريش إلا نفرا قليلا منهم كانوا يعيبون على قومهم عبادة هذه التماثيل.
وقد فُطر سيدنا محمد بن عبد الله - صلوات الله عليه وسلامه- على طهارة القلب وزكاء النفس. فطره الله تعالى على ذلك ليكون على تمام الصلاحية لتلقى شريعته المطهرة وإيصالها إلى الخلق على أتم وجه وأكمله.
فلذلك كانت نفسه الكريمة مجبولة على ما هو الحق، لا تعرف غيره، ولا تقبل سواه، فكان يأنف عن الباطل بطبعه ويألف الحق بسجيته، فلم يحكم عليه شيء من عادات قومه: لا في تحسين باطل ممقوت، ولا في تقبيح حق مقبول.
ولقد كانت تلك فطرة أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام التي فُطر عليها قبل نبوته؛ كما كان ذلك شأن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: يفطرون على الإقبال على الله تعالى، وتنصرف هممهم وأنفسهم الزكية قبل نبوتهم عما يكون عليه أقوامهم من باطل العقائد وفاسد العادات والتعبدات.
نشأ صلى الله عليه وسلم مقبلا على الله تعالى بقلبه، خالصاً لله تعالى، حنيفا لم يحم الشرك حول قلبه الكريم، فكان بأصل فطرته مبغضاً لهذه الأوثان، نافراً من هذه المعبودات الباطلة، فلم يكن يحضر لها عيدا ولا يتقرب إليها ولايحفل بها، وإنما كان يعبد خالق الكون وحده، مقبلا عليه سبحانه بما هو مظهر العبودية والإخلاص من تفكير وتمجيد.
وكان يطوف بالكعبة ويحج كما كان الناس يحجون اتباعاً لملة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام. ولم يثبت من طريق صحيح التزامه التعبد على شريعة أحد من الأنبياء السابقين صلوات الله عليهم أجمعين.
والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يختلى في غار حراء من كل سنة شهر(وكان يوافق ذلك شهر رمضان)، يعبد الله تعالى بالتفكر، ويطعم المساكين مما كان يتزود به في مدة خلوته (وروى أنه كان يتزود الكعك والزيت، وكان كلما فرغ زاده رجع الى أهله فتزود وعاد)، وكان إذا انتهي من خلوته ينصرف إلى الكعبة فيطوف بها سبعاً أو ماشاء الله من ذلك قبل أن يرجع إلى بيته.
ويسمى حراء: جبل النور، وهو على يسار السالك إلى عرفة، وبه ذلك الغار الذي كان يتعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ضيق المدخل، ومساحته من الداخل تقرب من ثلاثة أمتار، وبه نزل الوحي عليه صلى الله عليه وسلم لأول مرة كما سيجيء، ويقال أن جده عبد المطلب كان يتعبد في حراء، ثم تبعه في ذلك من كان يتعبد منهم كورقة بن نوفل وأبي أمية بن العزى.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب العزلة والخلوة من زمن طفولته إلى أن بعثه الله تعالى رحمة للعالمين.
وقبيل مبعثه كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح، أي واضحة وصريحة كوضوح ضوء الصباح وإنارته، أى أنها تتحقق في اليقظة مثل ما يراها في المنام، فكان ذلك مقدمة لنبوته صلى الله عليه وسلم.
بدء الوحي
لما كمل سنه صلى الله عليه وسلم أربعين سنة-وهو سن الكمال، أكرمه الله تعالى بالنبوة والرسالة رحمة للعالمين.
فبينما هو صلى الله عليه وسلم في خلوته بغار حراء، وكان ذلك في شهر رمضان على أصح الروايات، إذ جاءه جبريل الأمين عليه السلام بأمر الله تعالى، ليبلغه رسالة ربه عز وجل، ) وقد تمثل جبريل عليه السلام في هذه المرة بصورة رجل. فقال له: اقرأ، فقال له عليه الصلاة والسلام: ما أنا بقارئ (لأنه صلى الله عليه وسلم كان أمياً لم يتعلم القراءة)، فغطه جبريل عليه السلام في فراشه غطا شديدا (أى ضمه وعصره بشدة)، ثم أرسله فقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، فغطه ثانية ثم أرسله وقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، ثم غطه الثالثة وأرسله فقال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ اْلإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ اْلأَكْرَمِ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ اْلإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرف عنه جبريل عليه السلام وهو يقول: يامحمد أنت رسول الله وأنا جبريل. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله يرجف فؤاده مما أدركه من الروع لشدة مقابلة الملك فجأة وشدة الغطّ التي اقتضاها الحال.
ولما رجع عليه الصلاة والسلام إلى أهله، ودخل على زوجه خديجة رضى الله عنها قال: زَمِّلوني زَمِّلوني (أي اطرحوا عليَّ الغطاء ولفوني به - ليذهب عنه الروع)، فلما ذهب عنه الروع أخبر خديجة رضي الله عنها بما كان، فقالت له: أبشر يا ابن عم واثبت، فإنى لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.
ثم ذهبت خديجة مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان شيخا كبيرا يعرف الإِنجيل وأخبار الرسل، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رآه، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، أي أن هذا الملك الذي جاءك هو الناموس؛ أى صاحب سر الوحي الذي نزله الله تعالى على نبيه موسى عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يعرف من الكتب القديمة وأخبارها أن جبريل هو رسول الله إلى أنبيائه.
ثم تمنى ورقة أن لو كان شابا يقدر على نصرة النبي صلى الله عليه وسلم عند ظهوره بأمر الرسالة ومعاداة قومه له؛ لأنه يعرف من أخبار الرسل أن قومهم يعادونهم في مبدإ أمرهم، ثم توفي ورقة بعد ذلك بزمن قريب.
فترة الوحي وعودته
بعد هذه الحادثة فتر الوحي وانقطع مدة لا تقل عن أربعين يوما، اشتدّ فيها شوق النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوحي وشقّ عليه تأخره عنه، وخاف من انقطاع هذه النعمة الكبرى: نعمة رسالته عليه الصلاة والسلام بين الله عز وجل وبين عباده ليهديهم إلى صراطه المستقيم.
فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يمشى في أفنية مكة إذ سمع صوتا من السماء، فرفع بصره فإذا الملك الذي جاءه بغار حراء وهو جبريل عليه السلام، فعاد إليه الرعب الذي لحقه في بدء الوحي فرجع إلى أهله وقال: دَثِّرونى دَثِّرونى (التدثير بمعنى: التزميل السابق بيانه).
فأوحى الله تعالى إليه:
يـَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرْ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلاَتَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ.
فأنذر: حذر الناس من عذاب الله إذا لم يفردوه بالعبادة. فكبر: أي عظِّمْ ربك وخُصَّه بالتعظيم والإجلال. فطهر: أي حافظ على الطهارة والنظافة من الأقذار والأنجاس. والرجز فاهجر: أي اترك المآثم والذنوب. ولا تمنن تستكثر: أي لا تتبع عطاياك وهباتك بالطمع في أخذ الزيادة ممن تعطيه. ولربك فاصبر: أي اصبر على ما يلحقك من الأذى في سبيل الدعوة إلى الإسلام ابتغاء وجه ربك.
فكان ذلك مبدأ الأمر له صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام وبعد ذلك تتابع الوحي ولم ينقطع.
كيفية الوحي
للوحي طرق متنوعة وقد عرفت أن من مبادئه الرؤيا الصادقة، فرؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هي من قبيل الوحي.
ومن طرق الوحي أن يأتي الملك إلى النبي متمثلا بصورة رجل، فيخاطب النبي حتى يأخذ عنه ما يقوله له ويوحي به إليه، وفي هذه الحالة لا مانع من أن يراه الناس أيضا، كما حصل في كثير من أحوال الوحي لنبينا عليه الصلاة والسلام.
ومن طرق الوحي أيضاً أن يأتي الملك في صورته الأصلية التي خلقه الله تعالى عليها، ويراه النبي كذلك فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه، ولم يحصل هذا لنبينا عليه الصلاة والسلام إلا قليلا.
ومن طرق الوحي أيضاً أن يلقى الملك في روع (أي ذهن) النبي وقلبه ما يوحي به الله إليه، من غير أن يرى له صورة، وقد حصلت هذه الكيفية أيضاً لنبينا صلى الله عليه وسلم.
وأحيانا كان يأتي الملك مخاطباً للنبي بصوت وكلام مثل صلصلة الجرس (أي صوته)، وهذه الحالة من أشد أحوال الوحي على النبي، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم عندما يأتيه الوحي بهذه الكيفية يعرق حتى يسيل العرق من جبينه في اليوم الشديد البرد، وإذا أتاه وهو راكب تبرك به ناقته.
وقد يكون الوحي بكلام الله تعالى للنبي بدون واسطة الملك، بل من وراء حجاب، كما حصل ليلة الإسراء لنبينا صلى الله عليه وسلم.
الدعوة إلى الإسلام سرا
على إثر عودة الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد فترته، قام عليه الصلاة والسلام بأمر الدعوة إلى ما أمره الله تعالى به من إرشاد الثقلين: الإنس والجن جميعا إلى توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة دون سواه من الأصنام والمخلوقات، وأرشد الله تعالى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أن يبدأ بالدعوة سراَّ؛ فكان يدعو إلى الإسلام من يطمئن إليه ويثق به من أهله وعشيرته الأقربين ومن يليهم من قومه، واستمر على ذلك ثلاث سنين مثابراً على الدعوة إلى الله تعالى خفية، حتى آمن به أفراد قلائل كانوا يقيمون صلاتهم ويؤدون ما أمروا به من شعائر الدين، مستخفين عمن سواهم لا يظهرون بذلك في مجامع قريش؛ بل كان الواحد منهم يختفي بعبادته عن أهله وولده.
ولما بلغ عددهم نحو الثلاثين، وكان من اللازم اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم لإرشادهم وتعليمهم، اختار لهم عليه الصلاة والسلام داراً فسيحة لأحدهم، وهي دار الأرقم بن الأرقم، فكانوا يجتمعون فيها، واستمروا على ذلك يزيد عددهم قليلا قليلا حتى أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة.
الباعث على الإسرار بالدعوة
في أول ما نزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم- في أواخر شهر رمضان من السنة المتممة للأربعين من عمره الشريف بغار حراء الذي كان يتعبد فيه- لم يؤمر آنذاك بتبليغ الرسالة للناس، بل كان الأمر في ذلك قاصرا على إبلاغه رسالة ربه إليه، وتمجيده جلّ وعلا بما جاء في سورة (اقرأ باسم ربك)، وبعد أن فتر الوحي مدة عاد بأمر الله تعالى له بأن يقوم بتبليغ رسالة ربه.
ولما كان أهل مكة الذين بُعِثَ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما جفاة متخلقين بأخلاق تغلب عليها العزة والأنفة، وفيهم سدنة الكعبة، أي خدمها وهم القابضون على مفاتيحها، والقوَّام على الأوثان والأصنام، التي كانت مقدسة عند سائر العرب: يعبدونها ويتقربون إليها بالذبائح والهدايا، ولا يعرفون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا ينقادون إليه بسهولة، كان من حكمة الله تعالى تلقاء ذلك أن تكون الدعوة إلى دين الإسلام في مبدأ أمرها سرية؛ لئلا يفاجئوا بما يهيجهم وينفرون منه ويكون سبباً لشنّ الغارات والحروب وإهراق الدماء.
والداعي صلوات الله عليه وسلامه لم يكن له إذ ذاك ناصر ولا معين من خَلْق الله. ومن سنة الله تعالى في خلقه ربط الأسباب بالمسببات، فلم يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة من قبل أن يهيئ له أسباب النصر والفوز على من يقاومه في ذلك، خصوصاً أن قومه الذين بُعث فيها بينهم كانوا أشد الناس تمسكا بمعبوداتهم وحرصاً على ما كان عليه آباؤهم.
ومن المعلوم أن من الناس من هو عظيم في قومه رفيع الدرجة فيما بينهم، ومنهم من هو دون ذلك، فالعظماء من الناس تمنعهم أنفتهم من إجابة الداعي لهم إلى مفارقة ما عليه جماعتهم، ونبذ ما بينهم من الروابط القومية والعادات المتأصلة، إذ كل فرد منهم يرى أن انفراده بالرضوخ للغير ينقصه في نظر قومه. فإذا فوجئ هؤلاء الأعاظم بإعلان الدعوة إلى غير ما كانوا عليه؛ ظهروا بمظهر المنكر المعاند وقاوموا الدعوة بجملتهم. وغير الأعاظم هم تبع العظماء والرؤساء؛ فإذا دعوا إلى مخالفة ما عليه أولئك العظماء جهارا لم يجسروا على إجابة الداعى متى لم يسبقهم إلى ذلك إفراد من العظماء.
فإعلان الدعوة يحتاج إلى مقدمة يستأنس بها الفريقان، وما ذلك إلا باجتذاب أفراد من هؤلاء وهؤلاء خفية؛ حتى إذا تكونت منهم جماعة وأعلنت بهم الدعوة؛ سهل على غيرهم أن ينبذوا تقاليد قومهم، ويتبعوا ما يدعوهم إليه الداعي مما تنشرح له صدورهم ولا تأباه فطرهم.
أول من أسلم
كان أول من سطع عليه نور الإسلام من مبدإ الدعوة إليه خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأسبقية إسلام السيدة خديجة على الجميع تكاد تكون بالاتفاق، والمشهور أن سيدنا أبا بكر الصديق أسبق الرجال إسلاما، وأن على بن أبي طالب أول الصبيان إسلاما، وأن زيد بن حارثة أول الموالى إسلاما.
ثم أسلم ابن عمه على بن أبي طالب وعمره إذ ذاك عشر سنين؛ وكان مقيما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حضرت الصلاة خرج به النبي صلى الله عليه وسلم إلى شعاب مكة مختفيين فيصليان ويعودان كذلك، وقد اطلع عليهمـا أبو طالب وهما يصليان مرة، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخى، ما هذا الدين الذي أراك تدين به. قال: أىْ عم، هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم؛ بعثنى الله به رسولا إلى العباد، وأنت ياعم أحق من بذلت له النصيحة ودَعَوْته إلى الهدى، وأحق من أجابني وأعانني عليه. فقال أبو طالب: يا ابن أخي، إنى لا أستطيع أن افارق دين آبائي. ولكنه مع ذلك أقر ولده عليًّا على اتباع هذا الدين ووعد النبي صلى الله عليه وسلم بأن ينصره ويدفع عنه السوء.
وقد أسلم بعد ذلك زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم، الذي تبناه بعد أن أعتقه وزوجه أم أيمن حاضنته صلى الله عليه وسلم، وقد كانت من السابقين إلى الإسلام.
وأبو بكر الصديق رضى الله عنه وكان صديقاً للنبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة يعرف صدقه، فعندما أخبره برسالة الله أسرع بالتصديق، وقال: بأبي أنت وأمى أهل الصدق أنت، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه: ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر. وكان رضى الله عنه عظيما في قومه يثقون برأيه، فدعا إلى الإسلام من توسم فيهم الإجابة، فأجابه عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأتى بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا. ثم أسلم أبو عبيدة عامر بن الجراح، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وسعيد بن زيد العدوى، وأبو سلمة المخزومى، وخالد ابن سعيد بن العاص، وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبيد الله، والأرقم بن الأرقم. وكل هؤلاء من بطون قريش.
ومن غيرهم صهيب الرومي، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفارى، وعبد الله بن مسعود وغيرهم.
وقد استمرت هذه الدعوة السرية ثلاث سنين، أسلم فيها جماعة لهم شأن في قريش وتبعهم غيرهم، حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس، فجاء وقت الجهر بالدعوة.
مبدأ الجهر بالدعوة
بعد أن مضى على الإسرار بالدعوة ثلاث سنين كثر دخول الناس في دين الإسلام من أشراف القوم ومواليهم: رجالهم ونسائهم، وفشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة وأنزل عليه: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فبادر بامتثال أمر ربه؛ وأعلن لقومه الدعوة إلى دين الله تعالى؛ وصعد على الصفا ونادى بطون قريش.
فلما اجتمعوا قال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ. قالوا: نعم ما جربنا عليك كذبا، فقال: فإني نذير لكم بين يدى عذاب شديد. فقام أبو لهب من بينهم وقال: تبا لك ألهذا جمعتنا، فأنزل الله تعالى في شأنه: (تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّاَلةَ الْحَطَبِ* في جِيدِها حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)، وقد كانت امرأة أبي لهب تمشى بالنميمة في نوادي النساء وتتقول الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشعل بذلك نار الفتنة، ثم أنزل الله تعالى عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اْلأَقْرَبِينَ)، فجمع من بني عبد مناف نحو الأربعين وقال لهم: ما أعلم إنسانا جاء قومه بأفضل مما جئتكم به؛ قد جئتكم بخيرى الدنيا والآخرة، وقد أمرنى الله أن أدعوكم إليه، والله لو كَذَبْتُ الناسَ جميعاً ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إنى لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة. والله لتموتن كما تنامون؛ ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءاً. إنها لجنة أبدا أو لنار أبدا. فتكلم القوم كلاما لينا، وقام أبو لهب وقال: شدَّ ما سحركم صاحبكم، خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب. فمانعه في ذلك أبو طالب وتفرق الجمع.
تذمر قريش من تسفيههم وعيب آلهتهم
لما استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في إعلان الدعوة إلى الله وتوحيده لم يجد من قومه في مبدإ الأمر مقاومة ولا أذى، غير أنهم كانوا ينكرون عليه فيما بينهم فيقولون إذا مر عليهم: "هذا ابن أبي كبشة يكلم من السماء، هذا غلام عبد المطلب يكلم من السماء". ولا يزيدون على ذلك، وأبو كبشة كنية لزوج حليمة السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أن المرضعة بمنزلة الأم كذلك صاحب اللبن بمنزلة الأب. وكانوا يريدون بذلك تنقيص النبي صلى الله عليه وسلم عنادا واستكباراً.
ولكن لما استتبع إعلان الدعوة عيب معبوداتهم الباطلة، وتسفيه عقول من يعبدونها، نفروا منه وأظهروا له العداوة غيرة على تلك الآلهة التي يعبدونها كما كان يعبدها آباؤهم، فذهب جماعة منهم إلى عمه أبي طالب وطلبوا أن يمنعه عن عيب آلهتهم وتضليل آبائهم وتسفيه عقولهم أو يتنازل عن حمايته، فردهم أبو طالب رداً جميلا.
واستمر رسول الله عليه وسلم يصدع بأمر الله تعالى، وينشر دعوته، ويحذر الناس من عبادة الأوثان، ولما لم يطيقوا الصبر على هذا الحال عادوا إلى أبي طالب وقالوا له: إنا قد طلبنا منك أن تنهي ابن أخيك فلم ينته عنا، وإنا لا نصبر على هذا الحال من تسفيه عقولنا وعيب آلهتنا وتضليل آبائنا، فإما أن تكفه أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين، فعظم الأمر على أبي طالب، ولم ترق لديه عداوة قومه ولا خذلان ابن أخيه، وكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: والله ياعم لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ما فعلت حتى يظهره الله أو أهلك دونه. فقال أبو طالب: اذهب فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا.
ثم رأى أبو طالب أن يجمع بني هاشم وبني المطلب ليكونوا معه على حماية ابن أخيه؛ فأجابوه لذلك إلا أبا لهب فإنه فارقهم وانضم إلى بقية كفار قريش.
ولما رأت قريش تصميم أبي طالب على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفاق بني هاشم وبني المطلب معه في ذلك؛ وكان وقت الحج قد قرب وخافوا من تأثير دعوته في أنفس العرب الوافدين لزيارة الكعبة فتزداد قوته وتنتشر دعوته؛ اجتمعوا وتداولوا فيما يصنعون في مقاومة ذلك، فقال قائل منهم: نقول كاهن، فقيل: ما هو بكاهن وما هو بحالة الكهان، فقيل: نقول مجنون، فقيل: ما هو بمجنون. لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما حالته كحالة المجانين، فقيل: نقول هو شاعر، فقيل: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر بأنواعه فما هو بالشعر، فقيل: نقول ساحر، فقيل: لقد رأينا السحرة فما حالته كحالتهم.
ثم اتفقوا على أن يذيعوا بين الوافدين إلى مكة من العرب أنه ساحر جاء بقول هو سحر، يفرق به بين المرء وأبيه؛ وبين المرء وأخيه؛ وبين المرء وزوجه؛ وبين المرء وعشيرته، وصاروا يجلسون بالطرق حين جاء موسم الحج، فلا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا له أمره.
ولقد كان ذلك سبباً في شيوع دعوته صلى الله عليه وسلم وذكر اسمه في بلاد العرب كلها.
http://www.w7m.org/2007/Jun/1181303643.gif (http://www.w7m.org/)

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:15 PM
الغزوات – أسبابها ومشروعيتها
بعد أن استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان بها اليهود من بني قينقاع وقريظة والنضير، أقرهم عليه الصلاة والسلام على دينهم وأموالهم، واشترط لهم وعليهم شروطاً، وكانوا مع ذلك يظهرون العداوة والبغضاء للمسلمين، ويساعدهم جماعة من عرب المدينة كانوا يظهرون الإسلام وهم في الباطن كفار؛ وكانوا يعرفون بالمنافقين، يرأسهم عبد الله بن أبي بن سلول، وقد قبل صلى الله عليه وسلم من هاتين الفئتين (اليهود والمنافقين) ظواهرهم، فلم يحاربهم ولم يحاربوه بل كان يقاوم الإنكار بالحجج الدامغة والحكم البالغة.
فلم يكن صلى الله عليه وسلم يقاتل أحداً على الدخول في دين الله، بل كان يدعو إليه ويجاهد في سبيله بإقامة ساطع الحجج وقاطع البراهين.
ولكن لما كانت قريش أمة معادية له، مقاومة لدعوته، معارضة له فيها، وقد آذته وآذت المسلمين وأخرجتهم من ديارهم، واستولت على ما تركوه بمكة من الأموال، وآذت المستضعفين الذين لم يقدروا على الهجرة مع رسول الله وأصحابه، أذن الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بقتالهم وقتال كل معتد وصادٍّ عن الدعوة.
فأول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك مصادرة تجارة قريش التي كانوا يذهبون بها إلى الشام والتي يجلبونها منه.
وكان بعد ذلك - عندما تدعو الحال لقتال من يقف في وجه الدعوة من قريش أو غيرهم - يخرج إلى القتال بنفسه ومعه المقاتلون من المسلمين، وتارة يبعث مع المقاتلين من يختاره لقيادتهم، وقد سمى المؤرخون ما خرج فيه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه (غزوة) سواء حارب فيها أم لم يحارب، وسموا ما بعث فيها أحد القواد (سرية).
الغزوات والسرايا إجمالا
<LI dir=rtl>في السنة الأولى من الهجرة بعث سريتين.
وفي السنة الثانية غزا بنفسه سبع غزوات وبعث سرية واحدة، وأكبر غزواتها غزوة بدر:


غزوة (ودان) وهي قرية بين مكة والمدينة، وكان خروجه لها ليعترض عيراً لقريش فوجدها قد سبقته فرجع.
وغزوة (بواط) وهو جبل جهينة بين المدينة وينبع، وكان خروجه فيها ليعترض عبر قريش فوجدها قد سبقته فرجع.
وغزوة (العشيرة) وهي موضع من بطن ينبع وسنأتي على ذكرها في الأصل عند الكلام على غزوة بدر الكبرى.
وغزوة (بدر الأولى). (بدر) موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب في الجنوب الغربي منها، خرج فيها لتعقب من أغار على سرح المدينة فلم يجده.
وغزوة (بدر الكبرى) وسنشرحها في الأصل.
وغزوة بني (قينقاع) وهم حي من اليهود حول المدينة نبذوا عهد المسلمين وخانوهم، فخرج إليهم وحاصرهم خمس عشرة ليلة، حتى طلبوا منه أن يخرجوا من ديارهم بالنساء والأولاد ويتركوا للمسلمين الأموال، فقبل منهم ذلك وأجلاهم.
وغزوة (السويق) التي خرج فيها أبو سفيان في مائتين إلى المدينة وأحرق بعض نخلها، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ففروا تاركين ما كانوا يحملون من أجربة السويق (ولذلك سميت غزوة السويق).

وفي السنة الثالثة غزا أربع غزوات وبعث سرية واحدة، وأهم غزواتها غزوة (أحد):


غزوة (غطفان) وهم حي من قيس بلغ النبي صلى الله عليه وسلم تجمعهم للإغارة على المدينة، فخرج اليهم فتشتتوا في رؤوس الجبال.
وغزوة (بحران) وهو موضع بجهة الفرع من المدينة به قبيلة بني سليم، أرادوا الإغارة على المدينة فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فتفرقوا.
وغزوة (أحد) وسنشرحها في الأصل.
وغزوة (حمراء الأسد) وقد ذكرت بالأصل.

وفي السنة الرابعة غزا ثلاث غزوات وبعث ثلاث سريات:


غزوة (بني النضير) وسنأتى على ذكرها في الأصل.
وغزوة (ذات الرقاع): اسم لصخور فيها بقع حمر وبيض وسود في جبل بجهة نجد؛ بلغه عليه الصلاة والسلام أن قبائل من نجد يتهيئون لحربه، فخرج إليهم في سبعمائة مقاتل فلم يجدوا غير النسوة فأخذوهن وعادوا، أما رجالهم فإنهم تفرقوا في رؤوس الجبال.
وغزوة (بدر الآخرة) وسيأتي الكلام عليها في آخر غزوة أحد.

وفي السنة الخامسة غزا أربع غزوات أشهرها غزوة الخندق:


غزوة (دومة الجندل) وهي جهة بين المدينة المنورة ودمشق، على بعد خمس ليال من دمشق وخمس عشرة ليلة من المدينة، بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بها جمعا من الأعراب يعتدون على من يمر بهم وأنهم يريدون القرب من المدينة، فخرج إليهم في ألف من أصحابه، فلما علموا بقربه منهم تفرقوا وغنم المسلمون مواشيهم.
وغزوة (بني المصطلق) وهم حي من خزاعة ساعدوا قريشا على حرب المسلمين في غزوة أحد ثم تجمعوا لحرب المسلمين، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في جمع كثير فالتقى الجمعان بجهة (المريسيع) وهو ماء لقبيلة خزاعة؛ فانهزم المشركون بين قتيل وأسير، وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت زعيمهم الحارث وأعتق سائر نسائهم، وفي أثناء رجوع المسلمين من هذه الغزوة حصلت حادثة الإفك المشهورة.
وغزوة (الخندق) وغزوة (بني قريظة) وسيأتى الكلام عليهما في الأصل.
وفي السنة السادسة غزا ثلاث غزوات وبعث إحدى عشرة سرية، ومن غزواتها غزوة الحديبية:
غزوة (بني لحيان).
وغزوة (الغابة).
وغزوة (الحديبية).
<LI dir=rtl>وفي السنة السابعة غزا غزوة واحدة وهي غزوة خيبر وبعث ثلاث سرايا.
وفي السنة الثامنة غزا أربع غزوات، وبعث عشر سرايا، وأكبر غزواتها غزوة فتح مكة المكرمة وغزوة حنين:


غزوة (مؤتة).
وغزوة (الفتح).
وغزوة (حنين).
وغزوة (الطائف)، وسيأتي الكلام على جميعها في الأصل.
<LI dir=rtl>وفي السنة التاسعة غزا غزوة واحدة وهي غزوة تبوك، وبعث سرية واحدة.
<LI dir=rtl>وفي السنة العاشرة بعث سريتين، وفيها حج حجة الوداع.
وفي السنة الحادية عشر بعث سرية واحدة.
فجملة الغزوات التي خرج للقتال فيها بنفسه صلى الله عليه وسلم: سبع وعشرون غزوة، وجملة السرايا التي بعث فيها القواد ولم يخرج فيها بنفسه: خمس وثلاثون سرية. ولنتكلم على المهم من تلك الغزوات باختصار.
غزوة بدر الكبرى
كان من عادة قريش أن تذهب بتجارتها إلى الشام لتبيع وتشتري فتمر في ذهابها وإيابها بطريق المدينة، ففي شهر جمادى الثانية من السنة الثانية للهجرة بعثت قريش بأعظم تجارة لها إلى الشام في عير كبيرة (وهم يسمون الركب الخارج بالتجارة عيرا) خرج بها أبو سفيان بن حرب في بضعة وثلاثين رجلا من قريش، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في مائة وخمسين رجلا من المهاجرين فلم يدركهم، وتسمى هذه غزوة (العشيرة)، باسم واد من ناحية بدر.
ولما علم برجوعهم من الشام خرج إليهم في العشر الأوائل من شهر رمضان في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار، معهم فرسان وسبعون بعيرا، وسار حتى عسكر بالروحاء، وهو موضع على بعد أربعين ميلا في جنوب المدينة.
وكان أبو سفيان حين قرب من الحجاز يسير محترسا، فلما علم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الطريق المسلوكة وسار بساحل البحر، ثم بعث رجلا إلى مكة ليخبر قريشا ويستنفرهم لحفظ أموالهم، فقام منهم تسعمائة وخمسون رجلا فيهم مائة فارس وسبعمائة بعير، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروج هذا الجمع استشار أصحابه فأشاروا بالإقدام، فارتحل بهم حتى وصل قريبا من وادي بدر، فبلغه أن أبا سفيان قد نجا بالتجارة وأن قريشا وراء الوادي، لأن أبا جهل أشار عليهم بعد أن علموا بنجاة العير ألا يرجعوا حتى يصلوا بدراً فينحروا ويطعموا الطعام ويسقوا الخمور فتسمع بهم العرب فتهابهم أبدا.
فسار جيش المشركين حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي (أي الشاطئ البعيد للوادي)، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى نزلوا بالعدوة الدنيا من الوادي، ولم يكن بها ماء فأرسل الله تعالى الغيث حتى سال الوادي فشرب المسلمون وملئوا أسقيتهم، وتلبدت لهم الأرض حتى سهل المسير فيها، أما الجهة التي كان بها المشركون فإن المطر أوحلها، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه حتى نزل بأقرب ماء من القوم، وأمر ببناء حوض يملأ ماء لجيشه؛ كما أمر بأن يغوّر ما وراءه من الآبار حتى ينقطع أمل المشركين في الشرب من وراء المسلمين، ثم أذن لأصحابه أن يبنوا له عريشاً يأوى إليه، فبني له فوق تل مشرف على ميدان القتال.
فلما تراءى الجيشان، وكان ذلك في صبيحة يوم الثلاثاء 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة قام النبي صلى الله عليه وسلم بتعديل صفوف جيشه حتى صاروا كأنهم بنيان مرصوص، ونظر لقريش فقال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني.
ثم برز ثلاثة من صفوف المشركين، وهم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة وطلبوا من يخرج إليهم، فبرز لهم ثلاثة من الأنصار، فقال المشركون: إنما نطلب أكفاءنا من بني عمنا (أى القرشيين)، فبرز لهم حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعليّ بن أبي طالب، فكان حمزة بإزاء شيبة وكان عبيدة بإزاء عتبة وكان عليّ بإزاء الوليد، فأما حمزة وعليّ فقد أجهز كل منهما على مبارزه، وأما عبيدة فقد ضرب صاحبه ضربة لم تمته وضربه صاحبه مثلها، فجاء علي وحمزة فأجهزا على مبارز عبيدة وحملا عبيدة وهو جريح إلى صفوف المسلمين، وقد مات من آثار جراحه رضى الله عنه.
ثم بدأ الهجوم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش يشجع الناس ويقول: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)، وأخذ من الحصباء حفنة رمى بها في وجوه المشركين قائلا: شاهت الوجوه ( أي: قبحت)، ثم قال لأصحابه: شدوا عليهم. فحمى الوطيس (أي: اشتد القتال). وأمد الله تعالى المسلمين بملائكة النصر، فلم تك إلا ساعة حتى انهزم المشركون وولوا الأدبار، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، فقتلوا منهم سبعين رجلا وأسروا سبعين، ومن بين القتلى كثيرون من صناديدهم.
ولما انتهت الموقعة أمر عليه الصلاة والسلام بدفن الشهداء من المسلمين، كما أمر بإلقاء قتلى المشركين في قليب بدر، ولم يستشهد من المسلمين سوى أربعة عشر رجلا رضي الله عنهم.
بعد أن انتهي القتال في بدر ودفن الشهداء والقتلى؛ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع الغنائم فجمعت، وأرسل من يبشر أهل المدينة بالنصر، ثم عاد عليه الصلاة والسلام بالغنائم والأسرى إلى المدينة، فقسم الغنائم بين المجاهدين ومن في حكمهم من المخلَّفين لمصلحة، وحفظ لورثة الشهداء أسهمهم، وأما الأسرى فرأى بعد أن استشار أصحابه فيهم أن يستبقيهم ويقبل الفداء من قريش عمَّن تريد فداءه، فبعثت قريش بالمال لفداء أسراهم، فكان فداء الرجل من ألف درهم الى أربعة آلاف درهم بحسب منزلته فيهم، ومن لم يكن معه فداء وهو يحسن القراءة والكتابة أعطوه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم، فكان ذلك فداءه.
وكان من الأسرى العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُعفه من الفداء مع أنه إنما خرج لهذه الحرب مُكْرَها، وقد أسلم العباس عقب غزوة بدر ولكنه لم يظهر إسلامه إلا قبيل فتح مكة.
وكان منهم أيضاً أبو العاص بن الربيع زوج زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد افتدته رضى الله عنها بقلادتها فرُدَّت إليها، واشترط عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يمكّنها من الهجرة إلى المدينة فوفي بشرطه، وقد أسلم قبل فتح مكة، فرد إليه النبي صلى الله عليه وسلم زوجته. ومنهم من منَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بغير فداء؛ كأبي عزة الجمحي الذي كان يثير بشعره قريشاً ضد المسلمين، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفكه من الأسر على ألا يعود لمثل ذلك، فأطلقه على هذا الشرط، ولكنه لم يف بعهده بعد، وقتل بعد غزوة أحد.
ومن قتلى قريش: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وحنظلة بن أبي سفيان، والوليد بن عتبة، والجراح والد أبي عبيدة، قتله ابنه أبو عبيدة بعد أن ابتعد عنه فلم يرجع.
وأما شهداء بدر الأربعة عشر فمنهم ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، فمن المهاجرين: عبيدة بن الحارث وعمير بن أبي وقاص، ومن الأنصار: عوف ومعوّذ ابنا عفراء الخزرجيان، وهما اللذان قتلا أبا جهل، ومنهم سعد بن خيثمة الأوسيّ أحد النقباء في بيعة العقبة.
وهذه الغزوة الكبرى التي انتصر فيها المسلمون ذلك الانتصار الباهر، مع قلة عَددهم وعُددهم وكثرة عَدد العدوّ وعُدده، من الأدلة الكبرى على عناية الله تعالى بالمسلمين الصادقي العزيمة الممتلئة قلوبهم طمأنينة بالله تعالى وثقة بما وعدهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الفوز والنصر.
ولقد دخل بسببها الرعب في قلوب كافة العرب، فكانت للمسلمين عزاً وهيبة وقوة، والحمد لله رب العالمين.
غزوة أُحُد
بعد أن مضى على غزوة بدر عام كامل؛ وكانت عير قريش لم تزل موقوفة بدار الندوة؛ اجتمع من بقى من عظمائهم إلى أبي سفيان، واتفقوا على أن يتركوا ربح أموالهم في تلك العير استعداداً لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ربحها نحو خمسين ألف دينار، فاجتمع منهم ثلاثة آلاف رجل ومعهم حلفاؤهم من بني المصطلق وغيرهم، وخرجوا بالقيان والدفوف والخمور، ومعهم هند امرأة أبي سفيان وخمس عشرة امرأة ليشجعنهم ، وساروا حتى وصلوا إلى ذي الحليفة بالقرب من المدينة.
وقد كان العباس بن عبد المطلب بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب يخبره فيه بخروج القوم، فجمع عليه الصلاة والسلام أصحابه وأخبرهم الخبر، واستشارهم في البقاء بالمدينة حتى إذا قدم القوم إليها قاتلوهم، فكان رأى الأكثرين الخروج للقاء العدو، ففي يوم الجمعة لعشر خَلَوْن من شوال في السنة الثالثة للهجرة صلى الجمعة بالناس، وحضّهم في خطبتها على الثبات والصبر، ثم دخل حجرته فلبس درعين وتقلد السيف وألقى الترس وراء ظهره، ولما خرج للناس بعُدَّته هذه قال بعض من أشار بالخروج: نتبع ما عرضته من البقاء، فقال: ما كان لنبي لبس سلاحه أن يضعه حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه.
ثم عقد الألوية واستعرض الجيش وسار بألف رجل حتى منتصف الطريق بين المدينة وجبل أُحُد، وهو جبل في شمال المدينة، فرجع عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين في ثلاثمائة من أصحابه، ثم سار الجيش حتى نزل الشِّعب من أُحُد وجعل ظهره للجبل ووجهه للمدينة؛ وقد نزل المشركون ببطن الوادي بالقرب من أُحُد، فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرماة؛ وكانوا خمسين رجلا؛ فجعلهم خلف الجيش على ظهر الجبل، وأمرهم ألاّ يبرحوا مكانهم، ثم عَدَّل الصفوف وخطب في الجيش بالنصائح والمواعظ، ثم خرج رجل من صفوف المشركين فبرز له الزبير بن العوام فقتله؛ وقتل علىُّ بن أبي طالب حاملَ لواء المشركين، واسمه حمزة أرطاة، وخرج من صفوف المشركين عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق يطلب المبارزة فهمَّ أبو بكر أن يبرز إليه، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا له: متعنا بنفسك يا أبا بكر.
ثم التقت الصفوف، وجعلت نساء قريش يضربن الدفوف وينشدن الأشعار تهييجاً لرجالهن، فدارت رحا الحرب، وكانت الغلبة للمسلمين، إلا أن الرماة لما رأوا انكشاف المشركين ترك أكثرهم مكانهم الذي أُمروا ألا يتحولوا عنه، وتحولوا إلى العسكر، وخلوا ظهر المسلمين للعدو، واشتغل بعض الجيش بالغنائم، فاختلت الصفوف، فتحولت فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد وجاءوهم من خلفهم، فأصابوا فيهم، وأُذيع قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأضعف ذلك من عزائم الجيش، وانهزم جماعة من المسلمين، وانكشف مكان النبي صلى الله عليه وسلم للعدو فأصابته الحجارة، ووقع لشقه، فأصيبت رباعيته (السن التي بين الناب والثنية)، وجرح وجهه وشفته، ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته، والمغفر هو زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، وقد عالج أبو عبيدة بن الجراح نزع هاتين الحلقتين من وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزعهما، وكسرت في ذلك ثنيتاه رضى الله عنه.
وأحاط به الكفار فدافع دونه خمسة من الأنصار، وعاد إليهم فئة من المسلمين حتى أجلوا الكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ممن امتاز بالمدافعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت: سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو طلحة الأنصارى الذي نثر كنانته بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو دجانة الذي كان النبل يقع في ظهره وهو منحن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعد أن أجلى الكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه كعب بن مالك الأنصارى، فشرع ينادى: يا معشر المسلمين أبشروا، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اسكت، ثم سار عليه الصلاة والسلام نحو الشِّعب بين سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة، ومعه أبو بكر وعمر وعليّ وطلحة والزبير وغيرهم، وجاءت فاطمة الزهراء رضى الله عنها فغسلت عنه الدم وضمدت جروحه، وأقبل أبي بن خلف من المشركين يقول: أين محمد؟ لا نجوتُ إن نجا، فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم بحربة فوقع عن فرسه، وأصيب في عنقه، ومات بسبب ذلك، ولم يقتل بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيره، لا في هذه الغزوة ولا في غيرها.
ثم أراد عليه الصلاة والسلام أن يعلو صخرة في الشِّعب لينظر جماعة المشركين فلم يتمكن من القيام بنفسه، فأعانه طلحة بن عبيد الله حتى أصعده على الصخرة، فرأى جماعة المشركين على ظهر الجبل فقال: لا ينبغي لهم أن يعلونا. فأرسل إليهم عمر بن الخطاب في جماعة فأنزلوهم، وقد صعد أبو سفيان ربوة ونادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر، اعْلُ هُبَل (اسم صنم لهم)، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يجيبه، فأجابه عمر رضي الله عنه بقوله: الله أعلى وأجلّ لاسواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. فلما سمع أبو سفيان صوت عمر قال: هلمَّ إلي ياعمر، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه، فقال أبو سيفان: أنشدك الله ياعمر أقتلنا محمدا؟ فقال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الآن.
ثم نادى أبو سفيان: إن موعدكم بدر العام المقبل، فأجيب من قبل المسلمين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، هو بيننا وبينك موعد، وقد أخلف أبو سفيان موعده فلم يخرج في العام التالي، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد خرج في ذلك العام إلى بدر ولم يلق أحدا، وسميت تلك الغزوة غزوة بدر الأخرى أو الصغرى.
ثم انصرفوا، وتفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم القتلى وأمر بدفنهم، وعاد إلى المدينة في منتصف شوال.
وقد بلغ عدد قتلى المسلمين في هذه الغزوة سبعين شهيدا، منهم أربعة من المهاجرين والباقون من الأنصار، وقتل من المشركين اثنان وعشرون.
وجعلت زوجة أبي سفيان ومن معها من النساء يمثلن بالشهداء، فجدعن الآذان والأنوف، واتخذن منها قلائد، وبقرت زوجة أبي سفيان بطن حمزة، ولاكت كبده تشفيا من نكايتهم في غزوة بدر.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وصوله إلى المدينة بليلة واحدة أن يخرج معه لتعقب العدو كلُّ من حضر هذه الغزوة، فلما شعر أبو سفيان بذلك همَّ أن يعود بالمشركين للقاء المسلمين، فقيل له: إن محمدا قد أقبل في جميع أصحابه، فخاف وانثنى عن عزمه، واستمر راجعا إلى مكة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في حمراء الأسد، وهو موضع على ثمانية أميال من المدينة في طريق مكة، أقام هنالك ثلاثة أيام، ثم عاد إلى المدينة بعد أن تأكد من انصراف المشركين إلى مكة.

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:15 PM
الغزوات – أسبابها ومشروعيتها
بعد أن استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان بها اليهود من بني قينقاع وقريظة والنضير، أقرهم عليه الصلاة والسلام على دينهم وأموالهم، واشترط لهم وعليهم شروطاً، وكانوا مع ذلك يظهرون العداوة والبغضاء للمسلمين، ويساعدهم جماعة من عرب المدينة كانوا يظهرون الإسلام وهم في الباطن كفار؛ وكانوا يعرفون بالمنافقين، يرأسهم عبد الله بن أبي بن سلول، وقد قبل صلى الله عليه وسلم من هاتين الفئتين (اليهود والمنافقين) ظواهرهم، فلم يحاربهم ولم يحاربوه بل كان يقاوم الإنكار بالحجج الدامغة والحكم البالغة.
فلم يكن صلى الله عليه وسلم يقاتل أحداً على الدخول في دين الله، بل كان يدعو إليه ويجاهد في سبيله بإقامة ساطع الحجج وقاطع البراهين.
ولكن لما كانت قريش أمة معادية له، مقاومة لدعوته، معارضة له فيها، وقد آذته وآذت المسلمين وأخرجتهم من ديارهم، واستولت على ما تركوه بمكة من الأموال، وآذت المستضعفين الذين لم يقدروا على الهجرة مع رسول الله وأصحابه، أذن الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بقتالهم وقتال كل معتد وصادٍّ عن الدعوة.
فأول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك مصادرة تجارة قريش التي كانوا يذهبون بها إلى الشام والتي يجلبونها منه.
وكان بعد ذلك - عندما تدعو الحال لقتال من يقف في وجه الدعوة من قريش أو غيرهم - يخرج إلى القتال بنفسه ومعه المقاتلون من المسلمين، وتارة يبعث مع المقاتلين من يختاره لقيادتهم، وقد سمى المؤرخون ما خرج فيه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه (غزوة) سواء حارب فيها أم لم يحارب، وسموا ما بعث فيها أحد القواد (سرية).
الغزوات والسرايا إجمالا
<LI dir=rtl>في السنة الأولى من الهجرة بعث سريتين.
وفي السنة الثانية غزا بنفسه سبع غزوات وبعث سرية واحدة، وأكبر غزواتها غزوة بدر:


غزوة (ودان) وهي قرية بين مكة والمدينة، وكان خروجه لها ليعترض عيراً لقريش فوجدها قد سبقته فرجع.
وغزوة (بواط) وهو جبل جهينة بين المدينة وينبع، وكان خروجه فيها ليعترض عبر قريش فوجدها قد سبقته فرجع.
وغزوة (العشيرة) وهي موضع من بطن ينبع وسنأتي على ذكرها في الأصل عند الكلام على غزوة بدر الكبرى.
وغزوة (بدر الأولى). (بدر) موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب في الجنوب الغربي منها، خرج فيها لتعقب من أغار على سرح المدينة فلم يجده.
وغزوة (بدر الكبرى) وسنشرحها في الأصل.
وغزوة بني (قينقاع) وهم حي من اليهود حول المدينة نبذوا عهد المسلمين وخانوهم، فخرج إليهم وحاصرهم خمس عشرة ليلة، حتى طلبوا منه أن يخرجوا من ديارهم بالنساء والأولاد ويتركوا للمسلمين الأموال، فقبل منهم ذلك وأجلاهم.
وغزوة (السويق) التي خرج فيها أبو سفيان في مائتين إلى المدينة وأحرق بعض نخلها، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ففروا تاركين ما كانوا يحملون من أجربة السويق (ولذلك سميت غزوة السويق).

وفي السنة الثالثة غزا أربع غزوات وبعث سرية واحدة، وأهم غزواتها غزوة (أحد):


غزوة (غطفان) وهم حي من قيس بلغ النبي صلى الله عليه وسلم تجمعهم للإغارة على المدينة، فخرج اليهم فتشتتوا في رؤوس الجبال.
وغزوة (بحران) وهو موضع بجهة الفرع من المدينة به قبيلة بني سليم، أرادوا الإغارة على المدينة فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فتفرقوا.
وغزوة (أحد) وسنشرحها في الأصل.
وغزوة (حمراء الأسد) وقد ذكرت بالأصل.

وفي السنة الرابعة غزا ثلاث غزوات وبعث ثلاث سريات:


غزوة (بني النضير) وسنأتى على ذكرها في الأصل.
وغزوة (ذات الرقاع): اسم لصخور فيها بقع حمر وبيض وسود في جبل بجهة نجد؛ بلغه عليه الصلاة والسلام أن قبائل من نجد يتهيئون لحربه، فخرج إليهم في سبعمائة مقاتل فلم يجدوا غير النسوة فأخذوهن وعادوا، أما رجالهم فإنهم تفرقوا في رؤوس الجبال.
وغزوة (بدر الآخرة) وسيأتي الكلام عليها في آخر غزوة أحد.

وفي السنة الخامسة غزا أربع غزوات أشهرها غزوة الخندق:


غزوة (دومة الجندل) وهي جهة بين المدينة المنورة ودمشق، على بعد خمس ليال من دمشق وخمس عشرة ليلة من المدينة، بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بها جمعا من الأعراب يعتدون على من يمر بهم وأنهم يريدون القرب من المدينة، فخرج إليهم في ألف من أصحابه، فلما علموا بقربه منهم تفرقوا وغنم المسلمون مواشيهم.
وغزوة (بني المصطلق) وهم حي من خزاعة ساعدوا قريشا على حرب المسلمين في غزوة أحد ثم تجمعوا لحرب المسلمين، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في جمع كثير فالتقى الجمعان بجهة (المريسيع) وهو ماء لقبيلة خزاعة؛ فانهزم المشركون بين قتيل وأسير، وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت زعيمهم الحارث وأعتق سائر نسائهم، وفي أثناء رجوع المسلمين من هذه الغزوة حصلت حادثة الإفك المشهورة.
وغزوة (الخندق) وغزوة (بني قريظة) وسيأتى الكلام عليهما في الأصل.
وفي السنة السادسة غزا ثلاث غزوات وبعث إحدى عشرة سرية، ومن غزواتها غزوة الحديبية:
غزوة (بني لحيان).
وغزوة (الغابة).
وغزوة (الحديبية).
<LI dir=rtl>وفي السنة السابعة غزا غزوة واحدة وهي غزوة خيبر وبعث ثلاث سرايا.
وفي السنة الثامنة غزا أربع غزوات، وبعث عشر سرايا، وأكبر غزواتها غزوة فتح مكة المكرمة وغزوة حنين:


غزوة (مؤتة).
وغزوة (الفتح).
وغزوة (حنين).
وغزوة (الطائف)، وسيأتي الكلام على جميعها في الأصل.
<LI dir=rtl>وفي السنة التاسعة غزا غزوة واحدة وهي غزوة تبوك، وبعث سرية واحدة.
<LI dir=rtl>وفي السنة العاشرة بعث سريتين، وفيها حج حجة الوداع.
وفي السنة الحادية عشر بعث سرية واحدة.
فجملة الغزوات التي خرج للقتال فيها بنفسه صلى الله عليه وسلم: سبع وعشرون غزوة، وجملة السرايا التي بعث فيها القواد ولم يخرج فيها بنفسه: خمس وثلاثون سرية. ولنتكلم على المهم من تلك الغزوات باختصار.
غزوة بدر الكبرى
كان من عادة قريش أن تذهب بتجارتها إلى الشام لتبيع وتشتري فتمر في ذهابها وإيابها بطريق المدينة، ففي شهر جمادى الثانية من السنة الثانية للهجرة بعثت قريش بأعظم تجارة لها إلى الشام في عير كبيرة (وهم يسمون الركب الخارج بالتجارة عيرا) خرج بها أبو سفيان بن حرب في بضعة وثلاثين رجلا من قريش، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في مائة وخمسين رجلا من المهاجرين فلم يدركهم، وتسمى هذه غزوة (العشيرة)، باسم واد من ناحية بدر.
ولما علم برجوعهم من الشام خرج إليهم في العشر الأوائل من شهر رمضان في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار، معهم فرسان وسبعون بعيرا، وسار حتى عسكر بالروحاء، وهو موضع على بعد أربعين ميلا في جنوب المدينة.
وكان أبو سفيان حين قرب من الحجاز يسير محترسا، فلما علم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الطريق المسلوكة وسار بساحل البحر، ثم بعث رجلا إلى مكة ليخبر قريشا ويستنفرهم لحفظ أموالهم، فقام منهم تسعمائة وخمسون رجلا فيهم مائة فارس وسبعمائة بعير، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروج هذا الجمع استشار أصحابه فأشاروا بالإقدام، فارتحل بهم حتى وصل قريبا من وادي بدر، فبلغه أن أبا سفيان قد نجا بالتجارة وأن قريشا وراء الوادي، لأن أبا جهل أشار عليهم بعد أن علموا بنجاة العير ألا يرجعوا حتى يصلوا بدراً فينحروا ويطعموا الطعام ويسقوا الخمور فتسمع بهم العرب فتهابهم أبدا.
فسار جيش المشركين حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي (أي الشاطئ البعيد للوادي)، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى نزلوا بالعدوة الدنيا من الوادي، ولم يكن بها ماء فأرسل الله تعالى الغيث حتى سال الوادي فشرب المسلمون وملئوا أسقيتهم، وتلبدت لهم الأرض حتى سهل المسير فيها، أما الجهة التي كان بها المشركون فإن المطر أوحلها، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه حتى نزل بأقرب ماء من القوم، وأمر ببناء حوض يملأ ماء لجيشه؛ كما أمر بأن يغوّر ما وراءه من الآبار حتى ينقطع أمل المشركين في الشرب من وراء المسلمين، ثم أذن لأصحابه أن يبنوا له عريشاً يأوى إليه، فبني له فوق تل مشرف على ميدان القتال.
فلما تراءى الجيشان، وكان ذلك في صبيحة يوم الثلاثاء 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة قام النبي صلى الله عليه وسلم بتعديل صفوف جيشه حتى صاروا كأنهم بنيان مرصوص، ونظر لقريش فقال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني.
ثم برز ثلاثة من صفوف المشركين، وهم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة وطلبوا من يخرج إليهم، فبرز لهم ثلاثة من الأنصار، فقال المشركون: إنما نطلب أكفاءنا من بني عمنا (أى القرشيين)، فبرز لهم حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعليّ بن أبي طالب، فكان حمزة بإزاء شيبة وكان عبيدة بإزاء عتبة وكان عليّ بإزاء الوليد، فأما حمزة وعليّ فقد أجهز كل منهما على مبارزه، وأما عبيدة فقد ضرب صاحبه ضربة لم تمته وضربه صاحبه مثلها، فجاء علي وحمزة فأجهزا على مبارز عبيدة وحملا عبيدة وهو جريح إلى صفوف المسلمين، وقد مات من آثار جراحه رضى الله عنه.
ثم بدأ الهجوم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش يشجع الناس ويقول: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)، وأخذ من الحصباء حفنة رمى بها في وجوه المشركين قائلا: شاهت الوجوه ( أي: قبحت)، ثم قال لأصحابه: شدوا عليهم. فحمى الوطيس (أي: اشتد القتال). وأمد الله تعالى المسلمين بملائكة النصر، فلم تك إلا ساعة حتى انهزم المشركون وولوا الأدبار، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، فقتلوا منهم سبعين رجلا وأسروا سبعين، ومن بين القتلى كثيرون من صناديدهم.
ولما انتهت الموقعة أمر عليه الصلاة والسلام بدفن الشهداء من المسلمين، كما أمر بإلقاء قتلى المشركين في قليب بدر، ولم يستشهد من المسلمين سوى أربعة عشر رجلا رضي الله عنهم.
بعد أن انتهي القتال في بدر ودفن الشهداء والقتلى؛ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع الغنائم فجمعت، وأرسل من يبشر أهل المدينة بالنصر، ثم عاد عليه الصلاة والسلام بالغنائم والأسرى إلى المدينة، فقسم الغنائم بين المجاهدين ومن في حكمهم من المخلَّفين لمصلحة، وحفظ لورثة الشهداء أسهمهم، وأما الأسرى فرأى بعد أن استشار أصحابه فيهم أن يستبقيهم ويقبل الفداء من قريش عمَّن تريد فداءه، فبعثت قريش بالمال لفداء أسراهم، فكان فداء الرجل من ألف درهم الى أربعة آلاف درهم بحسب منزلته فيهم، ومن لم يكن معه فداء وهو يحسن القراءة والكتابة أعطوه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم، فكان ذلك فداءه.
وكان من الأسرى العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُعفه من الفداء مع أنه إنما خرج لهذه الحرب مُكْرَها، وقد أسلم العباس عقب غزوة بدر ولكنه لم يظهر إسلامه إلا قبيل فتح مكة.
وكان منهم أيضاً أبو العاص بن الربيع زوج زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد افتدته رضى الله عنها بقلادتها فرُدَّت إليها، واشترط عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يمكّنها من الهجرة إلى المدينة فوفي بشرطه، وقد أسلم قبل فتح مكة، فرد إليه النبي صلى الله عليه وسلم زوجته. ومنهم من منَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بغير فداء؛ كأبي عزة الجمحي الذي كان يثير بشعره قريشاً ضد المسلمين، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفكه من الأسر على ألا يعود لمثل ذلك، فأطلقه على هذا الشرط، ولكنه لم يف بعهده بعد، وقتل بعد غزوة أحد.
ومن قتلى قريش: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وحنظلة بن أبي سفيان، والوليد بن عتبة، والجراح والد أبي عبيدة، قتله ابنه أبو عبيدة بعد أن ابتعد عنه فلم يرجع.
وأما شهداء بدر الأربعة عشر فمنهم ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، فمن المهاجرين: عبيدة بن الحارث وعمير بن أبي وقاص، ومن الأنصار: عوف ومعوّذ ابنا عفراء الخزرجيان، وهما اللذان قتلا أبا جهل، ومنهم سعد بن خيثمة الأوسيّ أحد النقباء في بيعة العقبة.
وهذه الغزوة الكبرى التي انتصر فيها المسلمون ذلك الانتصار الباهر، مع قلة عَددهم وعُددهم وكثرة عَدد العدوّ وعُدده، من الأدلة الكبرى على عناية الله تعالى بالمسلمين الصادقي العزيمة الممتلئة قلوبهم طمأنينة بالله تعالى وثقة بما وعدهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الفوز والنصر.
ولقد دخل بسببها الرعب في قلوب كافة العرب، فكانت للمسلمين عزاً وهيبة وقوة، والحمد لله رب العالمين.
غزوة أُحُد
بعد أن مضى على غزوة بدر عام كامل؛ وكانت عير قريش لم تزل موقوفة بدار الندوة؛ اجتمع من بقى من عظمائهم إلى أبي سفيان، واتفقوا على أن يتركوا ربح أموالهم في تلك العير استعداداً لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ربحها نحو خمسين ألف دينار، فاجتمع منهم ثلاثة آلاف رجل ومعهم حلفاؤهم من بني المصطلق وغيرهم، وخرجوا بالقيان والدفوف والخمور، ومعهم هند امرأة أبي سفيان وخمس عشرة امرأة ليشجعنهم ، وساروا حتى وصلوا إلى ذي الحليفة بالقرب من المدينة.
وقد كان العباس بن عبد المطلب بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب يخبره فيه بخروج القوم، فجمع عليه الصلاة والسلام أصحابه وأخبرهم الخبر، واستشارهم في البقاء بالمدينة حتى إذا قدم القوم إليها قاتلوهم، فكان رأى الأكثرين الخروج للقاء العدو، ففي يوم الجمعة لعشر خَلَوْن من شوال في السنة الثالثة للهجرة صلى الجمعة بالناس، وحضّهم في خطبتها على الثبات والصبر، ثم دخل حجرته فلبس درعين وتقلد السيف وألقى الترس وراء ظهره، ولما خرج للناس بعُدَّته هذه قال بعض من أشار بالخروج: نتبع ما عرضته من البقاء، فقال: ما كان لنبي لبس سلاحه أن يضعه حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه.
ثم عقد الألوية واستعرض الجيش وسار بألف رجل حتى منتصف الطريق بين المدينة وجبل أُحُد، وهو جبل في شمال المدينة، فرجع عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين في ثلاثمائة من أصحابه، ثم سار الجيش حتى نزل الشِّعب من أُحُد وجعل ظهره للجبل ووجهه للمدينة؛ وقد نزل المشركون ببطن الوادي بالقرب من أُحُد، فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرماة؛ وكانوا خمسين رجلا؛ فجعلهم خلف الجيش على ظهر الجبل، وأمرهم ألاّ يبرحوا مكانهم، ثم عَدَّل الصفوف وخطب في الجيش بالنصائح والمواعظ، ثم خرج رجل من صفوف المشركين فبرز له الزبير بن العوام فقتله؛ وقتل علىُّ بن أبي طالب حاملَ لواء المشركين، واسمه حمزة أرطاة، وخرج من صفوف المشركين عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق يطلب المبارزة فهمَّ أبو بكر أن يبرز إليه، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا له: متعنا بنفسك يا أبا بكر.
ثم التقت الصفوف، وجعلت نساء قريش يضربن الدفوف وينشدن الأشعار تهييجاً لرجالهن، فدارت رحا الحرب، وكانت الغلبة للمسلمين، إلا أن الرماة لما رأوا انكشاف المشركين ترك أكثرهم مكانهم الذي أُمروا ألا يتحولوا عنه، وتحولوا إلى العسكر، وخلوا ظهر المسلمين للعدو، واشتغل بعض الجيش بالغنائم، فاختلت الصفوف، فتحولت فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد وجاءوهم من خلفهم، فأصابوا فيهم، وأُذيع قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأضعف ذلك من عزائم الجيش، وانهزم جماعة من المسلمين، وانكشف مكان النبي صلى الله عليه وسلم للعدو فأصابته الحجارة، ووقع لشقه، فأصيبت رباعيته (السن التي بين الناب والثنية)، وجرح وجهه وشفته، ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته، والمغفر هو زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، وقد عالج أبو عبيدة بن الجراح نزع هاتين الحلقتين من وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزعهما، وكسرت في ذلك ثنيتاه رضى الله عنه.
وأحاط به الكفار فدافع دونه خمسة من الأنصار، وعاد إليهم فئة من المسلمين حتى أجلوا الكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ممن امتاز بالمدافعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت: سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو طلحة الأنصارى الذي نثر كنانته بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو دجانة الذي كان النبل يقع في ظهره وهو منحن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعد أن أجلى الكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه كعب بن مالك الأنصارى، فشرع ينادى: يا معشر المسلمين أبشروا، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اسكت، ثم سار عليه الصلاة والسلام نحو الشِّعب بين سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة، ومعه أبو بكر وعمر وعليّ وطلحة والزبير وغيرهم، وجاءت فاطمة الزهراء رضى الله عنها فغسلت عنه الدم وضمدت جروحه، وأقبل أبي بن خلف من المشركين يقول: أين محمد؟ لا نجوتُ إن نجا، فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم بحربة فوقع عن فرسه، وأصيب في عنقه، ومات بسبب ذلك، ولم يقتل بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيره، لا في هذه الغزوة ولا في غيرها.
ثم أراد عليه الصلاة والسلام أن يعلو صخرة في الشِّعب لينظر جماعة المشركين فلم يتمكن من القيام بنفسه، فأعانه طلحة بن عبيد الله حتى أصعده على الصخرة، فرأى جماعة المشركين على ظهر الجبل فقال: لا ينبغي لهم أن يعلونا. فأرسل إليهم عمر بن الخطاب في جماعة فأنزلوهم، وقد صعد أبو سفيان ربوة ونادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر، اعْلُ هُبَل (اسم صنم لهم)، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يجيبه، فأجابه عمر رضي الله عنه بقوله: الله أعلى وأجلّ لاسواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. فلما سمع أبو سفيان صوت عمر قال: هلمَّ إلي ياعمر، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه، فقال أبو سيفان: أنشدك الله ياعمر أقتلنا محمدا؟ فقال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الآن.
ثم نادى أبو سفيان: إن موعدكم بدر العام المقبل، فأجيب من قبل المسلمين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، هو بيننا وبينك موعد، وقد أخلف أبو سفيان موعده فلم يخرج في العام التالي، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد خرج في ذلك العام إلى بدر ولم يلق أحدا، وسميت تلك الغزوة غزوة بدر الأخرى أو الصغرى.
ثم انصرفوا، وتفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم القتلى وأمر بدفنهم، وعاد إلى المدينة في منتصف شوال.
وقد بلغ عدد قتلى المسلمين في هذه الغزوة سبعين شهيدا، منهم أربعة من المهاجرين والباقون من الأنصار، وقتل من المشركين اثنان وعشرون.
وجعلت زوجة أبي سفيان ومن معها من النساء يمثلن بالشهداء، فجدعن الآذان والأنوف، واتخذن منها قلائد، وبقرت زوجة أبي سفيان بطن حمزة، ولاكت كبده تشفيا من نكايتهم في غزوة بدر.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وصوله إلى المدينة بليلة واحدة أن يخرج معه لتعقب العدو كلُّ من حضر هذه الغزوة، فلما شعر أبو سفيان بذلك همَّ أن يعود بالمشركين للقاء المسلمين، فقيل له: إن محمدا قد أقبل في جميع أصحابه، فخاف وانثنى عن عزمه، واستمر راجعا إلى مكة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في حمراء الأسد، وهو موضع على ثمانية أميال من المدينة في طريق مكة، أقام هنالك ثلاثة أيام، ثم عاد إلى المدينة بعد أن تأكد من انصراف المشركين إلى مكة.

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:16 PM
غزوة الخندق
كان بين المسلمين من الخزرج وبين يهود بني النضير المجاورين للمدينة عهد على التناصر، فخان اليهود عهدهم مع المسلمين، حيث هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج عليه الصلاة والسلام إليهم في السنة الرابعة للهجرة حتى أجلاهم عن مواطنهم، فأورث الله تعالى المسلمين أرضهم وديارهم، ولم يقر لهؤلاء اليهود قرار بعد ذلك فذهب جمع منهم إلى مكة، وقابلوا رؤساء قريش واتفقوا معهم ومع قبيلة غطفان على حرب المسلمين، فتجهزت قريش ومن تبعهم من كنانة، وتجهزت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، وتحزبوا جميعاً على محاربة المسلمين، حتى بلغ عدد جميعهم عشرة آلاف محارب قائدهم العام أبو سفيان.
فلما سمع رسول الله صلى عليه وسلم بتجمعهم لذلك استشار أصحابه فيما يعمل لمقاومتهم، فأشار سلمان الفارسيّ رضي الله عنه بحفر خندق في شمال المدينة من الجهة التي تؤتى منها المدينة، فحفروه وجاءت قريش ومن معها من الأحزاب ونزلوا خلف الخندق، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين أمام الخندق، واستمروا على هذه الحالة يترامون بالنبل بضعاً وعشرين ليلة، وقد رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم حراسا على الخندق لئلا يقتحمه الأعداء ليلا، وكان يحرس بنفسه أصعب جهة فيه، ولما طالت المدة اقتحم جماعة من المشركين الخندق بخيلهم، فمنهم من وقع فيه فاندقَّ عنقه، ومنهم من برز له بعض شجعان المسلمين فقتله، وقد استمرت هذه المعركة يوما كاملا.
غزوة بني قريظة
ثم بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن يهود بني قريظة القاطنين بجوار المدينة يريدون نقض ما بينهم وبينه من العهود، فاسترجع من جيشه خمسمائة رجل لحراسة النساء والذرارى، ولما علم المسلمون بأمر بني قريظة اشتد وجلهم لأن العدو قد أصبح محيطاً بهم من الخارج والداخل، ولكن الله سبحانه وتعالى قيَّض لرسوله صلى الله عليه وسلم من انبث بين الأعداء يفرق جموعهم بالخديعة والحيلة، حتى استحكم الفشل بينهم، وخاف بعضهم بعضاً، وأرسل الله تعالى عليهم ريحا باردة في ليل مظلم أكْفَأت قدورهم وطرحت آنيتهم، فارتحلوا من ليلتهم، وأزاح الله تعالى هذه الغُمَّة التي تحزَّب فيها الأحزاب من قبائل العرب واليهود على المسلمين.
وكانت هذه الحادثة بين شهري شوال وذي القعدة من شهور السنة الخامسة للهجرة، واستشهد فيها من المسلمين ستة، وقتل من المشركين ثلاثة.
ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخلع لباس الحرب حتى حاصر بني قريظة لخيانتهم ونقضهم للعهد، واستمر محاصراً لهم خمساً وعشرين ليلة، حتى كادوا يهلكون ولم يروا بدًّا من التسليم لما يحكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضوا بأن ينزلوا على حكم سيدهم سعد بن معاذ، فحكم بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم وأخذ غنائمهم، فحبس الرجال في دور الأنصار حتى حفرت لهم خنادق ضربت أعناقهم فيها، وكانوا نحو سبعمائة رجل، وبذلك أراح الله المسلمين من شر مجاورة هؤلاء الأعداء، والله عزيز ذو انتقام.
غزوة الحديبية وصلحها
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة الخندق بقية السنة الخامسة للهجرة، وفي السنة السادسة خرج إلى بني لحيان الذين قتلوا عاصم بن ثابت ومن معه، فوجد القوم قد تفرقوا، ثم إلى ذى قَرَد لرد إغارة عيينة بن حصن على لقاحه صلى الله عليه وسلم (واللقاح: جمع لَقْحة، وهي الناقة الحلوب)، ففر العدو بعد مناوشة لم تطل، ثم إلى بني المصطلق لما بلغه أنهم يجمعون له الجموع، فهزمهم وغنم منهم أموالا وسبايا.
ثم خرج صلى الله عليه وسلم في ذى القعدة من تلك السنة إلى مكة يقصد العمرة، وخرج معه من المهاجرين والأنصار ألف وخمسمائة، وساق معه الهدى ليعلم الناس أنه لم يخرج محاربا، وأمر أصحابه ألا يستصحبوا معهم من السلاح إلا السيوف مغمدة في قُرُبها، حتى لايدخلوا المسجد الحرام بسيوف مجردة، فسار عليه الصلاة والسلام بهذا الجمع حتى وصلوا عسفان، وهو موضع على مرحلتين من مكة، فجاءه من أخبره أن قريشاً اتفقت على صد المسلمين عن مكة، وتجهزت للحرب، وأخرجت خالد ابن الوليد في مائتي فارس ليصدوا المسلمين عن التقدم، فسار المسلمون من طريق آخر تملك مكة من أسفلها، حتى وصلوا إلى مهبط الحديبية، وهي بئر بقرب مكة سمى الموضع باسمها، فبركت ناقته صلى الله عليه وسلم، فأمر أصحابه بالنزول، وهناك جاء رسول من قريش يسأِل عن سبب مجيء المسلمين، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بمقصده، فلما رجع إلى قريش لم يثقوا به، فأرسلوا آخر، فلما رأى الهدى وسمع التلبية رجع وقال لقريش: إن القوم جاءوا معتمرين، وما ينبغي أن يُصَدُّوا، وما ينبغي أن تحج لخم وجذام وحمير ويمنع عن البيت ابن عبد المطلب، فلم تسمع قريش لقوله، وبعثوا آخر فرأى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم احترامهم لنبيهم ومحبتهم إياه، فرجع إلى قريش وحدثهم بما رأى وقال : إنى والله ما رأيت ملكا في قومه مثل محمد في أصحابه. فتكلم القوم فيما بينهم، وقالوا: نرده عامنا ويرجع إلى قابل.
ثم أرسل رسول الله صلى الله عيه وسلم إليهم عثمان بن عفان رضى الله عنه في جوار رجل من بني أمية ليعلمهم بقصده، وخرج معه عشرة من المسلمين لزيارة أقاربهم بمكة، فقالت قريش: إن محمدا لا يدخلها علينا عنوة أبدا، ثم منعوا سيدنا عثمان رضى الله عنه ومن معه من الرجوع، وشاع بين المسلمين أنه قد قتل، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للبيعة على القتال، فبايعوه على ذلك، وكان ذلك تحت شجرة سميت بعد بشجرة الرضوان، وسميت هذه البيعة أيضاً بيعة الرضوان، وبعث المشركون طلائعهم فأسر المسلمون منهم اثني عشر رجلا.
ولما سمعت قريش بهذه البيعة خافوا أن تدور عليهم الدائرة؛ فأرسلوا أحدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للمكالمة في الصلح، وبعد أن أطلقوا سبيل سيدنا عثمان ومن معه، وأطلق المسلمون من أسروهم، اتفق معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قواعد الصلح، وهي أربعة أمور: ترك الحرب بين الفريقين عشر سنين. وأن يرجع رسول الله والمسلمون من عامهم دون أن يدخلوا مكة؛ فإذا جاء العام الثانى دخلوها بدون سلاح سوى السيوف في القُرُب وأقاموا بها ثلاثة أيام بعد أن تخرج منها قريش. وأن من أتى إلى المسلمين من قريش ردوه إليهم، ومن جاء الى قريش من المسلمين لايلزمون برده. وأن من أحب أن يدخل في عهد المسلمين دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش دخل فيه.
وأملى النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب، فكتب بذلك وثيقة، وقد رضي المسلمون بما رضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تألموا من بعض هذه الشروط، ثم تحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من عمرتهم وعادوا إلى المدينة، ) وقد نزلت في هذه الحادثة سورة الفتح.
مراسلة رسول الله صلى الله عليه وسلم للملوك
بعد تلك الهدنة التي تمت بصلح الحديبية أمن المسلمون شر قريش، وأصبحت طرق المواصلة مع سائر الجهات متيسرة، فشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة وتعميمها، فكاتب ملوك الأرض يدعوهم وأممهم إلى الإسلام، واتخذ له خاتما نقشه : (محمد رسول الله).
فبعث دحية الكلبي بكتاب إلى قيصر ملك الروم وكان بالقدس، فلما وصله الكتاب، وكان أبو سفيان بالشام في تجارة، فاستدعاه وسأله عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: هو فينا ذو نسب. فسأله: هل تكلم بهذا القول أحد قبله؟ فقال: لا. فسأله هل كنتم تتهمونه بالكذب؟ فقال: لا. فسأله: هل كان من آبائه ملك؟ فقال: لا. فسأله: هل أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقال: بل ضعفاؤهم. فسأله: فهل يزيدون أم ينقصون؟ فقال: بل يزيدون. فسأله: فهل يرتدُّ أحد منهم كراهية في دينه؟ فقال: لا. فسأله: هل يغدر إذا عاهد؟ فقال: لا. فسأله: هل قاتلتموه وكيف حربكم وحربه؟ فقال: حاربناه، وكانت الحرب بيننا وبينه سجالا، مرة لنا ومرة علينا. فسأله: بم يأمركم؟ فقال: يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهي عما كان يعبده آباؤنا، ويأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. فاستنتج ذلك الملك مما ذكر أنه نبي، وقال لأبي سفيان: إن كان ما كلمتني به حقا فسيملك موضع قدميّ هاتين، ثم جمع عظماء الروم وحادثهم في اتباع هذا النبي، فنفروا وقد غلب عليه حب ملكه فلم يسلم، ولكنه رد دحية ردا جميلا.
وأرسل عليه الصلاة والسلام الحارث بن عمير بكتاب إلى أمير بصرى، فلما بلغ مُؤْتَة من قرى الشام تعرض له شرحبيل العسالي فقتله، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره.
وأرسل عليه الصلاة والسلام كتاباً الى أمير دمشق التابع لملك الروم، فلما وصله الكتاب وقرأه رمى به واستعد لحرب المسلمين، واستأذن ملكه في ذلك فلم يأذن له.
وأرسل عليه الصلاة والسلام حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى المقوقس أمير مصر من قبل ملك الروم، وكان بالإسكندرية، فلما قرأه قال لحاطب: ما منعه إن كان نبيا أن يدعو على من خالفه وأخرجه من بلده؟ فقال له حاطب: ألست تشهد أن عيسى رسولَ الله هو ابنُ الله ؟ فلِمَ لَمْ يمنعه الله حين أخذه قومه ليقتلوه؟ فقال المقوقس لحاطب: أحسنت، ولقد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضار، ولا بالكاهن الكذاب، وسأنظر. ثم كتب ردا لجواب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكـلام لا اعتراف فيه ولا إنكار، وأهدى له جاريتين، إحداهما مارية التي تسرى بها عليه الصلاة والسلام وأتى منها بولده إبراهيم عليه السلام.
وأرسل عليه الصلاة والسلام كتابا إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما قرأه قال للرسول: إني أعلم والله أن عيسى بَشَّر به، ولكن أعواني بالحبشة قليل.
وأرسل إلى كسرى ملك الفرس فاستكبر ومزق الكتاب، فمزق الله تعالى ملكه كل ممزَّق.
وأرسل إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، فأسلم وأسلم معه بعض قومه، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم أميراً من قبله على جهة البحرين.
وأرسل إلى جعفر وعبد الله ابني الجلندي ملكي عمان، فأسلما بعد أن سألا عما يأمر به النبي وينهي عنه، فقال لهما رسول النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأمر بطاعة الله عز وجل وينهي عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهي عن الظلم والعدوان والزنا وشرب الخمر؛ وعن عبادة الحجر والوثن والصليب.
وأرسل عليه الصلاة والسلام الى هوذة بن على ملك اليمامة، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل له بعض الأمر فلم يجبه.
غزوة خيبر
بعد أن تم صلح الحديبية واستراح المسلمون من غزوات قريش، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستريح أيضاً من أعدائه القريبين الذين يتربصون به الشر، وهم أهل خيبر الذين حزبوا الأحزاب على المسلمين في غزوة الخندق، فخرج صلى الله عليه وسلم إلى خيبر في أول السنة السابعة للهجرة، وكانت خيبر محصنة بثمانية حصون، فعسكر المسلمون خارجها، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم ليرهبهم، فلما رآهم مصرين على القتال بدأهم بالمراماة، واستمروا في المناوشة سبعة أيام، ثم حمل المسلمون على اليهود حتى كشفوهم عن مواقفهم، وتبعوهم حتى دخلوا أول حصن، فانهزم الأعداء إلى الحصن الذي يليه، فقاتلوا عنه قتالا شديدا حتى كادوا يردون المسلمين عنه، ولكن المسلمين اقتحموا عليهم هذا الحصن حتى ألجأوهم إِلى الحصن الذي يليه، وحاصروهم فيه ومنعوا عنهم جداول الماء، فخرجوا وقاتلوا حتى انهزموا إلى حصن آخر، وهكذا حتى لم يبق غير الحصنين الأخيرين فلم يقاوم أهلهما، بل سلموا طالبين حقن دمائهم، وأن يخرجوا من أرض خيبر بذراريهم، لايأخذ الواحد منهم إلا ثوبا واحداً على ظهره، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، وغنم المسلمون من خيبر غنائم كثيرة من دروع وسيوف ورماح وأقواس وحلى وأثاث ومتاع وغنم وطعام.
وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون قتيلا، واستشهد من المسلمين خمسة عشر شهيدا.
وفي هذه الغزوة أهدت امرأة يهودية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذراع شاة مسمومة فأخذ منها مضغة ثم لفظها، حيث أعلمه الله تعالى أنها مسمومة، وقد اعترفت تلك المرأة بما فعلت، وقالت: قلت إن كان نبياًّ لن يضر، وإن كان كاذباً أراحنا الله منه. فعفا عنها صلى الله عليه وسلم.
وبعد فتح خيبر أرسل صلى الله عليه وسلم إلى يهود فدك، فصالحوا على أن يتركوا له أموالهم ويحقن دماءهم، فأجابهم لذلك.
وبعد رجوع المسلمين من خيبر قدم من الحبشة بقية من كان فيها من المهاجرين، منهم جعفر بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري وقومه، بعد أن أقاموا بها عشر سنين.
وقد أسلم بعد غزوة خيبر ثلاثة من عظماء الرجال: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طليحة العبدري
عمرة القضاء
ولما حال الحول على صلح الحديبية خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى الحديبية الذين صُدُّوا معه عن البيت عام الحديبية، ليقضوا تلك العمرة التي صُدُّوا عنها حسب عهدة الحديبية، فلما وصلوا إلى مكة خرجت منها قريش ودخلها المسلمون وقضوا عمرتهم، وأقاموا بمكة ثلاثة أيام وانصرفوا إلى المدينة بسلام.
سرية مؤتة
في منتصف السنة الثامنة للهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً مؤلفاً من ثلاثة آلاف مقاتل، للاقتصاص من عمرو بن شرحبيل أمير بصرى من قبل الروم لقتله الحارث بن عمير الذي بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، فلما بلغ هذا الجيش أرض مؤتة قابلهم الروم والعرب المتنصرة في مائة وخمسين ألفاً، وكان قائد المسلمين زيد بن حارثة فقُتل، فتولى القيادة جعفر بن أبي طالب فقُتل، ثم عبد الله بن رواحة فقُتل، وكان هذا الترتيب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن استشهد من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم اتفق الجيش على تولية خالد بن الوليد، فجعل يخادع الأعداء حتى ألقى الله الرعب في قلوبهم وانصرفوا.

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:17 PM
كانت بطون خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما كانت بنو بكر بن وائل في عهد قريش، وكان بين هذين الجيشين دماء، فثار بنوبكر على خزاعة، وساعدتهم قريش بالسلاح والأنفس وقاتلوهم، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من خزاعة وأخبروه بنقض قريش للعهد، فلما أحست قريش بما فعلت جاء منهم أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوى العهد ويزيد في المدة فلم يجبه إلى ذلك، وتأكد المسلمون من نقض قريش للعهد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتجهزوا وكتم عنهم الوجه، فاجتمع لذلك عشرة آلاف من المسلمين من المهاجرين والأنصار وطوائف من العرب، وخرج بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر مضت من شهر رمضان في السنة الثامنة للهجرة، وساروا حتى نزلوا بمرِّ الظهران بقرب مكة بدون أن تعلم قريش بوجهتهم.
وقد كان العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة بأهله، فقابله عليه الصلاة والسلام في الطريق فأرجعه معه، وبعث بعياله إلى المدينة. وبينما جيش المسلمين بمر الظهران إذ خرج أبو سفيان ومعه آخران يتجسسون الأخبار، لما كانوا يتوقعونه من عدم سكوت المسلمين على نقض العهد، فظفرت بهم جنود المسلمين، وكان أول من لقى أبا سفيان العباس بن عبد المطلب، فأخذه معه حتى وصل به إلى خيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمنه وسلمه للعباس. فلما أصبح أسلم وشهد شهادة الحق، فقال العباس: يارسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً، فقال عليه الصلاة والسلام: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
ثم أمر العباس أن يقف بأبي سفيان حيث يسير الجيش حتى ينظر إلى المسلمين، فجعلت القبائل تمر عليه كتيبة كتيبة حتى انتهت، وانطلق أبو سفيان إلى مكة مسرعا ونادى بأعلى صوته : يامعشر قريش، لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون، وهو جبل بمعلاة مكة، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل مكة بمن معه من كُدَىّ، وهو جبل بأسفل مكة من جهة اليمن، ودخل صلى الله عليه وسلم ومن معه من كداء، وهو جبل بأعلا مكة، ونادى مناديه: من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. واستثنى من ذلك جماعة أهدر دماءهم لشدة ما ألحقوا بالمسلمين من الأذى، منهم عبد الله بن سعد بني أبي سرح وعكرمة بن أبي جهل وكعب بن زهير ووحشى قاتل حمزة وهند بنت عتبة زوج أبي سفيان وهبار بن الأسود والحارث بن هشام، وهؤلاء قد أسلموا.
وقد صادف جيش خالد بن الوليد في دخوله مقاومة من طائشى قريش فقاتلهم وقتل منهم أربعة وعشرين، واستشهد من فرقته اثنان. وأما فرقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تصادف مقاومة، وقد دخل عليه الصلاة والسلام راكباً راحلته، وهو منحن على الرحل تواضعاً لله تعالى، وشكراً له عز وجل على هذه النعمة العظمى، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشر خلت من رمضان.
نصبت له عليه الصلاة والسلام قبة في الموضع الذي أشار بأن تركز فيه الراية، فاستراح في القبة قليلا، ثم سار وهو يقرأ سورة الفتح وبجانبه أبو بكر، حتى دخل البيت وطاف سبعاً على راحلته، واستلم الحجر بمحجنه، وكان حول الكعبة أصنام كثيرة؛ فكان يطعنها بعود في يده ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، وما يبدئ الباطل وما يعيد.
بعد أن أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم طوافه أمر بالاصنام فأزيلت من حول الكعبة، وطهر الكعبة من هذه المعبودات الباطلة، ثم أخذ عليه الصلاة والسلام مفتاح الكعبة من حاجبها عثمان بن طلحة الشيبى، ودخلها وكبر في نواحيها ، ثم خرج إلى مقام إبراهيم وصلى فيه ، ثم جلس في المسجد والناس حوله ينتظرون ما هو آمر به في شأن قريش، فقال عليه الصلاة والسلام: يا معشر قريش ما تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا: خيراً ، أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وردَّ مفتاح الكعبة لسادنها، ثم خطب في الناس خطبة أبان فيها كثيراً من أحكام الدين، وبعد أن أتمها شرع الناس يبايعونه على الإسلام ، فأسلم كثير من قريش.
وممن أسلم في ذلك الوقت معاوية بن أبي سفيان ، وأبو قحافة والد الصديق ، وأسلم بعض من أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه في ذلك اليوم، وبايع فقبلت بيعته ، وبعد أن تمت بيعة الرجال بايعه النساء.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن على ظهر الكعبة، وكانت هذه أول مرة ظهر فيها الإسلام على ظهر البيت.
وقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها تسعة عشر يوماً، أرسل في أثنائها خالد بن الوليد في ثلاثين فارساً لهدم هيكل (العُزَّى) ، وهو أكبر صنم لقريش، وأرسل عمرو بن العاص لهدم (سواع) وهو أعظم صنم لهذيل ، وبعث آخر لهدم (مناة) وهي صنم لخزاعة.
غزوة حنين
وبهذا الفتح دانت للإسلام جموع العرب، ودخلوا في دين الله أفواجاً. غير أن قبيلتي هوازن وثقيف أخذتهم العزة والأنفة وتجمعوا لحرب المسلمين في مكة، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لهم في اثني عشر ألف مقاتل (وهو أكثر جنده عليه الصلاة والسلام)، فلما وصل جيش المسلمين إلى وادي حنين كان العدو كامناً في شعابه، فقاموا على المسلمين قومة رجل واحد قبل أن يتمكن المسلمون من تهيئة صفوفهم ، فانهزمت مقدمة جيش المسلمين ، وكاد جيش المسلمين يتفرق مع كثرة عدده ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس أن ينادي في جيش المسلمين بالثبات ، فاجتمعوا واقتتل الفريقان ، ولم تمض ساعات حتى انهزم الأعداء هزيمة شديدة ، وقد قتل من ثقيف وهوازن نحو سبعين، وغنم المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وإبل.
ثم توجه رسول الله صلى عليه وسلم إلى ثقيف بالطائف فحاصرها مدة ولم يفتحها ، وبعد رجوعه منها أتاه وهو بالجعرانة وفود من هوازن يلتمسون منه رد نسائهم وأبنائهم الذين سباهم المسلمون، فقال عليه الصلاة والسلام: ما كان لى ولبني عبد المطلب فقد رددته إليكم. فقال المهاجرون والأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فرُدَّت إلى هوازن نساؤهم وأبناؤهم.
ثم قام عليه الصلاة والسلام من الجعرانة إلى مكة معتمراً، فأدى العمرة وعاد بعد ذلك إلى المدينة ، فوصلها لست بقين من ذى القعدة.
غزوة تبوك
أقام عليه الصلاة والسلام بالمدينة إلى منتصف السنة التاسعة للهجرة، ثم بلغه أن الروم يتجهزون في تبوك لحربه بعد ما كان بينهم وبين المسلمين في حادثة مؤتة، فتجهز عليه الصلاة والسلام لغزوهم في ثلاثين ألف مقاتل ، وكان المسلمون إذ ذاك في زمن عسرة وجدب، فلم يعقهم ذلك عن التأهب لقتال الأعداء ، وتصدق أبو بكر لذلك بجميع ماله؛ وعثمان بن عفان بمال كثير، فخرج عليه الصلاة والسلام حتى وصل تبوك فلم يجدهم بها، فأقام بضع عشرة ليلة، ثم قفل إلى المدينة، وهذه آخر غزواته صلى الله عليه وسلم.
عام الوفود
قد عرفت أن الدعوة إلى الإسلام كانت في مبدئها سراً وخفية، وأن الذين دخلوا في الإسلام إذ ذاك أفراد قليلون، وبعد الجهر بالدعوة أخـذ عددهم يزداد قليلاً قليلاً، إلى أن أُذِنَ له صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فازداد عددهم بدخول عرب المدينة ومن حولها في الدين وحدانا وجماعات، ولكن الدعوة لم تصل إلى الدرجة المطلوبة من الانتشار والعموم حتى تم صلح الحديبية بين قريش والمسلمين، فكان ذلك الصلح سبباً كبيراً من أسباب فشوّ الدعوة وعمومها حيث أمنت الطرق وتمكن الرسول عليه الصلاة والسلام من إرسال الرسل والكتب الى الملوك والأمم والقبائل ، ثم تم الأمر بفتح مكة ودخول أعاظم قريش في الإسلام، وانتشار القرآن بأسلوبه البديع وحكمه البالغة المؤثرين في عقول العرب ذلك التأثير الذي لانت به شكيمتهم وشرعوا يَفِدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أفواجاً، وقد كان أكثر ذلك في السنة التاسعة للهجرة.
فمن ذلك وفد (ثقيف) جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عقب مقدمه من تبوك يريدون الإسلام ، وطلبوا أشياء أباها عليهم وأشياء أعطاها لهم.
ووفد (نصارى نجران) ، وهؤلاء لم يسلموا بل رضوا بدفع الجزية.
ووفود (بني فزارة) قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين.
ووفد (بني تميم) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أشرافهم ونادوه من وراء الحجرات ، وبعد تبادل الخطب وإنشاد الشعر بين خطبائهم وشعرائهم وخطباء المسلمين وشعرائهم أسلموا وعادوا إلى أوطانهم.
ووفد (بني سعد بن بكر) يؤمهم ضمام بن ثعلبة ، الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلة كثيرة وأجابه عنها ، فأسلم وعاد إلى قومه فما بقى منهم أحد إلا أسلم من يومه.
ووفد (كندة) في مقدمته الأشعث بن قيس ، وقد أسلموا بعد أن سمعوا أوائل سورة الصافَّات.
ووفد (بني عبد القيس بن ربيعة) وكانوا نصارى فأسلموا جميعاً.
ووفد (بني حنيفة بن ربيعة) فأسلموا ، وكان فيهم مسيلمة بن حنيفة، الذي لقب بالكذاب لادعائه النبوة بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الدار الآخرة.
ووفد (طيء من قحطان) يقدمهم زيد الخيل، وقد أسلموا جميعاً.
ووفد (بني الحارث بن كعب) فيهم خالد بن الوليد جاءوا مسلمين.
ووفود آخرون من قبائل شتى من (بني أسد) و (بني محارب) و(همدان) و(غسان) وغيرهم ، منهم من جاء مسلماً ، ومنهم من جاء للإسلام وأسلم، ورسل من ملوك حمير وغيرهم، جاءوا يخبرون بإسلامهم.
وهكذا دخل الناس في دين الله أفواجاً ، حتى بلغ من كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة أكثر من مائة ألف، والذين لم يحضروا حجة الوداع من المسلمين كانوا أكثر من ذلك أضعافاُ مضاعفة، (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَّشَاءُ إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِى الأَبْصَارِ).
حجة الوداع
بعد أن عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، بعث أبا بكر الصديق رضى الله عنه في ذى القعدة إلى مكة سنة تسع من الهجرة ليحج بالناس ، وفي أواخر ذي القعدة من السنة العاشرة قام عليه الصلاة والسلام إلى مكة في جمع عظيم، وأحرم للحج عندما سارت به راحلته وقال: لبيك الله اللهم لبيك . لا شريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك. ولم يزل سائراً حتى دخل مكة ضحوة يوم الأحد لأربع خلون من ذي الحجة ، وكان دخوله من ثنية كداء ، فطاف بالبيت سبعاً ، واستلم الحجر الأسود ، وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم ، وشرب من ماء زمزم ، وسعى بين الصفا والمروة سبعاً راكباً على راحلته ، وفي الثامن من ذى الحجة توجه إلى منى فبات بها ، وفي التاسع منه توجه إلى عرفة وخطب خطبته المشهورة بخطبة الوداع. ابتدأها بعد الثناء على الله تعالى بقوله: أيها الناس اسمعوا منى أبين لكم ، فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا في موقفي هذا. ثم قال: أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى الذي ائتمنه عليها . ثم قال: أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاًّ ولكم عليهن حقاًّ ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم غيركم ، ولا يُدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ، ولا يأتين بفاحشة. أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه ، فلا ترجعُنَّ بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإنى قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله. ألا هل بلغت ، اللهم اشهد. ثم قال: أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد. كلكم لآدم وآدم من تراب. أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس لعربى فضل على عجمىٍّ إلا بالتقوى. ألاهل بلغت ، اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب.
وقد اشتملت هذه الخطبة العظيمة على غير ذلك من أحكام الله تعالى وحدوده.
وقد أنزل الله عليه في ذلك اليوم قوله سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً).
وبعد أن أدَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم مناسك الحج: من رمى الجمار والنحر والحلق والطواف ، أقام بمكة عشرة أيام ثم قفل إلى المدينة صلى الله عليه وسلم.
مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته
في أوائل صفر من السنة الحادية عشرة للهجرة مرض النبي صلى الله عليه وسلم بالحمى ،واستمر ثلاثة عشر يوماً يتنقل في بيوت أزواجه ، ولما اشتد عليه مرضه استأذن منهن أن يتمرض في بيت عائشة فأذنَّ له ، ولما تعذر عليه الخروج الى الصلاة قال : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس ، ولما رأى الأنصار اشتداد مرضه أطافوا بالمسجد قلقين ، فخرج إليهم عليه الصلاة والسلام معصوب الرأس ، يخط برجليه متوكئاً على علىّ والفضل يتقدمهم العباس ، حتى جلس في أسفل مرقاة المنبر وأحاط به الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس بلغنى أنكم تخافون من موت نبيكم. هل خلد نبي قبلى فيمن بعث الله فأخلد فيكم؟ ألا إنى لاحق بهم وإنكم لاحقون بى ، فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيراً وأوصى المهاجرين فيما بينهم. إلى أن قال : ألا وأنى فرط لكم وأنتم لاحقون بى ، ألا فإن موعدكم الحوض ، ألا فمن أحب أن يَرِده علىَّ غدا فليكف يده ولسانه إلا فيما ينبغى.
وبينما المسلمون في صلاة الفجر يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الأول؛ وأبو بكر رضى الله عنه يصلى بهم؛ إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف سجف (ستر) حجرة عائشة رضى الله عنها ، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة وتبسم، فظن أبو بكر أن رسول الله يريد أن يخرج للصلاة فتقهقر إلى الصف، وكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر، ثم حضرته الوفاة ورأسه الشريف على فخذ عائشة رضى الله عنها، فقال: اللهم في الرفيق الأعلى. ولم تأت ضحوة ذلك اليوم حتى فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الحياة الدنيا ولحق بربه عز وجل .
ولم يكن أبو بكر رضى الله عنه موجوداً في ذلك الوقت بالقرب من منزل عائشة، فلما حضر وأخبر الخبر دخل بيت عائشة وكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل يقبله ويبكى ويقول : صلوات الله عليك يا رسول الله، ما أطيبك حياًّ وميتاً. ثم خرج إلى الناس وقال: ألا إن من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حىٌّ لا يموت.
ثم مكث عليه الصلاة والسلام في بيته بقية يوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويومه وليلة الأربعاء، حتى انتهي المسلمون من إقامة خليفة لهم، وتفرغوا لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه، فغسله علي بن أبي طالب بمساعدة العباس وابنيه الفضل وقثم وأسامة بن زيد وشقران مولَيَىْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كُفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة ، ووُضع على سريره في بيته، فدخل الناس يصلون عليه فرادى لا يؤمهم أحد ، ثم حفر اللحد في موضع وفاته من حجرة عائشة ورُش بالماء، وأنزله فيه علىّ والعباس وولداه الفضل وقثم، وقد رفع قبره الشريف عن الأرض قدر شبر.
وقد بلغ عمره الشريف ثلاثاً وستين سنة، مكث منها بمكة ثلاثة وخمسين سنة، وبالمدينة المنورة عشر سنين، صلى الله عليه وسلم وعظم وكرم.
(يتبع)

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:17 PM
صفة النبي صلى الله عليه وسلم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميل الخلقة، أزهر اللون (أى أبيض مشرباً بحمرة)، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، عظيم الرأس، عظماً مناسباً لبقية أعضائه، شعره بين الجعودة والسبوط ، كأنه مشط فتكسر قليلاً ، لا يتجاوز شعره شحمة أذنيه إذا لم يقصره، وكان واسع الجبين ، أزج الحواجب بدون اقتران، في وسط أنفه ارتفاع قليل من غير طول فيه، ليس بضيق الفم ولا واسعه، رقيق الأسنان مفلجه ، أسيل الخدين (أى غير مرتفع الوجنتين )، غزير شعر اللحية ،جميل العنق، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، وموصول ما بين اللبة والسرة بالشعر، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالى الصدر، وليس على ثدييه وبطنه شعر غير ما ذكر.
وكان معتدل الأعضاء في سمن معتدل، ليس بمسترخى اللحم، وكان طويل الزندين، رحب الراحتين، ممتلئ الكفين والقدمين، متجافي الإخمصين (أي أن باطن قدميه لا يصل إلى الأرض عند وضعهما عليها)، ليس في قدميه غضون، أي تكاميش، ولا تشقق، بحيث إذا أصابهما الماء لم يبق له أثر بهما.
وكان متوسط القامة لا هو بالطويل ولا بالقصير، إذا مشى رفع رجليه بنشاط، وأوسع في خطاه، ومال إلى سنن المشي برفق ووقار، وكأنما هو في مشيته ينزل من مكان منحدر. وكان خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، وإذا التفت التفت جميعاً، جل نظره الملاحظة ، يتأخر عن أصحابه في المشي، ويبدأ من لقيه بالسلام.
نبذة في شمائله وأخلاقه الشريفة صلى الله عليه وسلم
هانحن قد أوقفناك على خلاصة وافية من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تعرف منها كيف كان يجاهد في إبلاغ دعوة ربه، وكم قاسى من الشدائد والمصاعب في سبيل إرشاد الخلق إلى طريق الحق.
ولنسرد لك جملة وجيزة من شمائله الشريفة وأخلاقه الكريمة وآدابه الحميدة، راجين أن يوفقنا الله تعالى وإياك للتخلق بهذه الأخلاق الكريمة ، والتأدب بتلك الآداب الفاضلة.
قد جمع الله تعالى لنبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم بين محاسن الخَلْق والخُلُق، ومنحه سبحانه وتعالى من هذه وتلك أكملها وأعدلها، فكان جميل الصورة، متناسب الأعضاء، نظيف الجسم ، طيب الرائحة ، منزها عن الأقذار والعيوب ، معتدل الحركات ، حسن الشمائل ،مقتصراً من ضروريات الحياة كالأكل والنوم على قدر الحاجة ، وكان وافر العقل، ذكىّ اللب، قوى الحواس ، فصيح اللسان ، بليغ القول ، حليماً عفواًّ، صبوراً على ما يكره، لا يغضب إلا لله ولا ينتصر لنفسه، ولم يضرب بيده شيئاً إلا أن يجاهد في سبيل الله فلم يضرب غلاماً ولا امرأة.
وكان شجاعاً ذا نجدة وفتوّة، لا يهاب أحداً، ولا يفر حيث تفر الأبطال، وكان جواداً كريماً سمحاً سخياً.
وكان أشد الناس حياء، وأكثرهم عن العورات إغضاءاً لا يشافه أحداً بما يكره، فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخّاباً بالأسواق ولا عياباً، ولا يجزى بالسيئة سيئة بل يعفو ويصفح.
وكان حسن العشرة، كامل الأدب، واسع الخلق، دائم البِشْر، لين الجانب، رؤوفاً رحيماً، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره، يتواضع في غير منقصة، ويتفقد أصحابه، ويعطي كل جلسائه نصيبـه، لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه. من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول. قد وسع الناس خلقه فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق سواء.
وكان إذا أتى إلى مجلس جلس حيث ينتهي به المجلس،أي في أقرب مكان يصادفه، صلى الله عليه وسلم وعظم وكرم.
وكان يجيب من دعاه ولو عبداً أو أمة ، ويقبل الهدية ولو كانت كراعاً ويكافئ عليها.
وكان يخالط أصحابه ويحادثهم ، ويعود مرضاهم ، ويمازحهم أحياناً ولا يقول إلا حقا.
وكان من خلقه الوفاء وحسن العهد والعدل والأمانة والعفة والصدق والمروءة.
وكان في أعظم حالات الوقار والتؤدة وحسن السمت.
http://www.w7m.org/2007/Jun/1181289671.gif (http://www.w7m.org/)اضغط هنا لاستعراض الخط الزمني لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم (الخط الزمني - قبل البعثة) (http://sirah.al-islam.com/timeline.asp?p=bf)

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:32 PM
أبو ذرالغفاري.. يمشي ويموت ويبعث وحده

http://www.moheet.com/image/61/225-300/613296.jpg


أبو ذر الغفاري صحابي جليل رضي الله عنه وعن صحابة رسول الله جميعاً،

عرف بمجاهرته بالحق وصدقه وهو الأمر الذي عرضه لكثير من الأذى من قبل المشركين،

كما كان شجاعاً مقداماً، ومن السابقين للإسلام،

وكان أحد الرجال الذين أحبهم رسول الله "صلى الله عليه وسلم".

قال عنه رسول الله "صلى الله عليه وسلم"

رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده.


النشأة


هو أبو ذر، جندب بن جنادة الغفاري، ولد بقبيلة غفار وهي إحدى القبائل العربية المُضريََّة

التي اشتهرت بالإغارة على القوافل وقطع الطرق، وكانت مساكن القبيلة على طريق القوافل

التجارية بين مكة والشام، والدته هي رملة بنت الوقيعة من غفار أيضاً.

قبل أن يعلن أبو ذر الغفاري إسلامه كان متجهاً بقلبه لله فكان معتقداً بوجود الإله الواحد،

رافضاً عبادة الأصنام، وعرف أبو ذر بصدقه وشجاعته،

قال عنه الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر".


إسلامه


أسلم أبو ذر بمكة وكان من أوائل الناس الذين دخلوا إلى الإسلام، وروى قصة إسلامه

في حديث رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال:

قال أبو ذر كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلاً قد خرج بمكة يزعم أنه نبي، فقلت لأخي انطلق

إلى هذا الرجل كلمه واتني بخبره، فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت: ما عندك، فقال: والله لقد رأيت

رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر، فقلت له: لم تشفني من الخبر، فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت

إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد،

قال: فمر بي علي فقال: كأن الرجل غريب قال: قلت: نعم، قال: فانطلق إلى المنزل

قال فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه،

وليس أحد يخبرني عنه بشيء.

قال فمر بي علي فقال: أما آن للرجل أن يعرف منزله بعد.

قال: قلت لا

قال: انطلق معي

قال: فقال ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة ؟

قال: قلت له إن كتمت علي أخبرتك.

قال: فإني أفعل، قال: قلت له بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي

ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه.

فقال له: أما إنك قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني ادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحداً

أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت، فمضى ومضيت معه حتى

دخل ودخلت معه على النبي "صلى الله عليه وسلم" فقلت له: اعرض علي الإسلام

فعرضه فأسلمت مكاني، فقال لي يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك

فإذا بلغك ظهورنا فأقبل، فقلت والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم

فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال: يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت،

فأدركني العباس بن عبد المطلب فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال: ويلكم تقتلون رجلا من غفار

ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عني، فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس،

فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس وأدركني العباس

فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس قال فكان هذا أول إسلام أبي ذر رحمه الله.


نرى من خلال هذا الموقف الذي أعلن فيه أبو ذر عن إسلامه الكثير من الشجاعة

فأحتمل الضرب الذي تعرض له من المشركين، ولم يتردد أن يكرره ثانية

ويتعرض للضرب مرة أخرى، من أجل المجاهرة بالحق، وإثبات تمسكه بدينه وإسلامه.


http://www.moheet.com/image/59/225-300/597332.jpg


رجع أبو ذر إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام، فأسلم على يديه نصف قبيلة غفار ونصف قبيلة أسلم،

وعندما هاجر الرسول "صلى الله عليه وسلم" إلى المدينة اقبل عليه أبو ذر مع من أسلم

من قبيلتي غفار واسلم ففرح به النبي وقال: غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله {مسلم}،

كما قال لأبي ذر " ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى

من أبي ذر" { الترمذي وابن ماجة}، ويقصد بالخضراء السماء أما الغبراء فهي الأرض.

انقطع أبو ذر إلى خدمة وصحبة رسول الله، فنعم بصحبة الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم"

في المدينة فأخذ ينهل من تعاليم الإسلام وآدابه حتى وفاة الرسول، فأنتقل إلى بادية الشام

وأقام فيها طوال فترة خلافة كل من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.


موقف من حياته


حفلت حياة أبى ذر بالعديد من المواقف الهامة من هذه المواقف ما ذكره عبد الله بن مسعود

رضي الله عنه قال: عندما سار رسول الله "صلى الله عليه وسلم" إلى تبوك،

جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول دعوه إن يك فيه خير

فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل يا رسول الله تخلف

أبو ذر وأبطأ به بعيره، فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": دعوه إن يك فيه خير فسيلحقه

الله بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، فتلوم أبو ذر رضي الله عنه على بعيره فأبطأ عليه

فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره، فخرج يتبع رسول الله "صلى الله عليه وسلم"

ماشيا ونزل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في بعض منازله، ونظر ناظر من المسلمين

فقال: يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم"

كن أبا ذر، فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو والله أبو ذر، فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم"

رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده.


أبو ذر الزاهد في الدنيا


عرف أبو ذر بزهده في الدنيا وتفضيله الفقراء على نفسه، وأثناء خلافة عثمان بن عفان

رضي الله عنه رأى أبو ذر وجود تفاوت بين الأغنياء والفقراء فهؤلاء مترفون ومنعمون

والآخرون معدمون ومحتاجون، فأخذ على عاتقه مهمة دعوة الناس للزهد، وحث الأغنياء

على مواساة الفقراء والتنازل لهم عما زاد عن حاجتهم مستعيناً بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية،

وأكثر أبو ذر في ذلك، الأمر الذي أغضب الأغنياء فقاموا بالشكوى لمعاوية والذي أبلغ عثمان

بذلك فقام الأخير باستدعاء أبى ذر الذي قام بتفسير فعله أن الأغنياء تزداد أموالهم عن حاجتهم

بينما الفقراء معدمون، فأجابه عثمان أنه لا يستطيع أن يجبر الناس على الزهد خاصة

وأنهم يدفعوا أموال الزكاة المفروضة عليهم، ولكن كان أبو ذر يرى أن أموال الزكاة وحدها

لا تكفي طالما انه لا يزال هناك فقراء.

عندما وجده عثمان مصراً على موقفه أمره بالانتقال إلى الربذة - إحدى القرى الصغيرة بالمدينة -

فأقام بها زاهداً في الدنيا وما فيها، وظل بها حتى وفاته.


صفاته

كان أبو ذر يمتاز بالعديد من الصفات فكان صادقاً، غزير العلم، شجاعاً لا يخاف في الحق لومة لائم،

كما كان متواضعاً يلبس ثوباً كثوب خادمه، ويأكل مما يأكل، قيل له ذات مرة يا أبا ذر لو أخذت ثوبك

والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوبًا واحدًا لك، وكسوت عبدك ثوبًا آخر أقل منه جودة وقيمة،

ما لامك أحد على ذلك، فأنت سيده، وهو عبد عندك، فقال أبو ذر: إني كنت ساببت -شتمت- بلالاً،

وعيرته بأمه، فقلت له: يا ابن السوداء، فشكاني إلى رسول الله، فقال لي النبي "يا أبا ذر،

أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية"، فوضعت رأسي على الأرض، وقلت لبلال: ضع قدمك

على رقبتي حتى يغفر الله لي، فقال لي بلال: إني سامحتك غفر الله لك، وقال " إخوانكم خولكم

-عبيدكم-، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس،

ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" {البخاري}.

ومن زهد أبى ذر في الدنيا أنه كان يؤمن بعدم كنز المال، وعدم الأخذ من الطعام والملابس

إلا ما يكفي فقط، وقال الرسول الكريم في ذلك:

" أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى بن مريم عليه السلام" { الترمذي}.


الوفاة

أقام أبو ذر في الربذة هو وزوجته وغلامه حتى مرض، وأخذت زوجته تبكي عليه

وعندما سألها عن السبب أجابت: ومالي لا أبكيك وأنت تموت بصحراء من الأرض

وليس عندي ثوب أكفنك فيه، ولا أستطيع وحدي القيام بجهازك، فرد عليها قائلاً: إذا مت

فغسلاني وكفناني وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكما فقولا هذا أبو ذر،

فلما مات فعلا ما أمرهما به، فمر بهم عبد الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة

فقال: ما هذا؟ قيل: جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وقال:

صدق رسول الله " صلى الله عليه وسلم" "يرحم الله أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده"،

فصلى عليه، ودفنه بنفسه" {ابن سعد}، وقيل أن وفاته كانت عام 32هـ .

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:45 PM
http://kuwaitup.net//up/uploads/8045-5881-2725.gif عمر بن الخطاب رجل أعز الله الإسلام به بعد إسلامه وهو من أشجع رجال المسلمين

وهو ثاني الخلفاء الراشدين الفاروق

ولد بعد عام الفيل بثلاث سنوات، وكان من بيت عظيم من قريش،

وكان قبل إسلامه من أشد الناس عداوة لرسول الله

وقد قال النبي عليه السلام :. ( اللهمَّ أعز الإسلام بأحد العمرين )

وكان يقصد عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام

وعندما اسلم عمر قوي إسلامه وكان شديد الحب لله ورسوله

ومن بعد اعلانه للإسلام بدأ الصحابة رضوان الله عليهم يصلون عند بيت الله الحرام

وأعلن إسلامه بين قريش وساداتهم ولم يهب احد منهم

وبشره النبي عليه السلام بالجنة

وعندما هاجر المسلمين للمدينة بدأ عهد الفتوحات

فرفع عمر لواء الحق وأمسك بسيفه ليناصر دين الله

وكانت أول معركة هي غزوة بدر الكبرى

وبعض ذلك توالت الغزوات في عهد النبي

وشهدها عمر كلها وقد كان في غزوة أحد بجانب النبي

يدافع عنه بعد هزيمة المسلمين

وعند وفاة النبي عليه السلام بايع أبا بكر للخلافة

مع المهاجرين والأنصار

ووقف عمر لجانب أبا بكر ويشد من أزره

ولا يبخل عليه برأيه ولا بجهد لنصرة الإسلام والمسلمين

فكان معه في حربه ضد المرتدين مانعين الزكاة

ومدعين النبوة وفي أعظم الأمور وهي جمع القرآن الكريم

وقبل وفاة الخليفة أبو بكر الصديق أوصى بالخلافة لعمر بن الخطاب

وحمل عمر أمانة الخلافة فكان مثالا للعدل والرحمة بين المسلمين

وكان سيفًا قاطعا لرقاب الخارجين على أمر الله تعالى، والمشركين

فكان رحيما وقت الرحمة شديدًا وقت الشدة

وقد حققت الدولة الإسلامية في عهده نجاحات بارزة

وقد نجح في تحقيق أقوى إمبراطورية عرفها التاريخ

بعد سقوط إمبراطورية الروم والفرس لتصبح الدولة الإسلامية

تمتد من بلاد فارس وحدود الصين شرقًا إلى مصر وإفريقية غربًا

ومن بحر قزوين شمالا إلى السودان واليمن جنوبًا

ولعل أبرز الفتوحات في عصره فتح بيت المقدس :.

عند فتح دمشق واصل أبو عبيدة تقدمه نحو حمص

وظل القادة المسلمين يفتحون المدن تلو الأخرى

ولم يبقى أمامهم إلا بيت المقدس

كتب عمر بن الخطاب لعمرو بن الوقاص للمسير لبيت المقدس

وعند وصوله لمنطقة تدعى ( الرملة ) وجد عندها جيش من الروم

وكان بقيادة ( أرطبون ) وكان من أقوى القادة للروم

فكتب عمرو ليخبر الخليفة عمر بالأمر فأرسل له الخليفة

قائلاً :. ( رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب )وكان يقصد عمرو بن العاص

وعندما فرغ أبو عبيدة من أهل دمشق توجه إلى بيت المقدس

فحاصر بيت المقدس وضيق عليهم الحصار حتى أستسلم له الروم

فخاف أرطبون وهرب لمصر وطلب المسيحيين الصلح على أن يحضر

الخليفة بنفسه ويتعهد لسكانها بالحرية الدينية

فحضر عمر وكتب بنفسه كتاب الأمان المسمى "العهدة العمرية"

كان عمر مع عدله ورحمته يخشى أن يموت وهو مقصر فى حق رعيته

وقد ورد عنه أنه قال فى آخر حياته: ( لئن عشت إن شاء الله لأسيرن فى الرعية حولا

فإنى أعلم أن للناس حوائج تقطع دونى أما عمالهم فلا يرفعونها إلي وأما هم فلا يصلون إلي

فأسير إلى الشام فأقيم بها شهرين، والجزيرة شهرين، وبمصر شهرين، وبالبحرين

شهرين، وبالكوفة شهرين وبالبصرة شهرين )

لكن القدر لم يمهله فاستشهد -رضى الله عنه- قبل أن تتحقق هذه الأمنية.

توفي رضي الله عنه في المدينة المنورة حينما حلم أن ديكاً ينقره نقرتين

ففسروا له أن هناك رجل من العجم يقتلك

وأتاه رجل بين صفوف المسلمين وهو يصلي فطعنه بظهره

وعند موته قال لابنه يابني ضع خدي على الارض ثلاثة مرات

حتى اتى له ابنه ووضع خده على الأرض وسالت دموعه وقال :.

ويلٌ لي وويلُ لأمي إن لم يغفر لي ربي
موقف يدل على عظم أخلاقه :.

ويومًا خرج الفاروق يتفقد أحوال رعيته فإذا امرأة تلد وتبكي

وزوجها لا يملك حيلة فأسرع عمر -رضي الله عنه- إلى بيته

فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب هل لك في أجر ساقه الله إليك؟

ثم أخبرها الخبر، فقالت نعم. فحمل عمر على ظهره دقيقًا وشحمًا

وحملت أم كلثوم ما يصلح للولادة، وجاءا، فدخلت أم كلثوم على المرأة

وجلس عمر مع زوجها يحدثه، ويعد مع الطعام، فوضعت المرأة غلامًا

فقالت أم كلثوم: يا أمير المؤمنين بشر صاحبك بغلام

فلما سمع الرجل قولها استعظم ذلك وأخذ يعتذر إلى عمر

فقال عمر: لا بأس عليك، ثم أعطاه ما ينفقون وانصرف
وبالطبع لن تكفي سطور قليلة في وصف عظمته وورعه

وأن شاء الله قدرت أوصل لمحات بسيطة من حياته رضي الله عنه

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:46 PM
http://www.kuwaitup.net//up/uploads/7462-3064-3034.gif


لعل اهم مايميز هذه السيدة العظيمة

هو عقلها النير وذكائها الحاد ودورها الفعال في خدمة الإسلام

لقد كانت (رضي الله عنها) من أبرع الناس في القرآن والحديث و الفقه

فقد قال عنها عروة بن الزبير:. ( ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام
ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة)

وكانت كانت أكثر النساء حباً لدى النبي عليه السلام

تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً

وهي بنت ست سنوات ودخل بها في شوّال من السنة الثانية للهجرة

وهي بنت تسع سنوات ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم من النساء بكراً غيرها

ومما اشتهرت به عائشة رضي الله عنها غيرتها الشديدة على النبي

التي كانت دليلاً صادقاً وبرهاناً ساطعاً على شدّة محبّتها له

وقد عبّرت عن ذلك بقولها له : " وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ "

كانت رضي الله عنها صوّامة قوّامة تُكثر من أفعال البرّ ووجوه الخير

وقلّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال لكثرة بذلها وعطائها

حتى إنها تصدّقت ذات مرّة بمائة ألف درهم ، لم تُبق منها شيئاً

وعلى الرغم من صغر سنّها إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم

ولذلك استوعبت الكثير من علوم النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أصبحت

من أكثر النساء روايةً للحديث ولا يوجد امرأة أعلم منها بدين الإسلام

ابتليت رضي الله عنها بحادث الإفك الذي اتهمت فيه بعرضها من قبل المنافقين

وكان بلاءً عظيماً لها ولزوجها ، وأهلها ، حتى فرجه الله بإنزال براءتها من السماء

قال تعالى: { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم
بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي توَلى كبره منهم
له عذاب عظيم . لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا
وقالوا هذا إفك مبين }

وتقول رضي الله عنها عن نفسها :. (فضلت على نساء الرسول بعشر ولا فخر: كنت أحب نسائه إليه، وكان أبي أحب رجاله إليه
وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع (أي دخل بي)
ونزل عذري من السماء (المقصود حادثة الإفك)،واستأذن النبي صلى الله عليه و سلم نساءه في مرضه
قائلاً: إني لا أقوى على التردد عليكن
فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة
قد أذنا لك، وكان آخر زاده في الدنيا ريقي، فقد استاك بسواكي، وقبض بين حجري و نحري، ودفن في بيتي )

توفيت السيدة عائشة (رضي الله عنها) وهي في السادسة و الستين من عمرها

بعد أن تركت أعمق الأثر في الحياة الفقهية و الاجتماعية والسياسية للمسلمين.

وحفظت لهم بضعة آلاف من صحيح الحديث عن الرسول

لقد عاشت السيدة بعد رسول الله لتصحيح رأي الناس في المرأة العربية

فقد جمعت (رضي الله عنها) بين جميع جوانب العلوم الإسلامية

فهي السيدة المفسرة العالمة المحدثة الفقيهةفهي التي قال عنها رسول الله:.

أن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فكأنها فضلت على النساء

رضي الله عنها وارضاها وعلى جميع أمهات المؤمنين

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:56 PM
النووي شيخ جليل في رياض الصالحين

http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file48839/1_111_1412_7.jpg

الإمام النووي إمام جليل فاضل عرف بزهده وورعه، وسعى دائماً من أجل إحقاق الحق والأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر، له العديد من الكتب المتميزة والتي تضمها المكتبات الشخصية الخاصة بالأفراد

أو المكتبات العامة في العديد من البلدان، أقبل على العلم والدراسة الدينية منذ صغره فدرس على يد

العديد من العلماء الأفاضل كما أطلع على كتب عدد كبير من الأئمة والعلماء، مما أهله بعد ذلك ليكون

أحد الشيوخ والفقهاء المتميزين، حيث لم يدخر وسعاً من أجل إسداء النصح للمسلمين سواء كانوا من عامة

الشعب أو الحكام ولم يتهاون في حق من حقوق المسلمين ولم يخف أو يتراجع عن أي موقف مادام به الحق والعدل.

تميز الشيخ النووي بغزارة مؤلفاته والتي تميزت بوضوح المعاني والعبارات وسهولة العرض والاستشهاد بآراء الفقهاء

والعلماء وعرضها في موضعها ومن اشهر كتبه رياض الصالحين، والأربعين النووية وغيرها الكثير.

اسمه بالكامل محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزَام،

النووي نسبة إلى نوى، وهي قرية من قرى حَوْران في سوريا.


النشأة

ولد الشيخ النووي في محرم عام 631هـ - حوالي 1233م في قرية نوى، بدأ في حفظ القرآن الكريم

وهو في سن العاشرة من عمره كما قام بالقراءة في الفقه لعدد من العلماء، لم يكن الشيخ الجليل في فترة

طفولته كغيره من الأطفال يقبل على اللهو واللعب ولكن كان يفضل الجلوس من أجل قراءة القرآن

ودراسة العلوم الدينية ومنذ البداية اتجه الشيخ النووي في طريق العلوم الدينية الأمر الذي جعل منه

بعد ذلك إمام فاضل جليل.

في عام 643هـ أنتقل النووي مع والده إلى دمشق وذلك من أجل استكمال تعليمه الديني في مدرسة

دار الحديث، وسكن المدرسة الرواحية، والتي تقع بجوار المسجد الأموي من الجهة الشرقية،

وفي عام 651 هـ سافر مع والده إلى مكة لأداء فريضة الحج ثم عادا مرة أخرى إلى دمشق .


حياته العلمية


كان الشيخ النووي مقبلاً على العلم فكرس وقته كاملاً من أجل الجد في التعلم والدراسة فأخذ العلم بجدية

وأقبل على القراءة والحفظ فقام بحفظ كتاب التنبيه وغيره من الكتب والدروس، ونظراً لاجتهاده الشديد

في التعلم حصل على إعجاب أستاذه أبي إبراهيم إسحاق بن أحمد المغربي فقام بتعينه كمعيد للدرس في حلقته،

وبعد ذلك قام بالدراسة بدار الحديث بالأشرفية، وغيرها فكان يسعى دائماً وراء العلم وينتقل ورائه أينما كان

ومما يدل على اجتهاده في العلم أنه كان يقرأ يومياً أثنى عشر درساً على المشايخ شرحاً وتصحيحاً وتصنيفها

كالتالي "درسين في الوسيط، وثالثاً في المهذب، ودرساً في الجمع بين الصحيحين، وخامساً في صحيح مسلم،

ودرساً في اللمع لابن جنّي في النحو، ودرساً في إصلاح المنطق لابن السكّيت في اللغة، ودرساً في الصرف،

ودرساً في أصول الفقه، وتارة في اللمع لأبي إسحاق، وتارة في المنتخب للفخر الرازي،

ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين"

وكان الشيخ النووي لا يكتفي بالقراءة فقط بل كان يقوم بكتابة كل ما يتعلق بالدروس من شرح

وإيضاح وضبط للغة.


النووي ومصادره في العلم


كما سبق أن ذكرنا اجتهد النووي كثيراً من أجل طلب العلم وسعى لاكتساب المزيد دائماً فدرس

على يد العديد من العلماء الأفاضل الذين أشبعوا رغبة العلم المتعطشة دائماً لديه حيث درس في العديد

من المجالات العلمية الدينية مثل الفقه وعلم الحديث وعلم الأصول، وكان من العلماء الذي درس النووي

على أيديهم عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري، تاج الدين، إسحاق بن أحمد المغربي،

إبراهيم بن عيسى المرادي، الإمام الحافظ، عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري،

وغيرهم الكثير من العلماء والشيوخ.

قام بالقراءة في علم الأصول لعمر بن بندار بن عمر بن علي بن محمد التفليسي الشافعي،

وقرأ في النحو واللغة للشيخ أحمد بن سالم المصري النحوي اللغوي، والفخر المالكي.

كما استعان في دراسته بالنسائي، والموطئ للإمام مالك، ومسند الشافعي وأحمد بن حنبل والدرامي،

وسنن ابن ماجة، وشرح السنة للبغوي، وكتاب الأنساب للزبير بن بكار، وعمل اليوم والليلة لابن السني،

وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب البغدادي.

وبالنظر لما سبق ذكره نجد أن النووي لم يدخر وسعاً ولا جهداً في الاستزادة من العلوم المختلفة فاستعان

بالمعلمين والكتب المختلفة لأشهر الأئمة والعلماء وغيرها الكثير من مصادر المعرفة بالنسبة لهذا الشيخ الجليل.

ولم يكن النووي يسعى من أجل تعلم العلم فقط بل من أجل تعليمه أيضاً فكان له العديد من التلاميذ اللذين

يأتوا إليه لينهلوا من علمه مثل علاء الدين بن العطار، والحافظ جمال الدين المزي،

رشيد الدين الحنفي وغيرهم الكثير.


مؤلفاته

http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file48839/2_111_1412_7.jpg

بدأ الشيخ النووي التوجه نحو تأليف الكتب في الثلاثينات من عمره وتميز بغزارة إنتاجه في هذا المجال

وقد لاقت مؤلفاته رواجاً وقبولاً واسعاً بين المسلمين وذلك نظراً لسهولة العبارات وتوضيح الأدلة

والبراهين بالإضافة للعرض المنصف المتميز لأراء الفقهاء وعلماء الدين.

نذكر من مؤلفاته:شرح صحيح مسلم، والمجموع - شرح المهذب، رياض الصالحين، تهذيب الأسماء

واللغات، والروضة - روضة الطالبين وعمدة المفتين، المنهاج في الفقه، الأربعين النووية في شرح

الأحاديث النبوية، التبيان في آداب حَمَلة القرآن، الأذكار- حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات

والأذكار المستحبّة في الليل والنهار، الإِيضاح في المناسك.


صفات ومواقف للنووي


اجتمعت في الشيخ النووي جميع صفات الزهد والورع والتقوى، وكان لا يدخر جهداً من أجل إسداء النصيحة

سواء كان لفرد عادي أو لحاكم وذلك من أجل إحقاق الحق ورفع المبادئ الإسلامية والعمل بها،

ولقد زهد الشيخ النووي في الحياة فكان منكباً على العلم ولا يرضى عنه بديلاً فكان لا ينظر لمال

أو منصب فقط ظل واضعاً العلم نصب عينيه طوال الوقت.

ومن المواقف التي نذكرها للشيخ النووي انه على الرغم من أن دار الحديث كانت تخصص راتباً كبيراً

له إلا انه رفض أن يأخذ هذا الراتب وكان يعمل على ادخاره مع ناظر المدرسة وكان يأخذه كل عام

من أجل أن يشتري به ملكاً يوقفه من أجل دار الحديث، أو يقوم بشراء الكتب وضمها إلي خزانة المدرسة

ليستفاد منها غيره، كما كان لا يقبل الهدايا ويتعفف عن قبولها.

تميز الشيخ النووي بشجاعته وجرأته وأمانته أيضاً في تقديم النصح والإرشاد وكان لا يرجو من وراء

نصحه هذا أي شيء سوى وجه الله تعالى ورضاه، وكان يستند في نصحه إلي الدلائل والبراهين القوية

التي تؤيد حديثه وفتواه.


الوفاة

رحل الشيخ النووي عن الحياة في الرابع والعشرين من شهر رجب عام 676هـ - 1277م، بعد أن عاد

مرة أخري إلي مسقط رأسه في بلدة نوى، وذلك بعد أن رد الكتب المستعارة من الأوقاف وزار المقابر

الخاصة بشيوخه ودعا لهم وهذا رمز للوفاء من النووي لمن قام بتعليمه وتوجيهه العلمي على مدار حياته

وعندما أكمل جولته عاد إلي بيته حيث مرض وتوفاه الله، ولقد حزن عليه المسلمون عامة والمسلمون

الدمشقيون خاصة ورثاه العديد من الأشخاص.

رحم الله شيخاً جليلاً لم يدخر وسعاً في تحصيل العلم وتعليمه، كان ومازال شيخاً عظيماً من كوكبة شيوخ

المسلمين العظيمة التي أنارت العقول الإسلامية وأثرت المكتبات بالعديد من الكتب القيمة في شتى الأفرع الدينية.

بنت الاسلام
03-02-2009, 04:59 PM
الظاهر بيبرس

http://www.moheet.com/image/43/225-300/431112.jpg


الظاهر بيبرس هو أحد الحكام الذين تمكنوا من سطر سيرتهم في التاريخ بخطوط بارزة،

بما قاموا به من إنجازات عديدة، وعلى الرغم من بعض التحفظات في شخص هذا الحاكم

إلا أنه كان صاحب الفضل في تغيير وجه مصر حيث قام بالعديد من الإنشاءات والتطورات التي

ساهمت في رفع مكانة الدولة ومازال التاريخ يذكرها جيدا وينسب الفضل في وجودها إليه.

وما تزال العديد من المعالم الأثرية المتبقية من عصر الظاهر بيبرس واقفة لتشهد على مدى ازدهار

عصره ومدى حرصه على النهضة بالبلاد، هذا على الرغم من البداية السيئة التي وصل بها للحكم

بعد قيامه بالاتفاق مع عدد من الأمراء على قتل سلطان البلاد سيف الدين قطز فكان صاحب الضربة

التي أودت بحياة السلطان ثم تم تنصيبه سلطاناً للبلاد خلفاً لقطز لتبدأ مرحلة جديدة من الحكم.


النشأة والتعريف به


اسمه بالكامل هو ركن الدين بيبرس البندقداري، من أصل تركي ولد تقريباً في عام 620هـ - 1223م

بمنطقة القبجاج قريباً من نهر الفلوجا بوسط أسيا، وقد وقع بيبرس في الأسر من قبل المغول

وتم أخذه من بلاده حيث بيع في دمشق لرجل يدعى " العماد الصايغ" ثم اشتري عن طريق الأمير

علاء الدين أيدكين الملقب بالبندقداري والذي أخذ منه بيبرس لقبه بعد ذلك فأصبح "بيبرس البندقداري"،

انتقل بيبرس بعد ذلك من الأمير علاء الدين إلى الملك نجم الدين أيوب الذي قام بمصادرة جميع

أملاك الأمير علاء الدين والمماليك أيضاً، وانضم بيبرس إلى فرسان المماليك البحرية تحت قيادة

الأمير أقطاي، وبدأ تفوق بيبرس كفارس يتجلى ويظهر بوضوح وخاصة في موقعة المنصورة

والتي برز أداء بيبرس فيها كقائد في الوقوف في وجه الحملة الصليبية والقضاء عليها،

وأسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا، كما برز أدائه كفارس في العديد من الصراعات الداخلية

التي أشترك فيها مع قائده أقطاي.



رحيل وعودة


بعد أن تولى عز الدين أيبك حكم البلاد خلفاً للسلطان نجم الدين أيوب كلف قائد فرسانه سيف الدين قطز

بقتل الأمير فارس الدين أقطاي، مما أبدل حال بيبرس وفر هو ومن معه من المماليك إلى بلاد الشام

وظل في حالة من التنقل بين البلاد فينزل بالشام تارة والكرك تارة أخرى، إلى أن تولى سيف الدين قطز

مقاليد الحكم في البلاد، فأرسل له بيبرس يطلب منه الأمان والعودة مرة أخرى إلى مصر وهو ما قد كان،

فعاد بيبرس مرة أخرى إلى البلاد حيث قابله قطز بالترحاب ولم يكتف بهذا بل أنزله دار الوزارة

وأقطعه قليوب وما حولها، وأعطاه مكانته كفارس متميز، ولقد كان بيبرس بالفعل فارس متميز

ظهرت براعته في العديد من المعارك، والتي تأتي على رأسها معركة عين جالوت

وذلك في عام 658هـ - 1260م، والتي برز بها أدائه كفارس وكان واحداً من أبطالها.


بيبرس ما بين الغدر والحكم


بعد تحقيق النصر في معركة عين جالوت أتجه تفكير بيبرس إلى الملك والسلطة وأوغل قلبه العديد

من المحيطين به نحو السلطان قطز مما أشعل نيران الحقد في قلبه، ومما زاد من اشتعال الموقف

رفض قطز إعطاؤه ولاية حلب حيث اعتبر ذلك نوع من الإهانة له وتقليل من جهوده المبذولة

في المعركة ضد التتار، فعقد العزم على تدبير مؤامرة هو وعدد من رفاقه من أجل اغتيال قطز،

وقد كان فأقدم على طعن قطز طعنة أودت بحياته، وجاء من بعده ليتولى مقاليد الحكم في البلاد.


سلطان مصر


جلس بيبرس على عرش مصر ليخلف السلطان الراحل قطز وتم إطلاق لقب الملك الظاهر عليه،

أخذ بيبرس على عاتقه مهمة تطوير البلاد وتحديثها وسعى من أجل ذلك كثيراً وبالفعل أصبحت

مصر في عهده على درجة عالية من الاستقرار والحداثة، فعمل على تقريب الأمراء إليه

ومنحهم الألقاب والإقطاعيات، ولم يقتصر هذا على الأمراء فقط بل قرب إليه عامة الشعب

وخفف عنهم أعباء الضرائب التي كانت تثقل كاهلهم، وأطلق سراح العديد من المسجونين.

وعلى الرغم من سياسية اللين الذي أتبعها بيبرس إلا أنه كان ينتهج الشدة والحزم مع الأعداء

الخارجيين، كما عمل على القضاء على الفتن والمؤامرات والثورات التي نشبت في البلاد عقب

توليه الحكم، وكان أشد هذه الثورات اثنان نشبت الأولى في دمشق وكان على رأسها الأمير

علم الدين سنجر الحلبي الذي أعلن التمرد ونادى بنفسه سلطاناً وتمكن بيبرس من السيطرة

على الموقف حيث أرسل إليه جيشاً جلبه أسيراً إلى القاهرة.

أما محاولة التمرد والثورة الثانية جاءت في القاهرة من قبل أحد رجال الشيعة الذي حاول

تجميع عدد من الشيعيين حوله من أجل القيام بمحاولة تمرد وثورة وقام هو ومن معه

بالاستيلاء على الخيول والأسلحة وأقاموا الثورات ولكن لم تستمر هذه الثورة كثيراً

حيث سارع بيبرس بالقضاء عليها وأمر بجلد قائدها هو ومن معه.


إنجازاته وانتصاراته

http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file49402/1_113_1143_15.jpg

شهد عصر السلطان بيبرس العديد من الإنجازات والأعمال التي ارتبطت باسمه، والتي نذكر منها:

تأسيسه للدولة المملوكية وقيامه بمحاولة إحياء الخلافة العباسية والتي أصابها الانهيار مع سقوط

بغداد في يد هولاكو، فقام بإحضار " أبو العباس أحمد" وجعله خليفة للمسلمين وبايعه على العمل

بكتاب الله وسنة نبيه وهكذا أصبح هناك خليفة للمسلمين مرة أخرى، وعلى الرغم من وجود الخليفة

إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد بيبرس.

كما عمل بيبرس على مد نفوذه إلى العديد من البلدان حتى وصل إلى الحجاز، وقضى على أعدائه

وأعداء الدولة المملوكية، وقضى على حاكم الكرك الملك "عمر بن العادل الأيوبي" والذي كان

يناصب بيبرس العداء فاستولى بيبرس على الكرك وقام بتعيين والي عليها.

ومن الأمور الهامة التي قام بها بيبرس سعيه من أجل القضاء على ما تبقى من الصليبين والمغوليين

المتربصين بالدولة الإسلامية، فعقد الاتفاقيات والمعاهدات، وتأكد من تماسك جبهته الداخلية وجهز

الجيش من أجل الخروج لتأمين جبهته الخارجية أيضاً فبدأ في شن الغارات على الإمارات الصليبية ،

كما عمل على استرداد ما في أيديهم من أراضي، وبالنسبة للمغول فقد قام بالتحالف مع

" بركة خان" هذا الزعيم المغولي الذي أعلن إسلامه ووطد علاقته به من أجل أن يأمن جانبه

ويتحالف معه ضد مغول هولاكو وأولاده واللذين كانوا يفرضون سيطرتهم على العراق وفارس.

عمل بيبرس على إعداد الجيش والأسطول وتجهيزهم بجميع المتطلبات اللازمة لهم من أسلحة وعتاد،

فتمكن من تحقيق العديد من الانتصارات على الساحتين الصليبية والمغولية، ومن انتصاراته الصليبية

نذكر فتحه لقيسارية، وأرسوف، قلعة صفد، يافا، واختتمت بفتح أنطاكية والتي كانت تعد

الحصن الحصين للصليبيين فحقق انتصاراً باهراً بفتحه لهذه المدينة.

كما حقق انتصارات عديدة على المغول في موقعة البيرة وحران، ورد هجمات المغول المتتابعة

على بلاده، إلي أن قضى عليهم نهائياً عند بلدة أبلستين وذلك في عام 675هـ ،

وبذلك حقق بيبرس ما كان يبتغيه من تأمين لجبهته الخارجية وحدود دولته.


إنجازاته الداخلية


على المستوى الداخلي عمل بيبرس على تقوية دعائم البلاد والنهضة بها في كافة المجالات،

فشهدت مصر في عهده عصر جديد من الازدهار خاصة وقد تمكن من تأمين حدودها الخارجية

وقضى على الفتن والمؤامرات الداخلية، ومن الإصلاحات التي شهدتها مصر على يده قيامه

بإدخال تعديلات على النظام القضائي فقام بتعيين أربعة قضاة يمثلون المذاهب الأربعة ،

كما أعاد للجامع الأزهر رونقه فشن عليه حملات من الترميم والتجميل حتى عاد له جماله

ومكانته مرة أخرى، وعمل على إنشاء العديد من المؤسسات التعليمية فأنشأ المدارس

بمصر ودمشق وتعرف المدرسة المصرية باسم "المدرسة الظاهرية" وتضم المدارس

المكتبات الضخمة التي تزخر بكميات هائلة من الكتب.

وفي القاهرة قام بإنشاء أحد الجوامع الهامة وهو جامع الظاهر بيبرس والذي مازال قائماً

إلي اليوم، وتعرف المنطقة حوله باسم حي الظاهر، هذا بالإضافة للعديد من الآثار المتبقية

والتي ظلت خالدة لتشهد على فترة زاهية عاشتها مصر، كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور

وحفر الترع وإنشاء القناطر، وأنشأ مقياس للنيل وغيرها العديد من الأعمال.

وفي خارج مصر قام بعدد من الإصلاحات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، وقام بتجديد

مسجد إبراهيم عليه السلام في الشام، كما قام بتجديد قبة الصخرة وبيت المقدس،

وعمل على إقامة دار للعدل للفصل في القضايا والنظر في المظالم.



وفاة السلطان


جاءت وفاة بيبرس في الثامن والعشرين من محرم عام 676 هـ - والثاني من مايو 1277م ،

بعد حياة حافلة قضى حوالي 17 عام منها في الحكم، تولى من بعده أكبر أولاده ناصر الدين الحكم،

إلا أن أولاد بيبرس لم يدم لهم الحكم طويلاً وذلك نظراً لطمع المماليك في الحكم فتم قتل أولاده،

وتولى الحكم أحد أمراء المماليك والذي عرف باسم سيف الدين قلاوون الألفي.

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:01 PM
الغزالي حجة الإسلام

http://www.moheet.com/image/59/225-300/597150.jpg


أحد علماء الإسلام والذي عمل على إحداث أثراً عظيماً في عصره، وقد قام بدراسة العلوم

الدينية وعلوم الفقه والأدب، هذا بالإضافة لإطلاعه على كتب الفلاسفة وتعمقه فيها وعمله

على تحليلها واستخلاص الحقائق منها، إلى جانب قيامه بالتدريس لفترة من الزمن،

كما قدم العديد من الكتب التي تناول فيها الآراء المختلفة للفلاسفة، ونقد العديد منها كما قدم

عدد من الوصايا الإسلامية في بعض من كتبه، ويعد كتاب " إحياء علوم الدين" واحداً من

كتبه المتميزة، والذي تعرض فيه للكثير من الأمور والتي تشمل العبادات والعادات

وما يستحب أن يبتعد عنه العبد من الأخلاق السيئة وما يستحب أن يتبعه من طاعة وعبادة

وخلق حسن للتقرب من ربه.


وقد قضى الغزالي حياته في نشر العلم والفكر الإسلامي، بالإضافة للبحث والتدقيق

محاولاً استخلاص الحقائق، كما عمد إلى أتباع منهج الشك للوصول إلى اليقين،

واتجه الغزالي نحو الزهد والتصوف، وتم تلقيبه بـلقب "حجة الإسلام".



النشأة والدراسة


اسمه كاملاً محمد بن أحمد أبو حامد ولد عام 450هـ - 1058م بقرية غزالة التابعة لمدينة طوس

بخراسان، أصله فارسي ولكنه عربي النشأة شافعي المذهب.

كان والده يعمل في غزل الصوف ويخدم الفقهاء، سعى من اجل أن يعلم ابنه ويفقهه في الدين،

وقبل وفاته أوصى بولديه إلى صوفي ليعلمهما، قام محمد الغزالي بتعلم مبادئ اللغة والنحو

كما حفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة الفارسية، أنتقل بعد ذلك إلى جرجان، والتي عرفت بمدينة

الفقهاء والمحدثين، فتتلمذ على يد علمائها، ثم عاد مرة أخرى إلى طوس حاملاً عدد من الكتب

انكب على دراستها لمدة ثلاث سنوات.

انتقل الغزالي بعد ذلك إلى نيسابور وذلك عام 473هـ - 1080م، والتحق هناك بإمام الحرمين

ضياء الدين الجويني مدرس الفقه والمنطق في جامعتها النظامية، وهناك تعلم الفقه والمنطق

والفلسفة وأصول الفقه وغيرها من العلوم، وكان واحداً من تلاميذ الجويني الأذكياء وبعد أن

أظهر الكثير من النبوغ عهد إليه بإلقاء الدروس.


دوره العلمي


عكف الغزالي مع أستاذه الجويني الذي تأثر به كثيراً يتلقى العلم منه إلي أن توفى الجويني

عام 478هـ - 1085م، وقام الغزالي بجمع الكتب وحفظها فقوي علمه وترسخ في الدين،

كما قام بالإطلاع على كتب الفلاسفة فتعمق بها ودرس بها مما أثرى معرفته.

اتصل محمد الغزالي بعد ذلك بالوزير نظام الملك الطوسي الذي أكرمه وعظم شأنه

وذلك نظراً لغزارة علم الغزالي وقوة منطقه، ونتيجة لذلك ولاه نظام الملك منصب التدريس

في المدرسة النظامية ببغداد عام 484هـ - 1091م، فاختلف إلى بلاطه يناظر ويدرس

فعظم مركزه، وذاعت شهرته، وتوافد عليه الطلاب لينهلوا من علمه، حتى تم تلقيبه بإمام بغداد.

تم تكليفه من قبل الخليفة العباسي "المستظهر بالله" بالرد على بعض الفرق التي انحرفت عن الإسلام،

فكتب القسطاس المستقي، حجة الحق وغيرها من الكتب التي كشفت فساد وضلال هذه الفرق.


اتجاهه للزهد والتصوف


قام الغزالي بترك التدريس بالمدرسة النظامية، واتجه نحو الزهد والعبادة، وتنقل بين عدد

من المدن الإسلامية، فبعد أن مكث بدمشق فترة من الزمن انتقل إلى القدس،

ومنها إلى مكة ثم عاد مرة أخرى إلى دمشق فاعتكف بالجامع الأموي، أخذاً على عاتقه

مهمة الإفتاء والوعظ، وبدأ في وضع كتابه " إحياء علوم الدين"، وبعد أن تنقل بين القدس

والحجاز عاد إلى بغداد وسعى من أجل إتمام مؤلفه السابق.

قام فخر الملك ابن الوزير نظام الملك بحمل أمر من السلطان إليه وذلك من اجل التدريس

في جامعة "نيسابور" فقام بالتدريس بها لمدة عامين، ثم ترك التدريس وغادر إلى طوس

وقام هناك بإنشاء " زاوية" صوفية وانقطع بها للعبادة وتدريس الفقه حتى وفاته.


مؤلفاته

http://www.moheet.com/image/fileimages/2008/file77638/2_117_123_41.jpg

تميز أسلوبه في التأليف بالقوة والوضوح، وارتقى أسلوبه عن أساليب الفلاسفة فتميز بالسهولة

بعيداً عن التعقيد والإبهام، بدا الشيخ الغزالي التأليف وهو ما يزال طالباً عند الأستاذ الجويني،

وقد تجاوزت مؤلفاته المئتين كتاب، نذكر من مؤلفاته:

"مقاصد الفلاسفة" وقد قام بتأليفه أثناء دراسته في جامعة بغداد النظامية،

ويقوم فيه بتبسيط أراء الفلاسفة عارضاً لكل من الفارابي، ابن سينا وغيرهم.

"تهافت الفلاسفة" وقام في هذا الكتاب بتفنيد أراء الفلاسفة مثبتاً بطلانها، ومظهراً لقصورهم

عن إثبات الحقائق نفسها بقوة البرهان، وذلك من خلال أسلوب جدلي يستند للدين أحياناً

وللفلسفة أحياناً أخرى، واتهم الفلاسفة بأنهم "حادوا عن الطريق القويم ورفضوا طوائف

الإسلام وشعائر الدين متأثرين بغيرهم ممن لم ينشأ على الدين الإسلامي".


" أيها الولد" ويحمل هذا الكتاب رسالة خلقية، اجتماعية ودينية قد أرسلها الغزالي لتلميذ قديم له

ومما جاء فيه " العلم بلا عمل جنون والعمل بلا علم لا يكون"، ومن استشهاداته

أقوال الرسول – صلى الله عليه وسلم- " ادخلوا يا عباد الجنة واقتسموها بأعمالكم"

ويشير على سائله أن يقول بأربعة شروط ليسلك طريق الحق اعتقاد صحيح لا بدعة فيه،

توبة نصوح لا يرجع عنها، استرضاء الخصوم حتى لا يبقى عليه لأحد حق، وتحصيل

علم الشريعة قدر ما تؤدى به أوامر الله، ويجعل قانون الحياة مضمون هذا الحديث النبوي

" اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لأخرتك بقدر بقائك فيها واعمل للنار بقدر صبرك عليها".



ومن الكتب الهامة أيضاً للغزالي " إحياء علوم الدين" هذا الكتاب الذي أمضى الغزالي في تأليفه

عشر سنوات وجعله في أربعة مجلدات: العبادات، العادات، المهلكات، المنجيات.

وبالنظر إلى مضمون هذه المجلدات نجد أن جزء "العبادات" فيبحث فيه في آداب العبادات

وخفاياه وسننها وأسرار معانيها، بينما في جزء "العادات" يبحث في أسرار المعاملات

الجارية بين الناس وسننها، بالإضافة للدعوة إلى تبادل الفوائد الدينية والدنيوية،

كما يبحث في الصداقة وشروطها، والنكاح، والكسب والسفر وآداب المعيشة وغيرها من الأمور.

أما في " المهلكات" فيبحث فيه في الأخلاق والأفعال السيئة والتي أمر القرآن بالابتعاد عنها،

فيتحدث عن تهذيب الأخلاق، وآفات اللسان، وذم الغضب والحقد والحسد، وذم الكبر والغرور وغيرها.

وفي الجزء الخاص بـ "المنجيات" فيذكر فيها كل خلق محمود وخصلة مرغوب فيها وذلك

من خصال المقربين والصديقين والتي يتقرب بها العبد من رب العالمين، فيبحث في التوبة والصبر،

الفقر، الزهد، الورع، التوكل، النية، الإخلاص، الصدق وغيرها.

ومن كتبه الأخرى نذكر المنقذ من الضلال، الوسيط في الفقه الشافعي، فضائح الباطنية،

المستصفي في علم الأصول.


الوفاة


توفى الشيخ أبو حامد الغزالي عام 505هـ - 1111م، بعد أن بذل الكثير من حياته من أجل

خدمة العلم والإسلام، وبعد أن ترك مجموعة من الكتب القيمة التي يرجع إليها الكثيرون من طلاب العلم.

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:03 PM
هارون الرشيد عصر ذهبي في تاريخ الإسلام


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file62203/1_124_1328_24.jpg





هارون الرشيد هو واحد من أشهر الخلفاء المسلمين شهد عصره الكثير من التألق والازدهار،

والقوة للدولة الإسلامية وذلك في جميع المجالات، فقد تمكن من جعلها تتبوأ مكانة متميزة بين غيرها

من الدول والممالك التي كانت قائمة في هذا العصر، فكان عصره هو العصر الذهبي للدولة العباسية.

كان هارون يصلي كل يوم مائة ركعة وواظب على ذلك طوال فترة خلافته وإلى أن توفي ولم يمنعه من هذا

إلا أن يكون مريضاً به علة أو في إحدى المعارك، كما كان يتصدق من ماله كل يوم بألف درهم،

وكان يحج عاماً ويغزو عاماً، عرف عن الرشيد حبه للعلم، والعلماء وجعلهم في مكانة متميزة بالإضافة

لتمسكه بالتعاليم الدينية الإسلامية، ظل الرشيد في الخلافة لثلاثة وعشرين عاماً قضاها مهتماً بأمور الدولة

وساعياً من أجل رفع شأنها.

تم تناول السيرة الذاتية للرشيد في الكثير من الكتب والمقالات بل لقد ظهرت أيضاً في الوسائل الإعلامية

من خلال مسلسلات وبرامج تم عرضها عن حياته، ولكن انتشرت العديد من الأقاويل حول هذا الخليفة

فمنهم من اتهمه باللهو والترف وحب النساء، ولكن الذي تم استخلاصه في النهاية هو مدى القوة والعظمة

التي كانت فيها الدولة الإسلامية في عصره، وتمسكه بالدين الإسلامي والدفاع عنه بقوة، فهل يعتقد أن يكون

هناك حاكم كل الذي يشغله هو اللعب واللهو وتكون دولته على هذا القدر من القوة والنهضة!



النشأة


ولد هارون الرشيد عام 148هـ بالري وكان والده هو الخليفة المهدي بن جعفر المنصور، أميراً على كل

من الري وخراسان حين ولد هارون، ووالدته هي الخيزران، نشأ الرشيد في عيشة رغدة في بيت ملك

عمل والده على تهذيبه وتعليمه منذ الصغر فعهد به لعدد من العلماء والمربيين ليعملوا على تنشأته،

فكان من بين هؤلاء المعلمين الكسائي والمفضل الضبي وما أن كبر حتى دفع به والده للجهاد

مما أكسبه الكثير من الخبرات والتجارب في ميادين القتال.

كانت أولى المعارك التي خرج فيها هارون الرشيد في عام 165هـ وكانت ضد الروم وحقق فيها الرشيد

نصر ساحق جعله والده بعده ولياً ثانياً للعهد بعد أخيه موسى الهادي.


هارون الرشيد خليفة



تولى هارون الرشيد مقاليد الخلافة وتمت البيعة له بعد وفاة أخيه الهادي وكان ذلك في الرابع عشر

من ربيع الأول عام 170هـ، وكان تولي الرشيد للخلافة بداية لعصر جديد قوي ومزدهر في تاريخ الدولة العباسية،

فلقد كانت الدولة مترامية الأطراف متعددة الثقافات والعادات والأصول مما جعلها عرضة لظهور الفتن والمؤامرات،

والثورات، فتمكن الرشيد من مسك مقاليد الحكم بيد من حديد، كما تمكن من فرض سيطرته وحكمه على جميع

الأنحاء المتفرقة من البلاد، ولم يكتفِ بهذا بل سعى بكامل طاقته أن يجعل منها دولة متقدمة في جميع المجالات،

فشهد عصره نهضة شاملة وارتقاء هائل بالدولة، مما أثبت أن الرشيد لم يكن رجلاً متجهاً نحو اللعب واللهو

بل كان قائداً، وحاكماً يتمتع بعقل، وفكر راجح تمكن من السيطرة على الأمور في دولته ونهض بها علمياً،

وسياسياً، واجتماعياً.


إنجازاته



شهد عصر هارون الرشيد العديد من الإنجازات حيث عمل على النهضة بكافة قطاعات الدولة بالإضافة

لسعيه من أجل تخفيف الأعباء المالية عن الرعية فعمل على نشر العدل ورفع المظالم، وفي عصره

زادت الأموال الداخلة إلى خزانة الدولة مما عم بالرخاء والازدهار على كافة أركانها، هذا بالإضافة

للتقدم في العلوم والفنون وغيرها، فشهد عصر الرشيد نهضة معمارية أيضاً فبنيت المساجد،

والقصور وحفرت الترع والأنهار، وامتد الرخاء إلى بغداد حيث نالت حظها من الرخاء،

والازدهار فاتسعت رقعتها وبنيت بها المساجد، والقصور وصارت أكبر مركز للتجارة في الشرق

بالإضافة للنهضة العلمية الواسعة التي شهدتها فكان يفد عليها العلماء من فقهاء، ولغويين وغيرهم

من كل حدب وصوب فكانوا يتبادلون العلوم ويلقنون الطلاب علومهم المختلفة.

ويرجع الفضل لهارون الرشيد في إنشاء "بيت الحكمة" وهو أشبه بمكتبة ضخمة جمعت فيها العديد

من الكتب من مختلف البلدان كالهند وفارس وغيرها فكانت تضم قاعات للكتب وأخرى للمحاضرات

وغيرها للناسخين والمترجمين.

لم يقتصر دور الرشيد على كونه حاكم فقط مهتم بالشئون الداخلية للبلاد والغزوات بل امتدت علاقاته

للعديد من البلدان فقام بتوطيد العلاقات بين الدول فكان يستقبل الوفود على الرحب والسعة ويرسلهم إلى

بلادهم محملين بأغلى وأثمن الهدايا، مما دفع العديد من الممالك من أجل بناء علاقات قوية مع

الدولة الإسلامية وهارون الرشيد.

ومن الأمور الهامة التي شهدها عصر هارون الرشيد أيضاً هو الاهتمام بالطرق المؤدية لمكة

وذلك عن طريق تأمينها وتمهيدها لخدمة الحجاج وحفر الآبار وبناء أماكن لراحتهم ومدهم

بالطعام والشراب وكانت زبيدة زوجة الرشيد أيضاً من المهتمين بهذا الأمر وساعدت كثيراً

في هذه الأعمال التي تساعد على إعانة الحجيج في طريقهم إلى مكة.



http://www.moheet.com/image/43/225-300/431112.jpg



حروبه وغزواته



على الرغم من اهتمام هارون الرشيد بالبناء الداخلي للدولة والنهضة بها إلا أنه لم يغفل الفتوحات

والحروب الإسلامية فكان كما قيل عنه يغزو عاماً ويحج عاماً فتم في عصره العديد من الغزوات،

والانتصارات فقام المسلمون بغزو بحر الشام ومصر وفتحوا عدد من الجزر وجعلوا منها قواعد

لهم مثل رودس، وكريت، وقبرص.

خاض الرشيد العديد من الحروب مع الروم سواء قبل توليه الخلافة أو بعدها والتي كلل فيها بالفوز والنصر

وعمل على تأمين البلاد ضد هجماتهم، كما أعاد بناء البلاد التي قد دمرت في الحروب وولى عليها أمهر القادة،

وعمل على تزكية جيشه بأسطول ضخم يدعم مع الجيش حروبه ضد الروم، ونظراً للانتصارات المتوالية

التي حققها الرشيد مع الروم فقد طالب الروم بعقد هدنة مع الجيوش الإسلامية وبالفعل عقدت إيريني

الملكة الرومية صلحاً مع هارون الرشيد وذلك مقابل دفع جزية سنوية للمسلمين وظلت هذه المعاهد قائمة

إلى أن توج نقفور إمبراطوراً على الروم بدلاً من الإمبراطورة السابقة إيريني عام 186هـ ،

فقام بنقض المعاهدة وكتب لهارون رسالة جاء فيها " من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب،

أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها،

لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك،

وإلا فالحرب بيننا وبينك"

ولم يكن من الرشيد بعد أن قرأ الرسالة سوى أن تملكته ثورة من الغضب وقام ببعث الرد

على رسالة إمبراطور الروم وقال فيها " من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم،

قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".

وبعد الرد الكتابي جاء الرد العملي من الرشيد فقام بالخروج بنفسه في عام 187هـ لمحاربته

فاضطر الإمبراطور إلي عقد الصلح ودفع الجزية مرة أخرى للمسلمين ولكنه مالبث أن نقض

المعاهدة فما كان من الرشيد سوى أن توجه له مرة أخرى لمحاربته وجاءت الهزيمة المنكرة

من نصيب الإمبراطور الرومي.

جاءت بعد ذلك المعركة الكبرى بين الروم والمسلمين وذلك في عام 190 هـ وذلك

عند قيام نقفور بمهاجمة حدود الدولة العباسية فقام الرشيد بإعداد جيش ضخم لملاقاته

وحققت الجيوش الإسلامية العديد من الانتصارات على الجيوش الرومية

وعاد الإمبراطور الرومي لطلب الهدنة للمرة الثالثة بعد أن أعلن استسلامه وهزم هزيمة منكرة.


الوفاة


جاءت وفاة الرشيد في الثالث من جمادي الأخر عام 193هـ عندما كان في طريقه إلي خرسان

وذلك من أجل إخماد عدد من الثورات التي اشتعلت هناك ضد الدولة، ولكنه في طريقه إلي هناك

وعندما بلغ طوس اشتد عليه المرض وتوفى هناك.

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:06 PM
صلاح الدين الأيوبي فارس في ميدان التاريخhttp://www.kuwaitup.net//up/uploads/5077-926-1375.gif


http://www.moheet.com/image/17/225-300/178547.jpg


الناصر صلاح الدين الأيوبي قائد عربي مسلم ومؤسس الدولة الأيوبية، خاض العديد من المعارك

والتي ظهرت من خلالها إمكانياته كفارس شجاع وقائد عسكري حكيم يتمتع بقدر وافر من الذكاء

والحنكة السياسية والحربية، وتعد معركة حطين التي وقعت عام 583هـ -1187م من أشهر المعارك

التي خاضها والتي ارتبط اسمها دائماً باسمه وذكرتها كتب التاريخ كثيراً، والتي تمكن فيها من هزيمة أقوى

الجيوش الصليبية محرزاً العديد من الانتصارات.

لم يتميز صلاح الدين فقط بكونه قائد عسكري عظيم بل تميز أيضاً بأخلاق رفيعة وشهامة منقطعة النظير

فكانت له العديد من المواقف الإنسانية الرائعة سواء مع أفراد جيشه أو مع شعبه أو حتى مع الأسرى

حيث تجلى كرم أخلاقه مع الجميع، هذا بالإضافة لعلمه الواسع وشغفه بالمطالعة وتشجيعه للعلم.


النشأة

اسمه كاملاً يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان, أبو المظفر, الملقب بالناصر صلاح الدين الأيوبي،

ولد صلاح الدين لعائلة كردية في عام 532هـ، في تكريت بالقرب من بغداد، كان والده محافظاً

لقلعة تكريت من قبل بهروز، وكان عمه أسد الدين شيركوه أحد القادة العظام في جيش نور الدين زنكي

حاكم الموصل.

شهدت مدينة بعلبك نشأة صلاح الدين فترعرع بها وتلقى علومه المختلفة فدرس القرآن وسمع الحديث

من الحافظ السلفي وابن عوف وقطب الدين النيسابوري،

كما تعلم الصيد وفنون القتال وغيرها من المهارات والعلوم.


الحياة العسكرية لصلاح الدين الأيوبي


بدأت الحياة العسكرية تشق طريقها إلى صلاح الدين عندما ذهب مع عمه شيركوه بأمر من نور الدين زنكي

لصد الهجمات الصليبية وتحقيق المساندة والدعم للخليفة الفاطمي في مصر،

حيث كانت الحملات الصليبية تتوالي حينذاك، فحققا العديد من الإنجازات في صد هذه الهجمات،

الأمر الذي دفع بالخليفة الفاطمي إلي تعيين شيركوه وزيراً له، وفي مصر قام صلاح الدين

بالاختلاط بالمصريين وتقرب منهم وأحبه الشعب المصري أيضاً لما لمسوه فيه من سمات البطولة

والعدل والحكمة مما أهله بعد ذلك لأن يحل محل عمه بعد وفاته فتم إسناد الوزارة إليه،

وذلك بتأييد من المصريين وأيضاً لخبرته الواسعة سواء على المستوى الحربي أو الإنساني.

http://www.moheet.com/image/50/225-300/506234.jpg


حاكماً لمصر


عندما مات الخليفة الفاطمي قام صلاح الدين بإعلان انتهاء الحكم الفاطمي ونصب نفسه حاكماً

على مصر ونزل إلى قصر الخلافة جامعاً الأتباع والقواد فتعلق به الشعب المصري،

وعندما علم نور الدين بنية صلاح الدين بالاستقلال بمصر قرر أن يسير إليه بجيش كبير

ليسترجعها منه ولكنه مات في عام 569هـ قبل أن يحقق ما سعى إليه وبموته زالت إحدى

العقبات الكبيرة من طريق صلاح الدين.

وبعد وفاة نور الدين محمود تطلع صلاح الدين من أجل ضم الشام إلى حكمه فسار إلى دمشق

وتمكن من إخماد الثورات التي قامت في الشام بسبب الطمع بملك نور الدين، ومكث بها قرابة العامين

من أجل أن يعيد الحكم إلى حالة من الاستقرار فضم إليه دمشق وحمص وحماة وبعلبك وغيرها

ثم أعلن عن استقلاله عن بيت نور الدين محمود وتبعيته للخلافة العباسية التي منحته لقب سلطان،

وأصبح حاكما على مصر، عاود حملته على الشام عام 578هـ ، ونجح في ضم حلب

وبعض المدن الشامية، وقد استغرقت هذه الفتوحات أكثر من عشر سنوات وبعد استقرار الأحوال

في الشام وفلسطين عاد مرة أخرى إلى مصر.

أتجه صلاح الدين بعد استقرار الأمور الخارجية نحو الإصلاح الداخلي في مصر فعمل على إنشاء جيش

قوي حقق به العديد من الإنجازات، مما عمل على تثبيت أقدامه في مصر، كما سعى من أجل نشر العلم

فيها وتقوية المذهب السني بها فقام بإنشاء المدارس التي تدرس الفقه السني مثل المدرسة الناصرية

والمدرسة الكاملية، كما عمل على عذل القضاة الشيعيين وإحلال قضاة من السنة محلهم،

ومن الخطوات الشجاعة التي قام بها أنه أعلن في الجمعة الأولى من شهر المحرم عام 567هـ

قطع الخطبة للخليفة الفاطمي الذي كان مريضًا وجعلها للخليفة العباسي،

فكان ذلك إيذاناً بانتهاء الدولة الفاطمية، وبداية عصر جديد،

تمكن خلاله من القضاء على الفتن والمؤامرات التي اشتعلت لإعادة الحكم الفاطمي.

توسعت سلطة صلاح الدين في البلاد فامتدت من النوبة جنوباً وبرقة غرباً إلى بلاد الأرمن شمالاً

وبلاد الجزيرة والموصل شرقاً.

بعد استقرار الأمور الداخلية التفت صلاح الدين إلى الحروب الصليبية وبدأ يسعى في تحضير

جيش قوي من أجل القضاء عليها.


معاركه مع الصليبيين


سعى صلاح الدين بعد أن تأكد من قوة جبهته الداخلية وتماسكها من أجل تكوين جيش قوي

يقوم من خلاله بالقضاء على الصليبيين في معركة حاسمة وذلك بدلاً من الغارات التي تشن

من آن لآخر لإضعاف العدو، فقام بشن سلسلة من المعارك الناجحة على الصليبيين

وسقطت العديد من المناطق في يده مثل قلعة طبرية، عكا، قيسارية، ونابلس، وأرسوف،

ويافا وبيروت بالإضافة لبيت المقدس، وكانت معركة حطين واحدة من أنجح المعارك الحربية

والتي وقعت في عام 583هـ حيث كللت رحلة الكفاح العسكرية لصلاح الدين بنجاح عظيم

مازالت تتذكره كتب التاريخ.

استفز ملوك أوربا وأثار غضبهم انتصارات صلاح الدين وسيطرته على بيت المقدس

فقرروا شن حملة عظيمة لاستعادة بيت المقدس من يد صلاح الدين والجيش الإسلامي

وتجمع لذلك عدد من ملوك أوربا والذين أتى على رأسهم ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد،

بالإضافة إلى فيليب أوغسطس ملك فرنسا، وفريدريك بربروسا ملك ألمانيا،

ولم تسفر هذه الحملة عن أي نجاح بالنسبة إلى ملوك أوربا حيث رجعوا إلى بلادهم

يجرون أذيال الخيبة وتم عقد صلح الرملة بين الطرفين في عام 588هـ - 1192م .


أخلاق الفرسان

عرف صلاح الدين سواء في البلاد العربية أو الأوربية كمحارب شهم كريم الأخلاق أبي النفس،

وعرف كمسلم مؤمن، وشخص متواضع، وكانت له العديد من المآثر الإنسانية التي تجلت فيها

رقة قلبه ولم يكن قائداً مقاتلاً عنيداً قوي الشكيمة فقط بل كان مثقفاً يحب العلم ويشجع العلماء

وعمر المساجد وأصلح الري وبنى القلاع والأسوار في القاهرة ودمشق.


وفاته


توفي صلاح الدين عام 1193 م بقلعة دمشق عن 57 عاما، توفى ولكن مازال التاريخ يتذكره

كثيراً كواحد من أهم الشخصيات التاريخية التي كان لها بالغ الأثر في أحد العصور الإسلامية القديمة

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:08 PM
الشافعي كوكب مضيء في مجرة الأئمة


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file42679/1_1018_1312_37.jpg


الإمام الشافعي إمام عظيم تمكن من بناء نفسه بنفسه وبمساعدة والدته هذه الأم المثابرة التي دفعت

بابنها نحو العلم وحفزته على ذلك، فأنطلق في طريقه بكل عزم ،وقوة ينهل من العلوم،

حتى وصل إلى ما وصل إليه من مكانة علمية، وأصبح أحد الأئمة الأربعة وهم الإمام أبو حنيفة،

والإمام مالك، والإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله جميعاً وجزاهم خير الجزاء عن المسلمين.

وإلى الإمام الشافعي تنسب الشافعية، أطلق عليه لقب مجدد القرن الثاني الهجري،

يقول الرسول "عليه الصلاة والسلام" يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد للأمة

أمر دينها ففي أول مائة عام جاء عمر بن عبد العزيز وفي المائة الثانية كان الإمام الشافعي.


هو محمد بن إدريس بن شافع بن سائب القرشي ويعرف بالإمام الشافعي، من قريش

من نسب الرسول " عليه الصلاة والسلام"، أجتهد كثيراً من أجل الحصول على العلم

وسعى إليه أينما كان فأصبح واحداً من أئمة الإسلام الأفاضل الذين يعلو ذكرهم بين المسلمين

لما لهم من شأن عظيم وعلم غزير.


النشأة


ولد الإمام الشافعي عام 150 هـ في غزة بفلسطين، جده هو سائب القرشي وكان في بدايته

من المشركين وتم أسره في معركة بدر، وعندما شاهد معاملة المسلمين الطيبة لأسراهم دخل

إلي الإسلام، وعلى الرغم من أن دخوله إلي الإسلام قد رفع عنه الفدية إلا أنه قام بدفعها،

أما جده شافع والذي ينتسب الإمام الشافعي لاسمه فقد ولد في الإسلام

في المدينة المنورة وكان من الصحابة.

ولد الإمام الشافعي لأسرة فقيرة فقد هاجر والده إلى غزة الفلسطينية نظراً للفقر الذي عانت

منه أسرته وعاشت الأسرة الصغيرة في فلسطين حتى توفى الوالد تاركاً ولده مازال

طفلاً صغيراً وزوجة تحاول أن تربي طفلها وتعلمه في ظل الحالة المادية المتعسرة

لهم وكانت هذه هي البداية للإمام الشافعي.



البداية


صدقت المقولة التي قالت "إن وراء كل رجل عظيم امرأة"، فلقد كانت والدة الإمام الشافعي

بمثابة القوة الدافعة له، تعينه دائماً وتحاول أن تحفزه من أجل أن يسعى لتلقي العلم، وتوفر له

السبل التي تمكنه من هذا، فعادت بطفلها إلي مكة، وهناك ذهب إلي الكتاب حيث كان هذا المكان

هو بداية الرحلة العلمية التي بدأها وهو في الثالثة من عمره، فقام بتلقي العلوم وحفظ القرآن الكريم،

وفي الرابعة من عمره كان يقوم بمساعدة زملائه في دروسهم، ظل الشافعي في الكتاب حتى وصل

إلي سن السابعة وعندما خرج منه كان قد حفظ القرآن الكريم كاملاً وتعلم التجويد، وكان الشافعي

يتميز بحلاوة الصوت فكان حين يقرأ القرآن أو يصلي يبكي الناس من جمال صوته وعذوبته.

بعد أن حفظ الشافعي القرآن الكريم وجوده قام بحفظ الأحاديث النبوية الشريفة ،والتفسير ،

وكان ذلك على يد عدد من العلماء العظام مثل سفيان بن عينه في التفسير، ومسلم بن خالد

إمام الحرم المكى في الحديث، فقام الشافعي بالتتلمذ على أيديهما وكان عندما وصل إلى

سن الثالثة عشر حافظاً للتفاسير التي قيلت في عصره كما حفظ الأحاديث النبوية.


اتجه الشافعي بعد ذلك إلى البادية وبالتحديد إلى قبيلة هذيل وذلك لتعلم اللغة، حيث اشتهرت

هذه القبيلة بإلمامها بعلوم اللغة وفصاحتها، وتعلم الشافعي الشعر والأنساب فقام بحفظ عشرة

ألاف بيت شعر، وكان يشتهر بذاكرة قوية قادرة على استيعاب وحفظ كل ما يقابلها من علوم.


رحلته بين تلقي العلم وتعليمه


قام الشافعي بملازمة الإمام مالك حوالي ست عشرة عام لتلقي العلم منه، وحفظ له كتاب "الموطأ"

وهو في الثالثة عشر من عمره، كما تلقى العلم أيضاً في هذه الفترة على يد كل من

إبراهيم بن سعد الأنصاري ومحمد بن سعيد بن فديك وغيرهم من العلماء.

بعد وفاة الإمام مالك رحمه الله في عام 179هـ، رحل الشافعي إلى نجران بالمملكة العربية السعودية

حيث عين والي عليها، في أيام الخليفة هارون الرشيد.

ثم توجه بعد ذلك إلى بغداد حيث قام بالاتصال بمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة،

وقرأ كتبه واطلع على العلوم الخاصة بأهل الرأي، ثم عاد مرة أخرى إلي مكة فقام بنشر

مذهبه وعلمه من خلال الحلقات العلمية، ثم عاد مرة أخرى إلى بغداد

وخلال فترة تواجده فيها قام بتأليف كتاب "الرسالة".

ظل الشافعي متنقلا بين كل من بغداد ومكة حتى جاء انتقاله إلى مصر في عام 199هـ

وقد نال الكثير من الشهرة هذه الشهرة التي سبقته إلى مصر، فعمل على إلقاء دروسه

في جامع عمرو بن العاص ونظراً لعلمه الغزير وفصاحته فقد ألتف الكثير من الناس حوله،

وقضى الشافعي في مصر خمس سنوات كرس حياته فيها من أجل التأليف والتدريس وغيرها

من الأمور العلمية، وأثناء تواجده في مصر قام بوضع مذهبه الجديد وهو الأحكام والفتاوى

التي استنبطها بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق،

كما قام بوضع العديد من المصنفات والمؤلفات الهامة.


منهجه العلمي

تواجد الشافعي في وسط مدرستين فقهيتين الأولى هي مدرسة الرأي والثانية هي مدرسة الحديث

ولقد ظهر المنهج الفقهي للإمام الشافعي كمزيج من كل من فقه الحجاز والذي يعرف بمدرسة الحديث،

وفقه العراق ويعرف بمدرسة الرأي، وكان الفقه الخاص به ليس مجرد مزيج بين كلا من الفقهين فقط

بل كان دراسة متأنية لكل منهما مع علم بالقرآن والسنة والتفاسير وعلوم اللغة وغيرها من الأمور

العلمية من بحث وقياس.

وبالنظر لكلتا المدرستين نجد أن المدرسة الأولى وهي مدرسة الرأي نشأت في العراق

والتي تعد امتداد لفقه عبد الله بن مسعود ومرت أفكار مدرسة الرأي من جيل لأخر عن طريق العلماء

حتى وصلت إلى أبو حنيفة النعمان الذي أصبح رئيس لهذه المدرسة الفقهية وأصبح لديه هو الأخر

طلابه الذين ينقلون علوم هذه المدرسة.

أما المدرسة الأخرى هي مدرسة الحديث والتي نشأت في الحجاز وهي امتداد لمدرسة

عبد الله بن عباس وعدد من فقهاء الصحابة والذين أقاموا في مكة والمدينة.

كانت لكل مدرسة فيهم أرائها المختلفة حيث كان يحدث الكثير من الجدل بين كلا المدرستين

وفي خلال كل هذا جاء الإمام الشافعي ليتخذ موقفاً وسطاً بين كل منهما وحاول جاهداً

حسم الجدل الفقهي القائم بينهم كما حاول التقريب بين كلا المنهجين، ولم يفعل هذا من فراغ

بل بناء على دراسة جادة لكل منهما فقد تتلمذ على يد مالك بن أنس وهو أحد أئمة مدرسة الحديث،

كما درس كتب محمد بن الحسن الشيباني من أئمة مدرسة الرأي، وقام الشافعي بتدوين

جميع الأصول التي أعتمد عليها في فقهه في رسالته الأصولية في كتابه " الرسالة"

هذا الكتاب الذي يعد من أهم الكتب في أصول الفقه.


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file42679/3_1018_1312_37.jpg


مؤلفاته


قدم الإمام الشافعي عدد من المؤلفات القيمة والتي ظهر فيها جهده من أجل إيضاح العديد

من النقاط الفقهية وغيرها من الأمور تلك المؤلفات التي أثرت المكتبة الإسلامية.


من مؤلفاته نذكر:


"جماع العلم" وقام في هذا الكتاب بإثبات حجية الحديث على منكريه ممن يدعون الاستغناء

بالقرآن الكريم عن السنة، وكتاب "أحكام القرآن"، "الأم "، "مسند الشافعي"، "الرسالة"

وهو من أقدم وأهم الكتب التي دونت في أصول الفقه، "ديوان الإمام الشافعي"

وهو عبارة عن مجموعة من القصائد والأشعار له.



ونذكر هنا جزء من إحدى قصائده

دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ

وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ iiالقَضاءُ

وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ iiاللَيالي

فَما لِحَوادِثِ الدُنيا iiبَقاءُ

وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً

وَشيمَتُكَ السَماحَةُ iiوَالوَفاءُ

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في iiالبَرايا

وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها iiغِطاءُ

تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ iiعَيبٍ

يُغَطّيهِ كَما قيلَ iiالسَخاءُ

وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ iiذُلّا

فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعداء iiبَلاءُ

وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن iiبَخيلٍ

فَما في النارِ لِلظَمآنِ iiماءُ

وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ iiالتَأَنّي

وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ iiالعَناءُ

وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ

وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا iiرَخاءُ

إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ iiقَنوعٍ

فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا iiسَواءُ

وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ iiالمَنايا

فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا iiسَماءُ

وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ iiوَلَكِن

إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ

دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ iiحِينٍ

فَما يُغني عَنِ المَوتِ iiالدَواءُ



الوفاة

توفي الإمام الشافعي رحمه الله عام 204هـ، بعد أن قدم مثلاً يحتذي به من أجل السعي

وراء العلم أينما كان وبعد أن اجتهد في شرح العديد من المسائل الفقهية ومحاولاته

من أجل التقريب بين المدارس الفقهية المختلفة، جزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:10 PM
حمزة أسد الله


http://www.moheet.com/image/61/225-300/617226.jpg


هو أسد الله حمزة بن عبد المطلب " أبو عمارة"، "أبو يعلي" عم الرسول الكريم

"صلى الله عليه وسلم"، وأخوه في الرضاعة، تميز بشجاعته وغيرته على الإسلام

ودفاعه عنه فكان صاحب هيبة ونفوذ بين زعماء مكة وسادات قريش، عندما توفي حمزة

شهيداً في معركة "أحد" مثلت قريش بجثته وحزن لذلك الرسول " صلى الله عليه وسلم"

والمسلمين كثيراً، لقب حمزة بلقب "سيد الشهداء"، و"أسد الله وأسد رسوله".



إسلامه


أعلن حمزة رضي الله عنه إسلامه بقوة في وسط قريش وكان ذلك في أحد المواقف القوية

له والتي جاء فيها: قال ابن إسحاق : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا:

فآذاه ونال منه ورسول الله "صلى الله عليه وسلم" ساكت، فقام "رسول الله صلى الله عليه وسلم"

ودخل المسجد، وكانت مولاة لعبد الله بن جعدان في مسكن لها على الصفا تسمع ما يقول أبو جهل.

يذكر أن حمزة رضي الله عنه كان عائداً من القنص متوحشاً قوسه وكان صاحب قنص يرميه

ويخرج إليه وكان إذا عاد لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معه، فلما مر

بالمولاة قالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام،

وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد "صلى الله عليه وسلم".

فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته، فخرج يسعى ولم يقف على أحد،

معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به، فلما وصل إلى الكعبة وجده جالسا بين القوم،

فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له: "أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول؟...

فرد ذلك علي إن استطعت".


توجه حمزة بعد هذا الموقف إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم ولقي فيها محمد "صلى الله عليه وسلم"

وأعلن إسلامه أمامه، وكان ذلك في العام السادس من البعثة وفرح به المسلمون واستبشروا به خيراً،

و عرفت قريش أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قد عز وامتنع، وان حمزة سيمنعه،

فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.


مواقفه بعد الإسلام


كانت أول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها حمزة رضي الله عنه،

كما كانت أول راية عقدها الرسول "صلى الله عليه وسلم" لأحد من المسلمين كانت لحمزة

ويوم بدر كان أسد الله يستبسل في القتال ويقاتل بسيفين، وبعدها أصبح هدفاً للمشركين

في غزوة "أحد" والتي كتب له الاستشهاد فيها.

سأل حمزة الرسول "صلى الله عليه وسلم" أن يريه جبريل في صورته ، فقال:

"إنك لا تستطيع أن تراه"... قال: "بلى"... قال: "فاقعد مكانك"...

فنزل جبريل على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت،

فقال: "أرْفعْ طَرْفَكَ فانظُرْ"... فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر، فخرّ مغشياً عليه.


وقد استبسل حمزة منذ إسلامه في الدفاع عن الإسلام والرسول فكان شجاعاً لا يخشى شيء

حتى أطلق عليه الرسول "عليه الصلاة والسلام" لقب "أسد الله وأسد رسوله".



استشهاد الأسد


بعد معركة بدر والتي أظهر فيها حمزة رضي الله عنه الكثير من الشجاعة والإقدام،

وحصد فيها الكثير من رؤوس الكافرين من قريش، توعدت له قريش للانتقام منه

فأرسلت عبدها الحبشي " وحشي" ووعدته بالعتق إذا قتل حمزة بالإضافة للمال والذهب

الأمر الذي كان حافز له لكي يظفر بحياة حمزة، جاءت معركة "أحد" والتي أظهر بها

حمزة الكثير من الشجاعة والإقدام كالعادة فاخذ يضرب يميناً ويساراً بسيفه، وترصده

العبد الحبشي حتى تمكن من النيل منه وقتله.

ولم تكتفي قريش بمقتل حمزة بل عمدت إلى التمثيل بجثته فجاءت هند بنت عتبة وبعض النسوة

وأخذن يمثلن بجثته وجثث غيره من شهداء المسلمين، يقطعن الأذان والأنوف، وانهالت هند

بالهدايا على عبدها "وحشي" وعادت إلى جثة حمزة وبقرت كبده واكلته لكنها لم تستسغه فلفظته،

وقد كانت هند زوجة أبي سفيان قد فقدت في معركة "بدر" كل من أبيها وعمها وأخوها،

فخرجت في " أحد" تحث القرشيين على القتال.


حزن الرسول عليه


خرج رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يبحث عن جثة حمزة بين غيرها من جثث الشهداء،

فوجدها ببطن الوادي وقد بقر بطنه عن كبده، ومثل به، فجدع أنفه وأذناه فقال الرسول

"صلى الله عليه وسلم" حين رأى ما رأى: " لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي

لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير، ولئن أظهرني الله على قريش

في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !".


قال ابن هشام : ولما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة قال: لن أصاب

بمثلك أبدا ما وقفت موقفاً قط أغيظ إلي من هذا، ثم قال جاءني جبريل فأخبرني

أن حمزة بن عبد المطلب مكتوب في أهل السموات السبع حمزة بن عبد المطلب،

أسد الله وأسد رسوله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة وأبو سلمة بن عبد الأسد،

إخوة من الرضاعة أرضعتهم مولاة لأبي لهب .


عندما رأى المسلمون حزن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وغضبه مما فعل بعمه قالوا:

"والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب".

ثم نزل قول الله تعالى: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ،

وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.


فعفا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ونهى عن المثلة، وأمر بحمزة فسجي ببردة،

ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات، ثم أتى بالشهداء فوضعوا إلى حمزة، وصلى عليهم وعليه معهم،

حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة، وكان ذلك في شهر شوال في السنة الثالثة من الهجرة.


قال عنه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" (سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب)،

كما قال لعلي بن أبي طالب: يا عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة،

وأنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من النّسب.




عبد الله بن رواحة يرثي حمزة


بَكَت عَيني وَحُقَّ لَها iiبُكاها

وَما يُغني البُكاءُ وَلا iiالعَويلُ

عَلى أَسَدِ الإِلَهِ غَداةَ قالوا

أَحَمزَةُ ذاكُمُ الرَجُلُ iiالقَتيلُ

أُصيبَ المُسلِمون بِهِ iiجَميعاً

هُناكَ وَقَد أُصيبَ بِهِ iiالرَسولُ

أَبا يَعلى لَكَ الأَركانُ iiهُدَّت

وَأَنتَ الماجِدُ البَرُّ iiالوَصولُ

عَلَيكَ سَلامُ رَبِّكَ في iiجِنانٍ

مُخالِطُها نَعيمٌ لا يَزولُ

أَلا يا هاشِمَ الأَخيارِ iiصَبراً

فَكُلُّ فِعالِكُم حَسَنٌ iiجَميلُ

أَلا مَن مُبلِغٌ عَنّي iiلُؤَيّاً

فَبَعدَ اليَومِ دائِلَةٌ iiتَدولُ

وَقَبلَ اليَومِ ما عَرَفوا وَذاقوا

وَقائِعَنا بِها يُشفى iiالغَليلُ

نَسيتُم ضَربَنا بِقَليبِ iiبَدرٍ

غَداةَ أَتاكُمُ المَوتُ iiالعَجيلُ

غَداةَ ثَوى أَبو جَهلٍ iiصَريعاً

عَلَيهِ الطَيرُ حائِمَةً تَجولُ

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:12 PM
عمرو بن العاص..داهية العرب وفاتح مصر


http://www.moheet.com/image/41/225-300/412940.jpg


عمرو بن العاص بن وائل السهمي قائد إسلامي عظيم تمتع بعقلية قيادية مميزة،

بالإضافة لدهاء وذكاء مكنه من اجتياز العديد من المعارك والفوز بها، أعلن إسلامه

في العام الثامن للهجرة مع كل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وفي الإسلام

كان ابن العاص مجاهداً وبطلاً، يرفع سيفه لنصرته، عندما أعلن إسلامه قال عنه

رسول الله "صلى الله عليه وسلم" { أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص }.


لقب "بداهية العرب" لما عرف عنه من حسن تصرف وذكاء، فما كان يتعرض إلى

أي مأزق حتى كان يتمكن من الخروج منه، وذلك بأفضل الحلول الممكنة،

فكان من أكثر رجال العرب دهاء وحيلة.


حياته


ولد عمرو بن العاص في الجاهلية والده هو العاص بن وائل أحد سادة العرب

في الجاهلية، شرح الله صدره للإسلام في العام الثامن من الهجرة، ومنذ ذلك

الحين كرس عمرو حياته لخدمة المسلمين فكان قائد فذ تمتع بذكاء ودهاء كبير،

قام الرسول "صلى الله عليه وسلم" بتوليته قائداً على الكثير من البعثات والغزوات،

فكان احد القادة في فتح الشام ويرجع له الفضل في فتح مصر.


قبل الإسلام


قبل أن يعلن عمرو بن العاص إسلامه كانت له إحدى المواقف مع النجاشي

حاكم الحبشة والذي كان قد هاجر إليه عدد من المسلمون فراراً بدينهم من المشركين

واضطهادهم لما عرف عن هذا الحاكم من العدل، ولكن قام المشركون بإرسال

كل من عمرو بن العاص - كان صديقاً للنجاشي - وعبد الله بن ربيعة بالهدايا

العظيمة القيمة إلى النجاشي من أجل أن يسلم لهم المسلمين الذين هاجروا ليحتموا به،

فرفض النجاشي أن يسلمهم لهم دون أن يستمع من الطرف الأخر وهم المسلمين

ولما استمع لهم رفض أن يسلمهم إلى عمرو وصاحبه.

قال له النجاشي ذات مرة : يا عمرو، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك؟

فوالله إنه لرسول الله حقًا، قال عمرو: أنت تقول ذلك؟ قال: أي والله، فأطعني،

فخرج عمرو من الحبشة قاصدًا المدينة، وكان ذلك في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة،

فقابله في الطريق خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وكانا في طريقهما إلى

النبي "صلى الله عليه وسلم" فساروا جميعًا إلى المدينة، وأسلموا بين يدي رسول الله،

وكان النجاشي قد أعلن إسلامه هو الأخر.

قال عمرو بن العاص عندما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي فقلت: ابسط يمينك

فلأبايعك، فبسط يمينه، قال فقبضت يدي، فقال: مالك يا عمرو؟ قلت: أردت أن أشترط،

قال: تشترط بماذا؟، قلت: أن يغفر لي، قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟

وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟، وما كان أحد أحب

إلى من رسول الله "ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له،

ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأنني لم أكن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو مت على تلك

الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة".


عمرو قائداً حربياً


كانت أولى المهام التي أسندت له عقب إسلامه، حينما أرسله الرسول "صلى الله عليه وسلم"

ليفرق جمعاً لقضاعة يريدون غزو المدينة، فسار عمرو على سرية "ذات السلاسل"

في ثلاثمائة مجاهد، ولكن الأعداء كانوا أكثر عدداً، فقام الرسول "صلى الله عليه وسلم"

بإمداده بمائتين من المهاجرين والأنصار برئاسة أبي عبيدة بن الجراح وفيهم أبو بكر وعمر،

وأصر عمرو أن يبقى رئيساً على الجميع فقبل أبو عبيدة، وكتب الله النصر لجيش المسلمين

بقيادة عمرو بن العاص وفر الأعداء ورفض عمرو أن يتبعهم المسلمون، كما رفض حين باتوا

ليلتهم هناك أن يوقدوا ناراً للتدفئة، وقد برر هذا الموقف بعد ذلك للرسول حين سأله انه قال

" كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فيعطفوا عليهم، وكرهت أن يوقدوا ناراً فيرى عدوهم قلتهم "

فحمد الرسول الكريم حسن تدبيره.


بعد وفاة الرسول "صلى الله عليه وسلم" وفي خلافة أبي بكر "رضي الله عنه"،

قام بتوليته أميراً على واحداً من الجيوش الأربعة التي اتجهت إلى بلاد الشام لفتحها،

فانطلق عمرو بن العاص إلى فلسطين على رأس ثلاثة ألاف مجاهد، ثم وصله مدد أخر

فأصبح عداد جيشه سبعة ألاف، وشارك في معركة اليرموك مع باقي الجيوش الإسلامية

وذلك عقب وصول خالد بن الوليد من العراق بعد أن تغلب على جيوش الفرس،

وبناء على اقتراح خالد بن الوليد تم توحيد الجيوش معاً على أن يتولى كل قائد قيادة الجيش

يوماً من أيام المعركة، وبالفعل تمكنت الجيوش المسلمة من هزيمة جيش الروم

في معركة اليرموك تحت قيادة خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح

وغيرهم وتم فتح بلاد الشام، انتقل بعد ذلك عمرو بن العاص ليكمل مهامه في مدن فلسطين

ففتح منها غزة، سبسطية، ونابلس ويبني وعمواس وبيت جيرين ويافا ورفح.


كان عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" إذا ذُكر أمامه حصار "بيت المقدس" وما أبدى فيه

عمرو بن العاص من براعة يقول: لقد رمينا "أرطبون الروم" "بأرطبون العرب".



فتح مصر

http://www.moheet.com/image/fileimages/2008/file131337/8_63_1332_14.jpg

مسار فتح مصر


بعد أن توالت انتصارات وفتوحات عمرو بن العاص في الشام، توجه نظره إلى مصر،

فرغب في فتحها فأرسل إلى الخليفة ليعرض عليه الأمر وكان حينها عمر بن الخطاب

متولياً الخلافة، وبعد تفكير وتردد أقتنع عمر بن الخطاب بفكرة عمرو.

وبالفعل قام ابن العاص بإعداد العدد والعتاد من أجل التوجه لفتح مصر فسار على رأس جيش

مكون من أربعة ألاف مقاتل فقط، ولكن بعد أن قام الخليفة باستشارة كبار الصحابة في الأمر

رأوا ألا يدخل المسلمين في حرب قاسية، وقام عمر بن الخطاب بكتابة رسالة إلى عمرو بن العاص

جاء فيها " إذا بلغتك رسالتي قبل دخولك مصر فارجع، و إلا فسر على بركة الله"،

وحين وصل البريد إلى عمرو بن العاص وفطن إلى ما في الرسالة، فلم يتسلمها

حتى بلغ العريش، فاستلمها وفضها ثم سأل رجاله: انحن في مصر الآن أم في فلسطين؟،

فأجابوا : نحن في مصر ، فقال : إذن نسير في سبيلنا كما يأمر أمير المؤمنين".

توالت انتصارات عمرو فدخل بجيشه إلى مدينة الفرما والتي شهدت أول اشتباك بين

الروم والمسلمين، ثم فتح بلبيس وقهر قائدها الروماني ارطبون الذي كان قائداً للقدس

وفر منها، وبعد أن وصل المدد لجيش عمرو تابع فتوحاته لأم دنين، ثم حاصر حصن بابليون

حيث المقوقس حاكم مصر من قبل هرقل، لمدة سبعة أشهر وبعد أن قبل المقوقس دفع الجزية

غضب منه هرقل واستدعاه إلى القسطنطينية ونفاه، فأنتهز المسلمون الفرصة وهاجموا

حصون بابليون مما اضطر الروم إلى الموافقة على الصلح ودفع الجزية.

توالت فتوحات عمرو بن العاص بعد ذلك في المدن المصرية الواحدة تلو الأخرى حتى بلغ

أسوار الإسكندرية فحاصرها وبها أكثر من خمسين ألفاً من الروم، وخلال فترة الحصار هذه

مات هرقل وجاء أخوه بعده مقتنعاً بأن لا أمل له في الانتصار على المسلمين، فأستدعى المقوقس

من منفاه وكلفه بمفاوضة المسلمين للصلح.

وجاءت عدد من البنود في اتفاقية الصلح هذه منها: أن تدفع الجزية عن كل رجل ديناران

ماعدا الشيخ العاجز والصغير، وأن يرحل الروم بأموالهم ومتاعهم عن المدينة،

وأن يحترم المسلمون حين يدخلونها كنائس المسيحيين فيها، وان يرسل الروم مئة وخمسين مقاتلاً

وخمسين من أمرائهم رهائن لتنفيذ الشروط، وقام عمرو بن العاص بإرسال رسول إلى الخليفة

عمر ليبلغه بشارة الفتح، وقد مهد فتح الشام لفتح مصر وذلك بعد ما علمه الروم والأقباط من قوة المسلمين.


عمرو حاكماً لمصر

http://www.moheet.com/image/fileimages/2008/file131337/1_63_1332_13.jpg

جامع عمرو بن العاص


قضى عمرو بن العاص في فتح مصر ثلاث سنوات، وقد استقبله أهلها بالكثير من الفرح

والترحيب لما عانوه من قسوة الروم وظلمهم، وقد كانوا خير العون لعمرو بن العاص ضد الروم،

وكان عمرو يقول لهم: يا أهل مصر لقد أخبرنا نبينا أن الله سيفتح علينا مصر

وأوصانا بأهلها خيرا، حيث قال الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم": ستفتح عليكم بعدى مصر

فاستوصوا بقبطها خيراً، فان لهم ذمة ورحماً.


وقد كان عهد ولاية عمرو على مصر عهد رخاء وازدهار فكان يحب شعبها ويحبوه وينعموا في ظل

حكمه بالعدل والحرية، وفيها قام بتخطيط مدينة الفسطاط، وأعاد حفر خليج تراجان الموصل

إلى البحر الأحمر لنقل الغنائم إلى الحجاز بحراً، وانشأ بها جامع سمي باسمه وما يزال

جامع عمرو بن العاص قائماً إلى الآن بمصر، وظل عمرو والياً على مصر

حتى جاء عثمان على الخلافة وقام بعزله.


اللقاء الثاني بين الروم والمسلمين


كان الأقباط في فترة حكم الروم يعانون من قسوتهم واضطهادهم، وإجبارهم على ترك

مذهبهم واعتناق المذهب الرومي، فجاءت إحدى المواقف الهامة والتي أكدت على مدى

احترام المسلمين للديانات الأخرى، فقد كان للأقباط رئيس ديني يدعى بنيامين حين تعرض

للقهر من الروم اضطر للفرار، وعندما علم المسلمون بالأمر بعد الفتح أرسلوا إليه ليبلغوه

انه في أمان، وعندما عاد أحسنوا استقباله وأكرموه، وولوه رئاسة القبط، وهو الأمر الذي

نال استحسان وإعجاب الأقباط بالمسلمين، فأحسنوا التعامل معهم.



جاءت المعركة الثانية بين المسلمين والروم بعد أن علم ملك الروم أن الحامية الإسلامية

بالإسكندرية قليلة العدد، فانتهز هذه الفرصة وأرسل بثلاثمائة سفينة محملة بالجنود،

وتمكن من اختراق الإسكندرية واحتلالها وعقد العزم على السير إلى الفسطاط،

وعندما علم عمرو بن العاص بذلك عاد من الحجاز سريعاً وجمع الجيش من أجل

لقاء الروم ودحرهم، وبالفعل تمكن عمرو من قيادة جيشه نحو النصر فكانت الغلبة

لجيش المسلمين، ولم يكتفي أبن العاص بهذا بل سارع بملاحقة الروم الهاربين

باتجاه الإسكندرية، وفرض عليها حصاراً وفتحها، وكسر شوكة الروم وأخرجهم منها،

كما قام بمساعدة أهل الإسكندرية لاسترداد ما فقدوه نتيجة لظلم الروم والفساد

الذي قاموا به أثناء فترة احتلالهم للمدينة.


بعد معركة الإسكندرية، وأثناء خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه قام بعزل عمرو

عن ولاية مصر وولي عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ثم في عهد معاوية بن أبي سفيان

عاد إليها عمرو مرة أخرى واستمر والياً عليها حتى وفاته.



الوفاة

كانت أخر الكلمات التي انطلقت من فمه قبل وفاته " اللهم آمرتنا فعصينا ..

ونهيتنا فما انتهينا .. ولا يسعنا إلا عفوك يا ارحم الراحمين"،

وقد كانت وفاة عمرو بن العاص في مصر هذه البلد التي فتحت على يديه،

وشهدت أزهى عصورها عندما كان والياً عليها، فتوفى عام 43هـ.

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:17 PM
العثيمين سيرة عطرة وعلم غزير

http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file37294/1_101_135_28.jpg

هو محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين من الوهبة من بني تميم،

واحد من أبرز العلماء المسلمين الذين قدموا حياتهم تفانياً من أجل خدمة الإسلام والمسلمين

فقضى حياته عالماً ومعلماً وفقيهاً وداعية.

اتسم الشيخ محمد بن صالح بأخلاق رفيعة وتحلى بصفات العلماء الحميدة، فاجتهد في تقديم العلم

لطلابه وتفسير ما صعب عليهم بأسلوب علمي سلس فقضى حياته في التدريس والتأليف والإفتاء،

وإلقاء المحاضرات وعقد اللقاءات العلمية كما حضر العديد من المؤتمرات، وكان يجيب على أسئلة

المستفسرين في الأحكام الدينية وأصول العقيدة سواء من خلال البرنامج الشهير "نور على الدرب"

أو من خلال الرد على الاستفسارات الهاتفية،

فهو عالم سخر جميع طاقاته وجهوده من أجل نشر العلوم الإسلامية.

ولد الشيخ محمد بن صالح في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1347هـ، في

مدينة عنيزة بالقصيم بالمملكة العربية السعودية.


التعليم

كان أول شيء قام بتعلمه هو القرآن الكريم وذلك عندما بعثه والده إلى جده لأمه المعلم

عبد الرحمن بن سليمان الدامغ لتلقي القرآن الكريم على يديه، ثم بدأ بعد ذلك في تعلم الكتابة

والحساب وبعض النصوص الأدبية وذلك في مدرسة الأستاذ عبد العزيز بن صالح الدامغ،

وفي سن الحادية عشر كان الشيخ محمد قد أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً في مدرسة المعلم

علي بن عبد الله الشحيتان.

أقبل الشيخ محمد بعد ذلك على دراسة العلوم الشرعية فقام بدراسة عدد من العلوم الشرعية

والعربية مثل التوحيد ،والفقه، والنحو على يد الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع وكان

أحد الطلبة القدامى الكبار والذي أوكل إليهم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي مهمة

التدريس للطلبة المبتدئين في الجامع الكبير بعنيزة.


كان للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي بالغ الأثر في حياة الشيخ محمد بن صالح باعتباره

شيخه الأول حيث تلقى عنه العلم ونهل من كنوز معرفته أكثر من غيره، بالإضافة لتأثره بمنهجه

وطريقة تدريسه كثيراً، فتلقى محمد بن صالح على يديه العديد من العلوم الشرعية مثل التفسير،

الحديث، السيرة النبوية، التوحيد، الفقه, الأصول, الفرائض, النحو, وحفظ مختصرات المتون

في هذه العلوم، بالإضافة للعلوم التي قام الشيخ محمد بتلقيها فلقد قام بالقراءة في علمي الفرائض

والنحو والبلاغة.

قام بعد ذلك بالالتحاق بالمعهد العلمي في الرياض في عام 1372هـ ، ودرس به لمدة عامين،

حيث تلقى العلم على يد نخبة من العلماء العظام.

ومن العلماء الذي تأثر بهم الشيخ محمد بن صالح أيضاً الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

هذا الشيخ العظيم الذي قرأ عليه من صحيح البخاري ومن رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية,

كما انتفع به في علم الحديث والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها.

عاد محمد بن صالح مرة أخرى لعنيزة حيث استمر يدرس عند معلمه الأول الشيخ

عبد الرحمن بن ناصر السعدي، وتابع دراسته منتسباً إلى كلية الشريعة والتي أصبحت

جزء من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى تخرج منها ونال الشهادة العليا.


بدايته كمعلم

بدأ الشيخ محمد بن صالح العمل في مجال التدريس وهو ما يزال طالباً وذلك نظراً لذكائه

وسرعة تحصيله العلمي فكانت البداية له كمُعلم في الجامع الكبير بعنيزة في عام 1370 هـ،

ثم عند تخرجه من المعهد العلمي بالرياض عُين مدرساً في المعهد العلمي بعنيزة في عام 1374هـ،

وعند وفاة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في عام 1376هـ، تولى الشيخ محمد بن صالح

من بعده الإمامة بالجامع الكبير بعنيزة، وإمامة العيدين فيها, والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع.


استمر الشيخ الجليل في التدريس للطلاب في مكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع الكبير وعندما زاد

عدد الطلاب زيادة كبيرة بدأ في التدريس لهم في الجامع نفسه، ونظراً لعلمه الغزير توافد عليه

الطلاب من العديد من الأماكن سواء من داخل المملكة أو من خارجها.


ظل الشيخ محمد بن صالح مدرساً في المعهد العلمي في الفترة ما بين (1374هـ - 1398هـ)

أي ما يقارب الربع قرن، ثم قام بعد ذلك بالانتقال للتدريس بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم

التابعة لجامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية حيث ظل يعمل كأستاذ فيها حتى وفاته.

كما قام بالتدريس أيضاً في كل من المسجد الحرام والمسجد النبوي في المواسم الدينية مثل الحج

ورمضان وفي فترة الأجازات الصيفية وذلك منذ عام 1402هـ.


نشاطه في المجال العلمي

عرف عن الشيخ محمد اجتهاده في التدريس لطلابه الذين يفدون عليه من كل الأماكن لتلقي العلم

منه والاستزادة من المعرفة في العديد من الأمور الدينية، فقضى أكثر من خمسين عاماً في نشر

العلم والتدريس، فقدم دروس في الوعظ والإرشاد وقام بإلقاء المحاضرات والدعوة لله سبحانه وتعالى،

وصدر له العديد من الكتب والرسائل والمحاضرات والفتاوى بالإضافة للخطب واللقاءات والمقالات.

كما صدر له تسجيلات صوتية لمحاضرات وخطب وبرامج إذاعية ودروس علمية في تفسير القرآن

وشرح للحديث الشريف والسيرة النبوية والمتون والمنظومات في العلوم الشرعية والنحوية.


عضويته في عدد من الهيئات

شغل الشيخ محمد بن صالح عضوية العديد من الهيئات نذكر منها :

هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عام 1407هـ وحتى وفاته، المجلس العلمي

بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في العامين الدراسيين 1398 – 1400هـ، مجلس كلية

الشريعة وأصول الدين بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم ورئيسًا لقسم العقيدة فيها،

لجنة الخطط والمناهج للمعاهد العلمية, وقام بتأليف عددًا من الكتب المقررة بها، ولجنة التوعية

في موسم الحج من عام 1392هـ وحتى وفاته حيث كان يلقي دروسًا ومحاضرات في مكة والمشاعر,

ويفتي في المسائل والأحكام الشرعية.

كما قام برئاسة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة منذ تأسيسها عام 1405هـ وحتى وفاته.

أعماله

بذل الشيخ محمد بن صالح الكثير من الجهد من أجل خدمة العلم والإسلام فقام بإلقاء العديد من المحاضرات

سواء محاضرات عادية أو عبر الهاتف على تجمعات إسلامية في جهات مختلفة من العالم،

وعمل على الرد على أسئلة السائلين حول أحكام الدين وأصوله عقيدة وشريعة، وذلك عبر البرامج

الإذاعية من المملكة العربية السعودية والتي يعد من أشهرها برنامج "نور على الدرب"،

عرف عن الشيخ الجليل اهتمامه بطلابه وسعيه من أجل إرشادهم للسلوك العلمي السليم وقيامه بالإجابة

على أسئلتهم المختلفة.


مؤلفاته


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file37294/2_101_135_28.jpg


قام الشيخ محمد بتأليف العديد من الكتب الهامة في كافة المجالات الإسلامية مثل التفسير والفقه

والتوحيد والفرائض والحديث وغيرها حيث قدم للمكتبة الإسلامية ثروة من الكتب القيمة والتي

يرجع إليها الكثيرين من الطلاب والباحثين والراغبين في المعرفة نذكر من هذه الكتب.

كتب في تفسير صور القرآن الكريم مثل تفسير سورة البقرة وتفسير جزء عَم وغيرهم، كتاب أصول التفسير،

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، شرح العقيدة الواسطية، مختصر لمعة الاعتقاد الهادي

إلى سبيل الرشاد، منهاج أهل السنة والجماعة، الشرح الممتع على زاد المستقنع، أحكام الأضحية والزكاة،

مناسك الحج والعمرة والمشروع في الزيارة، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، تلخيص فقه الفرائض،

شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث، مختصر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

الأصول من علم الأصول، شرح الأربعين النووية، وغيرها العديد والعديد من الكتب القيمة

والتي وصل عددها إلى أكثر من 85 مؤلفاً.


التكريم

شيخ بهذه المكانة العلمية التي يتمتع بها محمد بن صالح يستحق التكريم وبالفعل تم منحه جائزة

الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام وذلك في عام 1414هـ ومن الأسباب التي دفعت اللجنة

لمنحه الجائزة هي تحليه بأخلاق العلماء الأفاضل والعمل لمصلحة المسلمين, والنصح لخاصتهم وعامتهم،

وانتفاع الكثيرين بعلمه، وا تباعه أسلوبًا متميزًا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة,

إلقاؤه للعديد من المحاضرات النافعة، ومشاركته في العديد من المؤتمرات.


الوفاة

توفى العالم والشيخ الجليل ابن عثميين في الخامس عشر من شهر شوال عام 1421م في مدينة جدة،

وصلي عليه في المسجد الحرام ودفن بمكة المكرمة، رحم الله هذا الشيخ العالم الذي أفاد العديد من علمه

وسعى دائما من أجل خدمة الإسلام والمسلمين، وترك لنا تراث من كتبه ومحاضراته وتسجيلاته الصوتية

لكي ننتفع بها، رحم الله رجلاً ترك لنا علم ينتفع به

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:19 PM
الحصري شيخ المقرئين

http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file32244/4_918_1424_48.jpg


محمود خليل الحصري، شيخ جليل وقارئ مصري مميز يتمتع بحلاوة الصوت وعذوبته،

ويعد من أشهر قارئ للقرآن الكريم في مصر والعالم الإسلامي، قام بحفظ القرآن الكريم

وهو في الثامنة من عمره، وتعلم القراءات العشر، يرجع إليه الفضل في تسجيل القرآن الكريم

مرتلاً بأكثر من رواية، فكان هو أول قارئ يقوم بتسجيل القرآن الكريم.

قام الشيخ الحصري بزيارة عدد كبير من الدول والتي قام فيها بتلاوة القرآن الكريم فزار

معظم الدول الإسلامية وعدد من الدول الغربية، ونجح بصوته الجميل المؤثر والذي أنعم

الله سبحانه وتعالى عليه به في تلاوة آيات القرآن الكريم من جعل عدد كبير من الأجانب

بالقيام بإشهار إسلامهم.

يعد الشيخ الحصري هو أول من تلا القرآن الكريم في الكونجرس الأمريكي،

وأذن لصلاة الظهر بمقر الأمم المتحدة، ومن الدول التي زارها وقام بتلاوة القرآن الكريم

فيها انجلترا، أند ونسيا، الفلبين، الصين، الهند وغيرها العديد من البلدان الأخرى.


النشأة

ولد الشيخ الحصري بقرية " شبرا النملة " بمركز طنطا بمحافظة الغربية في 27 سبتمبر 1917م،

قام والده بإلحاقه بكتاب القرية عندما كان في الرابعة من عمره، ولقد أتم حفظ القرآن الكريم

عندما بلغ الثامنة من عمره، بالإضافة لتعلمه تجويد القرآن الكريم.

اشتهر الحصري بين أبناء قريته بصوته الجميل في تلاوة آيات القرآن الكريم فنال الكثير

من الإعجاب والاستحسان من قبل الكثيرين وبدأ اسمه يتردد كثيراً في أنحاء القرية،

فكان أهل القرية يدعونه في مناسبتهم المختلفة ليقوم بتلاوة آيات من القرآن الكريم.

التحق وهو في سن الثانية عشر بالمعهد الديني بطنطا حيث ظل يدرس به حتى المرحلة الثانوية،

ثم قام بتعلم القراءات العشر للقرآن الكريم.


مشواره العملي


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file32244/2_918_1424_48.jpg


بدأ مشوار الشيخ الحصري العملي من خلال تقدمه بطلب من أجل العمل بالإذاعة المصرية

في عام 1944م، وبالفعل خاض الامتحان الخاص بالمقرئين ونجح فيه بتفوق متقدماً على غيره

وتم اعتماده للعمل كمقرئ بالإذاعة المصرية، وكانت أول قراءة أذيعت له

على الهواء مباشرة يوم 16 نوفمبر 1944م.

وتم تعيينه كشيخ لمقرئة سيدي عبد المتعال بمدينة طنطا، ثم صدر قرار في عام 1948م

بتعيينه مؤذناً بمسجد سيدي حمزة إلا أنه أراد أن يكون قارئاً للسورة يوم الجمعة،

فصدر قرار بنقله إلي وظيفة قارئ سورة في 10 إبريل 1948م بنفس المسجد

هذا إلي جانب وظيفته كشيخ لمقرئة سيدي عبد المتعال، وبعدها صدر قرار وزاري

ينص على أن يتولى فيه مهمة الإشراف الفني على مقارئ محافظة الغربية،

وفي 17 إبريل عام 1949م، تم انتدابه للقراءة بمسجد سيدي أحمد البدوي بمدينة طنطا،

وظل بالمسجد الأحمدي حتى عام 1955م، ثم تم نقله إلي القاهرة كقارئً للسورة

بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة وذلك نظراً لوفاة قارئها الشيخ الصيفي.

تقلد الشيخ الحصري العديد من المناصب نذكر منها: في عام 1959م تم تعيينه مراجعاً وخبيراً

ومصححاً للمصاحف بالأزهر الشريف بلجنة القرآن والحديث بمجمع البحوث الإسلامية،

ثم صدر قرار جمهوري من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتعيينه شيخاً بعموم المقاريء

المصرية في عام 1960م ، ثم تم اختياره من قبل وزارة الأوقاف مستشاراً فنياً لشؤون

القرآن الكريم في عام 1963م، ثم رئيساً للجنة تصحيح المصاحف ومراجعتها بالأزهر عام 1963م،

وخبيراً فنياً لعلوم القرآن والسنة عام 1967م بمجمع البحوث الإسلامية.

تم انتخابه رئيساً لاتحاد قراء العالم الإسلامي في عام 1968م، وكان أول من قرأ في الكونجرس

الأمريكي وهيئة الأمم المتحدة.


تسجيله للقرآن الكريم


كان الشيخ الحصري هو أول من قام بتسجيل المصحف مرتلاً للإذاعة عام 1960م،

حيث قام بتسجيل بعض السور التي عرضت على وزارة الأوقاف حيث وافقت على

الاستمرار في تسجيل المصحف مرتلاً بالكامل فكان الشيخ الحصري هو أول مقرئ

يقوم بجمع القرآن الكريم مرتلاً على أسطوانات، فسجله أولاً برواية حفص، ثم سجل

مرة أخرى مرتلاً برواية ورش عن نافع، ثم سجله مجوداً بصوته، ثم مرتلاً برواية

قالون والدوري، ثم قام بتسجيل المصحف المعلم، ولقد قضي في تسجيل المصحف مرتلاً

بالروايات المختلفة حوالي عشرة أشهر.

ولقد نال المصحف المرتل الذي قام بتسجيله الشيخ الحصري أعجاب واستحسان الكثيرين،

ووجد إقبالاً هائلاً من الناس جميعاً.

تم تسجيل المصحف المرتل لحساب المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حيث قام المجلس

بتوزيعه على إذاعات العالم الإسلامي، ولم يكن الحصري يلتفت للعائد المادي الذي سوف

يجنيه من وراء هذا ولكن كان يسعى من أجل حفظ القرآن الكريم في شكل يسهل تداوله

بين العديد من الناس ويحفظه، وحقق المصحف المرتل المسجل نجاحاً ساحقاً منقطع النظير



كتبه


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file32244/3_918_1424_48.jpg


قام الشيخ الحصري بتأليف عدد من الكتب في القراءات المختلفة أثرى بها المكتبة الإسلامية،

وكان يعد أول قارئ يقوم بتأليف الكتب، نذكر من هذه الكتب : " معالم الاهتداء إلي معرفة

الوقوف والابتداء"، " رواية الدوري عن أبن عمرو بن علاء البصري"،

" أحكام قراءة القرآن الكريم "، " مع القرآن الكريم "، " مجموعة القراءات العشر من الشاطبية والدرة"

، " أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر"، " الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير"، وغيرها العديد من الكتب.



التكريم


حصل الشيخ الحصري على عدد من التكريمات منها: منحه الرئيس المصري الراحل

جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى عام 1967م، وذلك كنوع

من التكريم له نظراً لقيامه بتسجيل المصحف مرتلاً، كما نال تقدير العديد من الملوك

والرؤساء في العالم العربي والإسلامي.


الوفاة

كان الشيخ الحصري مريضاً بالقلب واشتد عليه المرض عقب عودته من رحلة للمملكة العربية السعودية،

فكانت وفاته في 24 نوفمبر عام 1980م، فليرحم الله الشيخ الجليل ويسكنه فسيح جناته،

ويجزيه الكثير من الخير عن المسلمين جميعاً.

قام الشيخ الحصري بالعديد من الأعمال الخيرية قبل وفاته ،فقام بإنشاء معهد ديني ببلدته بشبرا النملة،

ومسجد كبير بالإضافة لمسجد أخر لتحفيظ القرآن الكريم، وقد أوصى أولاده قبل وفاته بالتبرع

بثلث أمواله من أجل استكمال بناء هذه المشاريع الخيرية.

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:20 PM
الصابوني ..عالماَ إسلامياَ وباحثاً علمياً

http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file62174/1_124_1248_32.jpg

محمد علي الصابوني شيخ جليل وأحد علماء الإسلام المتميزين، كانت ومازالت جهوده العلمية ملموسة من خلال العديد من الطلاب الذين تخرجوا ودرسوا على يديه وأيضاً من خلال مؤلفاته الغنية والتي أثرى بها المكتبة الإسلامية، كما كان له جهد واضح في تحقيق العديد من الكتب وإخراجها بشكل متكامل يخدم العلم، والإسلام على حد سواء.

شخصية مثل الصابوني هي شخصية تستحق التكريم وهذا ما حدث بالفعل فكان " الشخصية الإسلامية" لعام 2007، وذلك بناء على اختياره من قبل جائزة دبي للقرآن الكريم، وتقدم هذه الجائزة لتكريم حفظة القرآن الكريم والشخصيات الإسلامية البارزة.


النشأة

ولد الشيخ الصابوني بمدينة حلب الشهباء بسوريا عام 1930م ، من أسره عريقة، وكان والده

من كبار علماء حلب، تلقى الشيخ الصابوني تعليمه على يد والده وغيره من العلماء فقام بدراسة

العربية والفرائض وعلوم الدين، كما حفظ القرآن الكريم في الكتاب وأكمل حفظه وهو في المرحلة

الثانوية، هذا بالإضافة لدراسته للعديد من العلوم التي تلقاها على يد كبار العلماء بسوريا،

والتي كانت تشتهر بعلمائها الكبار، فدرس الصابوني على يد كل من الشيخ محمد نجيب سراج،

والشيخ أحمد الشماع، الشيخ محمد سعيد الإدلبي، والشيخ راغب الطباخ والشيخ محمد نجيب

خياطة وغيرهم الكثير من العلماء والشيوخ.


التعليم


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file62174/5_124_1248_32.jpg

تلقى الصابوني دراسته الابتدائية في المدارس الثانوية والتحق في المرحلة الإعدادية والثانوية

بمدرسة التجارة ولكنه لم يستمر بدراسته فيها، حيث فضل الاتجاه إلى الدراسة الدينية

فالتحق بالثانوية الشرعية والتي كانت تعرف باسم " الخسروية" وذلك في مدينة حلب،

وتلقى هناك دراسته التي مزجت بين كل من العلوم الشرعية والعلوم الكونية،

فجمع في دراسته بين كل من الدراسة الشرعية مثل التفسير، والفقه، والحديث، والأصول،

والفرائض، وغيرها من العلوم الأخرى مثل الكيمياء، والفيزياء، والجبر، والهندسة،

والجغرافيا والتاريخ وبذلك جمع الصابوني بين كلا من نوعي الدراسة الدينية والدراسة

في فروع العلم الأخرى، وتخرج الصابوني من الثانوية الشرعية عام 1949م.

بعد أن أتم الصابوني دراسته الثانوية الشرعية بنجاح قامت وزارة الأوقاف السورية بإرساله

في بعثة إلى الأزهر الشريف بالقاهرة بمصر، وذلك حتى يتم دراسته الجامعية هناك

وبالفعل تمكن الصابوني من أن يحصل على شهادة كلية الشريعة عام 1952م،

ثم أتم دراسة التخصص وتخرج عام 1954 من الأزهر حاملاً شهادة العالمية

في تخصص القضاء الشرعي، وكانت هذه الشهادة من أعلى الشهادات في ذلك

العصر فتعادل الدكتوراه في درجتها العلمية.


الحياة العلمية


بعد أن حصل الصابوني على درجة العالمية بتفوق من الأزهر الشريف عاد مرة أخرى إلى

سوريا وبالتحديد إلى مدينته حلب حيث تم تعيينه أستاذاً لمادة الثقافة الإسلامية في ثانويات حلب

ودور المعلمين، وظل يعمل في التدريس في الفترة ما بين 1955 – 1962م.

تم بعد ذلك انتدابه إلى المملكة العربية السعودية لكي يعمل أستاذاً معاراً من قبل وزارة التربية

والتعليم السورية وذلك للتدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وكلية التربية بالجامعة

بمكة المكرمة، فكان على راس البعثة السورية إلي المملكة،

فقام بالتدريس فيها لمدة طويلة اقتربت من الثلاثين عام.


قامت جامعة أم القرى بتعيينه باحثاً علمياً في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي،

وقد قامت الجامعة بإسناد هذا المنصب له نظراً لجهوده ونشاطه في البحث العلمي والتأليف

فقامت بإسناد مهمة تحقيق بعض كتب التراث الإسلامي إليه، وقد نجح الشيخ الصابوني

في مهمته حيث عمل على تحقيق واحداً من أهم كتب التفسير وهو كتاب " معاني القرآن"

للإمام أبي جعفر النحاس وعلى الرغم من كونها مخطوطة وحيدة إلا انه اجتهد في تحقيقها

مستعيناً بالكثير من المراجع والكتب الخاصة بالتفاسير واللغة والحديث وغيرها

وبالفعل خرج هذا الكتاب في ستة أجزاء وتم طبعه تحت أسم جامعة أم القرى بمكة المكرمة

بمركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.

قام الشيخ بعد ذلك بالانتقال للعمل في رابطة العالم الإسلامي كمستشار في هيئة الإعجاز العلمي

في القرآن والسنة، ومكث فيها عدة سنوات


مؤلفاته


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file62174/4_124_1248_32.jpg

تفرغ بعد ذلك الشيخ الصابوني للتأليف والبحث العلمي فقام بتأليف العديد من الكتب

في عدد من العلوم الشرعية والعربية، وقد تم ترجمة مؤلفاته لعدد من اللغات الأجنبية

مثل الإنجليزية والفرنسية والتركية، نذكر من هذه المؤلفات ما يلي:


صفوة التفاسير، مختصر تفسير ابن كثير، التفسير الواضح الميسر، فقه العبادات في ضوء

الكتاب والسنة، فقه المعاملات في ضوء الكتاب والسنة، موقف الشريعة الغراء من نكاح المتعة،

النبوة والأنبياء، روائع البيان في تفسير آيات الأحكام من القرآن، قبس من نور القرآن الكريم،

حركة الأرض ودورانها حقيقة علمية أثبتها القرآن، مختصر تفسير أبن كثير – تحقيق ،

المواريث في الشريعة الإسلامية، النبوة والأنبياء، الزواج الإسلامي المبكر، من كنوز السنة،

موسوعة الفقه الشرعي الميسر، الزواج الإسلامي المبكر سعادة وحصانة، التفسير الواضح الميسر،

الهدي النبوي الصحيح في صلاة التراويح، وغيرها العديد من المؤلفات القيمة التي أثرت المكتبة الإسلامية.

بالإضافة للمؤلفات والرحلة العملية والعلمية للشيخ الصابوني فقد كانت له العديد من الإسهامات

العلمية الأخرى فكان له درس يومي بالمسجد الحرام بمكة المكرمة ، ودرس أخر أسبوعي

بأحد مساجد مدينة جدة يقوم فيه بتفسير آيات القرآن الكريم، كما قام بتصوير حوالي

ستمائة حلقة تلفزيونية لبرنامج تفسير القرآن الكريم كاملاً وقد استغرق هذا العمل منه الكثير من الجهد.


جوائز وتكريم


تقديراً لجهوده في المجال العلمي والإسلامي فقد تم اختياره من قبل جائزة دبي للقرآن ليكون

"الشخصية الإسلامية" للدورة الحادية عشر، وتمنح هذه الجائزة للشخصيات الإسلامية المتميزة،

أثناء فترة عمله الأكاديمي تخرج على يديه العديد من علماء الإسلام المتميزين، بالإضافة للمستفيدين من كتبه

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:22 PM
قطز..سيف سُلط على رقبة التتار


http://www.moheet.com/image/62/225-300/624280.jpg


فتح التاريخ سجلاته ليظهر لنا أحد شخصياته البارزة، هو فارس مسلم وأشهر سلاطين دولة المماليك

قدر له الله سبحانه وتعالى أن يكون سبباً في رفعة الإسلام والمسلمين وذلك عندما تمكن بحنكته العسكرية

وقيادته لجيش المسلمين من إلحاق الهزيمة بالتتار وكسر شوكتهم ووقف زحفهم، هو الفارس سيف الدين قطز

الذي تمكن من ضم معركة عين جالوت الحاسمة إلى سجل الانتصارات التي أحرزها المسلمون خلال التاريخ،

وذلك خلال فترة حكم قصيرة تربع فيها على عرش سلطنة مصر، قبل أن يتم اغتياله غدراً على يد عدد

من أمراء المماليك على رأسهم بيبرس البندقداري، ليلقى حتفه في الثالث والعشرين من أكتوبر 1260م.


النشأة

ولد قطز أميراً مسلماً في ظل الدولة الخوارزمية فهو محمود بن ممدود ابن أخت السلطان

جلال الدين خوارزم شاه، الذي تم إختطافه عقب انهيار الدولة الخوارزمية عام 1231م على يد المغول،

وحمل هو وغيره من الأطفال إلى دمشق وتم بيعهم في سوق الرقيق وأطلق عليه اسم "قطز"،

ظل قطز عبد يباع ويشترى إلى أن انتهى به المطاف في يد عز الدين أيبك أحد أمراء مماليك البيت الأيوبي بمصر.

تعلم قطز اللغة العربية والقرآن الكريم ومبادئ الفقه الإسلامي، وعندما وصل إلى مرحلة الشباب

تدرب على الفروسية والمهارات القتالية واستخدام السيف والرمح وغيرها من فنون الحرب،

ونظراً لمهارته ارتقى قطز سريعاً حتى صار قائداً لجند أيبك، ثم قائداً للجيوش عقب تربع

عز الدين أيبك على عرش السلطنة مع زوجته شجرة الدر.


الفارس الأول


بدأ دور قطز يتضح ويبرز أكثر عقب تولي عز الدين أيبك السلطنة في مصر وأصبح قطز

يده اليمنى، ولكن لم تكن الأوضاع مستقرة بالبلاد فبالإضافة لتهديد التتار المستمر واستمرار زحفه

على الدولة الإسلامية، كانت تدب الكثير من الخلافات الداخلية والتي كان منبعها فارس الدين أقطاي

زعيم المماليك البحرية، ومن حوله من رجال وفرسان المماليك، فقد كان أقطاي يرغب في التربع

على عرش السلطنة وانتزاعه من أيبك، وشعر الأخير بالخطر الذي يشكله أقطاي فقرر التخلص منه

وأوكل بهذه المهمة إلى قطز، كما قام بالقبض على عدد من المماليك البحرية وفر الباقون إلى الشام.

ولم يدم الحال بالنسبة لأيبك بعد ذلك كثيراً حيث مالبث أن قتل، وقتلت من بعده زوجته شجرة الدر

ليصعد المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك إلى كرسي السلطنة وكان طفلاً صغيراً لا يصلح

لأمور السلطنة والحكم، فعمت الاضطرابات البلاد والتي كان يثيرها عدد من المماليك البحرية

الذين مكثوا في مصر، بالإضافة لأطماع أمراء الشام الأيوبيين في الاستيلاء على الحكم،

وتهديد التتار، فوقف قطز بالمرصاد للثورات الداخلية والاضطرابات جميعاً وتمكن من القضاء

على ثورات أمراء المماليك البحرية ففروا إلى الشام، كما قاد الجيش وصد أمراء الشام الذين

أرادوا غزو مصر، وتمكن من بث الاستقرار ونشر الأمن.


سلطان مصر

http://www.moheet.com/image/fileimages/2008/file179928/1_1022_1159_7.jpg

التوغل التتاري


أصبح الوضع في مصر لا يحتمل وجود سلطان ضعيف في سدة الحكم خاصة مع الزحف التتاري

المستمر، حيث سقطت بغداد وقضي على الخلافة العباسية، وبدأ التتار في الاتجاه إلى الشام

فأسقطوا المدن الواحدة تلو الأخرى حتى دخلوا دمشق، وأصبح خطرهم في طريقه إلى القاهرة

هذا بالإضافة لوجود الصراعات الداخلية والخارجية للاستيلاء على الحكم، فقرر قطز عزل

السلطان والإمساك بمقاليد الحكم وتمكن من إرجاع الاستقرار للدولة.

استمراراً للتوغل التتاري أرسل الزعيم التتاري هولاكو إلى قطز برسالة تمتلئ بالتهديد والوعيد

مع عدد من رسله يدعوه للاستسلام، فما كان من قطز إلا انه قام بحبس رسل هولاكو وبعد التشاور

مع الأمراء تم قتلهم وعلقت جثثهم على أبواب القاهرة، في إشارة لهلاكو بعدم خوف المسلمين

وقدرتهم على تحدي التتار والوقوف بوجهه.


التجهيز للحرب


أتخذ قطز قراره بالخروج لملاقاة التتار وردع قوتهم، وبدأ التجهيز للحرب فأستدعى أمراء

المماليك البحرية الفارين في الشام فأحسن استقبالهم وكان منهم بيبرس البندقداري الذي أقطعه

قطز قليوب وأعطاه الأمان وولاه على قيادة الجيوش، وعين الأخرين كأمراء على جيش المسلمين،

كما تشاور مع الشيخ العز بن عبد السلام في جمع الأموال من أجل الحرب، والذي قال له أنه

لا يجب أخذ شيئاً من الناس إلا إذا كان بيت المال فارغاً، وأن يخرج الأمراء والتجار والأغنياء

أموالهم وذهبهم وأن يتساوى الناس جميعاً في هذا، وبالفعل كان قطز أول شخص اخرج ماله

من أجل التجهيز للحرب وأخرج باقي الأمراء أموالهم على مضض، ثم نادى قطز الجنود

والأمراء للتكاتف من أجل مواجهة التتار.


المعركة الحاسمة


http://www.moheet.com/image/fileimages/2008/file179928/2_1022_1159_7.jpg


بدأ تحرك قطز وجنوده لملاقاة التتار، والذين علموا بتقدم المسلمين فحشد القائد التتاري "كتبغا نوين"

جنوده بعد مشاورة أعوانه وذهب لملاقاة المسلمين، فتلاقى الطرفان عند موقعة "عين جالوت"

من الأراضي الفلسطينية في الثالث من سبتمبر 1260م، واشتعلت نيران الحرب بينهما،

وانقض الفارس الشجاع قطز على جنود التتار يقاتل ببسالة باعثاً روح الحماس داخل جنوده،

خالعاً خوذته شاهراً سيفه يسارع للشهادة، لا يبالي لسيوف الأعداء لا يبالي سوى لنصرة المسلمين

صائحاً "وإسلاماه" وثبت الله جنوده في أرض المعركة وكتب لهم النصر.

بهذا النصر الذي كتبه الله للمسلمين وقائدهم قطز تم إنقاذ الأراضي المسلمة وتراجع المغول

من دمشق ودخلها قطز وفرض سيطرته على سائر بلاد الشام، وأعاد الاستقرار مرة أخرى

إلى الأراضي الإسلامية ثم أخذ قراره بالعودة مرة أخرى إلى مصر في الرابع من أكتوبر 1260م.


نهاية الفارس

لكل بداية نهاية وبعد كل حياة موت، وكانت نهاية الفارس سيف الدين قطز عقب إحرازه

لنصر عين جالوت ووقف الزحف التتاري وردعه عن أراضي المسلمين، وفي طريق عودته

إلى مصر وقبل أن يحتفل مع شعبها بالنصر الذي أحرزه وأهداه للمسلمين، تآمر عليه عدد من

الأمراء الذين اضمروا له الحقد وأوغلوا قلب بيبرس البندقداري نحوه، فقرر بيبرس التخلص

منه والإنفراد بالحكم، خاصة بعد ان اخلف قطز وعده له بتوليته على حلب، فقام بمراقبته مع

غيره من الأمراء وتحينوا الفرصة للقضاء عليه وكان لهم ما أرادوا حيث انتهزوا فرصة

خروج قطز بمفرده فتعقبوه وانقض عليه بيبرس وغيره من الأمراء وأخترقت سيوفهم جسده

ليقتل الفارس بعد أن أحرز النصر الذي لم يهنأ بالاحتفال به وسط شعبه، وكانت وفاته في

الثالث والعشرين من أكتوبر 1260م.

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:23 PM
شيخ الإسلام ابن تيمية


http://www.moheet.com/image/59/225-300/590477.jpg


الإمام ابن تيمية شيخ الإسلام وأحد الأئمة الأفاضل الذين لم يدخروا وسعاً من أجل خدمة الإسلام والمسلمين،

فقام بنشر العلم والتعريف بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فعمل على التبحر

في آيات القرآن الكريم وتفسيرها وتوضيح معانيها، بالإضافة لإلمامه بالمسائل الفقهية وجهوده في نشر العلم

والدعوة للإسلام، فكان ابن تيمية مجاهداً في جميع المجالات سواء في الدفاع عن وطنه

أو الدفاع عن الإسلام ونصرته.

كرس جزء كبير من وقته عكف فيه على تأليف الكتب والتي تناول فيها العديد من الأمور الإسلامية

من مسائل شرعية وفقهية فصدر له العديد من الكتب والتي تتضمن كتب الفتاوي والتي يجيب فيها

على الكثير من التساؤلات الدينية والدنيوية والتي يسير في إجابته فيها على قواعد الكتاب والسنة

وذلك في ضوء المذهب الحنبلي.


النشأة


اسمه كاملاً تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، ولد في حران بدمشق في 10 ربيع الأول عام 661هـ

- 12 يناير 1263م، بعد سقوط بغداد في يد التتار قام والده بالرحيل من بغداد إلي دمشق حيث ولد

أبن تيمية وكانت دمشق حينذاك تذخر بالعلماء والشيوخ الكبار حيث ترعرع أبن تيمية في هذه البيئة العلمية

ونهل منها علومه المختلفة فقام بدراسة الحديث والفقه والخط والحساب والتفسير كل هذا ولم يكن قد تعدى

العشر سنوات، فلقد كان يتمتع بموهبة رائعة في الاستذكار وذاكرة قوية سريع الحفظ شديد الذكاء،

هذا بالإضافة لنشأته في رعاية والده الذي كان من كبار الفقهاء في الفقه الحنبلي.

على الرغم من سنه الصغير إلا أن ابن تيمية كان يفضل الاتجاه إلى مجالس العلم والعلماء على أن يقضي

وقته في اللهو كغيره من الأطفال، هذا الأمر الذي وسع مداركه وأضاف المزيد من الخبرات والعلوم إليه

مما أهله بعد ذلك إلى القيام بالتأليف والإفتاء وهو في السابعة عشر من عمره،

كما قام أيضاً بتولي مهمة التدريس بعد وفاة والده.


جهاده في سبيل الإسلام والوطن


عرف عن الإمام أبن تيمية جرأته في إظهار رأيه ودفاعه الشديد عن السنة، وإخلاصه من أجل الدفاع

عن الإسلام وعن الوطن فلقد خرج للجهاد شاهراً سيفه مدافعاً عن بلاده ضد الهجمات التتارية،

ولم يكتفي بالسلاح والسيف فقط من أجل المواجهة والزود عن الوطن بل ذهب على رأس وفد

من العلماء والشيوخ لمقابلة ملك التتار والتفاوض من أجل وقف الزحف التتاري على دمشق

وتحرير الأسرى وقد كان.

اشتهر ابن تيمية بقوة علمه وغزارته بالإضافة لفصاحته مما حبب الناس فيه وجعلهم يلتفون حوله،

ولم يتهاون في تقديم العلم لمن أراده قط فكان يقوم بالتدريس في المساجد، ويرشد الناس إلى أمور

دينهم ويوضح ما استعصى على العامة فهمه، ويوضح حدود الله ويدافع عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.


تعرضه للسجن


عاصر ابن تيمية فترة حكم عدد من الحكام منهم ركن الدين بيبرس سلطان مصر والشام والناصر محمد بن قلاوون،

ونظراً لمكانة ابن تيمية العلمية وعلمه الغزير وجد له عدد من الحاقدين والمنافسين الذين لم يسعدهم تفوقه

ونبوغه فسعوا من أجل إفساد علاقة السلطان ركن الدين بيبرس به وتمكنوا من هذا بالفعل حيث أوقعوا

بين السلطان وابن تيمية وجيء بابن تيمية إلى مصر حيث تمت محاكمته وحكم عليه بالحبس لمدة سنة ونصف

بالقلعة، وبعدها نفي إلى الشام ورجع إلى مصر مرة أخرى ليحبس فيها ومنها إلى الإسكندرية حبيساً أيضاً

واستمر سجنه لمدة من الزمن حتى جاء السلطان محمد بن قلاوون إلى الحكم، حيث ظهر الحق وتم تبرئة

ابن تيمية وإخلاء ساحته من التهم الموجهة له وتم فك حبسه ولم يكتفِ السلطان قلاوون بهذا بل لقد أعطى

ابن تيمية الحق في معاقبة خصومه وهذا ما ترفع عنه ابن تيمية.

عاد ابن تيمية مرة أخري إلى دروسه العلمية وتفسير القرآن الكريم فأخذ بنشر العلم ودعوة الناس لله تعالي

وسنة نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن القاهرة انطلق ابن تيمية مرة أخرى عائداً إلى دمشق

حيث عرف طريق السجن مرة أخرى عندما قام بالإفتاء في أحد المسائل والتي لم تنل رضا السلطان الذي

طلب منه تغيير رأيه فيها وهذا ما رفضه ابن تيمية فتم القبض عليه ليدخل السجن مرة أخرى ولكن هذه المرة

في دمشق حيث قضى به ستة أشهر وما أن خرج منه حتى ما لبث أن عاد إليه مرة أخرى بسبب الفتوى

التي قام بإصدارها في "عدم وجوب شد الرحال إلى قبور الأنبياء" وهو الأمر الذي أخذه عليه خصومه

وظلوا وراءه حتى تم حبسه مرة أخرى، وعكف على التأليف هذا على الرغم من محاولتهم المستمرة

من منعه من التأليف أيضاً ولكن تمكن من إكمال عدد من المؤلفات.


من مؤلفاته


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file56078/1_1119_1420_9.jpg


قدم العديد من المؤلفات الهامة والتي يعد من أهمها "منهاج السنة " وغيره العديد من الكتب والتي نذكر منها:

درء تعارض العقل والنقل، المنهج القويم في اختصار الصراط المستقيم، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان،

الصارم المسلول على شاتم الرسول، الفتاوى الكبرى- مجموع الفتاوى، السياسة الشرعية في صلاح الراعي والرعية،

نقض المنطق، حقوق آل البيت ، البيان المبين في أخبار الجن والشياطين، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح،

القواعد النورانية الفقهية.


مدرسون وطلاب


قام ابن تيمية بأخذ العلم على يد العديد من الشيوخ والعلماء الأفاضل والذي يأتي في مقدمتهم والده

وهو أحد الفقهاء الأجلاء وغيره من العلماء اللذين نذكر منهم المحدث أبو العباس أحمد بن عبد الدائم،

ابن أبي اليسر، الشيخ شمس الدين عبد الرحمن المقدسي الحنبلي، ابن الظاهري الحافظ أبو العباس الحلبي الحنفي.

لم يكتف ابن تيمية بتلقي العلم فقط ولكن عمل على تعليمه أيضاً فدرس على يديه العديد من الطلاب واللذين

أصبحوا علماء عظام منهم ابن قيم الجوزية، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي،

أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي، أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي،

علم الدين القاسم بن محمد البرزالي وغيرهم الكثير.


وفاته


توفى ابن تيمية في عام 728هـ تاركاً العديد من المؤلفات الضخمة والتي أثرت المكتبة الإسلامية

وقد تجاوزت مؤلفاته الثلاثمائة مجلد معظمها في الفقه والتفسير.__________________

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:26 PM
الجزائري أستاذ وداعية إسلامي


http://www.moheet.com/image/59/225-300/594101.jpg


اسمه هو جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري، شيخ وعالم ومفسر وداعية ديني

له جهوده العديدة في مجال الدعوة والتدريس، وقدم العديد من المؤلفات الإسلامية، والمحاضرات،

وقد زار الشيخ الجزائري العديد من الدول وذلك من أجل نشر الدعوة والإصلاح وتميز بفصاحته،

وعلمه الغزير.



النشأة

ولد الشيخ الجزائري في قرية ليرة الواقعة بجنوب الجزائر عام 1921م، تلقى تعليمه الأولي

في بلدته فحفظ القرآن الكريم، وتعلم بعض المبادئ في اللغة العربية والفقه المالكي، ثم انتقل من قرية ليرة

إلى بسكرة وفيها قام بدراسة العلوم المختلفة على يد عدد كبير من المشايخ هذا الأمر الذي أهله بعد ذلك

للتدريس في إحدى المدارس الأهلية.



في المدينة المنورة


أنتقل الشيخ الجزائري مرة أخرى ولكن هذه المرة إلى المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية،

وهناك سعى من أجل إكمال تعليمه الديني فجلس في الحلقات العلمية لكبار العلماء والمشايخ،

وتمكن من الحصول على إجازة من رئاسة القضاء بمكة المكرمة وذلك من أجل التدريس بالمسجد النبوي،

وأصبحت له حلقته الخاصة التي قام بالتدريس بها فقام بتدريس تفسير آيات القرآن الكريم،

والحديث الشريف وغيرها.

شغل الشيخ الجزائري عدد من المهام منها : عمل كمدرس في عدد من مدارس وزارة المعارف،

كذلك في دار الحديث بالمدينة المنورة، كما كان من أوائل الأساتذة الذين درسوا بالجامعة الإسلامية

وذلك عند افتتاحها عام 1380هـ ، وظل يدرس بها حتى تقاعده في عام 1406هـ .



نشاطه


عرف عن الشيخ الجزائري نشاطه في مجال الدعوة فقد زار العديد من البلدان وقام بالدعوة فيها،

بالإضافة لإلقائه العديد من الدروس الدينية ودروس الوعظ، وله العديد من المحاضرات والرسائل العلمية،

لم يكتفِ الشيخ الجزائري بإعطاء الدروس الدينية في بلده فقط بل قام بالعديد من الجولات في مختلف

بلاد العالم من أجل نشر الدعوة، ونظراً لأسلوبه السلس في شرح وتفسير الآيات القرآنية والأحاديث

فقد التف حوله العديد من طلاب العلم لينهلوا من علمه.



مؤلفاته


رسائل الجزائري – 23 رسالة تبحث في الإسلام والدعوة.

منهاج المسلم – كتاب للعقيدة والآداب والأخلاق والعبادات والمعاملات.

عقيدة المؤمن – يضم أصول عقيدة المؤمن.

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.

المرأة المسلمة، الدولة الإسلامية، الضروريات الفقهية - وهو رسالة في الفقه المالكي،

هذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم – يا محب في السيرة وهذا الكتاب عبارة عن رسالة

في سيرة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، كمال الأمة في صلاح عقيدتها،

هؤلاء هم اليهود، التصوف يا عباد الله

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:30 PM
الألباني.. أحد علماء الحديث الأجلاء


http://www.moheet.com/image/58/225-300/583722.jpg


محمد ناصر الدين الألباني أحد علماء الحديث المشهورين، أجتذبه علم الحديث فقام بدراسته وأجرى

الأبحاث فيه، وقام بخدمة الحديث النبوي تخريجاً وتحقيقاً ودراسة، وتناوله في كتبه التي تزيد عن المائة كتاب،

هذا بالإضافة لجهوده في مجال الدعوة وخدمة الإسلام.

اسمه بالكامل هو محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني، ولد عام 1333هـ - 1914م ،

في مدينة أشقودرة العاصمة الألبانية حينذاك، ولد الألباني لأسرة متوسطة الحال وكان والده رجل

يهتم بالعلم والثقافة فكان دائماً ما يرجع إليه الناس من أجل تعليمهم أو إرشادهم في العديد من الأمور.

قام الألباني بعد ذلك بالهجرة مع والده إلى دمشق، حيث أتم دراسته الابتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري بتفوق.

عمل الوالد بعد ذلك على تعليم ابنه وتثقيفه من الناحية الدينية، فقام بنقل تعليم ولده من المدارس النظامية

إلى نوع أخر من الدراسة يرتكز على منهج علمي يقوم من خلاله بتعليمه مبادئ القرآن الكريم، والتجويد،

والنحو والصرف، وفقه المذهب الحنفي، وبالفعل قام الألباني بتعلم ودراسة هذه العلوم الدينية

فأتم حفظ القرآن الكريم على يد والده، كما درس "مراقي الفلاح" في الفقه الحنفي وبعض كتب اللغة والبلاغة

على يد الشيخ سعيد البرهاني، وحرص على حضور دروس وندوات العلامة بهجة البيطار،

وكانت هجرته إلى الشام مفيدة له للتعرف على اللغة العربية والإطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية.



تعمقه في علم الحديث


تأثر الألباني كثيراً بعلم الحديث فكان له الأثر الكبير في توجهه بعد ذلك نحو المنهج الصحيح وهو التلقي

عن الله ورسوله فقط، و استعان في دراسته لعلم الحديث بعدد من أعلام الأئمة دون التعصب لرأي

أحد معين، فجاء تأثره بعلم الحديث على الرغم من توجيه والده له بتقليد المذهب الحنفي و تحذيره الشديد

من الاشتغال بعلم الحديث.

وفي العشرين من عمره توجه الألباني نحو علم الحديث وعلومه، فتعلمه متأثراً بأبحاث مجلة المنار

التي كان يقوم الشيخ محمد رشيد رضا بإصدارها، وكان أول ما طالعه منها هو مقالة بقلم محمد رشيد

يصف فيها كتاب الإحياء للغزالي فبهر بالنقد العلمي الموضوعي الذي تضمنته المقالة ومن ثم أصبح

متابع جيد لجميع أبحاثه، وكان أول عمل للألباني في مجال الحديث هو نسخ كتاب

" المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي مع التعليق عليه.

كان هذا الكتاب هو البداية الحقيقية للشيخ الألباني، حيث ركز اهتمامه بعد ذلك على الحديث وعلومه ،

وبدأت شهرته تسطع في الأوساط العلمية بدمشق.

انكب الألباني على الدراسة والإطلاع الأمر الذي نتج عنه أن قامت المكتبة الظاهرية بتخصيص غرفة

له لكي يقوم فيها بأبحاثه العلمية المختلفة، فكان يمكث بها لفترات طويلة لتحصيل العلم،

وبالإضافة لدراسته عمل الألباني في مهنة إصلاح الساعات تلك المهنة التي تعلمها من والده كوسيلة

لتكسب الرزق فخصص لها أيام معينة في الأسبوع وباقي الأيام قضاها في الدراسة والإطلاع.

اشتغل الشيخ الألباني على علم الحديث مما كان له أثره البالغ في توجهه السلفي، وكان السبب في تمسكه

بهذا المنهج هو إطلاعه على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وغيرهم من أعلام المدرسة السلفية


مؤلفاته


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file27745/1_98_148_22.jpg


للشيخ الألباني العديد من المؤلفات العظيمة القيمة والتي تزيد عن المائة مؤلف والتي تم ترجمة الكثير

منها لعدد من اللغات، كانت أولى مؤلفاته الفقهية هي " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" ، وكتاب "

الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير" ، بالإضافة للعديد من المؤلفات الأخرى

التي أثرى بها المكتبة الإسلامية منها:

إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، وسلسلة الأحاديث الضعيفة،

وصفة صلاة النبي " عليه الصلاة والسلام" من التكبير إلى التسليم كأنك تراها، وتمام المائة في التعليق

على فقه السنة، حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة، تلخيص أحكام الجنائز وغيرها العديد من الكتب الأخرى.



نشاطه في مجال الدعوة


نشط الشيخ الألباني في مجال الدعوة ، فحمل راية الدعوى في سوريا وقام بزيارة الكثير من المشايخ

في دمشق وجرت بينهم المناقشات حول العديد من المسائل والأمور المتعلقة بالتوحيد والتعصب المذهبي

وغيرها وواجه خلال ذلك التأييد من البعض والمعارضة من البعض الأخر من متعصبي المذاهب،

وكان من مؤيديه العلامة بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح رئيس جمعية الأخوان المسلمين في سوريا وغيرهم .

استمر الشيخ الألباني في مجال الدعوة من خلال الدروس العلمية التي كان يعقدها مرتين أسبوعياً

ويحضرها طلبة العلم وأساتذة الجامعات حيث كان يقوم بتدريس الكتب المختلفة منها

"فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب"، "الروضة الندية شرح الدرر البهية للشوكاني

شرح صديق حسن خان"، "فقه السنة لسيد سابق" وغيرها العديد من الكتب، هذا بالإضافة إلى جولاته الشهرية

التي كان يقوم بها بين المحافظات السورية المختلفة، وأيضاً في المملكة الأردنية.


تعرض الشيخ الألباني للاعتقال مرتين ففي خلال الفترة قبل عام1967م قامت الحكومة السورية باعتقاله

لمدة شهر في قلعة دمشق، ثم عندما قامت الحرب في 67م تم الإفراج عنه مع غيره من المعتقلين السياسيين،

ولكنه عند اشتداد الحرب عاد إلى المعتقل مرة أخرى ولكن هذه المرة في سجن الحسكة شمال شرق دمشق،

ومكث به لمدة ثمانية أشهر وفي فترة اعتقاله لم يتخلى الألباني عن أبحاثه وعلومه فقام بتحقيق

"مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري"، كما التقى بعدد كبير من الشخصيات الهامة في المعتقل.


المجال العملي في حياة الألباني


http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file27745/2_98_148_23.jpg


من خلال جهوده العلمية المبذولة لخدمة علم الحديث قام الألباني بالعديد من الأعمال وحضر العديد

من المؤتمرات كما تم اختياره أكثر من مرة ليقوم بمهمة الدعوة في أكثر من دولة ونذكر من أعماله:

كان يقوم بحضور ندوات العلامة الشيخ محمد بهجت البيطار مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق

وكانوا يقرأون الحماسة لأبي تمام.

تم اختياره من قبل كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة

الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955 م، كما تم اختياره عضواً في لجنة الحديث،

التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر وسوريا، للإشراف على نشر كتب السنة و تحقيقها،

كما عرض عليه تولى مشيخة الحديث بناء على طلب من الجامعة السلفية في بنارس بالهند،

ولكنه قابل هذا العرض بالاعتذار نظراً لتعذر اصطحاب الأهل بسبب ظروف الحرب بين الهند وباكستان،

وعرض أخر لم يتحقق عندما طلب منه وزير المعارف بالمملكة العربية السعودية الشيخ حسن بن عبد الله

أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة، حيث حالت الظروف دون تحقيق ذلك،

وبعد ذلك تم اختياره عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

وذلك من عام 1395 هـ - 1398 هـ.

وفي أسبانيا قام بتلبية دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في أسبانيا حيث قام بإلقاء محاضرة هامة طبعت فيما بعد

بعنوان "الحديث حجة بنفسه في العقائد و الأحكام"، كما قام بزيارة لقطر و ألقى فيها محاضرة بعنوان "

منزلة السنة في الإسلام".

تم انتدابه من قبل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء للدعو

ة في مصر والمغرب و بريطانيا للدعوة إلى التوحيد و الاعتصام بالكتاب و السنة و المنهج الإسلامي الحق.

قام الشيخ الألباني في مجال الدعوة بزيارة عدد كبير من الدول سواء العربية أو الأوربية حيث قام بالالتقاء

بالجاليات الإسلامية والطلبة المسلمين بها، وألقى العديد من الدروس العلمية.


قررت لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية من منح الجائزة عام 1999م ،

و موضوعها "الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً و تخريجاً و دراسة" لفضيلة الشيخ

محمد ناصر الدين الألباني السوري الجنسية، تقديراً لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجاً

و تحقيقاً ودراسة و ذلك في كتبه التي تربو على المائة.


الوفاة

جاءت وفاة الشيخ الألباني بعد رحلة علمية طويلة قضاها في خدمة الإسلام في الثاني والعشرين

من جمادى الأخر 1420هـ - الثاني من أكتوبر 1999م

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:31 PM
الشيخ الندوي.. هدية الهند للعالم الإسلامي

http://www.moheet.com/image/FileImages/2008/File175091/1_1012_113_53.jpg


أبو الحسن الندوي


أبو الحسن الندوي هو أحد علماء ومفكري الإسلام البارزين الذين كانت لهم جهودهم المميزة

في العالم الإسلامي، خرج أبو الحسن الندوي كعالم وداعية إسلامي من شبه القارة الهندية،

وقام بنشر دعوته وعلمه داخل الهند وخارجها، وبالإضافة لجهوده في مجال الدعوة قام بتأليف

العديد من الكتب الهامة والتي زادت عن المائتي كتاب ورسالة باللغتين العربية والأردية،

والتي ترجم الكثير منها إلى لغات عديدة.



النشأة



هو أبو الحسن علي الحسني الندوي ابن العلامة السيد عبد الحي بن السيد فخر الدين بن السيد عبد العلي،

يتصل نسبه بالحسن بن الحسين بن جعفر بن القاسم بن الحسن الجواد بن محمد بن عبد الله الأشتر بن محمد

ذي النفس الزكية بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن الإمام علي ابن أبي طالب

رضي الله عنهم أجمعين.

ولد أبو الحسن بقرية تكية بالهند عام 1332هـ - 1913م، لأسرة كريمة مثقفة ومتدينة،

فكان والده أحد علماء الهند ومؤرخيها وله مصنفات شهيرة بعنوان " نُزهة الخواطر وبهجة المسامع

والنواظر في تراجم علماء الهند وأعيانها"، توفى والده وهو مازال في التاسعة من عمره،

فتولى أخوه الدكتور عبد العلي الندوي رعايته، فأحسن تربيته وتنشئته فحفظ القرآن صغيراً،

وعندما بلغ الثانية عشر من عمره تعلم العربية والإنجليزية، وأنكب على القراءة فكانت البداية

بقراءته لنهج البلاغة، ودلائل الإعجاز والحماسة، كما اطلع على الكتب المؤلفة بالإنجليزية

والتي تتناول المواضيع الإسلامية والحضارة الغربية وتاريخها وتطورها.


التعليم



تلقى أبو الحسن الندوي تعليمه في جامعة لكنهو قسم آداب اللغة العربية، تبع ذلك التحاقه

بندوة العلماء وهناك درس علوم الحديث لمدة سنتين، ثم سافر إلى لاهور لمتابعة دراسته،

عاد الندوي إلى لكنهو مرة أخرى حيث عمل مدرساً بدار العلوم لمدة عشر سنوات،

وقام بالكتابة في مجلة الضياء العربية.

درس الشيخ الندوي على يد العديد من العلماء الأفاضل منهم الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي

المراكشي والذي درس عليه الآداب، والشيخ حيدر حسن خان الذي درس عليه الحديث،

وكذلك الشيخ حسين أحمد المدني شيخه في الحديث أيضاً، والشيخ محمد إلياس والذي كان

قدوته في حياته، والشيخ عبد القادر الرأي يوري المربي الروحي له.

وسع الشيخ الندوي دائرة إطلاعه فلم يقتصر على التفسير والحديث والأدب والتاريخ بل قام

بالإطلاع على كتب المعاصرين من الدعاة والمفكرين العرب والزعماء السياسيين.



جهوده



قام الشيخ الندوي بالكثير من الرحلات الدعوية والتي هدف منها إلى التربية والإصلاح والتوجيه

الديني، سواء داخل الهند أو خارجها.

أسس مركزاً للتعليمات الإسلامية عام 1943 ونظم بها حلقات درس القرآن الكريم والسنة النبوية،

وتم اختياره عضواً في المجلس الانتظامي لندوة العلماء عام 1948، كما عين نائباً لمعتمد ندوة

العلماء للشئون التعليمية عام 1951، ثم معتمداً عام 1954، ووقع عليه الاختيار أميناً عاماً

لندوة العلماء عام 1961، واختير عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق 1956م.

ومن نشاطاته قيامه بتأسيس حركة رسالة الإنسانية 1951، وتأسيس المجمع الإسلامي العلمي

في لكهنو 1959، كما شارك في تأسيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية 1960،

والمجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند 1964، وهيئة الأحوال الشخصية الإسلامية

لعموم الهند 1972، وقام بالدعوة إلى أول ندوة عالمية عن الأدب الإسلامي في رحاب

دار العلوم لندوة العلماء عام 1981م.

أسندت إليه الجامعة الإسلامية في عليكرة بالهند مهمة وضع منهج لطلبة الليسانس

في التعليم الديني اسماه "إسلاميات".

اختير عضواً بالمجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة منذ تأسيسها 1962،

واختير عضواً مؤازراً في مجمع اللغة العربية الأردني عام 1980، اختير رئيساً لمركز اكسفورد

للدراسات الإسلامية عام 1983م، وأصبح عضو في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية

"مؤسسة آل البيت" 1983م، وشغل منصب رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية عند تأسيسها 1984.


شغل الشيخ الندوي عضوية ورئاسة عدد من الهيئات منها المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي

بمكة المكرمة، المجلس الأعلى العالمي للدعوة الإسلامية بالقاهرة، رابطة الجامعات الإسلامية بالرباط،

وكان رئيساً للمجمع الإسلامي العلمي في لكهنو –الهند، وهيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند،

ومجمع دار المصنفين بأعظم كره، وعضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية

في إسلام آباد – باكستان، وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق والقاهرة، والأردن،

وعضو المجلس التنفيذي لمؤتمر العالم الإسلامي في بيروت، والمجلس الإداري للمركز الإسلامي

بجنيف وغيرها العديد من المجالس والهيئات.


زياراته ومحاضراته


زار الشيخ الندوي عدد من الدول وقام بإلقاء المحاضرات بها والتي تم طبعها فتم دعوته

كأستاذ زائر في جامعة دمشق عام 1956، كما زار المدينة المنورة وألقى محاضرات

في الجامعة الإسلامية بها، وسافر إلى الرياض بناء على دعوة من وزير المعارف السعودي

عام 1968 للمشاركة في دراسة خطة كلية الشريعة، وقام بإلقاء عدة محاضرات بجامعة الرياض وكلية المعلمين.

كما زار مصر عام 1951، ومكث بها ستة أشهر فألقى بها سلسلة من الأحاديث والمحاضرات

والتقى بالكثير من شيوخها وأدبائها ومثقفيها وساستها، من الأحاديث التي ألقاها هناك

" الإسلام على مفترق الطرق"، الدعوة الإسلامية وتطوراتها في الهند"، "شعر إقبال ورسالته"،

"الإنسان الكامل في نظر الدكتور محمد إقبال"، وفي مصر قام بنشر رسالته بعنوان "اسمعي يا مصر"،

وقام هناك بالقيام بعدد من الرحلات والجولات الدعوية.

وزار السودان والشام والقدس والأردن، ولبنان، والكويت، والإمارات، وقطر، والمغرب،

واليمن، وأفغانستان، وإيران، وتركيا، وبورما وباكستان وغيرها العديد من الدول وفي كل دولة

زارها اتصل بالأوساط العلمية والدينية والأدبية بها، وألقى بها المحاضرات،

وقابل مفكريها وعلمائها ومثقفيها.

وكانت رحلته الأولى إلى أوروبا عام 1963 وفيها زار كل من جنيف، لوزان، برن، باريس،

لندن، أكسفورد وغيرها من الدول الأوروبية، وقابل فيها علماء الغرب والمستشرقين وألقى

محاضرات في جامعة إيدامبرا، ولندن وغيرها من الجامعات الأوروبية، وحضر اجتماعات

خاصة بالمسلمين، كما زار عدد من المدن الأسبانية.

وزار الولايات المتحدة الأمريكية بناء على دعوة من "منظمة الطلاب المسلمين بأمريكا وكندا"

عام 1977، وألقى محاضرات بجامعات كولومبيا، وهارورد، وطبعت أهم محاضراته

في هذه الرحلة بعنوان "أحاديث صريحة في أمريكا".



مؤلفاته وكتبه


http://www.moheet.com/image/fileimages/2008/file175091/2_1011_1410_9.jpg


قام الشيخ الندوي بتأليف العديد من الكتب القيمة باللغة العربية والأردية وله ما يزيد

على مائتي كتاب ورسالة نشر أول مقالة له بالعربية في مجلة "المنار" للسيد رشيد رضا 1931،

وقدم أول كتاب له باللغة الأردية عام 1938 بعنوان " سيرة سيد أحمد شهيد"، كما قام بتأليف

كتاب "مختارات في أدب العرب" عام 1940، وسلسلة "قصص النبيين" للأطفال مكونة

من خمس أجزاء، وسلسلة "القراءة الرشيدة".


نذكر من مؤلفاته: رجال الفكر والدعوة في الإسلام، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين،

روائع إقبال السيرة النبوية، الطريق إلى المدينة، التربية الإسلامية الحرة، أحاديث صريحة في أمريكا،

إذا هبت ريح الإيمان، إلى الإسلام من جديد، المسلمون وقضية فلسطين، العرب والإسلام،

الصراع بين الإيمان والمادية، ربانية لا رهبانية، الصراع بين الفكرة اللإسلامية والفكرة الغربية،

النبوة والأنبياء في ضوء القرآن الكريم، روائع من أدب الدعوة في القرآن و السنة، الإسلام وأثره

في الحضارة وفضله على الإنسانية، الأركان الأربعة في ضوء الكتاب والسنة مقارنة

مع الديانات الأخرى، هذا بالإضافة للعديد من الكتب الأخرى، وقد تم ترجمة الكثير من كتبه

إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية ولغة الملايو.

كما شارك الشيخ الندوي في المجال الصحفي فشارك في تحرير عدد من المجلات منها

" الضياء" العربية الصادرة من ندوة العلماء 1932، ومجلة "الندوة" الأردية 1940،

وأصدر مجلة "التعمير" الأردية 1948، وكتب افتتاحيات مجلة "المسلمون" الصادرة من دمشق،

وكانت له مقالات في مجلة "الفتح"، كما أشرف على إصدار عدد من الجرائد منها "نداي ملت"

الأردية، وكان المشرف العام على مجلة "البعث الإسلامي"، وجريدة "الرائد"، و"تعمير حيات"

الأردية، ومجلة "معارف"، ومجلة "الأدب الإسلامي"، ومجلة "كاروان أدب".


تكريم



نظراً لجهوده في مجال الدعوة الإسلامية حصل الشيخ الندوي على الكثير من التكريم فمنح

جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 1980م، والدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعة

كشمير 1981م، أقيمت ندوة أدبية حول حياته وجهوده الدعوية والأدبية 1996 في تركيا

على هامش المؤتمر الرابع للهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي العالمية.

كما منح جائزة شخصية العام الإسلامية من قبل جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في دورتها الثانية

لعام 1419هـ - 1998م، وجائزة السلطان حسن البلقية العالمية في " سير أعلام الفكر الإسلامي"

من مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية 1998م.

منحه معهد الدراسات الموضوعية بالهند جائزة الإمام ولي الله الدهلوي لعام 1999م

ولكن جاءت وفاته قبل أن يتم الإعلان الرسمي عن الجائزة واستلمها بدلاً منه ابن أخته

الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي في نوفمبر 2000.

قامت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة " ايسسكو ISESCO" بمنحه وسام الإيسسكو

من الدرجة الأولى وتسلمه عنه أيضاً الشيخ محمد الرابع الندوي.



الوفاة

جاءت وفاته في ذي الحجة عام 1420هـ - 1999م بعد حياة حافلة بالكثير من الجهود

التي بذلها الشيخ الجليل من اجل خدمة الإسلام والدعوة الإسلامية

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:34 PM
الغزالي حجة الإسلام

http://www.moheet.com/image/59/225-300/597150.jpg


أحد علماء الإسلام والذي عمل على إحداث أثراً عظيماً في عصره، وقد قام بدراسة العلوم الدينية

وعلوم الفقه والأدب، هذا بالإضافة لإطلاعه على كتب الفلاسفة وتعمقه فيها وعمله على تحليلها

واستخلاص الحقائق منها، إلى جانب قيامه بالتدريس لفترة من الزمن، كما قدم العديد من الكتب

التي تناول فيها الآراء المختلفة للفلاسفة، ونقد العديد منها كما قدم عدد من الوصايا الإسلامية

في بعض من كتبه، ويعد كتاب " إحياء علوم الدين" واحداً من كتبه المتميزة، والذي تعرض فيه

للكثير من الأمور والتي تشمل العبادات والعادات وما يستحب أن يبتعد عنه العبد من الأخلاق السيئة

وما يستحب أن يتبعه من طاعة وعبادة وخلق حسن للتقرب من ربه.


وقد قضى الغزالي حياته في نشر العلم والفكر الإسلامي، بالإضافة للبحث والتدقيق محاولاً استخلاص

الحقائق، كما عمد إلى أتباع منهج الشك للوصول إلى اليقين، واتجه الغزالي نحو الزهد والتصوف،

وتم تلقيبه بـلقب "حجة الإسلام".


النشأة والدراسة


اسمه كاملاً محمد بن أحمد أبو حامد ولد عام 450هـ - 1058م بقرية غزالة التابعة لمدينة

طوس بخراسان، أصله فارسي ولكنه عربي النشأة شافعي المذهب.

كان والده يعمل في غزل الصوف ويخدم الفقهاء، سعى من اجل أن يعلم ابنه ويفقهه في الدين،

وقبل وفاته أوصى بولديه إلى صوفي ليعلمهما، قام محمد الغزالي بتعلم مبادئ اللغة والنحو

كما حفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة الفارسية، أنتقل بعد ذلك إلى جرجان، والتي عرفت بمدينة

الفقهاء والمحدثين، فتتلمذ على يد علمائها، ثم عاد مرة أخرى إلى طوس حاملاً عدد من الكتب

انكب على دراستها لمدة ثلاث سنوات.

انتقل الغزالي بعد ذلك إلى نيسابور وذلك عام 473هـ - 1080م، والتحق هناك بإمام الحرمين

ضياء الدين الجويني مدرس الفقه والمنطق في جامعتها النظامية، وهناك تعلم الفقه والمنطق والفلسفة

وأصول الفقه وغيرها من العلوم، وكان واحداً من تلاميذ الجويني الأذكياء وبعد أن أظهر الكثير

من النبوغ عهد إليه بإلقاء الدروس.


دوره العلمي


عكف الغزالي مع أستاذه الجويني الذي تأثر به كثيراً يتلقى العلم منه إلي أن توفى الجويني

عام 478هـ - 1085م، وقام الغزالي بجمع الكتب وحفظها فقوي علمه وترسخ في الدين،

كما قام بالإطلاع على كتب الفلاسفة فتعمق بها ودرس بها مما أثرى معرفته.

اتصل محمد الغزالي بعد ذلك بالوزير نظام الملك الطوسي الذي أكرمه وعظم شأنه وذلك

نظراً لغزارة علم الغزالي وقوة منطقه، ونتيجة لذلك ولاه نظام الملك منصب التدريس

في المدرسة النظامية ببغداد عام 484هـ - 1091م، فاختلف إلى بلاطه يناظر

ويدرس فعظم مركزه، وذاعت شهرته، وتوافد عليه الطلاب لينهلوا من علمه، حتى تم تلقيبه بإمام بغداد.

تم تكليفه من قبل الخليفة العباسي "المستظهر بالله" بالرد على بعض الفرق التي انحرفت عن الإسلام،

فكتب القسطاس المستقي، حجة الحق وغيرها من الكتب التي كشفت فساد وضلال هذه الفرق.


اتجاهه للزهد والتصوف


قام الغزالي بترك التدريس بالمدرسة النظامية، واتجه نحو الزهد والعبادة، وتنقل بين عدد من

المدن الإسلامية، فبعد أن مكث بدمشق فترة من الزمن انتقل إلى القدس، ومنها إلى مكة ثم عاد

مرة أخرى إلى دمشق فاعتكف بالجامع الأموي، أخذاً على عاتقه مهمة الإفتاء والوعظ، وبدأ

في وضع كتابه " إحياء علوم الدين"، وبعد أن تنقل بين القدس والحجاز عاد إلى بغداد وسعى

من أجل إتمام مؤلفه السابق.

قام فخر الملك ابن الوزير نظام الملك بحمل أمر من السلطان إليه وذلك من اجل التدريس

في جامعة "نيسابور" فقام بالتدريس بها لمدة عامين، ثم ترك التدريس وغادر إلى طوس

وقام هناك بإنشاء " زاوية" صوفية وانقطع بها للعبادة وتدريس الفقه حتى وفاته.



مؤلفاته


http://www.moheet.com/image/fileimages/2008/file77638/2_117_123_41.jpg


تميز أسلوبه في التأليف بالقوة والوضوح، وارتقى أسلوبه عن أساليب الفلاسفة فتميز بالسهولة

بعيداً عن التعقيد والإبهام، بدا الشيخ الغزالي التأليف وهو ما يزال طالباً عند الأستاذ الجويني،

وقد تجاوزت مؤلفاته المئتين كتاب، نذكر من مؤلفاته:

"مقاصد الفلاسفة" وقد قام بتأليفه أثناء دراسته في جامعة بغداد النظامية، ويقوم فيه بتبسيط

أراء الفلاسفة عارضاً لكل من الفارابي، ابن سينا وغيرهم.

"تهافت الفلاسفة" وقام في هذا الكتاب بتفنيد أراء الفلاسفة مثبتاً بطلانها، ومظهراً لقصورهم

عن إثبات الحقائق نفسها بقوة البرهان، وذلك من خلال أسلوب جدلي يستند للدين أحياناً

وللفلسفة أحياناً أخرى، واتهم الفلاسفة بأنهم "حادوا عن الطريق القويم ورفضوا طوائف

الإسلام وشعائر الدين متأثرين بغيرهم ممن لم ينشأ على الدين الإسلامي".


" أيها الولد" ويحمل هذا الكتاب رسالة خلقية، اجتماعية ودينية قد أرسلها الغزالي لتلميذ قديم له

ومما جاء فيه " العلم بلا عمل جنون والعمل بلا علم لا يكون"، ومن استشهاداته أقوال الرسول

– صلى الله عليه وسلم- " ادخلوا يا عباد الجنة واقتسموها بأعمالكم" ويشير على سائله أن يقول

بأربعة شروط ليسلك طريق الحق اعتقاد صحيح لا بدعة فيه، توبة نصوح لا يرجع عنها،

استرضاء الخصوم حتى لا يبقى عليه لأحد حق، وتحصيل علم الشريعة قدر ما تؤدى به أوامر الله،

ويجعل قانون الحياة مضمون هذا الحديث النبوي " اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لأخرتك

بقدر بقائك فيها واعمل للنار بقدر صبرك عليها".


ومن الكتب الهامة أيضاً للغزالي " إحياء علوم الدين" هذا الكتاب الذي أمضى الغزالي في تأليفه

عشر سنوات وجعله في أربعة مجلدات: العبادات، العادات، المهلكات، المنجيات.

وبالنظر إلى مضمون هذه المجلدات نجد أن جزء "العبادات" فيبحث فيه في آداب العبادات

وخفاياه وسننها وأسرار معانيها، بينما في جزء "العادات" يبحث في أسرار المعاملات الجارية

بين الناس وسننها، بالإضافة للدعوة إلى تبادل الفوائد الدينية والدنيوية، كما يبحث في الصداقة

وشروطها، والنكاح، والكسب والسفر وآداب المعيشة وغيرها من الأمور.

أما في " المهلكات" فيبحث فيه في الأخلاق والأفعال السيئة والتي أمر القرآن بالابتعاد عنها،

فيتحدث عن تهذيب الأخلاق، وآفات اللسان، وذم الغضب والحقد والحسد، وذم الكبر والغرور وغيرها.

وفي الجزء الخاص بـ "المنجيات" فيذكر فيها كل خلق محمود وخصلة مرغوب فيها وذلك من

خصال المقربين والصديقين والتي يتقرب بها العبد من رب العالمين، فيبحث في التوبة والصبر،

الفقر، الزهد، الورع، التوكل، النية، الإخلاص، الصدق وغيرها.

ومن كتبه الأخرى نذكر المنقذ من الضلال، الوسيط في الفقه الشافعي، فضائح الباطنية،

المستصفي في علم الأصول.


الوفاة


توفى الشيخ أبو حامد الغزالي عام 505هـ - 1111م، بعد أن بذل الكثير من حياته من أجل

خدمة العلم والإسلام، وبعد أن ترك مجموعة من الكتب القيمة التي يرجع إليها الكثيرون من طلاب العلم

بنت الاسلام
03-02-2009, 05:35 PM
من هو خال المؤمنين؟


اسمه:

معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أميه بن عبد شمس بن عبد مناف

بن قصي بن كلاب الصحابي القرشي الأموي رضي الله عنه،

يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن ابي طالب نسبا في الجد (عبد مناف).


مولده:

قبل البعثة بخمس سنوات . وتوفي وهو ابن ثمان وسبعين ، سنة ستين للهجرة ،

وكانت ولايته تسع عشر سنة وثلاثة أشهر وسبعة وعشرين يوما .


أمه :

هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، تلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

نسبًا في الجد (عبد مناف) أسلمت يوم الفتح بعد إسلام زوجها أبي سفيان ،

عن أبان بن عثمان قال : كان معاوية يمشي مع أمه هند فعثر فقالت

: قم لا رفعك الله، وأعرابي ينظر فقال: لم تقولين له ذلك ؟ فوالله إني لأظنه سيسود قومه ،

قالت : لا رفعه الله إن لم يسد إلا قومه .


زوجاته :

1- ميسون بنت بحدل الكلبي ثم طلقها وولدت له يزيد بن معاوية وأمة ماتت صغيرة.

2- فاخته بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف وولدت له عبد الرحمن وعبدالله.

3- كنود بنت قرظة وهي أخت فاختة تزوجها بعدها وهي التي كانت معه حين افتتح قبرص.

4- نائلة بنت عمارة الكلبية ثم طلقها ومن بناته رملة وهند وعائشة وعاتكة وصفية.


إسلامه:


أسلم قبل أبيه وكتم إسلامه عن أبيه.


بيعته:


بويع أمير المؤمنين عام واحد وأربعين للهجرة وسُمي هذا العام بعام الجماعة.


خال المؤمنين:


سميّ بذلك لأن أخته أم حبيبه رملة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم.


لماذا الكلام عنه


1- إن كثيرا من أهل السنة يجهلون سيرة ومناقب هذا الصحابي الجليل كل ذلك إعتماداً

على صورة قائمة علقت في الذهن أو فريه استقرت في النفس لما صار مصدر تلقيهم

وللأسف المسلسلات المسمات زورا وبهتانا بالدينية والدين أبعد ما يكون عنها.


2- كثرة الواقعين فيه والمنتقصين له من بعض المبتدعة ومن سار سيرهم من الهمج الرعاع اتباع كل ناعق


فضائله:

معاوية رضي الله عنه صحابي بإجماع أهل السنة والجماعة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: «خيرالناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»


قال عمران :

فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا. رواه البخاري و مسلم


2- قال صلى الله عليه وسلم :

«اللهم عَلّم معاوية الكتابَ والحسابَ وقهِ العذابَ» رواه أحمد والطبراني في الكبير وصححه الألباني2


- قال صلى الله عليه وسلم :

«اللهم عَلّم معاوية الكتابَ والحسابَ وقهِ العذابَ» رواه أحمد والطبراني في الكبير وصححه الألباني.


3- عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر معاوية

وقال : «أللهم اجعله هادياً مهدياً وأهد به» حديث صحيح رواه أحمد و الترمذي.


فهذا دعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعله هاديا في نفسه هداية لغيره رضي الله عنه

ولاشك أن الله استجاب دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم. نعم تثلج صدور أهل الحق ،

أما من في قلبه دخن على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتصيبه بالغم والنكد،

نعوذ بالله من الخذلان ولاشك أن الحديث فيه فضيلة عظيمة لمعاوية رضي الله عنه.


4- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

«كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب ،

قال: فجاء فحطاني حطأة وقال: اذهب ادع لي معاوية ، قال: فجئت فقلت :

هو يأكل، قال ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية فجئت فقلت : هو يأكل،

فقال: لا أشبع الله بطنه» رواه مسلم


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم فأيما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك

له قربة إليك يوم القيامة» رواه مسلم

ما أعظم صفاء قلوب أهل السنة لأصحاب نبيهم صلى الله عليه وسلم فهذا الإمام مسلم

روى الحديثين في باب واحد، وكأنه جعل الحديث الأول مع الحديث الثاني فضيلة عظيمة

لخال المؤمنين معاوية رضي الله عنه.


5- عن أم حرام رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

«أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا (أي وجبت لهم الجنة) قالت أم حرام:

قلت : يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: أنت فيهم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أول جـيـش

من أمـتي يغـزون مدينة قـيصر مغفور لهم، فـقلت: أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا» رواه البخاري.

وهذه منقبة عظيمة لمعاوية رضي الله عنه بأنه أوجب له الجنة لأنه أول من غزا البحر بالإتفاق

وذلك في خلافة عثمان رضي الله عنه، ومدينة قيصر هي القسطنطينية.


من أقوال السلف


قيل لابن عباس رضي الله عنهما: هل لك في أمر أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟

قال: أصاب، إنه فقيه. رواه البخاري


2- عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ما رأيت أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم

من أميركم هذا - يعني معاوية. تاريخ دمشق 52/235 ، والذهبي في السير 3/135


3- سئل عبدالله بن المبارك:

عمر بن عبدالعزيز أفضل أم معاوية؟ فقال غبارُ دخل في أنف فرس معاوية حين قاتل مع

رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من كذا عمر بن عبدالعزيز.


4- عن يزيد الأصم قال:


قال علي رضي الله عنه

: قتلاي وقتلى معاوية في الجنة. سنده حسن للطبراني في الكبير 19/307


5- قال الآجري:

ومعاوية رحمه الله كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وحي الله عز وجل وهو القرآن

بأمر الله عز وجل وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم

أن يقيه العذاب ودعا له أن يعلمه الله الكتاب ويمكن له في البلاد، وأن يجعله هاديا مهديا إلى أن

قال: وهو ممن قال الله عزوجل { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } التحريم 8 ،

فقد ضمن الله الكريم له أن لا يخزيه لأنه ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.


6- سئل أحمد بن حنبل :

ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ، ولا أقول أنه خال المؤمنين

فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟

قال أبو عبد الله : هذا قول سوء ردي ، يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ونبين أمرهم للناس .

سنده صحيح السنة للخلال 659 .


أحاديث رواها معاوية

1- «من يرد به الله خيراً يفقهه في الدين» رواه البخاري


2- «المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة» رواه مسلم


3- «هذا يوم عاشوراء ولم يفرض علينا صيامه فمن شاء منكم أن يصوم فليصم فإني صائم فصام الناس»

حديث صحيح رواه أحمد


4- «من سره أن يمثل له العباد قياما فليتبوأ بيتا في النار »

حديث صحيح رواه أحمد

وهذا يدل على مدى حرص معاوية على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه

رضي الله عنه وخوفه من عذاب الله عز وجل


5- عن معاوية رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه

أو قال شفته يعني، الحسن بن علي رضي الله عنهما وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما

رسول الله صلى الله عليه وسلم » حديث صحيح رواه أحمد


وهذا من عدل هذا الصحابي الجليل وغلبة الحق على قلبه ونفسه فهاهو يقول عمن كان ينافسه

الخلافة ليبين أن من الدين والإيمان حب آل بيت النبوة، ومعاوية رضي الله عنه أول المحبين

لهم رضي الله عنهم جميعا، فليمت الانئين لهؤلاء كمدا فدينهم لم تدنسه الدنيا

فيا قوم لن تقوم لنا قائمة إذا رضينا بالحط على أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم وسكتنا

عن ذلك فهم نقلة الدين، وورثة سيد المرسلين والموقعين عن رب العالمين رضي الله عنهم أجمعين.



الفتوحات في عهد



1- حركة الجهاد ضد الدولة البيزنطية (القسطنطنية)

2- فتوحات الشمال الافريقي (القيروان) ووصل إلى المحيط الأطلسي .

3- فتوحات الجناح الشرقي للدولة الأموية (خراسان وسجستان وما وراء النهر والسند).


4- غزو الروم ابتداءً من عام 42هـ حتى سنة 60هـ فيما يسمى بالشاتية والصائفة


5- فتح جزيرة رودس على يد جنادة بن أمية الأزوي سنة 31هـ


6- فتح جزر أخرى منها جزيرة أوراد سنة 32هـ وجزيرة جربة سنة 35هـ.


7-ابتداء بناء القيروان سنة 36هـ بعد فتح إفريقية على يد عقبة بن نافع.


8- إعادة فتح سجستان وخراسان على عبدالله بن عامر بن كريز.


9- غزو بلاد الغور (أفغانستان) حالياً.


10- فتح بلخ وقهستان وما وراء نهر جيحون.


11- فتح مدينة ترمذ (التي نسب إليها الترمذي).


ماقيل عن معاوية


1-عن جعفر بن محمد عن أبيه:


أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كانا يقبلان جوائز معاوية رضي الله عنه

وهذا دليل على تعظيم معاوية لأهل بيت النبوة وإكرامه إياهم وأن منافسته لهم الظاهرة

كانت عن اجتهاد له فيها أجر إن شاء الله. الآجري في الشريعة 1963، اللالكائي 2782




2-عن مغيرة قال:


لما جاء قتل علي إلى معاوية رضي الله عنه جعل يبكي ويسترجع فقالتْ له امرأته:

تبكي عليه وقد كنتَ تقاتله؟ فقال لها ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم.

تاريخ دمشق 62/99


3- عن جعفر بن برقان قال:


قال معاوية



: لا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحلم .

تاريخ دمشق 62/127


4- عن صفوان بن عمرو أن عبد الملك مر بقبر معاوية فوقف عليه فترحم ،

فقال له رجل من قريش قبر من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: قبر رجل كان والله ما علمته،

ينطق عن علم، ويسكت عن حلم،إذا أعطى أغنى، وإذا حارب أفنى، ثم عجل له الدهر

ما أخره لغيره ممن بعده، هذا قبر أبي عبد الرحمن معاوية يرحمه الله. انساب الأشراف 5/165 5-


عن جابر رضي الله عنه قال:

كنا عند معاوية رضي الله عنه، فذكر عليـا فأحسن ذكره ثم قال: وكيف لا أقول هذا لهم؟

وهم خيار خلق الله وعنده عتره نبيه، أخيار أبناء أخيار. تاريخ دمشق 45/318

بنت الاسلام
06-02-2009, 07:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
اسمه – على الصحيح - :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته :
أبو بكر

لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك

ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

• فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

• وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

• وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

• وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

• وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

• وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

• ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

• وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

• ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

• وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

• ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

• وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد

أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .

لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .

وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق

وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن

وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .

وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .

وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .

زهـده :
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .

ورعـه :
كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة

قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .

وفاته :
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة .

فرضي الله عنه وأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته

أعلم بأنني لم أوفِّ أبا بكر حقّـه

فقد أتعب من بعده حتى من ترجموا له ، فكيف بمن يقتطف مقتطفات من سيرته ؟

بنت الاسلام
06-02-2009, 08:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
اسمه – على الصحيح - :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته :
أبو بكر

لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك

ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

• فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

• وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

• وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

• وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

• وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

• وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

• ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

• وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

• ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

• وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

• ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

• وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد

أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات الله
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .

لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .

وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق

وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن

وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .

وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .

وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .

زهـده :
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .

ورعـه :
كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة

قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .

وفاته :
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة .

فرضي الله عنه وأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته

أعلم بأنني لم أوفِّ أبا بكر حقّـه

فقد أتعب من بعده حتى من ترجموا له ، فكيف بمن يقتطف مقتطفات من سيرته ؟

بنت الاسلام
25-07-2009, 05:21 AM
http://img165.imageshack.us/img165/1003/bassmala20blackgf6.gif


بطاقته الشخصية



اسمه: علي.
أبوه: أبو طالب (عبد مناف).
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم.
جده: عبد المطلب بن هاشم.
إخوته: طالب، عقيل، جعفر.
أخواته: أم هاني، جمانة.

http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

تاريخ مولده

ولد يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر رجب سنة 23 قبل الهجرة، الموافق له: 600 للميلاد، بعد مولد النبي بثلاثين سنة.

http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif


أشهر زوجاته

فاطمة الزهراء، خولة بنت جعفر بن قيس الخثعمية، أم حبيب بنت ربيعة، أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم، ليلى بنت مسعود الدارمية، أسماء بنت عميس الخثعمية، أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.


http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

أولاده

الحسن، الحسين، محمد، عمرو، العباس، جعفر، عثمان، عبد الله، محمد الأصغر (المكنى: بأبي بكر)، عبيد الله، يحيى.

http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif


بناته
زينب الكبرى، زينب الصغرى (المكناة: بأم كلثوم)، رقية، أم الحسن، رملة، نفيسة، زينب الصغرى، رقية الصغرى، أم هاني، أم الكرام، جمانة (المكناة: أم جعفر)، أُمامة، أم سلمة، ميمونة، خديجة، فاطمة.


http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

كناه

أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب (كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم)


http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

صفته

كان ربع القامة، حسن الوجه كأن وجهه القمر ليلة البدر حسناً، وهو إلى السمرة، أصلع، ضخم البطن، عريض الصدر، عريض المنكبين، له لحية قد زانت صدره، غليظ العضلات.


http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

إسلامه

كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من أسلم من الأحداث، وصدَّق برسول الله صلى الله عليه وسلم. شهد كثيراً من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبلى فيها بلاءً حسنًا.

http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif


فضائله


* أحد العشرة المبشرين بالجنة. وقيل: إن قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) (البقرة: 207) نزلت في حقه رضي الله عنه.

* وفي "الصحيحين" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: "لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله". وقال صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" (أخرجه أحمد).

* دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقوله: "اللهم ثبت لسانه واهدِ قلبه" (رواه الإمام أحمد وابن ماجه)، فكان رضي الله عنه -بفضل هذه الدعوة- من الموفَّقين والمسدَّدين، حتى ضُرب به المثل، فقيل: (قضيةٌ ولا أبا حسنٍ لها). ولا عجب في ذلك، فقد رعته عين النبوة، وترعرع في ربوعها، وتغذى من لبانها.


http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

• مناقبه

كان علي رضي الله عنه شجاعاً، شديد البأس، حجة في الفقه، قدوة في الورع، شديد الشكيمة في الحق، جمع إلى جانب مهارته في القضاء والفتوى: العلم بكتاب الله، والفهم لمعانيه ومقاصده، فكان من أعلم الصحابة رضي الله عنهم بأسباب نزول القرآن، ومعرفة تأويله؛ يشهد لهذا ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: (ما أخذتُ من تفسير القرآن، فعن علي بن أبي طالب). فإذا كان هذا شأن ابن عباس رضي الله عنه، وهو ترجمان القرآن، فكيف -والحال كذلك- بمن أخذ عنه؟


http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

الغزوات التي شهدها

شهد علي رضي الله عنه جميع الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما عدا غزوة تبوك؛ إذ استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على أهله. وكان يحمل اللواء في أكثرها، ويتقدم للمبارزة. وقتل فيها عدداً من مشاهير أبطال العرب واليهود. وتجلّت شجاعته في معركة بدر والخندق وخيبر

http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif


موقفه من الخلفاء قبله

لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بايع أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فكان أحد وزرائه ومستشاريه. ثم بايع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجعله عمر على القضاء، وكان أحد مستشاريه. كما كان أحد الستّة أصحاب الشورى الذين أوصى عمر بأن يكون الخليفة منهم.

http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif


علي خليفة

لما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، بويع علي بالخلافة سنة 35هـ، واتخذ الكوفة عاصمة له


http://www.s3udy.net/pic/decoration001_files/9.gif

استشهاده


طعنه عبد الرحمن بن ملجم الخارجي وهو يصلي الفجر في مسجد الكوفة، فكان استشهاده في شهر رمضان سنة 40هـ، الموافق له: 661 للميلاد.

المعاقب
25-07-2009, 05:42 PM
مشكورة اختي بنت الاسلام على الموضوع ....؟مشكورة......؟
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

بنت الاسلام
03-08-2009, 03:55 PM
مشكورة اختي بنت الاسلام على الموضوع ....؟مشكورة......؟
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العفو اخى المعاقب
جزاك الله خيراً على مرورك

بنت حماس
10-11-2009, 10:55 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي بنت الاسلام
بارك الله فيكي وجزاكي الله كل خير

احترامي ........
بنت حماس

بنت الاسلام
10-11-2009, 01:51 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي بنت الاسلام
بارك الله فيكي وجزاكي الله كل خير

احترامي ........
بنت حماس
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللّهمّ ارزقنا واياك اختى العلم النّافع
والعمل الصّالح والإخلاص فيهما
حتى نكون عندك من المقبولين
اتمنى ان تكون قد استفدت