المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللقـــــاء الثـــانـــــي في البحث لمعرفة العفــــــــــــــــــــة وكيفية التخلص من الجري وراء الشهوة الزائلة


ابو كايد
17-06-2008, 12:56 AM
بســــم اللــه الرحمــــن الرحيـــــم

اللقـــــاءالثانــــــــــــي في البحث لمعرفة العفــــــــــــــــــــة
وكيفية التخلص من الجري وراء الشهوة الزائلة

بيان الفرق بين الإلهام والتعلم

اعلم أن العلوم التي ليست ضرورية - وإنما تحصل في القلب في بعض الأحوال - تختلف الحال في حصولها
فتارة تهجم على القلب كأنه ألقى فيه من حيث لا يدري وتارة تكتسب بطريق الاستدلال والتعلم‏.‏
فالذي يحصل لا بطريق الاكتساب وحيلة الدليل يسمى إلهاماً والذي يحصل
بالاستدلال يسمى اعتباراً واستبصاراً‏.‏



==================


بيان الفرق بين المقامين بمثال محسوس
اعلم أن عجائب القلب خارجة عن مدركات الحواس لأن القلب أيضاً خارج عن إدراك الحس وما لبس مدركاً بالحواس تضعف الأفهام عن دركه إلا بمثال محسوس‏.‏

ونحن نقرب ذلك إلى الأفهام الضعيفة بمثالين‏:‏
أحدهما‏:‏ أنه لو فرضنا حوضاً محفوراً في الأرض احتمل أن يساق الماء من فوقه بأنهار تفتح فيه ويحتمل أن يحفر أسفل الحوض ويرفع منه التراب إلى أن يقرب من مستقر الماء الصافي فينفجر الماء من أسفل الحوض ويكون ذلك الماء أصفى وأدوم وقد يكون أغزر وأكثر‏.‏

فذلك القلب مثل الحوض
والعلم مثل الماء وتكون الحواس الخمس ...مثال الأنهار‏.‏


فإن قلت‏:‏ فكيف يتفجر العلم من ذات القلب وهو خال عنه فاعلم أن هذا من عجائب أسرار القلب
ولا يسمح بذكره في علم المعاملة بل القدر الذي يمكن ذكره أن حقائق الأشياء مسطورة في اللوح المحفوظ بل في قلوب الملائكة المقربين‏.‏

فكما أن المهندس يصور أبنية الدار في بياض ثم يخرجها إلى الوجود على وفق تلك النسخة
فكذلك فاطر السموات والأرض كتب نسخة العالم من أوله إلى آخره في اللوح المحفوظ

فإن من ينظر إلى السماء والأرض ثم يغض بصره يرى صورة السماء والأرض في خياله

حتى كأنه ينظر إليها ولو انعدمت السماء وارض وبقي هو في نفسه لوجد صورة السماء والأرض في نفسه
كأنه يشاهدهما وينظر إليهما ثم يتأدى من خياله أثر إلى القلب فيحصل فيه حقائق الأشياء التي دخلت في الحس والخيال‏.‏

والحاصل في القلب موافق للعالم الحاصل في الخيال والحاصل في الخيال موافق للعالم الموجود في نفسه خارجاً من خيال الإنسان وقلبه‏.‏



ولنرجع إلى الغرض المقصود فنقول‏:‏
القلب قد يتصور أن يحصل فيه حقيقة العالم وصورته تارة من الحواس وتارة من اللوح المحفوظ
كما أن العين يتصور أن يحصل فيها صورة الشمس تارة من النظر إليها وتارة من النظر إلى الماء الذي يقابل الشمس ويحكي صورتها‏.‏


فإذن للقلب بابان‏:‏ [U]باب مفتوح إلى عالم الملكوت وهو اللوح المحفوظ وعالم الملائكة
وباب مفتوح إلى الحواس الخمس المتمسكة بعالم الملك والشهادة‏.‏.‏
.‏
ولذلك جاء في الخبر ‏"‏ أنه يقال يوم القيامة اخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ونصف مثقال وربع مثقال وشعيرة وذرة ‏"‏
كل ذلك تنبيه على تفاوت درجات الإيمان وأن هذه المقادير من الإيمان لا تمنع دخول النار

وفي مفهومه أن من إيمانه يزيد على مثقال فإنه لا يدخل النار إذ لو دخل لأمر بإخراجه أولاً وأن من في قلبه مثقال ذرة لا يستحق الخلود في النار وإن دخلها‏.‏

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ليس شيء خيراً من ألف مثله إلا الإنسان المؤمن
إشارة إلى تفضيل قلب العارف بالله تعالى الموقن فإنه خير من ألف قلب من العوام‏.‏

وقد قال تعالى ‏"‏ وأنت الأعلون إن كنتم مؤمنين ‏"‏ تفضيلاً للمؤمنين على المسلمين والمراد به المؤمن العارف دون المقلد
وقال عز وجل ‏"‏ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ‏"


وإذا تولى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة وأشرق النور في القلب وانشرح الصدر وانكشف له سر الملكلوت وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطف الرحمة وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية فليس على العبد إلا الاستعداد بالتصفية المجردة وإحضار الهمة مع الإدارة الصادقة والتعطش التام والترصد بدوام الانتظار لما يفتحه الله تعالى من الرحمة‏.‏

فالأنبياء والأولياء انكشف لهم الأمر وفاض على صدورهم النور لا بالتعلم والدراسة والكتابة للكتب بل بالزهد في الدنيا والتبري من علائقها وتفريغ القلب من شواغلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى‏.‏
فمن كان قد طلب العفة وقاوم شهواته كان الله معـــه‏.‏


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قلب المؤمن أشد تقلباً من القدر في غليانها ‏"‏
وقال عليه أفضل الصلاة والسلام ‏"‏ قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن"

وفي أثناء هذه المجاهدة قد يفسد المزاج ويختلط العقل ويمرض البدن وإذا لم تتقدم رياضة النفس وتهذيبها بحقائق العلوم نشبت بالقلب خيالات فاسدة تطمئن النفس إليها مدة طويلة إلى أن يزول وينقضي العمر قبل النجاح فيها

وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعلم ذلك وصار فقيهاً بالوحي‏.‏
والإلهام من غير تكرير وتعليق

خادمكــــــــــم








[/COLOR]

عقاب
18-06-2008, 05:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي العزيز الله يعطيك العافية على المجهود الكبير المبذول من اجل الجميع

وبارك الله فيك وجزاك كل خير وجعله في ميزان حسناتك ان شاء الله.