المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقدمة التجربة الإعتقالية تتخللها بعض المداخلات التي لا بد منها


ابو كايد
28-04-2008, 06:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تجربتي الإعتقالية على مدار 15 سنة
وذلك منذ 11/1970 وحتى 5/1985

اللقاء الأول :...
مقدمة التجربة الإعتقالية تتخللها بعض المداخلات التي لا بد منها

وإليكم غيض من فيض... أحسبها لوجهه الكريم
حيث كانت مرحلة تفهم العقيدة وثباتها والحمد لله رب العالمين

أقدم هذه التجربة إهداءً مني للشباب وللصبايا ولا منّة
لمن هو معني أن يستفيد ولمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

لا بد لي من تقديم مطوّل نوعاً ما للوقوف على بعض الحقائق
لنستطيع فيما بعد أن نتسلسل معكم حول مراحل هذه التجربة
بتفاصيلها ,ليستطيع من خلالها القاريء تفهم معظم الأمور الدقيقة والجوهرية
إلى حد ما لتجربة الأمنيين دون غيرهم من السجناء الجنائيين " المدنيين"
هذه التجربة التي تتلخص حول من زجّ بهم وراء القضبان ومن تم التحقيق معهم
لأسباب أمنية بشأن أعمال ضد الإحتلال وممن ثبتت ضدهم التهم التي وجهت إليهم
منذ سنة 1967م حيث شملت كل حارة وقرية ومدينة وكل عائلة وبيت .

والتي قد تكون على قدر كاف من الأهمية لفهم التجربة الإعتقالية .
المتمثلة في الصراع بين الضحية والجلاد والتي تحكي قصة الصراع الفسطيني الإسرائيلي
من خلال التبحر والتدقيق حول مختلف مراحل وقضايا الإعتقال.

ونتحرى من خلالها الموضوعية ولا نهدف بذلك إثارة الحماس
وشد القاريء للنواحي العاطفية كما ولا نهدف بذلك الإشادة والتبجيل بهذه التضحيات .

ولكي نقف عند الحقائق فللتجربة إيجابيات وسلبيات
كما وليس من المنطق أن نتجاوز الخطوط الحمراء متحرين بذلك الأمانة العلمية في الطرح
دون أن يكون جرح أوتشهير ولا حتى المدح.....
وقد نشير لبعض السلبيات التي لا بد من التطرق إليها حتى نعطي القاريء موضوعية السرد .
على أن لا نبالغ وأن لا ندخل في تفاصيل ذكر الأحداث والشخصيات بمسمياتها .

فشمولية هذه التجربة لو أراد أي منا التحري حولها من خلال مقابلته لعينات
ممن خاضوا هذه التجربة...من مدن وقرى فلسطين ممن أفرج عنهم
فبالتأكيد سيخلص في نهاية المطاف إلى نفس النتائج مع إختلاف بسيط
في أسلوب الطرح ووجهات النظر....آخذين بعين الإعتبار ت
جربة وخصوصيات وأسلوب بل وتوجه كل معتقل في عملية الطرح
.
وبحكم أنني من ضمن قائمة أسماء الأسرى المحررين ضمن صفقة التبادل التي تمت
ما بينالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ،
وحكومة الإحتلال الإسرائيلي بتاريخ 20 آيار 1985
والتي عرفت باسم " عمليــــــــة الجليــــــــــــــــل"

فسأبين لاحقاً ومن خلال مواضيع ملحقة وبعون من الله وتوفيقه
أموراً لا بد من لي من ذكرها حول الخصوصيات المميزة لعملية التبادل هذه وغيرها
وعندنا أمل بأن يتم الإفراج عن باقي أسرانا القابعين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية
وما ذلك على الله ببعيد فنحتسب أمرهم عند الله.
وما لهم معين سوى الله والصبر... فرج الله كربهم أجمعين

قال الله سبحانه وتعالى(لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ )
لا شك بأن الشيطان يدخل في النفس الواحدة ويجري منها مجرى الدم
كما ويجري بين الاخوة فيوغر صدور بعضهم على بعض مع كونهم أشقاء ...
فكما أشار عليه الصلاة والسلام ..بقوله: "الشيطان مع الفرد ومن الإثنين أبعد"

هذا قد يكون بعض الشيء لحال سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته
وهذه تجربة مريرة عانى منها شعبنا الفلسطيني منذ ما قبل
وبعد أن نشأت مقاومة الثورة الفلسطينية لسنة 1948
وما قبل ذلك في مقاومة الإنتداب البريطانيلسنوات طوياة خلت
حيث كنا وكان من قبلنا على قلب رجل واحد
لا نعرف سوى معنى الجهاد المتمثل في دين الإسلام
وإن كنا على الفطرة وهذا ما كان عليه حال منتسبي الفصائل التنظيمية
في السبعينات لم يكن ينعكس سلباً إلى حد ما كما هو عليه حالنا

للعلم :...نهدف من الكتابة أن يقف أبنائنا وبناتنا على الحقائق بعينها وأن لا يغرر فيهم بأقوال ومباديء في ظاهرها الرحمة
وباطنها من قبله فيه العذاب ويجدر بالذكر قد نختلف معاً حول فكرة ما عقائدياً.
..ونلتقي معاً في مواقف وأزمنة يتطلبها واجب الحال أن تكون كذلك

حقاً معظمنا ما كنا نعرف المبدأ التنظيمي الذي ننتمي إليه
بل كنا نعرف بأن عملنا موحد ووطني ولخدمة القضية الفلسطينية
وما كنا ندرك أي معنىً للإختلافات حول وجهات النظر بين الفصائل
كعناصر منتمية لهذا الفصيل أو ذاك

والغريب حتى اللحظة لقد إلتقيت مع عدد لا بأس به من الشباب
في المعتقلات وخارجها فبعضهم منتمي لتنظيم ولا يعرف من التنظيم
سوى الشيء اليسير فأفكاره في واد وما يطرحه تنظيمه في واد آخر...
فتراه يدافع ويناطح ويعابط ولا يريد أن يقف على الحقائق.. ليعرف الحق ويعرف أهله .

فأين التنظير والوعي التنظمي على الأقل لأن يكون العنصر
يعرف معنى الضبط والربط هذا ناهيكم عن المسلكيات التي تتنافى
وواقع العمل النضالي في التنظيم بالإضافة لسوء فهمه للمعطيات
وجهله لمعرفة القراءة والكتابة بما في ذلك تلسنه بالألفاظ السوقية

التجربة الإعتقالية علمتنا الشيء الكثير ونقلتنا في نهاية المطاف نقلة نوعية
فيا حبذا يتابع مسؤولي التنظيمات والتوجهات السياسية داخل المعتقلات وخارجها
فيما بينهم لعالجة مثل هذه الظواهر وبشكل مركز مع تفعيل عنصر المتابعة
ولأن يتم التواصل فيما بينهم لتنظيم كل خطوة بهدف خلق جيل واع
بعيد عن التعصب ومتفهم لقضيته ولمصلحتة .
بهدف أن نلم الشمل بين فصائل قضيتنا وعلى وجه الخصوص في الظروف الحالية

فما أن دخلت وتغلغلت فيما بيننا الأفكار الغريبة والتي لا صلة لها بدينا الحنيف
والعبئية منها .. حيث بدأ الجدل والخلاف يتغلغل...
فكثرة الجدل والاختلافات في وجهات النظر أحياناً تكون طامةً كبرى
ولا أنكر بأن الإختلافات في وجهات النظر أحياناً هي ظاهرة صحية
ولكن الذي كان يحصل في المعتقلات وخارجها جريمة وما كنّا نتوقعها
لا قبل الدخول في الثورة أو أثناء العمل النضالي أو حتى بعده

فهذه تجربة إستفدنا منها وقيّمت كما نوهنا والحمد لله ولا ندم
وليس من المنطق الدخول بالتفاصيل وذكر الماضي البغيض
والأمور بخواتيمها أن تكون خيراً بعون من الله وهمة الجميع

كل هذا لم نتعلم من قوله عليه الصلاة والسلام
" ما ضلّ قوم بعد هدىً كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل"
فأصبحنا فرق بعد أن كنا جماعة وبوحدة حال
بحيث كان الواحد فينا مستعد لأن يضحي بنفسه
من أجل سعادة أخيه وزميله . ورفيق دربة..واليوم نختلف بفعل تدخل الأفكار المستوردة
...فعندنا أمل لتفادي ذلك لطالما يوجد العقلاء ...بغض النظر عن توجهاتهم
حيث حالنا ما بين الضفة وغزة هاشم هو الترجمة لما ننوه إليه فلنعرف الحق لنعرف أهله
فهذا وضع ملموس نعيشه يوماً بيوم.. فحسبنا الله ونعم الوكيل

لتكن لنا عودةً ثانيةً حول قصة السجن
حيث جاء على لسان المصطفى سيدنا محمد عليه أفضل السلام وأتمّ التسليم
"لو كنت مكان أخي يوسف لما انتظرت البراءة"
لكنت قد استبقت إلى الباب" ... حيث أن السجن فتنة
"
وقال الشاعر
كن يا سجن كيف كنت فقد : سجلت للموت نفس معترف
لو كان سكناي فيك منقصةًًًً : لم يكن الّدر ساكن الصدف


مثال الصح والخطأ.
وعلى سبيل المثال لا الحصر

حول الجدل الذي في زماننا هذا في السجون وخارجها
لعلنا نأخذ منه ما هو مفيد

فليجبس كل واحد مع نفسه لمدة ساعة على الأقل
ويقسها بالنسبة لزمن تم قضاءة بين القضبان على مدار 15 سنة
أو أكثر من ذلك أو أقل والحال على سبيل المثال لا الحصر وإلى حد ما ... كما سيرد أدناه .

ليجلس مسؤول ما ليتكلم من خلال حلقة نقاش وسط مجموعة ما
فسترى ماذا سيحصل؟ !!!
فهذا مثالنا على ذلك :.....الأستاذ المسؤول سيبدي رأيه فى مسألة ما
بين مجموعة من الأعضاءه" "فانظروا ماذا سيكون .
وقد ما سيكون ظاهرة صحية واختلاف فيه رحمة

قام فالعضو الاول ليقول :
كل كلامك صح يا أستاذي
وقام العضو الثانى ليقوا :
ما قاله استاذي بعضه صحيح وبعضه لا اوافقه فيه
فقام العضو الثالث ليقول :
يا جماعه بلاش اختلاف كلكــــم صــح
: ثم قام العضو الرابع ليقول :
يا جماعه هو انتم بتتكلموا عن ماذا بالضبط.؟!...هههههههههههههه
وختم القول العضو الخامس ليحسم الأمر
يا رجال كبروا مخكم أستاذنا بيقدر يقول اللى يقوله
وكل واحد يعمل اللى فى دماغههههههههههههههه

المقصود في هذا المثال أن نظهر ونبرز شخصيه العضو الثانى
الذى كان فيه من القدره والشجاعه ما جعله يعبر عن رأيه


ولا أدري كيف نصنف أنفسنا مقارنةً بهؤلاء الخمسة وقد يكون حالنا مثلهم
ولكي لا نختلف ليتعامل أحدنا مع الآخر بمهارة وبذكاء
فهل نتصف بالكمال؟ أليست فينا بعض العيوب؟

*سؤال أطرحه دائماً على نفسي
هل ربحت أم خسرت وندمت في السجن على مدار خمسة عشرة سنة
"وكل سنة تنطح سنة "
هذا كما وأطلب من كل من سجين أن يطرح نفس السؤال على نفسه
فالربح والخسارة بمقدار إستغلال الوقت الضائع
وليس بمقياس الزمن الذي قضاه المعتقل بين القضبان الحديدية

فهنا من إستغل فترة محكوميته بعلم وثقافة عامة ودينية وثورية
فلم يندم ولن يضيع عمره وزهرة شبابه بدون فائدة
وعلى وجه الخصوص من إختار هذا الطريق عن مبدأ بهف خدمة قضيته ووطنه

فمن لم يستغل فترة محكوميتة بهذا الشكل ويقضيها في لعب الزهر والدينومو
وخلق المشاكل وخيانة الوطن ولم يتعلم
فهو الذي ضيّع عمره في السجن بدون فائدة وهو الذي سيندم

فقلت لنفسي قبل سجني إن كان هدفي في الحياة بعد محنة الهزيمة
في 6 حزيران 1967 حيث عشتها عن كثب وأنا في ريعان الشباب
ومثلي كباقي الشباب أن نعيش بكرامة وأن نحرر الوطن
وأن يهدينا الله على طاعته حيث كنت مقصراً ولا مرشد ولا معين لي حول ذلك
وأمثالي آلاف مؤلفة من الشبابكانوا وما يزالون
وعليه فالسجن لم يحول بيني وبين عبادة الله
فكنت صادقا مع الله في أن أهتدي وأتعلم وأعلم وأخدم...وما زلت إن شاء الله لي ذلك

أما سوي ذلك من الأضرار التي لحقت بي قد زالت والحمد لله
فالأذى في النفس أو المال أو الأهل يزول
فوالله العلي العظيم لم أحدث نفسي بندم وما زلت والحمد الله
.فكل مصيبة تهون... إلا المصيبة في الدين...

يقول تعالي مطمئنا لنا :لن يضروكم إلا أذى ولكنكم تستعجلون
.وجاء في الحديث الشريف" لو اطلع أحدكم على الغيب لاختار الواقع"

نعم فداك أبي وأمي يا رسول الله حين قلت:
(لقد كان من قبلكم يؤتى بالرجل فيحفر له حفرة في الأرض، ثم يوضع فيها
، ثم يوضع المنشار على رأسه، ثم يشق نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد
ما دون لحمه وعظمه، ما يرده ذلك عن دينه،
والذي نفسي بيده! ليتمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت
لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)

**
[
هل أستحق شرف السجن ؟....سؤال أطرحه على نفسي
وكذلك الحال أطلب من كل من سجن أن يطرح نفس السؤال على نفسة
فليعرف أين يقف كل منا من هذه الحقيقة

أعود فأقول
بينما كنت أقرا واسمع أقوالاً عن ثبات المؤمنين مع أنبيائهم
وتابعيهم وثبات الحركات الإسلامية في وجه الظلم سابقاً ولاحقاً
و في سجون أبناء جلدتنا وديننا على وجه التخصيص

بلا شك تعلمنا من خلال التجربة الإعتقالية على مدار عقد ونصف
بأن سلفنا الصالح أوصلوا... لنا هذا الدين نقياً طاهرا ً وعانوا ما عانوه
وعلى أمل بأن استحق هذا الشرف العظيم طلبت من الله لأن يختارني
لأكون من بين من يحملون دعوته دون ضعف أو تردد أو ندم
وإن كنت لست بالمستوى الذي أتوقـــه... ولكن أعمل جهدي الذي أستطيع
قال تعالي: (وكم من نبي قاتل معه ربيون كثير
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا
وما استكانوا والله يحب الصابرين)
فمعركتنا كانت وما زالت مع شيطانين الإنس وشياطين الجن ومع إدارة السجون
ومن هم خلف القضبان الحديدية ...

فهي معركة حق وباطل ولنكون أو لا نكون
كان ذلك إبتداءاً من اللحظة الأولى لمداهمتنا في عقر دارنا من بعد منتصف الليل
وفي أول يوم من شهر رمضان المبارك ونحن نيام.
حيث بدأنا نتهياً لأخذ وجبة إستقبال شهية لا مجال لوصفها إلى أن إستقر بنا الحال
" لغرف التحقيقات وزنازين مركز شرطة المسكوبية " מגרש הרוסי
في أواخر ليلة 19/11/1970 ثم مددت فترة التحقيق لـ 15 يوماً أخرى ولمدة 15 يوماً
حيث قاموا بالواجب واحتفلوا بنا وما قصروا فينا والحق يقال كما سيتم توضيحه لاحقاً
وبعد مدة ألـ 30 يوم والتي قضيناها في فندق زنازين المسكوبية وغرف المحققين وبعد أن إنتهينا من فترة التحقيق وبقرار من محكمة الصلح
المقابلة لمركز التحقيقات تم نقلنا إلى سجن الرملة المركزي مباشرةً وفي الطابق الثاني
حيث الإكسات فتنفسنا الصعداء ولمدة أسبوعين أخريين ومن ثم تم نقلنا
لقسم المتسللين المعروف بإسم "אגם"

حيث كان اللقاء مع القادة والأحبة فمنهم الطبيب والمهندس والمدرس
والمحامي والحرفي والتاجر والمعلم والصديق والقريب وممن سمعنا عنه ولم نسمع
ومستوياتهم وثقافاتهم من الألف إلى الياء....... ومن كل قطر شاب

وأبرزهم بالنسبة لنا المناضل محمود بكر حجازيأول أسير فلسطيني في الثورة الفلسطينية المعاصرة
الذي أعتقل متسللاً عبر الحدود بتاريخ 18/1/1965،
وحكم عليه آنذاك بالإعدام ولكن الحكم لم ينفذ.
فاعتمد المجلس الوطني الفلسطيني السابع عشر من كل عام،"ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، ..
منذ إطلاق سراح أول أسير "محمود بكر حجازي""في ذات اليوم من عام 1974 .............فسنتطرق لاحقاً بعض الشيء حول أساسيات سيرته النضالية

وبالفعل الرحلة على مدار 15 سنة كانت ممتعة ولها طعم
ونكهة خاصة تجعل مني بالفعل أن لا أندم وكيف أندم وقد شرفني الله بالتعرف
على عقيدة الإسلام ونعمة االهداية وإن ذقنا فيها الأمرّين قضيناها في مدرسةالسجن
والتي لم ولن تفوقها مدرسة بل جامعة على ظهر البسيطة والمتمثلة بالمدرسة اليوسفية
التي تخرج منها سيدنا يوسف عليه السلام والتي تصنع الرجال
ويكفيني شرفاً أن تعرفت على من هم من كل قطر شاب

ولكي نتروى علينا أن نعلم بأنه ليس كل ما يلمع ذهباً..بمعنى أن هناك كمّ من المعتقلين
لم يستغلوا وقتهم فقضوها في القال والقيل ولعب طاولة الزهر والدينيمو
وحدّث ولا حرج ومنهم من توجه نحو الإنحرافات الخلقية والتي أدت بهم في نهاية المطاف
إلى الإنحراف الأمني ليستقر بهم المآل إلى غرف العصافير...
.وفي ذلك توضيح لاحق إن شاء الله

فقسم الـ"אגם"يتجمع معتقلين من كل حدب وصوب
بما فيهم معتقلي بيت المقدس
ويحاذيه قسم شامل" كلليت- כללית"
حيث يتواجد فيه إخواننا من عرب ألـ48"
ويليه على بعد 100 متر هوائي من الجهة الجنوبية
معتقل تجمع النساء من بناتنا للقضايا السياسية و يعشن في قسم الجنائيات
ومن الجهة الغربية الشمالية يقع قسم السجن المفتوح المعروف بـ "
מעסי אליאהו وهو قسم كروانات "بركسات" مفتوح وعصري
له ميزات وقوانين مختلفة عن باقي السجون يقتصر فقط للوافدين
ممن هم متهمون بقضايا جنائية ومدنية
حيث يخرجون للعمل من الصباح للعمل بصحبة شرطي/ة
ثم يعودون مساءً للنوم وبعد قضاء ثلثي محكوميتهم يتم اللإغراج عنهم.
ويسمح لهم كل فترة للذهاب لذويهم ومشاركتهم لهم في أفراحهم وأتراحهم

فلنعد لنقول لكم بأن الشيطان يشغل المعتقلين وذويهم ويغرقهم بالهموم
بحيث لا يهنأ أحد بطعام أو شراب أو نوم وقلق وأحزان
فهنا الكل فينا يقوم بدوره ليتأقلم في مواجهة هذا الواقع
بل يستسلم لقدر الله ليتأقلم بمتطلبات واجب الحال ويتكيف لظروفه بثبات ويقين وقوة
.وأن الله لا يضيع اجر من أحسن عملاً

وهكذا يكون موقف الرجال دائما في مواجهة الشدائد والمحن والابتلاءات
فالإنسان بعد الحدث تنزل الله عليه السكينة والقوة والثبات
قال تعالى : يا نار كوني بردا وسلاماً علي إبراهيم

فالسجن حقاً هو جحيم ونار وعذاب وإشكالات ومواجهات لا حصر لها
ما بين المعتقلين أنفسهم من جهة وما بين المعتقلين وإدارة السجن والسجّان
وأحياناً بين المعتقل ونفسه أو بينه وبين أهله
حيث قال عليه الصلاة والسلام
" " لو كنت مكان أخي يوسف ما انتظرت البراءة فكنت قد أستبق إلى الباب

لماذا يخاف البعض من السجن ؟!!!
حقاً :هناك مصائب وابتلاءات خارج السجن لا حصرلها وأصعب مما عليه الحال في السجن.
أليس البعد عن الدين هو مصيبة وإبتلاء وأصعب من إبتلاء السجن؟
أليس فقدان عضو من أعضاء الإنسان هو ابتلاء اكبر من السجن ؟
أليس فقدان حبيب عزيز هو ابتلاء اكبر من السجن؟
أليست الإصابة بمرض كالسرطان أو بمرض عضال هو ابتلاء اكبر من السجن ؟
أليس الوقوع في كبيره من الكبائر هو ابتلاء ومصيبه أكبر من السجن؟
أليس الموت هو ابتلاء ومصيبة أكبر من السجن؟
وهناك مصائب ومصائب ومصائب
منها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفي..

ولا يفوتني في هذا المقام سوى أن نأخذ وصلات
من قصة سيدنا يوسف في سجنه عليه السلام
لما فيها من العبر والعظات والمقدرة على الصبر والثبات..
أليست قصة سيدنا يويف عليه السلام تجربةً إعتقالية
قال الله سبحانه وتعالى
) ( لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِين

أنظروا لقوله تعالى : (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ
كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)

فلولا معونة الله وتوفيقه وتسديده فإن الإنسان لا يثبت على الحق
(لقوله تعالى: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ

فالمسلم اذا خيّر بين المعصية وبين الشدة فيصبر على الشدة
ويؤثر أن يطيع الله ولو رموه واتهموه بسوء
(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)

ولنتذكر استعانة يوسف بالله في سجنه
(وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)

فالداعية أول ما يبدأ ...سيبدأ بالدعوة الى التوحيد
*(وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوب)
(*(مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ
*( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)
أكتفي بهذا القدر من التمهيد كمقدمة

يتبع في اللقاء رقم...." 2 "