المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التاريخ الاسلامي عن الناصر صلاح الدين الايوبي


خيال الحصان
17-02-2007, 10:25 PM
:36_1_41: ان شاء الله يعجبكم

إلى تكريت
وإثر التصدّع الذي أصاب الدول الكردية في جنوبي القوقاز، على أيدي السلاجقة كما مر، تشردّت الأسر الكردية ذات الشأن، ومن تلك الأسر أسرة شادي الروادي، وقد مر في ترجمتنا لصلاح الدين الأيوبي، ضمن هذه السلسلة، أن الأسرة الأيوبية قدمت إلى العراق من دُوِين في أرمينيا، وأنها من أشراف العشيرة الروادية، وهذه العشيرة هي فرع من قبيلة هدباني (هذباني) الكردية الكثيرة الانتشار في مناطق جنوبي القوقاز (أذربيجان، أرمينيا، جورجيا).
وبدأ أول ظهور لشيركوه في كتب التاريخ وهو يتوجّه مع والده شادي وأخيه الأكبر أيوب إلى العراق، وهناك التحقوا بمجاهد الدين بَهْرُوز، صديق شادي القديم، وكان بَهْرُوز شِحْنة بغداد (وزير الداخلية باللغة المعاصرة)، فعيّن صديقه شادي دِزْداراً (قائداً للشرطة) في مدينة تكريت، وكانت تابعة له، وبعد وفاة شادي أسند بهروز المنصب إلى نجم الدين أيوب بن شادي؛ إذ رأى فيه " عقلاً ورأياً وحسن سيرة " كما قال أبو شامة في كتابه (عيون الروضتين، 1/263).
ومر بنا أيضاً، في حلقة سابقة، أن حاكم الموصل السلجوقي عماد الدين زنكي كان قد اتفق مع السلطان السلجوقي مسعود سنة (526 هـ/1132 م)، على حصار بغداد، فاستعان الخليفة المسترشد بالله وأنصاره بحاكم فارس وخوزستان قراجا الساقي، ودارت معركة بين الفريقين، انتهت بهزيمة عماد الدين، فتقهقر بجنوده شمالاً، وساعده نجم الدين على اجتياز نهر دجلة بجيشه، والخلاص من انتقام خصومه الذين كانوا يطاردونه، وهذا ما أثار غضب مجاهد الدين بهروز.
وفي سنة (532 هـ/1137 م)- وهي السنة التي ولد فيها صلاح الدين- يظهر شيرگوه مرة أخرى، لكن في مشهد عنيف هذه المرة، فقد قتل أحد كبار الضباط أو الموظفين في حامية قلعة تكريت، لخصومة كانت بينهما، فطلب بهروز من نجم الدين وأخيه الخروج من تكريت، فتوجّها بمن معهما من الأتباع إلى الموصل، حيث يحكم صديقهما عماد الدين.
ومن الطبيعي أن يرحّب عماد الدين بأيوب وأخيه شيركوه ويكرمهما؛ أولاً لردّ الجميل، وثانياً لأنه صاحب مشروع سياسي كبير في شرقي المتوسط، يتمثّل أول ما يتمثّل في مقارعة الفرنجة، وتوسيع حدود دولته في الأناضول وبلاد الشام، وها هو ذا يجد بين يديه قوة قتالية كردية متمرّسة وفاعلة، يقودها قائدان يتميّزان بالخبرة والبسالة، وما عليه إلا أن يجيد توظيف هذه القوة في تحقيق مشروعه الطموح.

في جيش زنكي
وعمل نجم الدين وشيركوه في الجيش الزنكي، وحينما بدأ عماد الدين هجومه على جنوبي سـوريا سنة (534 هـ) عيّن نجم الدين حاكماً على قلعة بعلبـك في لبنـان، ويبدو أن الأخوين أصبحا من القوى المؤثرة في الدولة الزنكية؛ إذ نجدهما، بعد اغتيال عماد الدين على أيدي بعض خدمه سنة (541 هـ)، يقفان إلى جانب ولده نور الدين محمود، وذلك في خضم التنافس على السلطة بين أبناء عماد الدين الأربعة، واستطاعا أن يحسما الأمر لصالحه، فحل محل والده في سدّة المُلك.
بل إن استعراضاً سريعاً لنشاطات عماد الدين جيوسياسياً وتعبوياً لا تدع مجالاً للشك في أن المناطق الكردية، جغرافياً وبشرياً واقتصادياً، كانت حصنه الحصين، كما أنها كانت نقطة انطلاقه لخوض المعارك ضد الفرنج شمالاً وغرباً نحو الأناضول، وجنوباً وغرباً في بلاد الشام، يقول أبو شامة (عيون الروضتين، 1/183 –185) في بداية تولّي عماد الدين ولاية الموصل؛ بعد مقتل والده قسيم الدولة آقسنقر خلال الصراعات السلجوقية الداخلية:
" فأخذ جزيرة ابن عمر [جزيرة بوتان] وإربل، وسنجار، والخابور، ونصيبين، ودارا، وبلاد الهكّارية، وبنى قلعة العمادية، وملك من ديار بكر، طَنْزة، وإسعرد [سيرت]، ومدينة المعدن، وحيزان، وحائي، وعانة، وغيرها، واستولى على قلاع الحميدية وولاياتهم من العَقْر، وقلعة شوش ".
وبعد أن بسط عماد الدين نفوذه على كل تلك المناطق- وهي كردية في غالبيتها العظمى- وأسس قاعدة متكاملة الموارد عسكرياً وبشرياً واقتصادياً، انطلق نحو بلاد الشام، يقول أبو شامة (عيون الروضتين، 1/185 –186):
" وعبر الفرات، فملك منبج، وحلب، وحماة، وحمص، وغيرها، وفتح شيزر، وبعلبك، وحاصر دمشق ".
واستكمل نور الدين تنفيذ مشروع والده الطموح، وهو توسيع دولته في كردستان وبلاد الشام والأناضول، وما كان ليتمكن من ذلك إلا بمقارعة الفرنج، وكان هؤلاء يسيطرون على منطقة شاسعة الاتساع في شرقي المتوسط، تبدأ من منطقة الرُّها (أورفه) شمالاً، وتنتهي بالعريش في مصر جنوباً، ومروراً بكل السواحل الشامية، وبعض مناطق الداخل حتى أبواب حلب.
الرجل الثاني
إن قدرات شيركوه العسكرية، من حيث التخطيط والقيادة والتنفيذ، إضافة إلى شجاعته وبسالته، جعلت منزلته ترتفع عند نور الدين، وقديماً قيل: إن الطيور على أشكالها تقع، وقد كان السلطان نور الدين زنكي متصفاً بالوقار والهيبة، وبحسن القيادة، وبالبسالة والشجاعة، ومن الطبيعي أن يكون أول من يكتشف عبقرية شيرگوه الحربية، وهذا ما تمّ فعلاً، فقد جعله كبير قوّاده.
بل كان نور الدين يسند إلى شيركوه المهامّ التي يعجز عنها الآخرون، ويعدّه كبير قوّاده (وزير دفاع بلغة عصرنا)، ويتعامل معه باعتباره الرجل الثاني في الدولة، ولا ننس أن شيركوه، وبالتعاون مع أخيه نجم الدين، أفلح في فتح دمشق، وضمها إلى الدولة الزنكية، ولا يجهل كل قارئ لتاريخ تلك الفترة مكانة دمشق الخطيرة في الصراع ضد الفرنج. وكان نور الدين يدرك أهمية ذلك الإنجاز، فكافأ كلاً من نجم الدين وشيركوه مكافأة كبرى، حسبما ذكر ابن الأثير في (التاريخ الباهر، ص 120)، وقال أبو شامة (عيون الروضتين، 1/264):
" وصارا عنده في أعلى المنازل، لاسيما نجم الدين، فإنّ جميع الأمراء كانوا لا يقعدون عند نور الدين إلا أن يأمرهم، أو أحدهم بذلك، إلا نجم الدين، فإنه كان إذا دخل قعد من غير أن يؤمر بذلك ".
وذكر أبو شامة (عيون الروضتين، 1/244) أن نور الدين مرض ذات مرة، فحُمل في محفّة إلى قلعة حلب، " وأوصى أن يكون أخوه نصرة الدين في منصبه مقيماً في حلب، وأسد الدين نائب عنه في دمشق، ثم عافاه الله تعالى ". وكانت حلب مركز القيادة العليا في الشمال السوري، وكانت دمشق مركز القيادة العليا في الجنوب السوري، وكان نور الدين قد اتخذها عاصمة لدولته، ونقطة انطلاق لمواجهة الفرنج في الساحل السوري.
ولنتأمل خبراً آخر ذكره أبو شامة (عيون الروضتين، 1/246)، إنه يقول:
" وسار نور الدين بعد أخذ شيزر إلى سرمين [بلدة في غربي حلب]، لأنه بلغه حركة الفرنج، فاعترضه هناك مرض أشفى منه [كاد يهلكه]، فأحضر شيركوه، وأوصاه بالعساكر، وأن يكون الأمر بعده لأخيه نصرة الدين أمير أميران، فسار أسد الدين إلى دمشق، وأقام بمرج الصُفَّر، خوفاً أن يتحرك الفرنج إلى جهة دمشق أو غيرها، ولم يزل هناك حتى تعافى نور الدين، فعاد إلى خدمته مهنئاً ".
ومعروف أن نور الدين تركماني سلجوقي، وكان جيشه يعجّ بمئات القادة والضباط التركمان البارزين، لكنا نراه في المواقف العصيبة يثق بشخصين اثنين، هما أخوه نصرة الدين وشيركوه، بل نجده يكل أمر القوة العسكرية الزنكية بأجمعها إلى شيركوه وحده، وهذا يعني أنه كان يثق بوزير دفاعه ثقة مطلقة، ويأتمنه على الأسرة الزنكية وعلى الدولة من بعده، ومرة أخرى قام شيركوه بالمهمة خير قيام، فتوجه إلى دمشق، ورابط قريباً منها، ليصدّ كل هجوم قد يقوم به الفرنج، مستغلين مرض نور الدين.
وكان نور الدين يجلّ كبير قوّاده، ففي سنة (556 هـ) قام شيركوه بالحج إلى مكة، ولما عاد خرج نور الدين إلى لقائه (عيون الروضتين 1/254)، وكان يندبه للمهام العسكرية الجسام، فعيّنه قائداً على الجبهة الغربية (منطقة حمص) في مواجهة الفرنج؛ يقول الفتح بن علي البُنْداري في كتابه (سنا البرق الشامي، ص 24):
" ولما كان ثغر حمص أخطر الثغـور تعيّن أسـد الدين لحمايته وحفظه ورعايته، لتفرّده بجـدّه واجتهـاده وبأسـه وشجاعته ".
وذكر ابن الأثير مكانة شيركوه عند نور الدين (التاريخ الباهر، ص 120) قائلاً:
" فقرّبه نور الـدين، وأقطعه، ورأى منه في حروبه ومشاهـده آثاراً يعجز عنها غيره لشجاعـته وجرأته، فزاده إقطاعاً وقرباً، حتى صار له حمص والرَّحْبة وغيرهما، وجعله مقدّم عسكره ".


تحياتي لكم خيال الحصان ,,

خيال الحصان
17-02-2007, 10:27 PM
ان شاء الله بيقوم جيش مثل جيش صلاح الدين وقائد مثل صلاح الدين ينصر الاسلام والمسلمين

تحياتي

محمد نخال
18-02-2007, 08:41 PM
عسى ان يعود أمثال هؤلاء صلاح وعمر المختار وغيرهم

بارك لله فيك أخي وجزاك الله خير

خيال الحصان
19-02-2007, 08:36 PM
مشكووووور اخي نخال ويجزيك كل خير يا رب

تحياتي

عاشق فلسطين
19-02-2007, 09:49 PM
مشكور يا خيال الحصان والله يعطيك الف عافيه

خيال الحصان
19-02-2007, 09:56 PM
مشكوووووور الله يعافيك يا احلى عاشق

تحياتي

ذات النطاقين
15-03-2007, 12:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي خيال الحصان:بارك الله فيك على الموضوع المفيد
وجزاك الله كل خير
ونسأل الله بأن يبعث لنا مثل هذا القائد البطل
لينصر الأمه
والسلام عليكم

خيال الحصان
16-03-2007, 02:35 PM
مشكووووووووووووورة اختي كتيررررر على ردك

تحياتي